تشكيل مجلس الأمن القومي.. ماذا يعني لسوريا في ظل محاولات زعزعة الأمن؟

آلية عمل المجلس تحدد بتوجيهات من الرئيس بما يضمن التنسيق الفعال بين المؤسسات
في خطوة مفصلية تعكس ملامح المرحلة الجديدة، أعلنت الرئاسة السورية تشكيل مجلس الأمن القومي لإدارة وتنسيق السياسات الأمنية والسياسية في البلاد، في أول قرار إستراتيجي منذ تحرير سوريا من حكم بشار الأسد.
لقى القرار إشادة واسعة على منصات التواصل الاجتماعي؛ حيث عده ناشطون خطوة محورية نحو ترسيخ الأمن والاستقرار، مؤكدين أن المجلس الجديد يمثل بداية مرحلة جديدة في إدارة الدولة وفق رؤية أكثر تنظيما وتنسيقا بين المؤسسات.
وأعلنت الرئاسة بقيادة الرئيس أحمد الشرع في 12 مارس/آذار 2025، تشكيل مجلس للأمن القومي في البلاد بمشاركة وزراء الدفاع والداخلية والخارجية ومدير الاستخبارات وعضوين استشاريين وآخر تقني، يجرى تعيينهم من قبل رئيس الجمهورية، وفقا للكفاءة والخبرة.
وأوضحت أن آلية عمل المجلس تحدد بتوجيهات من الرئيس بما يضمن التنسيق الفعال بين المؤسسات.
ومن المقرر أن تعقد اجتماعات المجلس بشكل دوري أو بناء على دعوة من رئيس الجمهورية.
ويجرى اتخاذ القرارات المتعلقة بالأمن القومي والتحديات التي تواجه الدولة بالتشاور بين الأعضاء، وتحدد مهام مجلس الأمن القومي وآلية عمله بتوجيهات من رئيس الجمهورية بما يتماشى مع المصلحة الوطنية العليا، وفقا لنص البيان.
وأثنى ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي "إكس"، "فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #مجلس_الأمن_القومي، #سوريا_الجديدة، #أحمد_الشرع #سوريا، وغيرها، على قرار الرئاسة السورية، وعدوه الأكثر أهمية منذ تحرير البلاد من حكم بشار الأسد.
الأهداف والأهمية
وتحت عنوان "لماذا المجلس خطوة مهمة؟"، أوضح الكاتب والباحث محمود علوش، أن سوريا في مرحلة بناء الدولة وتواجه تحديات داخلية وخارجية هائلة تحركها ديناميكيات متداخلة والتعامل معها بفعالية يتطلب إستراتيجيات ترتكز على مفهوم الأمن القومي.
وأكد أن المجلس هو المؤسسة التي ستشكل هذه الإستراتيجيات وتضمن تحقيق انسجام بين أبعادها المختلفة.
وقالت الإعلامية مايا رحال، إن خارطة طريق تلبي التحديات الداخلية والخارجية وحس عالي بالمسؤولية، وبناء سوريا موحدة للأفضل والاستقرار السياسي هو الهدف الحقيقي من تشكيل مجلس للأمن القومي.
وأشارت إلى أن المجلس له دور مهم في وضع السياسات الإستراتيجية لسوريا، وهو جزء من السلطة التنفيذية التي تنفذ قراراته من قبل الشرع.
وقال المختص في الشؤون السياسية والاقتصادية محمود الطرن، إن تشكيل المجلس خطوة لها رمزية كبرى؛ لأنه بمثابة العمود الفقري للدولة.
وأضاف: "لن تستقيم شؤون أي دولة دون وجود مجلس أمن قومي تحدد معاييره وفقا لمصالح البلاد العليا. مبروك للسوريين، فهذا قرار تاريخي".
وقال سامح الصغير، إن قرار تشكيل مجلس الأمن القومي في سوريا لعام 2025، خطوة إستراتيجية لتعزيز الأمن الوطني والاستجابة للتحديات السياسية والأمنية بفعالية، مؤكدا أن التنسيق بين المؤسسات واتخاذ القرارات الحاسمة يضمن حماية المصالح الوطنية العليا.
إشادة وثناء
وفي إشادة بالقرار، رأى الناشط السوري أنس هبرة، أنه في ظل التحولات الجذرية، يأتي تشكيل المجلس كضرورة لضمان السيادة الوطنية وحماية الهوية الأساسية للدولة وتكوين الأطر العليا للدولة العميقة التي تعمل على خطط إستراتيجية لعشرات السنين.
