مرحلة "ما قبل الوفاة".. صحيفة عبرية: إسرائيل منقسمة ومقصوفة ومعزولة

a year ago

12

طباعة

مشاركة

وصفت صحيفة عبرية إسرائيل بأنها "منقسمة مقصوفة معزولة" وسط "سيناريو رعب تعيشه بعد الحرب على غزة"، المستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وفي تقرير لها، دعت صحيفة "زمان إسرائيل" حكومة بنيامين نتنياهو إلى مراجعة وتغيير سياستها في الجنوب والشمال، بينما تستعد للتهديدات المستقبلية المحتملة.

وأكدت أنه قد لا يكون من الممكن تحقيق جميع "أهداف الحرب"، وأبرزها القضاء على حركة المقاومة الإسلامية حماس. 

ما قبل الوفاة

وتخيلت الصحيفة مرور عامين على ذكرى معركة "طوفان الأقصى"، حيث تقول: "لنفكر أن اليوم هو 7 أكتوبر 2025".

وفي هذا التاريخ من عام 2023، نفذت حركة حماس عملية في مستوطنات غلاف غزة أدت إلى مقتل أكثر من 1200 إسرائيلي ردا على الانتهاكات بحق المسجد الأقصى.

ودعت الصحيفة إلى التفكير في أنه "بحلول 2025، ستكون سياسة إسرائيل في قطاع غزة قد انهارت، حيث خرجت حماس من أنقاض الحرب وسيطرت على غزة من جديد، بالإضافة إلى تصاعد وتيرة الأحداث كثيرا في الضفة الغربية ومناطق أخرى".

وتابعت: "ومن ناحية أخرى، لنتخيل أن مكانة إسرائيل الدولية تضررت وأن علاقاتها بكثير من الدول، بما في ذلك واشنطن، تدهورت بشدة، وفي الداخل، اتسعت الانقسامات السياسية والاجتماعية أكثر مما كانت عليه قبل الحرب، مما أصاب الدولة بالشلل". 

والأمر الأكثر إثارة للقلق -من وجهة نظر الصحيفة - هو أن "حلفاء إيران أصبحوا أكثر عدوانية من أي وقت مضى".

إذ يطلق حزب الله الصواريخ بانتظام على الأراضي المحتلة، فيما يهدد الحوثيون في اليمن المجال البحري.

وبعد هذا التمرين الذهني، الذي يُطلق عليه "ما قبل الموت"، توضح الصحيفة أنها اتبعت أسلوبا اقترحه لأول مرة عالم النفس غاري كلاين للحد من خطر الفشل في المستقبل.

وفي هذه النقطة، تتساءل "زمان إسرائيل" "ما الخطأ الذي حدث؟"، مجيبة أنها قد تكون قائمة من المزالق المحتملة التي يمكن للقادة أن يدرسوها اليوم لوضع سياسات أفضل للمستقبل.

وبعد دراسة الواقع، تستنتج أن "المخاطر قد تنبع من الاستهانة بحماس ذاتها وتعزيز قوة الحركة عن غير قصد".

وأشارت إلى أن ما يجرى قد يؤدي إلى "إضعاف التماسك الداخلي والفشل في الانتقال من الحرب إلى الحكم في غزة، والأهم تقويض علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة".

صمود حماس

على مر العقود، كانت إسرائيل تهدف إلى انهيار حماس وقتل قادة الحركة ومعظم مقاتليها. 

وتزعم إسرائيل أن من بين ما يقرب من 25 ألف عضو من أعضاء حماس الذين كانوا نشطين قبل التوغل البري في غزة، قتلت حوالي 7000 شخص حتى منتصف ديسمبر/كانون الأول 2023، بما في ذلك العديد من القادة.

لكن رغم ذلك، تلفت الصحيفة إلى أن المعركة أثبتت مرة أخرى أنه من المستحيل انهيار حماس بالكامل، ومن المحتمل أن تعود وتنمو في غزة. 

