السيارات الكهربائية الصينية.. لهذا تحولت إلى تهديد عسكري لأميركا
تجمع المركبات اليوم البيانات الشخصية وتنقلها إلى الشركات المصنعة عبر الاتصالات
سلط موقع برتغالي الضوء على ما عده خطرا متزايدا قادما من بكين، يتمثل في استفادة القوات المسلحة الصينية من تكنولوجيا السيارات في أغراض عسكرية.
وأوضح موقع “إي ريفرينسيا” الآليات والبيانات المعتمدة على التكنولوجيا الذكية، التي يمكن بموجبها أن تستعملها الصين في أهداف عسكرية، يرى أنها تهدد الأمن القومي الأميركي.
وتأكيدا على فرضيته، يعرض ثلاثة استخدامات عسكرية محتملة، يمكن بالفعل أن تستخدمها الصين ضد الولايات المتحدة.
ويحذر كذلك من إحدى شركات التكنولوجيا الصينية المتقدمة في صناعة السيارات الكهربائية ويدعو إلى "مراقبتها"، لأنها "تمتلك كل التقنيات اللازمة لتنفيذ هذه الأغراض العسكرية".
كما يشير الموقع أيضا إلى عدة إجراءات يتعين على واشنطن والغرب عموما اتخاذها كرد على التهديد العسكري الصيني.
خيال علمي؟
"إنه ليس خيالا علميا"، بهذه العبارة يبدأ الموقع تقريره محذرا "مما يمكن أن تفعله السيارات الصينية في الأراضي الأميركية، بالنسبة لحكومة لا تميز بين المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية".
ثم يشير إلى حديث الرئيس الأميركي جو بايدن في فبراير/ شباط 2024، حين دق ناقوس الخطر لأول مرة بشأن استيراد المركبات الصينية وبرامجها.
وركز حينها على كيفية استخدام بكين لتلك البرامج لجمع معلومات حول الأميركيين والبنية التحتية الأميركية.
ومع ذلك، يرى الموقع ضرورة فهم هذا التهديد بشكل كامل وشامل لأنه يعني التفكير في السيناريوهات التي قد تبدو وكأنها خيال علمي.
ويوضح مقصده باستعراضه خطر استغلال التكنولوجيا الحديثة في الاستخدام العسكري.
إذ “تجمع المركبات اليوم البيانات الشخصية وتنقلها إلى الشركات المصنعة عبر الاتصالات الخلوية والأقمار الصناعية التي تعمل دائما”.
كما يعمل مصنعو السيارات بشكل محموم على جعل كل وظيفة في مركباتهم تعمل بالتشغيل التلقائي.
ويكمل الموقع تحذيره قائلا: "يمكن بالفعل استخدام التكنولوجيا الموجودة في المركبات الشبكية الأكثر تقدما اليوم في الاتصالات والتوجيه والتشويش وتعطيل النقل البري، خاصة عند دمجها مع الأقمار الصناعية ذات المدار الأرضي المنخفض (LEOs) والشبكات الأرضية".
وجدير بالذكر أن الأقمار الصناعية ذات المدار الأرضي المنخفض (LEOs) تختلف بشكل كبير عن نظيرتها من الأنواع الأخرى.
فهي تتميز بقربها من الأرض والتكلفة المنخفضة وسرعة الاستجابة العالية والتغطية العالمية وسرعة دورانها.
ولذلك تستخدم في الاتصالات والمراقبة العسكرية والمدنية وعمليات الاستطلاع والبحث العلمي.
ويتابع الموقع: "وإذا كان هناك أسطول من هذه المركبات (الذكية) على الأرض في دولة أخرى، فإن الصين -بصفتها الشركة المصنعة لها- يمكن أن تستخدم بياناتها لأغراض عسكرية".
استخدامات محتملة
ويستشهد بعدة أشكال لاستخدام تكنولوجيا السيارات بشكل عسكري. أولها يتعلق بـ"توجيه الصواريخ الفرط صوتية، أو صواريخ كروز، أو الطائرات الشراعية التي تطير بسرعة أكبر بخمس مرات من سرعة الصوت".
وقد سبق "أن اختبرت الصين عام 2021، صاروخا فرط صوتي، يُقال إنه دار حول الكرة الأرضية قبل أن يصيب هدف اختبار في الصين".
ويكمن أحد تحديات الصواريخ السريعة جدا وفق الموقع في معضلة التواصل الفعّال. ويعتمد حل هذه المشكلة على استخدام تكنولوجيا السيارات.
واستدرك: "لكن نظاما مثل الذي جرى وصفه أعلاه، يمكن أن يستخدم المركبات المتصلة بالشبكة كأجهزة إعادة بث متنقلة بين الصواريخ ومصدر الإشارة، مما يسمح بسرعات بيانات أعلى وزمن استجابة أقل".
وأكمل الموقع: "ستعمل الأقمار الصناعية ذات المدار الأرضي المنخفض، بالتعاون مع المركبات المتصلة بالإنترنت وشبكة الجيل الخامس (5G)، على زيادة السرعة وتقليل زمن استجابة الاتصالات اللازمة للتوجيه".
أحد التطبيقات الأخرى هو "استخدام الأقمار الصناعية ذات المدار الأرضي المنخفض، لتعطيل رادارات الولايات المتحدة".
