رغم صداقة بوتين.. لماذا وقع أردوغان اتفاقية تجارة حرة مع أوكرانيا؟

منذ ١٠ أشهر

12

طباعة

مشاركة

يتوقع خبراء أن تدخل اتفاقية التجارة الحرة بين تركيا وأوكرانيا حيز التنفيذ في غضون أسابيع، ما قد يغير، ليس فقط العلاقات الثنائية بين البلدين، ولكن أيضا وضعهما الإقليمي والعالمي. 

وتفاوض الجانبان على الاتفاقية من عام 2007 إلى 3 فبراير/شباط 2022، عندما وُقعت في حفل في العاصمة الأوكرانية كييف، بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قبل ثلاثة أسابيع بالضبط من الغزو الروسي.

ومن المستبعد حدوث أي عقبات جديدة، ولا يتبقى سوى القليل من التفاصيل الفنية قبل أن تكمل أنقرة وكييف عملية التصديق.

وفي تقرير له، نقل موقع "المونيتور" الأميركي عن خبراء أنه بفضل البيئة الاقتصادية الجديدة بين البلدين، من المتوقع أن تزيد تجارتهما بنسبة 25 بالمئة من 7.5 مليارات دولار حاليا إلى 10 مليارات دولار في غضون بضع سنوات.

وأوضح أنه "حتى في خضم الحرب، أصبحت الشركات التركية، ومعظمها شركات خاصة، أكبر المستثمرين في الاقتصاد الأوكراني منذ فبراير/شباط 2022، وهو اتجاه من المتوقع أن يتسارع بمجرد انتهاء الحرب".

ووفقا لموقع وزارة التجارة التركية، فإن الاتفاقية تهدف إلى إزالة الرسوم الجمركية على معظم السلع الصناعية والزراعية المتداولة بين البلدين.

والأكثر أهمية من ذلك، ضمان عدم تعرض صادرات تركيا من المنسوجات والملابس والسيارات وأجهزة المطبخ والفواكه والخضراوات لضرر غير مبرر من اتفاقية التجارة الحرة لأوكرانيا مع الاتحاد الأوروبي.

التجارة في زمن الحرب

وقال الموقع: "بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022، ظلت التجارة التركية- الأوكرانية ثابتة، وهو إنجاز كبير بالنظر إلى انكماش اقتصاد أوكرانيا بنسبة 30 بالمئة في ذلك العام".

ويرى الموقع أن توقُّع 10 مليارات دولار -المشار إليه آنفا- هو توقع متواضع بالنظر لما تعنيه تركيا وأوكرانيا لبعضهما البعض من منظور اقتصادي وتجاري.

وأفاد رئيس جمعية الأعمال التركية الأوكرانية الدولية في كييف، بوراك بهليفان، أن بعد ركود قصير في بداية الوباء، زادت التجارة التركية الأوكرانية بنسبة 55 بالمئة بين عامي 2020 و 2021، وكانت هناك علامات في بداية عام 2022 على أن هذا الاتجاه ما كان ليستمر لولا الحرب.

ومع ذلك، أضاف أن الحرب فشلت في إيقاف التجارة بين تركيا وأوكرانيا، والآن تعمل 800 شركة تركية بأحجام مختلفة في أوكرانيا.

وقبل الحرب، كانت أوكرانيا من بين الوجهات الخمس الأولى للاستثمار الأجنبي المباشر الصادر من تركيا، كما أفاد بهليفان بأن الشركات التركية تعد من بين الثلاثة الأوائل من حيث الاستثمار في أوكرانيا.

وأضاف أن الشركات التركية رائدة في 10 قطاعات على الأقل في أوكرانيا، خاصة في مجال البناء، وقد أكملت الشركات التركية مشاريع بقيمة مليار دولار منذ بداية الحرب.

وأردف بأن الأتراك ساعدوا أيضا في إعادة بناء الكثير من البنية التحتية للكهرباء المدمرة في أوكرانيا من خلال تسليم مولدات الطاقة وغيرها، كما كانت الشركات التركية نشطة في قطاعات الطاقة البديلة والعقارات وتكنولوجيا المعلومات.

وفي المقابل، لا يوجد عدد كبير من الشركات الأوكرانية في تركيا كما هو الحال مع الشركات التركية في أوكرانيا، وفقا لبهليفان، لكنه يتوقع أن يتغير ذلك بعد الحرب.