وفي هذا الصدد، تعتقد أن "إسرائيل تستطيع قياس قوة حماس من خلال تقييم حجم وحدتها وتتبع مواكب الجنازات والإعلانات عن الضحايا وإحصاء القتلى من المقاومين".  ومع ذلك، تشكك الصحيفة في تقديرات تل أبيب فيما يتعلق بعدد قتلى الحركة.

"فمن ناحية، قد لا يكون الجنود الإسرائيليون حذرين في تصنيف قتلى حماس، معتبرين بسهولة أن جميع الرجال القتلى هم من مقاتلي الحركة"، وفق الصحيفة. 

وأردفت: "من ناحية أخرى، قد يحمل بعض سكان غزة السلاح كرد فعل لتعرضهم للهجوم، مما يزيد من العدد المقدر لأعضاء حماس".

علاوة على ذلك، تسلط الصحيفة الضوء على أن "حماس متجذرة بعمق في غزة" ويمكن لها أن تنمو من جديد، فهي تحكم القطاع منذ عام 2007 ونشأ تحت حكمها جيل كامل.

ولمنع حدوث ذلك، تعتقد أنه "يجب على كيان آخر أن يحل محل حماس ويضمن عدم عودة الحركة إلى الظهور بمجرد أن تبدأ إسرائيل في تخفيف الضغوط".

وهدفا منها إلى تدمير الكيان المحتل بالكامل، تلفت "زمان إسرائيل" إلى كون حماس أكثر من مجرد حركة، فهي تجسد "المقاومة" لإنهاء الاحتلال في الضفة الغربية وغزة.

كما تشير الصحيفة إلى ذهنية "أنا أؤمن (بالتحرير)" التي يتبناها العديد من الفلسطينيين، وكذلك حزب الله وإيران وغيرهم من اللاعبين الإقليميين.

وتستدل على ذلك بهجوم 7 أكتوبر الذي أثار حماس العديد من الفلسطينيين وجزء كبير من العالم الإسلامي، وارتفعت نسبة التأييد له إلى أكثر من 80 بالمئة بين سكان الضفة الغربية.

وتوضح أن "الرد العدواني الإسرائيلي وارتفاع عدد القتلى بين المدنيين دفع الكثيرين في المنطقة إلى دعم وتأييد أساليب حماس". 

ويعني هذا أن حماس -أو أي حركة مقاومة أخرى- لديها أرض خصبة للنمو، وهو عامل مهم على المدى الطويل، حيث إن ما يقرب من نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة هم تحت سن الـ 18 عاما.

وفيما يتعلق بالوضع خارج غزة، تزعم الصحيفة العبرية أن هذه الأحداث تخلق دعما لإيران وأعداء آخرين لإسرائيل، حيث تجعل من الصعب على الدول في العالم العربي، مثل مصر والإمارات، التعاون بشكل علني مع تل أبيب "على الرغم من عدائها تجاه حماس".

أزمة الثقة

تقول "زمان إسرائيل": "من نتائج ما حدث في الـ 7 من أكتوبر أن العديد من الإسرائيليين أُجبروا على مغادرة مستوطناتهم".

وأدى إطلاق حزب الله المتكرر للصواريخ وقذائف الهاون على شمال البلاد إلى نزوح عشرات الآلاف من الأشخاص الإضافيين. 

ووفق التقديرات، يعيش الآن حوالي 250 ألف إسرائيلي خارج منازلهم، إما في فنادق تمولها الحكومة أو مع أقاربهم.

وبهذا الشأن، تؤكد الصحيفة أن "استعادة الأمن لهؤلاء الأشخاص هي أولوية قصوى بالنسبة لإسرائيل".  ومع ذلك، تنوه أنه "من الصعب استعادة الأمن عسكريا ونفسيا". 

 ولذلك، يتعين على إسرائيل أن تهزم أو تردع كلا من حماس وحزب الله، وفقا لرأي كثيرين.

ولكن بالعودة إلى الواقع ودراسته، ترى الصحيفة أن "الهزيمة" و"الردع" مفهومان بعيدا المنال، مضيفة أن "مهمة إقناع المواطنين الإسرائيليين بأنهم آمنون أصبحت صعبة للغاية".

