مايك جونسون.. مشرع دموي يؤيد إبادة أطفال فلسطين ويقود "النواب" الأميركي
كان جونسون على رأس المصفقين لمجرم الحرب بنيامين نتنياهو خلال خطابه في يوليو 2024 بالكونغرس
تصويت دراماتيكي شهده مجلس النواب الأميركي انتهى بإعادة انتخاب النائب الجمهوري مايك جونسون، رئيسا لمجلس النواب الأميركي للمرة الثانية على التوالي.
وحصد جونسون النائب عن ولاية لويزيانا، الأغلبية المطلوبة (218 صوتا) للفوز من الجولة الأولى، متفوقا على منافسه الديمقراطي حكيم جيفريز، الذي حصل على 215 صوتا.
وخلال جلسة مجلس النواب الأميركي يوم الجمعة كان جونسون في البداية على وشك الخسارة بسبب تصويت ثلاثة نواب جمهوريين ضدّه، وبمجرد اكتمال التصويت الأولي، كان جونسون بحاجة إلى إقناع اثنين من المعارضين لتأمين الأغلبية.
وبعد انتهاء التصويت الأولي، مُدد وقت الجلسة قبل إعلان النتيجة رسميا، ما منح جونسون فرصة للتفاوض مع المعارضين، وفي النهاية، نجح جونسون المدعوم بقوة من الرئيس المنتخب دونالد ترامب، في تغيير موقف الاثنين وأعلنا دعمهما له، مما منحه الأغلبية المطلوبة.
يُذكر أن جونسون، البالغ من العمر 51 عاما، تولى منصب رئيس مجلس النواب في أكتوبر/ تشرين الأول 2023 بعد أن أطاح زملاؤه في الحزب بسلفه كيفن مكارثي.
كاد أن يخسر
في بداية الجولة الأولى من التصويت، الذي جرى يوم 3 يناير/ كانون الثاني 2025، ظهر أن جونسون لن يحقق الأغلبية المطلوبة لإعادة انتخابه للمنصب بعدما جمع 216 صوتا فقط.
الأكثر صعوبة أن ثلاثة نواب جمهوريين لم يصوتوا لصالحه، وهم توماس ماسي الذي دعم توم إيمر، ورالف نورمان الذي دعم جيم جوردان، وكيث سيلف الذي صوت لصالح بايرون دونالدز.
ولكن بعد أكثر من نصف ساعة من النقاشات والمفاوضات الصعبة معهم، غير نائبان تصويتهما لصالحه، ليعلن بعد ذلك فوزه بمنصب رئيس مجلس النواب.
وكان جونسون على وشك الخسارة بسبب تصويت هؤلاء النواب ضده، وبمجرد اكتمال التصويت الأولي، كان جونسون بحاجة إلى إقناع اثنين من المعارضين لتأمين الأغلبية.
وفي النهاية، نجح جونسون المدعوم بقوة من الرئيس ترامب؛ إذ غير نورمان وسيلف موقفهما وأعلنا دعمهما لجونسون، مما منحه الأغلبية المطلوبة.
وقبل أيام قليلة من التصويت حاول جونسون خلال حديث مع شبكة "فوكس نيوز" الأميركية، إظهار الثقة بفوزه بالمنصب.
وقال: "لدينا أصغر هامش في تاريخ الولايات المتحدة، حيث سيكون بفارق صوتين على الأرجح، لكن أعتقد أننا سننجز ذلك، ولا نستطيع أن نتحمل أي دراما".
احتفاء ترامب
ووفقا لشبكة "سي إن إن" الأميركية في 5 يناير، فإن فوز جونسون جاء بعد تدخل شخصي من ترامب.
حيث أبلغ جونسون الجمهوريين في اجتماع مغلق خلال التصويت، أن ترامب يفضل تحريك أجندته كحزمة واحدة.
وقبل التصويت مباشرة كتب ترامب تغريدة على منصة "إكس"، قال فيها "إن جونسون رجل رائع يتمتع بقدرات عظيمة، وهو قريب جدا من الحصول على 100 بالمئة من الدعم الجمهوري".
