يدعو لإرسال قوات دولية لغزة.. كيف تنظر إسرائيل لتصريحات رئيس إندونيسيا؟
"إندونيسيا ملتزمة بشدة بتعميق الحوار والامتثال للقوانين الدولية"
أثارت تصريحات الرئيس الإندونيسي المنتخب برابوو سوبيانتو، حول العدوان الإسرائيلي على غزة ومستقبل القطاع، اهتمام الأوساط السياسية في تل أبيب.
ففي خطابه الإستراتيجي في منتدى “حوار شانغريلا IISS” مطلع يونيو/ حزيران 2024 في سنغافورة -وهو قمة دفاعية سنوية لوزراء دفاع من منطقة آسيا والمحيط الهادي- أوجز الرئيس الإندونيسي سياسة جاكرتا فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني والحرب في غزة.
وتناولت صحيفة "زمان" العبرية خطاب سوبيانتو الذي يشغل أيضا منصب وزير الدفاع باهتمام ودعت إلى ضرورة الاستفادة المثلى من توجهات جاكرتا الخارجية، بما يخدم مصالح إسرائيل.
تصريحات "محايدة"
وقال الرئيس الإندونيسي المنتخب، إن بلاده مستعدة لإرسال قوات حفظ سلام، لتنفيذ وقف إطلاق نار في قطاع غزة، إذا اقتضى الأمر.
وأضاف سوبيانتو، الذي سيتولى الرئاسة رسميا في أكتوبر/تشرين الأول 2024 أن اقتراح الرئيس الأميركي جو بايدن الأخير بخصوص وقف إطلاق النار في غزة "خطوة في الاتجاه الصحيح".
كما دعا رئيس إندونيسيا المنتخب، إلى إجراء تحقيق شامل في الأحداث التي شهدتها رفح جنوبي قطاع غزة في الفترة الأخيرة، خاصة ما بات يُعرف بـ"مجزرة الخيام"، التي راح ضحيتها عشرات الفلسطينيين بين شهيد وجريح في قصف إسرائيلي.
وبدورها تؤكد الصحيفة العبرية على ضرورة “إيلاء الاهتمام لهذه التصريحات، وحجز مكان لها في النقاش العام، وعلى مستوى صنع القرار لدى المسؤولين”.
وبينت أن تصريحاته "تنطوي على إمكانية لتعزيز حل محتمل للحرب في غزة، وكذلك لرسم الطريق لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وذلك في إطار عملية إقليمية دولية شاملة".
وعرضت صحيفة "زمان" الإسرائيلية أبرز نقاط خطاب سوبيانتو، الذي شدد فيه على أن "إندونيسيا جزء من العالم الإسلامي، وما يحدث في الشرق الأوسط يؤثر عليها".
وحسب الصحيفة العبرية، دعم سوبيانتو "حق إسرائيل في الوجود كدولة لها مخاوف مشروعة بشأن أمنها".
فقال: "لإسرائيل والفلسطينيين حق في الوجود جنبا إلى جنب في إطار حل الدولتين، ولدى كل من الجانبين مخاوف مشروعة بشأن أمنهما وحقهما في الوجود وازدهارهما".
أسباب الإعجاب
وقد أبدت الصحيفة العبرية إعجابها بتلك التصريحات، مثنية على توجهات الرئيس المنتخب لإندونيسيا في "الاعتراف بحق الوجود الإسرائيلي".
وبحسب زعمها، استنكر سوبيانتو “الاستناد على السردية الفلسطينية فقط كمصدر للتعامل مع الأحداث الحالية وحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”.
إذ رأى أنه "لا يمكن رؤية الواقع، من خلال الاعتماد على سردية واحدة فقط وعدها صحيحة ومشروعة".
وتابع: "الصراع الإسرائيلي الفلسطيني طويل ومعقد، والأزمة الحالية في الحرب في غزة تتطلب تعزيز الحوار الدبلوماسي لإيجاد حل سلمي من خلال التفاوض، ويجب أن يكون حل الأزمة مرتبطا بالاحترام المتبادل لحقوق ومخاوف جميع الأطراف".
وأضاف: "إندونيسيا ملتزمة بشدة بتعميق الحوار، وكذلك بالامتثال للقوانين الدولية لصالح السيادة الوطنية لجميع الدول وسلامة الأراضي، وفقا لقرارات وميثاق الأمم المتحدة".