فبالنظر إلى فشل 7 أكتوبر، نجد أن الاستخبارات الإسرائيلية فشلت في اكتشاف نوايا حماس والتحذير من الهجوم، كما فشلت قوات الجيش في حماية المستوطنات القريبة من غزة.

ولاستعادة الأمن مرة أخرى، تشير الصحيفة أنه يجب ضمان هزيمة كاملة وواضحة لحماس، إضافة إلى ضرورة إبعاد حزب الله في الشمال.

ولتحقيق ذلك، قد تحتاج إسرائيل إلى نشر أعداد كبيرة من القوات على كل جبهة وتزويد كل منطقة مأهولة بالسكان بقدرات أفضل للدفاع عن النفس.

وفي غضون ذلك، تذكر الصحيفة أن "الجيش الإسرائيلي يعتمد على جنود الاحتياط، مما يجعل من الصعب الاحتفاظ بجنود كثر في حرب طويلة". 

وما يجعل الوضع أسوأ هو "أزمة الثقة في النظام السياسي". فقبل 7 أكتوبر، كان المجتمع الإسرائيلي منقسما بشدة، بين العلمانيين والمتدينين وبين اليهود والعرب وبين طوائف اليهود المختلفة. 

كما تسببت حكومة بنيامين نتنياهو في تفاقم الاستقطاب في البلاد، عندما أضافت شخصيات من اليمين المتطرف إلى صفوفها وحينما سعت إلى تقويض استقلال النظام القضائي، حسب الصحيفة العبرية.

ونتيجة لهذا الانقسام، توضح أن البعض في اليمين يزعم أن "حماس هاجمت لأنها عدت إسرائيل ضعيفة بسبب المظاهرات ضد الحكومة". 

لبنان وغزة

ولكونها أقوى بكثير من حماس، تحذر الصحيفة العبرية من "الكارثة التي قد تحدث لإسرائيل إذا اندلعت حرب شاملة مع حزب الله".

وأوضحت أن "المنظمة اللبنانية تمتلك مقاتلين أكثر مهارة وترسانة من الصواريخ وقذائف الهاون تفوق تلك التي تمتلكها حماس".

وفي الفترة السابقة، شن حزب الله هجوما محدودا على إسرائيل لإظهار تضامنه مع حماس.

ومن جانبها، ردت إسرائيل بزيادة وجودها العسكري على طول الحدود وبشن هجمات محدودة تهدف إلى إبعاد حزب الله عن الحدود وإظهار التصميم من خلال الاستخدام المحدود للقوة.

وفي رأي الصحيفة، من الممكن أن يخرج تبادل إطلاق النار عن نطاق السيطرة بسهولة، بل وقد تقرر إسرائيل أن عليها مهاجمة حزب الله لإنهاء التهديد الذي يشكله.

وتنوه -بناء على ما نُشر أخيرا- أن إسرائيل كان بإمكانها أن تشن مثل هذه الحرب لو لم تتعرض لضغوط مضادة من قبل الولايات المتحدة.

تقول الصحيفة: "عند نقطة ما، ستنهي إسرائيل الحرب الشاملة في غزة، إما لأنها ستدمر حماس، أو لأن الثمن من حيث الخسائر البشرية والاقتصادية ومكانتها الدولية سيكون باهظا للغاية". 

وفي تلك المرحلة، "لتجنب الفوضى على الحدود ولمنع حماس من إعادة تنظيم صفوفها، سيتعين على إسرائيل تسليم جزء على الأقل من السيطرة على غزة إلى كيان فلسطيني".

وتتوقع الصحيفة أن "هذا الكيان قد يكون السلطة الفلسطينية التي تسيطر على الضفة الغربية بدعم إسرائيلي، أو ربما مجموعة من التكنوقراط الذين لا ينتمون إلى أي منظمة". 

وهنا، توضح أن "إسرائيل تواجه خيارات غير كافية، فالسلطة الفلسطينية فاسدة ولا تحظى بالشعبية".