إذ "يدّعي الباحثون الصينيون أنهم نفذوا نموذج اختبار ناجحا لهذا التطبيق، باستخدام 28 قمرا صناعيا من نوع LEOs ضد حاملة طائرات أميركية".
وأردف الموقع: "تكون المركبات المتصلة عبر قمر صناعي من نوع LEOs، أكثر استجابة ودقة عندما يتعلق الأمر بالتوجيه".
أما الاستخدام الثالث الذي عرضه فيتعلق بـ "الوصول إلى المركبات والتحكم فيها عن بُعد".
إذ دعا إلى "تخيل سيناريو يوجه فيه الخصم مئات الآلاف من المركبات عن بُعد على الأراضي الأميركية، كقذائف متفجرة أو خاملة، أو يستخدمها لإغلاق أو حرمان خصمه من القدرة على استخدام الطرق والسكك الحديدية حول العالم".
واستطرد الموقع: "إذا بدا هذا النوع من التحكم غير واقعي وسخيف، فلتعلم أن شركة فورد طورت نظاما لاستئناف تشغيل مركباتها عن بُعد".
واستخدم كل من الروس والأوكرانيين مركبات أرضية ذاتية القيادة ومسيطر عليها عن بُعد لأغراض إزالة الألغام والاستطلاع، وحتى كأسلحة مباشرة.
ويرى الموقع أن هناك تقصيرا من القيادة العسكرية الأميركية في التعامل مع هذا الملف.
وتابع: "بينما يستثمر الجيش الأميركي في البحث والتطوير في المركبات ذاتية القيادة والأنظمة الفضائية المتكاملة للقتال البري، يبدو أنه لم يحقق في تطبيقات الأنظمة التجارية الحالية التي طورتها الصين أو أي خصم آخر".
تحت المجهر
ويسلط الضوء على إحدى الشركات الصينية الرائدة في مجال التكنولوجيا الذكية في تصنيع السيارات، التي تجمع جميع التقنيات اللازمة لهذه الأغراض، وهي مجموعة تشجيانغ جيلي القابضة الصينية (Geely).
فهي قادرة على إنتاج المركبات ذاتية القيادة وتصنيع وتشغيل الأقمار الصناعية ذات المدار الأرضي المنخفض والوصول لبنية الاتصالات الأرضية.
ولا تقتصر جيلي على تصنيع المركبات الكهربائية (EVs) فحسب، فهي تمتلك شركة تابعة تُدعى "جي سبيس Geespace"، تطور وتطلق وتدير أقمار LEOs".
وأردف: "كما تتعاون جيلي مع شركتي هواوي Huawei وإريكسون Ericsson، اللتين تقدمان معا تغطية شبكات الجيل الخامس (5G) على مستوى العالم، مما يكمل بذلك العناصر اللازمة لشبكة عالمية للتحكم والقيادة بدقة عالية".
مع ذلك، لا يقتصر الخطر على تلك المجموعة فقط، حيث إن الصين تُعد أكبر مصدر للسيارات في العالم.
واعتبر الموقع أن الصين شرعت فعليا في "استخدام جميع الوسائل الممكنة للتسلل إلى البنية التحتية الحيوية في الولايات المتحدة، وسيكون من السذاجة الاعتقاد أنها ستتخلى عن المزايا التي توفرها المركبات المتصلة بالشبكة".
واستنكر اكتفاء أميركا والغرب بفرض الرسوم الجمركية المرتفعة على السيارات الصينية “وهي خطوة غير كافية للردع”، ودعا إلى ما هو أكثر من ذلك.
من هذا المنطلق، يقترح عدة إجراءات يجب على الغرب اتخاذها، مثل "حظر استيراد السيارات الصينية أو مكوناتها إلى الولايات المتحدة والدول الحليفة".
ودعا أيضا إلى "قطع وصول الشركات المصنعة للسيارات الصينية إلى الموردين في الولايات المتحدة وحلفائها، وحظر استخدام المكونات ذات الأصل الأميركي في السيارات المصنعة بالصين".
كما حث على "منع الصين من وضع معايير للتكنولوجيات ذات الصلة، بما في ذلك تكنولوجيا اتصالات السيارات مع كل شيء (V2X)".
وأخيرا يدعو للاستمرار في الابتعاد عن الشركات التي تسيطر عليها الصين مثل هواوي، وإقناع الحلفاء والدول الأخرى باتخاذ هذه التدابير أيضا.
كما يدعو الغرب إلى إدراك التهديد الصيني الموجه ضدهم، قائلا: "لقد عمل قادة الولايات المتحدة وحلفاؤها لأكثر من 40 عاما، تحت وهم أن التطور التكنولوجي للصين كان لأغراض تجارية وسلمية بحتة".
لكن الحقيقة هي أن "الإستراتيجيين العسكريين في الصين أوضحوا أنهم لا يتعاملون مع أي تكنولوجيا أو نشاط على أنه تجاري بحت؛ فالتجارة متشابكة مع العقيدة العسكرية لبكين".
واختتم الموقع بادعاء أن النقاط الرئيسة في هذه العقيدة هي أن "الصين في حالة حرب، وأن الولايات المتحدة هي العدو، وأنه يجب على بكين استخدام جميع الوسائل الممكنة لإضعافها".