ممر لابسيت.. هل يكون بديلا جيدا لإثيوبيا للوصول إلى المياه العالمية؟
عدم وجود منفذ بحري مباشر يعني أن إثيوبيا تعتمد بشكل كبير على الطرق البرية والجوية
تعد إثيوبيا ثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان في إفريقيا، وواحدة من الدول القليلة في شرق إفريقيا التي لا تمتلك منفذا مباشرا إلى البحر، وهو ما يعني أنها لا تمتلك ساحلا يمكنها من الوصول إلى المياه العالمية بسهولة.
ولهذا يشير رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إلى هذا الواقع بأنه "سجن جغرافي"، وذلك لأنه يقيد القدرة التجارية والاقتصادية للبلاد، إذ تؤثر هذه الحالة على الاقتصاد الإثيوبي والتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وتقول صحيفة إندبندنت البريطانية بنسختها التركية إنه بالإضافة إلى ذلك فإن افتقار إثيوبيا إلى منفذ مباشر نحو البحر يقيد احتياجات سكانها البالغ عددهم أكثر من 120 مليون نسمة ويعيق النمو الاقتصادي والتنمية.
فعدم وجود منفذ مباشر إلى البحر يعني أن إثيوبيا تعتمد بشكل كبير على الطرق البرية والجوية لتصدير واستيراد البضائع.
وهذا يزيد من تكاليف النقل ويجعل البلاد أقل تنافسية في الأسواق العالمية، بحسب الكاتبة التركية "سارة شانلي".
شريان حياة
وأضافت شانلي: كان لدى إثيوبيا شريط ميناء قيّم أثناء ضمها لإريتريا بعد الحرب العالمية الثانية.
ومع ذلك بعد أن أعلنت إريتريا استقلالها عام 1993، فقدت إثيوبيا مرة أخرى الوصول إلى البحر الأحمر.
وبعد خلافها مع إريتريا عام 1998، أصبحت موانئ جيبوتي شريان حياة مهما لتلبية احتياجات إثيوبيا من الطاقة والأمن الغذائي.
ولكن إثيوبيا تدفع أكثر من مليار دولار سنويا لشريان الحياة الحرج هذا، وهو رقم مرتفع للغاية بالنسبة لها.
وتابعت: لطالما سعت إثيوبيا إلى موانئ بديلة لتأمين المصالح التجارية والاقتصادية للبلاد، مع مراعاة المضايقات التي يمكن أن تنشأ عن ربطها بميناء واحد.
لهذا السبب خاطرت بأن تكون على جدول أعمال العالم بأسره من خلال توقيع اتفاقية ميناء بربرة المثيرة للجدل مع أرض الصومال في اليوم الأول من عام 2024.
وأرض الصومال، أو "صومالي لاند" لا تتمتع باعتراف رسمي منذ إعلانها الانفصال عن الصومال عام 1991، بوصفها كيانا مستقلا عن الأخيرة إداريا وسياسيا وأمنيا.
وفي الواقع، كانت إثيوبيا مهتمة بِميناءي بَربَرة (جمهورية أرض الصومال) وبورتسودان (السودان) منذ عام 2005.
وفي عام 2018 استحوذت على حصة 19 بالمئة في ميناء بربرة في أرض الصومال وفقا لاتفاقية مع شركة إدارة الخدمات اللوجستية الإماراتية في موانئ دبي العالمية.
ووصفت الحكومة الصومالية الصفقة بأنها غير قانونية. وعلى أي حال لم تستطع إثيوبيا الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق واضطرت في نهاية المطاف إلى التخلي عن حصتها.
وهذا العام أحدث طريق إثيوبيا للوصول إلى ميناء بربرة المزيد من الضوضاء. وعبرت الدول التي أعربت عن آرائها بشأن الاتفاق، بما في ذلك الاتحاد الإفريقي، عن دعمها لسيادة الصومال ووحدة أراضيه.
من ناحية أخرى، لم تتلق إثيوبيا رد فعل إيجابي من أي بلد باستثناء إدارة أرض الصومال، التي وعدت بالاعتراف باستقلالها.