ورصد من بين الأطر ضبط الوزارات السيادية (الدفاع، الداخلية، الاستخبارات، الخارجية)، وتحييد المؤسسات العسكرية عن التوظيف الطائفي، وإعادة بناء الدولة على أساس الشرعية والدستور.
وأكد هبرة، أن تشكيل مجلس الأمن القومي خطوة ليست أمنية فقط، بل مدخل لعقد اجتماعي جديد يعيد الثقة بين الشعب والدولة.
وكتب خلدون الحوراني: "اليوم مجلس الأمن القومي وغدا الاستخبارات القومية.. كلشي بوقته حلو.. خطوة موفقة".
وقال عماد غليون، إن تشكيل المجلس خطوة متقدمة لرسم السياسات الخارجية والعلاقات الدبلوماسية وفق رؤية تنطلق من المصالح الوطنية العليا، متمنيا تشكيل هيئة استشارية عليا للرئاسة في مجالات القضاء والاقتصاد والإدارة والتشريع.
وأعرب الصحفي محمود عبدالغني، عن سعادته بقرار الرئاسة السورية تشكيل المجلس، موضحا أنه يعني أن السلطة ماضية لبناء دولة قوية ولا عودة للوراء.
تحديات أمنية
وسلط ناشطون الضوء على عدة تحديات تواجهها سوريا استوجبت إعلان القرار؛ حيث صنف الباحث عباس شريفة، تشكيله بأنه خطوة في غاية الأهمية، مشيرا إلى أنه جاء في سياق وظرف حساس جدا بعد مأساة الساحل السوري.
وفي 6 مارس/ آذار 2025، شهدت منطقة الساحل السوري توترا أمنيا على وقع هجمات منسقة لفلول نظام الأسد، هي الأعنف منذ سقوطه، ضد دوريات وحواجز أمنية، ما أوقع قتلى وجرحى.
وإثر ذلك، استنفرت قوى الأمن والجيش ونفذت عمليات تمشيط ومطاردة للفلول، تخللتها اشتباكات عنيفة سقط فيها قتلى من رجال الأمن والجيش والمدنيين، وانتهت باستعادة الأمن والاستقرار وبدء ملاحقة الفلول وضباط النظام البائد في الأرياف والجبال.
ورأى معتز خوجة، تشكيل المجلس خطوة ممتازة نحو مأسسة قضايا الأمن والدفاع في البلاد في ظل تصاعد الهجمة من الكيان المحتل على البلاد.
وقال المحامي عادل خليان: إنه بهذا الشكل يُسهم المجلس في الحفاظ على سلامة واستقرار الدولة عبر اتخاذ قرارات مبنية على تقييم شامل للظروف الأمنية الراهنة والمستقبلية.
وأكد الباحث العربي مهنا الحبيل، أن الإعلان عن مجلس الأمن القومي قرار إستراتيجي للضرورة القصوى في مواجهة الحرب الإسرائيلية الإيرانية ولدعم السلم الأهلي لكل الوطن.
وعد محمد باشا الصمدي، تشكيل المجلس خطوة حاذقة جدا، وتأتي في توقيت بالغ الأهمية؛ حيث إن سوريا اليوم أحوج ما تكون إلى هذا المجلس أكثر من أي وقت مضى.
وقال: إنها خطوة حاسمة نحو بناء هيكل أمني فعّال، يسهم في استقرار البلاد، وحماية مصالحها الوطنية والخارجية. كما يُتيح اتخاذ قرارات سيادية عاجلة في الأوقات الحرجة، خصوصا خلال الأزمات الأمنية والسياسية.
نصائح وتحذيرات
ولضمان نجاح المجلس، قال المحامي فهد زعتري، إن قرار تأسيسه خطوة مهمة لضبط الأمن والاستقرار، لكن نجاحه مرهون بمدى استقلاليته وقدرته على تحقيق المصلحة الوطنية بعيدا عن الحسابات الضيقة والتدخلات الخارجية.
وأكد العضو المؤسس في اتحاد تنسيقات الثورة السورية عمر شعبان، أن الإعلان عن المجلس في سوريا الجديدة ليس مجرد خيار، بل ضرورة لضمان الاستقرار، حماية السيادة، وإعادة بناء دولة تلبي تطلعات شعبها بعد عقود من الدمار.