ورأى ترامب على منصته "Truth Social"، أن "فوز جونسون سيكون بمثابة فوز كبير للحزب الجمهوري".
واصفا الانتخابات الرئاسية التي فاز بها بأنها "الأكثر أهمية منذ 129 عاما".
وكان السؤال الذي طرح نفسه: لماذا انقسم بعض الجمهوريين نحو جونسون؟ فيما حاز خصمه الديمقراطي جيفريز على أصوات جميع الديمقراطيين دون انقسام؟
البداية أن جونسون كثف من تواصله مع النواب الجمهوريين، والاجتماع بهم في الكابيتول (مبنى مجلس الكونغرس) في محاولة لفهم مخاوف قرابة 12 عضوا منهم، الذين كانوا يمتنعون عن دعمه في انتخابات رئاسة المجلس.
وينتمي معظم النواب المتشككين في قيادة جونسون إلى "كتلة الحرية" المحافظة داخل الحزب الجمهوري، والتي طالبت خلال العام الماضي بتقليل الإنفاق الحكومي، وكانوا وراء الإطاحة بالرئيس السابق للمجلس، كيفين مكارثي.
والذي أسهم في إقناع هؤلاء بالتصويت لـجونسون، أولا مطالبات ترامب لهم، ثانيا تعهد جونسون بـ"العمل على استعادة المسؤولية المالية، والقضاء على الفساد والهدر في الإنفاق الحكومي".
ويرى أن "الدين الوطني يشكل تهديدا خطيرا للاقتصاد والأمن القومي الأميركي".
مَن جونسون؟
وبالتطرق إلى الحياة الشخصية لجونسون، فإنه قد وُلد يوم 30 يناير 1972 في مدينة شريفبورت بولاية لويزيانا الأميركية.
جونسون كان الابن الأكبر بين أربعة أبناء لرجل الإطفاء جيمس وجين جونسون. خلال سنوات طفولة جونسون عاش حادثة أثرت عليه بشكل كبير، عندما تعرض والده لحروق وإعاقة أثناء عمله.
حينها اعتقد جونسون أن فرصة بقاء والده على قيد الحياة ضئيلة، وعد نجاته بمثابة المعجزة.
وأصبح بعدها شخصا يتمتع بإيمان عميق في مرحلة مراهقته، ولازم الحضور إلى الكنيسة المعمدانية في لويزيانا (كنيسة بروتستانتية)، وتبنى المنهج المحافظ الرافض للإجهاض وزواج الشواذ.
وأسهمت أيضا تلك الحادثة في التأثير على حياته العملية وأفكاره المستقبلية، بعدما تخلى عن طموحه في أن يصبح رجل إطفاء كوالده، ليطمح بدلا من ذلك في أن يكون محاميا.
الدراسة والأيديولوجية
درس مايك جونسون في مدرسة "كابتن شريف الثانوية" في مدينة شريفبورت، بعدها حصل على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال عام 1995 من جامعة ولاية لويزيانا "إل إس يو".
وخلال دراسته شغل منصب رئيس مجلس الإخوة (منظمة دينية مسيحية) في الجامعة.
أكمل بعدها دراسته في الجامعة نفسها، إلى أن حصل على درجة الدكتوراه في القانون عام 1998.
وخلال فترة دراسته في كلية الحقوق، انتخب رئيسا للجمعية القانونية المسيحية، وتطوع في منتدى عائلة لويزيانا التابع لمجلس أبحاث الأسرة، وهي منظمة مسيحية محافظة.
يذكر أنه منذ عام 2004 إلى عام 2012 خدم جونسون في "لجنة الأخلاقيات والحرية الدينية"، التابعة للمؤتمر المعمداني الجنوبي.
ويرمز للمؤتمر المعمداني الجنوبي بـ "SBC" وهي منظمة يقع مقرها في الولايات المتحدة، وهي أكبر منظمة معمدانية في العالم، وأكبر منظمة بروتستانتية، وثاني أكبر هيئة مسيحية في الولايات المتحدة.