وقال إن "هناك أيضا ظلالا رمادية في هذه الصورة، فحتى مع بقاء التبادل التجاري الإجمالي على حاله، إلا أن الهجمات الروسية على القدرات الصناعية والبنية التحتية لأوكرانيا تسببت في خفض الصادرات الأوكرانية إلى تركيا".

خيط رفيع

وأشار الموقع الأميركي إلى أن "إحدى القضايا التي تعقّد التجارة التركية-الأوكرانية هي العلاقات المستمرة بين تركيا وروسيا".

"فعلى عكس حلفائها في الناتو والديمقراطيات الصناعية الأخرى، انضمت تركيا إلى عدد قليل فحسب من العقوبات المصرفية المفروضة على روسيا منذ بداية الحرب".

والسبب الأبرز في ذلك هو اعتماد أنقرة الكبير على موسكو في واردات الطاقة والصادرات الزراعية والسياحة.

لكن في المقابل، اتخذت أنقرة عدة خطوات أسهمت في احتواء الموقف الأوكراني حيال التعاون بين روسيا وتركيا.

وقال مسؤول تركي تحدث إلى المونيتور بشرط عدم الكشف عن هويته إن إغلاق تركيا لمضائق البحر الأسود أمام السفن الحربية الروسية في بداية الحرب بموجب اتفاقية مونترو لعام 1936 هو عامل أسهم في زيادة المشاعر الإيجابية لدى الأوكرانيين تجاه بلاده.

كذلك، فإن تأكيد أنقرة على سلامة أراضي أوكرانيا وسيادتها على أراضيها في المحافل الدولية ورفضها الاعتراف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم هي أيضا إثبات لحسن نية تركيا بالنسبة للجانب الأوكراني، وفق التقرير.

الانتخابات الأميركية

وبحسب أستاذ العلاقات الدولية بجامعة إسطنبول أيدن، طارق أوغوزلو، فإنه "إذا فاز دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية وتزايدت انتقادات الرأي العام الغربي لأوكرانيا، فقد يزداد الضغط على كييف".

وقال للمونيتور: "إذا فازت كامالا هاريس، فقد تنمو المساعدات الأميركية لأوكرانيا". لكنه أضاف أن الولايات المتحدة قد "تجبر أوكرانيا على سلام مشين" إذا فاز ترامب.

ويرى أوغوزلو أن مثل هذا الاحتمال لا يتوافق مع المصالح الإستراتيجية لتركيا؛ لأن من شأنه أن يزيد من هيمنة روسيا في البحر الأسود.

وأضاف أن المصلحة الوطنية لتركيا تتطلب عدم إجبار أوكرانيا على سلام مشين، وألا يصبح البحر الأسود بحيرة روسية".

ومع ذلك، يعتقد بهليفان أن الدعم الغربي سيستمر حتى لو فاز ترامب في الانتخابات، قائلا: "أوكرانيا جزء من نظام القيم الغربي، ولقد نصحنا أصدقاءنا الغربيين بأنهم لم يدعموا أوكرانيا بشكل كافٍ خلال الفترة 2014-2022، والآن يدفعون 10 أضعاف أو أكثر في المساعدات ومساعدات الدفاع".

ويرى بهليفان أن "الغرب والديمقراطيات الصناعية الأخرى لن ترتكب نفس الخطأ مرة أخرى".

وأضاف أنه بمجرد انتهاء الحرب، سيعود المستثمرون الغربيون إلى أوكرانيا بأعداد كبيرة، وهذا سيفيد تركيا أيضا.

وأشار إلى التكلفة المقدرة لإعادة بناء أوكرانيا، 486 مليار دولار، قائلا إن "رأس المال التركي سيلعب دورا رائدا في هذا السياق".

وحول ما إذا كانت تركيا قادرة على لعب دور الوسيط بين الأطراف المتحاربة، قال المسؤول التركي إن أنقرة يمكن أن تسهم في إنهاء الحرب وفي المرحلة التي تليها، من خلال ضمان التزام الجانبين بأي وعود قدّماها في اتفاق وقف إطلاق النار.

وختم بالقول: "لم تفِ كييف وموسكو بالضمانات السابقة، ونحن بحاجة إلى بناء آليات لتحقيق هذه الغاية، وسواء أحببنا ذلك أم كرهناه، فإن روسيا لديها أيضا مخاوف أمنية بشأن التوجه الغربي لأوكرانيا ويجب معالجتها".