واشنطن تصعد عقوباتها ضد المستوطنين الإسرائيليين.. لماذا الآن؟
إسرائيل لا تحاكم مرتكبي أعمال العنف المتطرفة ضد الفلسطينيين
رأت صحيفة عبرية أن الخلافات بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل آخذة في التصاعد، وذلك على خلفية فرض واشنطن عقوبات جديدة ضد المستوطنين.
وبحسب "تال شنايدر" الكاتبة السياسية في صحيفة "زمان إسرائيل"، فإن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تستهدف من تلك العقوبات "توجيه رسالة تحذير مزدوجة" لتل أبيب.
وتؤكد هذه الرسالة أن واشنطن لا "تنتهج فقط بكل قوتها سياسة ضد أي شخص يشارك في أعمال عنف ضد الفلسطينيين، بل إن من يحاول جمع الأموال لصالح هذه المجموعات سيتعرض كذلك لقيود وعقوبات وزارة الخزانة الأميركية".
واستهدفت العقوبات الجديدة اثنتين من الجمعيات التي تعمل في جمع التبرعات لـ “لينون ليفي ودافيد حي حسداي”.
وهما مستوطنان أُدرجا على قائمة العقوبات التي تفرضها وزارة الخزانة الأميركية، في الأول من فبراير/ شباط 2024، بسبب تورطهما في أعمال عنف ضد الفلسطينيين".
تحد إسرائيلي
وقد أثار هذا القرار -الذي صدر في فبراير 2024- غضب اليمين المتطرف في إسرائيل، وفق الصحيفة.
فقد ذكرت أن "قرار إدارة بايدن في فبراير أذهل وزيري المالية بتسلئيل سموتريتش، والأمن القومي إيتمار بن غفير، وفي الأيام التالية نشرا عدة بيانات تنتقد بشدة الحكومة الأميركية".
ولم يكتف سموتريتش بالتصريحات الغاضبة، بل أعلن أنه "سيتخذ إجراءات لحشد مؤسسات الدولة لمساعدة ودعم هؤلاء الأشخاص".
وأضاف: "أنا في محادثات مع مراقب البنوك، الاستنتاج واضح، يجب ألا نسمح بواقع كهذا".
وعن تأثير تلك العقوبات على الأفراد الإسرائيليين، قال: "سأضمن ألا تلحق البنوك الضرر بمواطنينا بسبب أمر سخيف لا مبرر له. نحن لسنا جمهورية موز تابعة للولايات المتحدة".
كذلك تحدى الوزير المتطرف قرارات واشنطن قائلا إنه “يبحث عن طرق لتجاوز العقوبات الأميركية”، مؤكدا أنه سيحاول مساعدة المستوطنين.
وعمل سموتريتش على تقديم الدعم للمستوطنين الإسرائيليين، مثل يانون ليفي، الذي ضُمن في قائمة العقوبات بعد أن قاد، وفقا للتقارير، مجموعة من الأشخاص في هجوم على الفلسطينيين وحرق حقولهم.
كما دعم أيضا داود حي حسداي، الذي حرض وقاد أعمال شغب، شملت إحراق المركبات والمباني، وتنفيذ هجمات على المدنيين الفلسطينيين، وتسبب في تدمير الممتلكات في حوارة بمدينة نابلس شمال الضفة الغربية، مما أدى إلى استشهاد مدني فلسطيني.
وقد لاقت تصريحات سموتريتش صداها في المجتمع الإسرائيلي، فقد بدأت مجموعات مختلفة في جمع الأموال للمستوطنين الذين عانوا من العقوبات، وفق الصحيفة.
وتابعت: "جمعت جمعية هار الخليل مبلغ قدره حوالي 140 ألف دولار ليانون ليفي. كذلك جمعت جمعية شالوم عسيريش مبلغا قدره 31 ألف دولار لحسداي".
عقوبات منتظرة
بدورها انتقدت واشنطن، على لسان نائب وزير الخزانة الأميركي، والي أدييمو، تلك التصريحات، قائلا: "إن تصرفات الجمعيات تقوض الأمن والسلام والاستقرار في الضفة الغربية".
وأكد المسؤول الأميركي على مواصلة "استخدام الأدوات المتاحة لنا لمحاسبة الجناة".