إذ أدت السياسة التي تنتهجها تل أبيب في الضفة الغربية إلى إضعاف مصداقية السلطة، كما أدى هجوم حماس ورد الفعل الإسرائيلي إلى تآكل شعبيتها.

وبالنظر إلى أن السلطة الفلسطينية غير قادرة على إدارة الأمن في الضفة الغربية من دون مساعدة كبيرة من إسرائيل، فإن غزة ستشكل تحديا أكبر بكثير. ومع ذلك، "لا توجد خيارات أفضل".

العلاقات والتنازل

وتابعت الصحيفة العبرية: "عندما نلقي نظرة على الساحة الدولية، سنجد أن الانتقادات الدولية للحملة العسكرية تتزايد باستمرار". وهنا، تشير إلى أن "إسرائيل تعتمد على الولايات المتحدة للحصول على الذخيرة".

ومن جانبها، تقدم الولايات المتحدة الدعم الاقتصادي الذي تشتد الحاجة إليه، وهو ضروري أيضا لردع إيران وإيقاف جماعات مثل الحوثيين في اليمن، الذين حاولوا مهاجمة إسرائيل.

وحتى الآن، توضح "زمان إسرائيل" أن الرئيس الأميركي جو بايدن اجتذب الكثير من التعاطف مع تل أبيب بسبب الدعم القوي الذي قدمه بعد هجوم 7 أكتوبر.  ومع ذلك، تلفت إلى أن هذه العلاقة "يمكن أن تتدهور بسهولة". 

ولمنع حدوث ذلك، يحاول بايدن إدارة الحزب الديمقراطي المضطرب والعديد من الأحزاب السياسية الأخرى، والتي يعارض أعضاؤها دعمه القوي لإسرائيل.

في نفس الوقت، تذكر أن "الولايات المتحدة تمارس الضغوط على إسرائيل لحملها على الحد من الضرر الذي يلحق بالمدنيين في عملياتها العسكرية وتجنب التصعيد مع حزب الله".

ويعتقد العديد من الإسرائيليين أن تدمير حماس بالكامل أمر إلزامي، حتى لو أدى ذلك إلى مقتل العديد من المدنيين الفلسطينيين في هذه العملية، وفق تقديرها.

وفي رأيها، "من الممكن أن تؤدي هذه الاختلافات السياسية والإستراتيجية إلى حدوث صدع بين الولايات المتحدة وإسرائيل، مما يترك الأخيرة أكثر عزلة على المستوى الدولي وبدون الدعم العسكري الذي تحتاجه".

وتبرز الصحيفة حقيقة أن "بعض التحديات لا يمكن التغلب عليها دون خلق مشاكل وضغوط إضافية".

"ولذلك، رغم إدراك بعض الإسرائيليين أن قتل المدنيين الفلسطينيين يزيد دعم رواية حماس ويضعف مكانة إسرائيل الدولية، إلا أنهم يعتقدون أن إسقاط الحركة لن يحدث إلا بشن حملة عسكرية ثقيلة، الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى مقتل العديد من المدنيين"، وفق ادعائها.

وعلى نحو مماثل، ومن أجل تجنب الحرب مع حزب الله، تشير الصحيفة إلى أن "الولايات المتحدة تمارس الضغوط من أجل ضبط النفس".

ولكنها تلفت أيضا إلى أن "النهج الذي من شأنه أن يحافظ على الوضع الراهن لن يقنع الإسرائيليين بالعودة إلى ديارهم في الشمال". 

وفي النهاية، بعد الإشارة إلى قائمة المشاكل المحتملة، تقول الصحيفة إن "إسرائيل ستضطر إلى الحد من أهدافها وقد تضطر إلى التنازل عن الهجمات المنتظمة لردع حماس".

ولذلك، تدعو إسرائيل إلى "التخطيط للأمد البعيد"، مع الاعتراف بأنها "غير قادرة على شن حرب أبدية"، مؤكدة "ضرورة الحفاظ على علاقاتها مع الولايات المتحدة".