وطالب سوبيانتو، بـ "تعزيز التحقيق في انتهاك القوانين الدولية في غزة أثناء الحرب، حتى لا تتكرر الأحداث المأساوية".
وعرضت الصحيفة بعض اقتراحاته الفورية للتعاطي مع الحرب في غزة، إذ أشار إلى أنه "في حال دعم جميع الأطراف، ودعوتهم لوجود قوات حفظ سلام دولية، فإن إندونيسيا مستعدة للمساهمة في تلك القوات، للحفاظ على وقف إطلاق النار وتوفير الأمن لجميع الأطراف".
أما في المجال الصحي والإنساني، فقال إن جاكرتا مستعدة لتقديم المساعدات الإنسانية والطبية لسكان غزة، ونوه إلى أن الرئيس الحالي جوكو ويدودو، طلب منه الالتزام باستقبال 1000 مريض وجريح من القطاع لتلقي العلاج الطبي في إندونيسيا.
وطالب كذلك بـ "السماح لإندونيسيا بالعمل مع المجتمع الدولي من أجل السلام في غزة، وأن تكون جزءا من الحل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني".
مبادئ السياسة الخارجية
تناولت الصحيفة بعد ذلك ما وصفتها بـ "قيم السياسة الخارجية الإندونيسية في السنوات الأخيرة".
فقد ذكر أن جاكرتا تحرص على "مبادئ الحرية والاستقلال في قراراتها، مع الانخراط النشط غير المنحاز لأي طرف في القضايا الإقليمية والدولية، خاصة الصراع بين الولايات المتحدة والصين في المنطقة الآسيوية".
وترتكز السياسة الخارجية الإندونيسية كذلك، حسب الصحيفة العبرية، إلى “مبادئ البانكاسيلا”.
وهي "الفلسفة أو الأيديولوجية الإندونيسية، التي تم تحديدها كأساس لدولة علمانية في جوهرها، تركز على الوحدة الوطنية بما يحافظ على وحدة الدولة الآسيوية، وتنتهج أسس الديمقراطية، وتؤمن بإله واحد، وتسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية والإنسانية".
كما تتبنى جاكرتا "مبادئ المقاومة العميقة للاستعمار، وتناهض الإمبريالية، وذلك من وحي دروس الاحتلال الهولندي الطويل".
وتنادي إندونيسيا أيضا بـ "سياسة حسن الجوار واحترام جميع الدول والأديان والأشخاص، حيث تدعو لإقامة علاقات ودية مع الدول المحيطة، عادّة إياهم أقرب الدول التي ستكون بجانب جاكرتا في أوقات الشدة".
وتتبع الدولة الآسيوية أسس “الدبلوماسية والتسويات والتفاوض السلمي، بصفته الخيار الوحيد الذي يمكنه حل النزاعات”.
كما "ترفض بوضوح استخدام القوة لحل الصراعات، منطلقة في ذلك من موقعها التفاوضي المتميز، كقوة إقليمية في جنوب شرق آسيا".
فرصة لإسرائيل
وتسعى إسرائيل لاستغلال توجهات وتصريحات الرئيس الإندونيسي الأخيرة، إذ باتت تجد أن الفرصة مهيأة لضم جاكرتا إلى اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية والإسلامية.
وتشير الصحيفة إلى أن "الاعتدال في طرح الرئيس المنتخب يستحق التقدير، حيث لم تُسمع مثل هذه التصريحات في الأشهر الثمانية الماضية من أي قائد مسلم".
وتضيف: “هناك فرصة تاريخية لإدماج دولة مسلمة مهمة للغاية في توسيع اتفاقيات أبراهام”.
وأردفت: "كنتيجة مباشرة للمساهمة المحتملة لإندونيسيا في القضية المعقدة لليوم التالي في غزة، حيث رأى أن جاكرتا يمكن أن تقدم دعما فعالا لتحقيق حل متفق عليه".
وسردت الصحيفة المميزات التي تؤهل اندونيسيا لتقديم مساهمة كبيرة في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
فهي أولا، أكبر دولة إسلامية في العالم حيث يبلغ عدد سكانها 280 مليون نسمة، وتعد كذلك قوة صاعدة في الاقتصاد العالمي.
كما أنها "دولة ديمقراطية وليبرالية، وذات خبرة مثبتة في حل النزاعات من خلال المفاوضات".
وتختتم الصحيفة مقالها بالإشارة إلى ما عدتها "خبرة وقدرة إندونيسيا على التعامل مع الإسلام المتطرف في أراضيها"، وفق تعبيرها.