ولم تكتف الحكومة الأميركية بالتصريحات، بل ردت عمليا، حيث فُرضت عقوبات إضافية في 19 أبريل/نيسان 2024، على جمعيات يهودية متطرفة، وتحديدا منظمتي "بنسي غويشتين"، و"لهافا".
ونشرت وسائل إعلام عبرية أنباء عن تفكير واشنطن في “فرض عقوبات على وحدة نيتسح يهودا بالجيش الإسرائيلي، بسبب سلوك جنود الوحدة خلال خدمتهم العسكرية”.
وبشكل محدد بسبب تورطهم في قتل الفلسطيني الأميركي عمر أسعد (80 عاما) بالضفة الغربية، في يناير/ كانون الثاني 2022.
وحينها، اعتقل جنود "نيتسح يهودا" عمر أسعد، وبعد أن قيدوا يديه وكمموه، تركوه على جانب الطريق طوال الليل، وعثر عليه ميتا في اليوم التالي، ولم يحاكم بعد ذلك أي من الجنود الإسرائيليين.
وتوضح الكاتبة شنايدر أن "رسالة الحكومة الأميركية، من خلال هذه السلسلة من العقوبات، واضحة".
وأكدت أنه "كلما لم تحاكم إسرائيل أولئك الذين ارتكبوا أعمال عنف متطرفة ضد الفلسطينيين، سيفعل الأميركيون ذلك بطريقتهم".
وأضافت: "إذا ظل وزير المالية الإسرائيلي يبعث برسائل تعزيز ودعم للمستوطنين الذين حظرت حساباتهم، فسيتم فرض عقوبات على ذلك أيضا".
تضييق الخناق
وتطرقت الكاتبة الإسرائيلية إلى سعي واشنطن لتضييق الخناق حول بن غفير ومساعديه؛ وبالتحديد اثنان من كبار المستشارين القريبين للغاية منه.
وأفادت أن "الأول هو بنتسي غوفشتاين، الذي يُقدم النصائح لوزير الأمن القومي في العديد من المسائل"، مشيرة إلى أنه "حاول الترشح في الانتخابات في السنوات الأخيرة وألغي ترشيحه من قبل المحكمة العليا بسبب التحريض على العنصرية".
وتابعت: "لكنه اليوم، يقترب من وزير الأمن القومي، وهو الآن مدرج في قائمة العقوبات الأميركية".
بينما الشخص الثاني "هو حنمال دورفمان رئيس الأركان في مكتب بن غفير".
ولفتت الكاتبة إلى أنه “لم يتعرض للعقوبات شخصيا”، موضحة أنه "مسجل كمستشار قانوني لجمعية شالوم أسيريش".
بل إن العقوبات امتدت كذلك -وفق الكاتبة- إلى أيالا، زوجة بن غفير، التي تعمل من خلال جمعية تحمل اسم "لاهافا" فرضت عليها عقوبات، وفقا لبيانات سجل الجمعيات في وزارة القضاء.
وأكملت الكاتبة: "في المقابل، نشر بن غفير خلال أبريل 2024، عدة تصريحات تتعلق بالقرارات الأميركية بفرض العقوبات الإضافية، زاعما أن هذه الخطوة تنبع من مؤامرة دموية من قبل عناصر معادية للسامية تكره إسرائيل".
وأردفت: “من ناحية أخرى، وحتى كتابة المقال، التزم سموتريتش الصمت على قرار فرض عقوبات على المنظمات غير الربحية (شالوم أسيريش) أو (صندوق جبل الخليل) أو (لاهافا)”.
لكن ذلك الصمت لم يمتد إلى القرار المتوقع بشأن وحدة نتساح يهودا، حيث وصفه بأنه "جنون مطلق".
وأخيرا، ترى الكاتبة أن "العقوبات الأميركية ستستمر"، وهو ما حدا بسموتريتش -وفقا لوجهة نظرها- إلى التصرف بنوع من الحكمة مع القرارات الأخيرة، إذ يبدو أنه أدرك أنه قد يقع تحت طائلة العقوبات.
واختتمت: "إذا سارع سموتريتش الآن إلى تقديم الدعم المالي المباشر وغير المباشر لغوفشتاين أو غيره، فقد يجد نفسه تحت العقوبات أيضا، حيث يبدو أن الأميركيين لن يتوقفوا عن ذلك".