وقال: إن المجلس "جسر بين الفوضى المحتملة والدولة المنظمة، ونجاحه يعتمد على قدرته على التوفيق بين التحديات المختلفة".
ووصف يحيى مايو، قرار تشكيل المجلس بأنه "خطوة ناضجة" في هذه المرحلة؛ حيث يسهم في توحيد القوى السياسية والعسكرية ضمن إطار مؤسسي.
وأشار إلى أن نجاح المجلس يتطلب وجود إطار قانوني واضح يحدد صلاحياته بدقة، مع وضع آليات رقابية تضمن التوازن بين السلطات المختلفة، لتفادي أي اختلال في توزيع النفوذ داخل الدولة.
وحذر مايو، من أن بدون هذه الضوابط، قد يؤدي المجلس إلى تعزيز السلطة التنفيذية بشكل مفرط، مما قد يحد من دور البرلمان والقضاء في القضايا الوطنية الكبرى.
وأضاف أن غياب التوازن قد يفتح المجال أمام إجراءات استثنائية قد تؤثر على الحريات العامة؛ حيث يمكن استخدام قرارات المجلس لتبرير قيود على الحقوق المدنية تحت مظلة الأمن القومي، وهو ما قد ينعكس سلبياً على مسار الحرية والديمقراطية في البلاد.
وأكد مايو، أن نجاح المجلس يكمن في تحقيق التوازن بين تعزيز الأمن الوطني وحماية مبادئ الدولة الحديثة القائمة على الفصل بين السلطات -وأهمها التشريعية- وضمان الحقوق والحريات.
وعد الصحفي صالح العبدالله، الإعلان عن تشكيل مجلس الأمن القومي خطوة بالاتجاه الصحيح، مؤكدا أن الأكثر أهمية هو إعادة تفعيل جهاز المخابرات؛ لأن ما حدث في الساحل يعد فشلا مخابراتيا.
وقال: إن إدارة الدولة بطريقة العواطف والنية الطيبة لا يستقيم، موضحا أن تفعيل جهاز المخابرات يشمل التصدي للهجمة الإعلامية والهجمة العسكرية.
سخرية واستهزاء
وتداول ناشطون تصريحات لشيخ عقل الموحدين الدروز في سوريا يوسف جربوع، وزعيم طائفة الموحدين الدروز في سوريا الشيخ حكمت الهجري، قالوا فيها: إن أحدا لم يتواصل معهم لتشكيل المجلس.
وقال أحمد الصالح: "ما هو المجلس تشكل منشان حضرتك بس تفكر تعمل شي تلاقي دولة عميقة تقلك Stop .. لهون وبس".
وأوضح أن هذا المجلس يمثل ما يسمى في الدول الأخرى (الحكومة المصغرة) أو المجلس السيادي، وهناك مفاهيم أوسع ربما ستنشأ في الظل لاحقا تحت اسم (الدولة العميقة)، مؤكدا أنها خطوات في الطريق الصحيح نحو استدامة الدولة الجديدة، وتدعيم أركان الاستقرار فيها.
ورد أحد المغردين على شيخ عقل الدروز: “مجلس الأمن القومي (الدولة العميقة) يجب أن تكون حصرا للسنة فقط، وانتو وقفتوا بوجه الدولة لما حاولت تعمل حملة أمنية بالسويداء”.
وأردف: "الاتفاق اللي صار اليوم كان بنسبة كبيرة جدا لصالحكم وما بدكم الشرطة والأمن العام يكون فيه حدا غير درزي فمالكم علاقة بتركيبة المجلس".
وسخر فهد نديم من تصريحات الهجري، قائلا: "شو رأيك نقلك شو طابخين اليوم بالقصر".
وكتب حسين الشتيوي: "نكتة اليوم من حكمت الهجري: لم يتم التواصل معنا بشأن مجلس الأمن القومي".
ورد المغرد إبراهيم، على تصريح جربوع، قائلا: "أصلا مجلس الأمن القومي يتشكل في كل البلدان للتصدي لخونة الداخل أمثال حكمت الهجري وأتباعه".
كما علق إبراهيم الجهمان، على تصريح الجربوع، قائلا: "مجلس أمن قومي يعني بيحمي الأمن القومي للبلد وحضرتك ماشاء الله عم تندار من بره".
ورد وائل الملاح، على جربوع، قائلا: "يا صديقي تشكل مجلس الأمن القومي مشان يكافح أمثالك!".