تسخر من الهولوكوست.. معهد عبري محذرا: روسيا تهدد صورة إسرائيل

5 months ago

12

طباعة

مشاركة

رصد معهد عبري ما عده "خطرا قادما" من موسكو، حيث "باتت روسيا تغير سرديتها الخاصة بالدفاع عن الهولوكوست إلى السخرية منه".

وتوقف معهد "دراسات الأمن القومي" عن أسباب وسياق تغير الأساس الأيديولوجي التاريخي للسردية الروسية القائمة على "كفاح الاتحاد السوفيتي ضد ألمانيا النازية"، إلى وضع جديد "يشكل تهديدا لصورة إسرائيل الدولية".

وادعى أنه "يتعين على إسرائيل إدراك خطورة السرد الروسي الجديد، وأنه يجب على السلطات الإسرائيلية مقاومة هذه الرواية"، التي وصفتها بأنها "سامّة".

انتقادات حادة 

وهاجم المعهد، موسكو وتحديدا الرئيس فلاديمير بوتين، حيث انتقد تصريحاته التي شبه فيها قطاع غزة بمدينة لينينغراد المحاصرة من قبل الألمان النازيين في الحرب العالمية الثانية.

واستنكر مقارنة روسيا العدوان الإسرائيلي على غزة، بـ"تصرفات النازيين في الحرب العالمية الثانية والمحرقة النازية".

وتطرق المعهد كذلك في هجومه إلى تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي قال: "رغم المحرقة، ليس لدى الإسرائيليين أي مبرر لفعل ما يريدون ضد الفلسطينيين".

وأدان أيضا تصريحات سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، التي قال فيها إن "إسرائيل ليس لها الحق في الدفاع عن النفس ضد الفلسطينيين، أو حماس في غزة، لأنها قوة احتلال".

وندد المعهد بما سماه "منح موسكو الشرعية لحركة حماس، إذ تحرص على تقديم الذراع السياسي لحركة حماس كلاعب سياسي شرعي، مساو تقريبا لإسرائيل".

وأردف: "فهي تعزز العلاقات العامة معها، بما يؤكد صورة الفلسطينيين -وحماس كممثلة لهم- بوصفهم الطرف الشرعي والدفاعي في الصراع مع إسرائيل".

في الوقت ذاته، أشار المعهد إلى تجنب وزارة الخارجية الروسية، منذ اليوم الأول إدانة حماس على عملية 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

ويرى أن تلك "الضبابية الروسية" من الأحداث التي تجرى، هي في حقيقتها "تطور ثابت للرواية الروسية فيما يتعلق بالحرب العالمية الثانية والأطراف التي قاتلت فيها، بما في ذلك في سياق الشعب اليهودي بالمحرقة وإسرائيل".

واستطرد: "هذا الاتجاه مستمر منذ سنوات عديدة، وقد تعزز بشكل ملحوظ منذ غزو أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، وتفاقم أكثر مع بداية (طوفان الأقصى)".

ولفت إلى أن "السردية الروسية تميز بين الضحايا الدفاعيين (أي الروس) والمعتدين المتوحشين (أي أوكرانيا والغرب)".

وأردف: "ومع تطور الوقت، تم دمج إسرائيل أيضا في السردية، ووضعت بشكل محدد على الجانب الآخر السلبي".

ورصد المعهد بداية ومسار حدوث هذا التحول، إذ "بدأ السرد يصبح واضحا في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما خضع التصور السياسي الدولي للنخبة الروسية بقيادة بوتين لتغيير.. فبدأ يُنظر إلى الغرب والقوى الموالية له في بلدان رابطة الدول المستقلة بشكل سلبي".

وأوضح طريقة تبديل روسيا سرديتها القديمة بأخرى محدّثة، فكانت الخطوة الأولى "تتلخص في احتضان انتصار الاتحاد السوفيتي في الحرب ضد النازيين، وكأنه انتصار لروسيا الحديثة". 