وردا على ذلك، وقعت تركيا والصومال اتفاقية تعاون مشترك في مجالات الدفاع والأمن والتعاون الاقتصادي.
ومن بين الجوانب المشتركة في هذه الاتفاقية حماية المياه الإقليمية الصومالية وتعزيز الأمن البحري في المنطقة.
وعلى الرغم من عدم اتخاذ أي خطوة ضد إثيوبيا، إلا أن وعد تركيا بحماية البحار الصومالية لمدة 10 سنوات من خلال توقيع "اتفاقية إطارية للدفاع والتعاون الاقتصادي" مع مقديشو يمكن عده تخويفا لإثيوبيا، بحسب تقييم الكاتبة التركية.
كينيا وإثيوبيا
وأردفت: اضطرت اثيوبيا إلى تحويل مسارها نحو موانئ مختلفة، وقد اتخذت خطوة مهمة بسرعة لتعزيز علاقاتها مع جارتها الجنوبية كينيا.
وخلال زيارته إلى كينيا في الأسابيع الأخيرة، كان جدول أعمال آبي أحمد الرئيس هو تطوير ممر النقل بين ميناء لامو وجنوب السودان وإثيوبيا (لابسيت).
وهذا الأخير هو أحد مشاريع البنية التحتية الرئيسة للتكامل بين كينيا وإثيوبيا وجنوب السودان.
ولم يلق مشروع ميناء لامو اهتماما كبيرا من قبل إثيوبيا في السابق بسبب الوقت الطويل الذي سيستغرقه التنفيذ والتكلفة العالية.
ومع ذلك بعد الجدل الذي نشب بسبب اتفاقية بربرة، أصبح مشروع ميناء لامو هو الخيار الأكثر ملاءمة لإثيوبيا.
ومشروع لابسيت ليس جديدا، حيث أطلق عام 2012 ولكن تمت إعاقته بسبب نقص السيولة وقضايا إدارية وأمنية تتعلق بهجمات حركة الشباب.
وأشارت الكاتبة التركية إلى أن تسريع المشروع في أقرب وقت ممكن له أهمية كبيرة ليس فقط للوصول إلى ميناء إثيوبيا، ولكن أيضا لتنمية المنطقة وتوظيفها من وجهة نظر إستراتيجية.
إذ يمكن أن تكون الاستثمارات على طول هذا الممر الجديد ميزة كبيرة لكينيا، التي تركز بشكل أكبر على ميناء مومباسا.
ويتضمن مشروع لابسيت أيضا بناء خط سكة حديد يربط أديس أبابا ونيروبي عبر مويالي (إثيوبيا).
وسيربط ممر لابسيت الذي يبلغ عرضه 200 متر مدينة لامو الساحلية الكينية بمدينة جوبا في جنوب السودان، على بعد 1700 كيلومتر.
وفي المراحل التالية سيتم تشكيل ممر لابسيت بحيث يمتد من جوبا وبانغوي في جمهورية إفريقيا الوسطى إلى مدينة دوالا في الكاميرون، وسيكون هذا الممر جزءا من "الجسر البري" الذي يربط شرق وغرب إفريقيا.
وختمت الكاتبة التركية مقالها قائلة: إذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، فسيكون مشروع لابسيت مبادرة بنية تحتية مهمة لشرق إفريقيا من شأنها زيادة التكامل الإقليمي وتمهيد الطريق للتجارة والتنمية الاقتصادية.
بالإضافة إلى ذلك، يتوقع أن تحسن إثيوبيا العلاقات مع كينيا وتتخلى عن الدبلوماسية المتوترة مع الصومال.
وهذا التحول سيقلل من اعتماد إثيوبيا الشديد على ميناء جيبوتي وسيوفر لها مزايا في اختيار الطرق الأكثر سلاسة.
وعلى الرغم من أن هذه الخطوة ستكون مكلفة لإثيوبيا، إلا أنها قد تكون كافية لتلبية احتياجات السكان المتزايدة بالفعل، وفق الكاتبة.