محمد الحسّان.. أول عربي وآخر دبلوماسي يتولى رئاسة بعثة يونامي بالعراق
الحسّان لم يسبق له أن تولى منصب رئيس بعثة أممية في العالم
“دبلوماسي، أكاديمي، اقتصادي”.. ألقاب عدة تطلق على العُماني محمد الحسّان، أول شخصية عربية تُعين في منصب ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق.
وقد يكون الحسان آخر من يتولى هذا المنصب، وذلك بعدما صوّت مجلس الأمن على إنهاء مهمة البعثة الأممية نهاية عام 2025.
وفي 15 يوليو/ تموز 2024، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تعيين الحسّان ممثلا خاصا جديدا له في العراق ورئيسا لبعثة الأمم المتحدة المعروفة اختصارا “يونامي”، خلفا لممثلته الخاصة السابقة الهولندية، جينين بلاسخارت.
دبلوماسي مخضرم
محمد بن عوض الحسّان، دبلوماسي عُماني شغل منصب المندوب الدائم لسلطنة عُمان لدى الأمم المتحدة منذ عام 2019.
وقبل ذلك، كان يشغل منصبَ نائبِ الممثل الدائم لعُمان لدى الأمم المتحدة في جنيف.
ويشغل الدبلوماسي العُماني في الوقت نفسه منصب نائب رئيس الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة والدورة الاستثنائية الحادية والثلاثين فيها.
وبحكم تسلسله الوظيفي الطويل، يتمتع الحسان بخبرة واسعة تمتد إلى أكثر من ثلاثين عاما في مجال الدبلوماسية الوقائية وبناء السلام والتنمية، وحقوق الإنسان.
وتولى الحسّان خلال 32 عاما مهام مختلفة داخل وزارة الخارجية العُمانية، بما في ذلك مناصبه الأخيرة كوكيل الوزارة بالإنابة للشؤون الدبلوماسية عام 2016، ورئيس ديوان الوزارة عام 2015، ورئيس دائرة مكتبي الوزير والتحليل السياسي عام 2012.
ومن بين مناصبه في الخارج، شغل منصب سفير سلطنة عمان فوق العادة لدى الاتحاد الروسي، مع اعتماد غير مقيم في بيلاروسيا وأوكرانيا وأرمينيا وجمهورية مولدوفا.
كما شغل منصب نائب الممثل الدائم لعمان لدى الأمم المتحدة في نيويورك، وعلاوة على ذلك، مثّل عمان في مختلف المؤتمرات الدولية.
بين عامي 1990 و2003، عمل الحسّان في البعثة الدائمة لسلطنة عمان لدى الأمم المتحدة في كل من نيويورك وجنيف.
متعدد التخصصات
الحسّان المولود في سلطنة عُمان عام 1963، متزوج وله ابنتان، ويحمل العديد من الشهادات العلمية في تخصصات متعددة ومن جامعات غربية وشرقية، منها في السياسة والعلاقات الدولية والاقتصاد.
ويحمل الحسّان درجة بكالوريوس الآداب في العلوم السياسية من جامعة واشنطن في سياتل بالولايات المتحدة الأميركية، ودرجة الماجستير في العلوم في العلاقات الدولية من جامعة سانت جون في نيويورك.
أما درجة الدكتوراه في الاقتصاد، فقد حصل عليها من جامعة موسكو الحكومية للاقتصاد والإحصاء والمعلوماتية (MESI)، وهو يتحدث اللغات العربية والإنجليزية والنرويجية والروسية.
وخلال مسيرته الدبلوماسية الطويلة، شارك محمد الحسّان في العديد من المبادرات الدولية التي تهدف إلى تعزيز السلام والأمن العالميين، وكان له دور فعال في المناقشات المتعلقة بالتغير المناخي، حقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية.
وهو أستاذ فخري في معهد بيلغورود الحكومي للفنون والثقافة، ولديه وسام "صانع السلام" من الاتحاد الروسي، وعضو فخري وأكاديمي في الأكاديمية الدولية للعمل الخيري.
الحسّان حصل أيضا على منحة البابا بولس السادس (التقديم على دراسة الماجستير)، وجائزة المواطنة الفخرية لمدينة هيروشيما، وعضو مجلس إدارة منظمة استدامة المنظمات غير الحكومية.
ويفتقر سجل الحسّان إلى أي آراء سياسية حيال الأزمات في العالم، لا سيما منطقة الشرق الأوسط، وتحديدا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أو الأزمة في اليمن وانقلاب مليشيا الحوثي على الشرعية، أو حتى حيال الأوضاع في العراق.
ويتولى الحسّان منصب ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، خلفا للهولندية جينين بلاسخارت، التي كانت مثيرة للجدل طيلة مدة توليها المنصب منذ عام 2019 وحتى 2024.