وتابع: "هذا يعني أن دولة بوتين الروسية بدأ يُنظر إليها على أنها الضحية المنتصرة التي تدافع عن نفسها". 

على الجهة الأخرى، يفسر من هم "الجانب السيئ المعتدي القاسي"، فهذا المصطلح، حسب زعم المعهد، "يشير في الأصل إلى النازيين، وكانت تستخدم روسيا المثال اليهودي كسياق مناسب للسرد، بل وعملت على ترويج مبادرات دولية لتعزيز ذكرى المحرقة بوصفها جريمة ارتكبها النازيون ومساعدوهم".

خط منطقي

ولفت المعهد إلى أن "روسيا اعتادت على استخدام خطاب معاداة السامية في الحرب العالمية الثانية عندما انحازت إلى اليهود المضطهدين".

وتابع: "لكن مع مرور الوقت، توقف التقارب بين إسرائيل ويهود أوروبا عن خدمة الرواية الروسية". 

واسترسل: “منذ إدراك أن إسرائيل لم تقف إلى جانب روسيا في حربها ضد أوكرانيا، تؤكد موسكو على الرواية القائلة بأن اليهود في الحرب العالمية الثانية لا تمثلهم إسرائيل الحديثة، التي تعمل اليوم كمعتدية تجاه الفلسطينيين”. 

ورأى المعهد أن روسيا بذلك تعود إلى "الممارسات السوفيتية المتمثلة في تكييف التاريخ مع المصالح السياسية المعاصرة".

وشرح المعهد العبري مدى الخطر الواقع على إسرائيل، جراء التغيرات التي طرأت على السردية الروسية.

وادعى أن "الحرب على حماس تتناسب مع الخطاب الروسي، من خلال تصوير سكان قطاع غزة على أنهم ضحايا القتل الجماعي على يد إسرائيل". 

وتابع: وهذا موقف يشبه بين الفلسطينيين بروسيا، التي ترى أنها تدافع عن نفسها ضد المعتدي القاسي (الغرب)، وحتى الدعم الغربي لإسرائيل يتم تفسيره على أنه تعبير عن (القومية الجديدة)".

وخلص المعهد إلى أن "الرسائل الضمنية الروسية تخلق خطا منطقيا واضحا، وهو أن إسرائيل ترتكب جريمة ضد الشعب الفلسطيني، وأن الغرب بأكمله نسي دروس الحرب العالمية الثانية، وأن سلوكهم هو استمرار للنازيين الذين ارتكبوا المحرقة في الدول التي كانت تتبع الاتحاد السوفيتي آنذاك، وأن موسكو على الجانب الصحيح من التاريخ، وتحمي الضحايا وتحارب النازية الحالية".

وأفاد بأن "الاستخدام الروسي لهذه الروايات هو أداة محسوبة في حرب المعلومات والوعي، تستهدف مجموعة واسعة من الجماهير المستهدفة، بما في ذلك في الغرب وإسرائيل".

واستنكر المعهد في نهايته "الرد الفاتر" من جانب المؤسسة الإسرائيلية على سياسة إعادة كتابة السرديات التاريخية التي تدعمها روسيا، مقدرا أن ذلك "يثير قلقا عميقا".

وأضاف: "إن عدم مقاومة السلطات الإسرائيلية للرواية الروسية السامة، مثل الصمت بشأن استخدام مصطلحي النازيين والإبادة الجماعية في سياق الصراع بين روسيا وأوكرانيا والغرب، قد أضر بإسرائيل".

وأوصى المعهد حكومة الاحتلال الإسرائيلي بالعمل على "تطوير أداة سياسية للتعامل بشكل فعال مع الاتهامات الروسية، والتي يتم توجيهها الآن بشكل مباشر ضدها".

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حربا مدمرة على غزة، خلفت عددا هائلا من الضحايا المدنيين، رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار فورا، وأوامر من محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير فورية لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني بغزة، ووقف العمليات العسكرية في رفح جنوبي القطاع.