واتهمت بلاسخارت بالتعامل مع قادة المليشيات والتعاون معهم في صفات سلاح مشبوهة، إذ طالت المبعوثة الأممية الكثير من الاتهامات بخصوص قضايا فساد مالي وإبرام صفقات بيع سلاح من شركات هولندية.
وذلك بعدما كانت تهاجم من قادة المليشيات، حتى أطلقوا عليها لقب "عجوز الشيطان"، كونها رفضت خلال لقائها المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، قرار هيئة الإعلام والاتصالات في العراق بحظر جملة مصطلحات من بينها "النوع الاجتماعي" و"المثلية".
أسباب الاختيار
رغم أن الحسّان لم يشغل أي منصب سابق يتعلق بممثل الأمين العام للأمم المتحدة في بلد آخر، لذلك فإن اختياره للعراق يُعد أول تجربة خارج نطاق مناصبه التي تولاها سابقا ضمن الدبلوماسية العُمانية.
وأشارت وكالة الأنباء العمانية إلى أن اختيار الحسان جاء بسبب تجربته الواسعة في المجالين الدبلوماسي والسياسي، حيث شغل العديد من المناصب، منها رئيس للجنة الشؤون السياسية الخاصة وتصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة، ومُيسر لإستراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب.
وأضافت الوكالة خلال تقرير لها في 15 يوليو، أن اختياره لتولي هذه المهمة الدولية جاء أيضا على خلفية السياسة الخارجية لسلطنة عُمان، والتي تتسم بالاعتدال والتوازن وسجل حافل في مجال دبلوماسية السلام، وتسوية النزاعات، وحل الخلافات بين الدول بالطرق السلمية.
وحظي هذا الترشيح بموافقة الحكومة العراقية، والتي تتطلع إلى إنهاء الولاية السياسية لبعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق (يونامي)، ليتيح لها الانتقال إلى مرحلة جديدة من التطوّر السياسي والاقتصادي والتفاعل الإيجابي مع الأسرة الدولية، وفقا للتقرير.
وتوقعت الوكالة العمانية أن "يعمل محمد بن عوض الحسّان عن كثب مع الحكومة العراقية لإحراز تقدّم في المسائل المعلّقة، بما يشمل تلك التي قد تشكّل تهديدا للسِلم والأمن في العراق".
وكان مجلس الأمن الدولي قد قرر في 31 مايو 2024، إنهاء مهمّة البعثة الأممية من العراق الموجودة في البلاد منذ أكثر من 20 عاما، بحلول 31 ديسمبر/ كانون الأول 2025، وذلك بناء على طلب من الحكومة العراقية.
وينص القرار الذي جرى تبنيه بالإجماع في مجلس الأمن الدولي على تمديد ولاية البعثة التي أنشئت عام 2003 “لفترة اخيرة مدتها 19 شهرا حتى 31 ديسمبر 2025”.
ويرى مراقبون للشأن العراقي أن مهمة الحسّان ليست بالسهلة في بلد متعدد الطوائف والأعراق، ولا يزال السلاح المنفلت وتغول المليشيات هي السمة الأبرز للبلد، رغم أن الإطار التنسيقي الشيعي الموالي لإيران هو من يدير السلطة في العراق منذ عام 2022 وحتى الآن.
وفي هذا الصدد، رأى عضو حركة “الميثاق الوطني العراقي” المعارضة، عبد القادر النايل، أن "تعيين شخصية من سلطنة عُمان، ليمثل المنظمة الدولية في هذا التوقيت الحساس له دلالات كبيرة ويتشابك مع كل الملفات الشائكة في المنطقة".
وأوضح النايل خلال حديث نقلته وكالة “بغداد اليوم” في 16 يوليو، أن "خطوة تعيين مبعوث أممي من عمان في العراق، هدفه أن يكون الوسيط القادم بين الحوثيين في اليمن، وحزب الله اللبناني وفصائل الحشد الشعبي في العراق، فضلاً عن إيران".
وأشار إلى أن "سلطنة عُمان تُمثل الساحة الخلفية والحقيقية للمفاوضات بين الغرب وإيران وتتمتع بريطانيا بنفوذ واسع فيها، وجميع اللقاءات حُسمت مع طهران من خلال استضافة مسقط على أراضيها وفود المفاوضات".
المصادر
- أول عربي يشغل منصب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق
- تعيين سعادة السفير الدكتور محمّد بن عوض الحسّان مبعوثًا دوليًّا للأمم المتحدة خاصًا للعراق
- تعيين سفير عُمان السابق لدى الأمم المتحدة رئيسا للبعثة السياسية الأممية في العراق
- UN envoy hails Oman's role in resolving Yemen conflict
- Permanent Mission of the Sultanate of Oman to the United Nations
- مجلس الامن الدولي يصوت على انهاء بعثة الامم المتحدة في العراق
- ما علاقة الحوثيين وحزب الله اللبناني بتعيين مبعوثاً "خليجياً" للأمم المتحدة في العراق؟