ويثار حول المؤتمر المعمداني الجنوبي الذي ينتمي إليه جونسون، خلافات تتعلق بموقفهم من نظريات تفوق العرق الأبيض.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، أكد رؤساء المعاهد اللاهوتية التابعة للمؤتمر على أهمية عدم اللجوء إلى الأفكار العلمانية لمواجهة العنصرية، وهو الأمر الذي تسبب في مغادرة أربع كنائس أميركية إفريقية المؤتمر المعمداني الجنوبي.
صعوده السياسي
خلال مراحل حياة جونسون المهنية عمل أستاذا جامعيا، وشغل منصب العميد المؤسس لكلية "بريسلر" للقانون في جامعة لويزيانا .
وفي عام 2004 أصبح محاميا متخصصا في القانون الدستوري والدعاوى المدنية، وأصبح شريكا في شركة محاماة، وكان أيضا مضيفا إذاعيا في مجموعة من القنوات والبرامج.
ومن أشهر البرامج التي ظهر فيها جونسون لفترة طويلة، برنامج "واشنطن ووتش" الحواري على شبكة تلفزيون "KBTR" الأميركية.
واستمر ظهوره من عام 2015 إلى عام 2022 تقريبا؛ إذ كان ضيفا على توني بيركنز، وهو سياسي أميركي وقس معمداني جنوبي،
وبيركنز من الأصدقاء والسياسيين المقربين لـ "جونسون"، وهو من الشخصيات المعروفة بتشددها الديني، فخلال فترة عمله في مجلس النواب، صاغ بيركنز تشريعا يُلزم المدارس العامة في لويزيانا بتثبيت برامج تصفية الإنترنت.
وتوفير صلاة صامتة يومية، ومنع ما أسماه "الرقابة على التراث المسيحي لأمريكا".
وفي عام 2015 كان من ضمن مجموعة من السياسيين الجمهوريين الذين أعادوا فتح نقاش حول شهادة ميلاد الرئيس الأميركي الأسبق "باراك أوباما" على فرضية أنه كان مسلما.
جونسون في مجلس النواب
فيما دخل جونسون إلى مجلس النواب في فبراير/ شباط 2015، عندما انتخب لأول مرة، وبصفته جمهوريا؛ لملء المقعد الشاغر في المجلس.
وانضم حينها إلى الهيئة التشريعية في لويزيانا، وكان مدفوعا بمعارضته للإجهاض وزواج الشواذ ودعمه الحريات الدينية.
وفي عام 2018، فاز جونسون بولاية ثانية في مجلس النواب، متغلبا على المرشح الديمقراطي رايان تراندل.
وفي عام 2020، فاز جونسون بولاية ثالثة في مجلس النواب، عندما تغلب على المرشح الديمقراطي كيني هيوستن.
أما ما يخص اللجان والهيئات التي خدم فيها داخل المجلس، ففي 3 يناير 2017، عمل عضوا في لجنة القضاء، وعمل كذلك عضوا في لجنة القوات المسلحة.
ومن عام 2019 إلى 2021، ترأس جونسون لجنة الدراسات الجمهورية . ومن عام 2021 إلى 2023، شغل منصب نائب رئيس مؤتمر الجمهوريين في مجلس النواب.
وفي 25 أكتوبر 2023، انتخب مايك جونسون رئيسا لمجلس النواب للمرة الأولى، ليصبح الرئيس الـ56 لمجلس النواب.
مواقفه السياسية
في 19 مايو/ آيار 2021، صوت جونسون وجميع زعماء مجلس النواب الجمهوريين، ضد إنشاء لجنة وطنية للتحقيق في اقتحام مبنى "الكابيتول" الأميركي في 6 يناير 2021، من قبل أنصار الرئيس الخاسر للانتخابات (آنذاك) دونالد ترامب.
ومع ذلك في 2023 قدم جونسون مشروع قرار لمجلس النواب يدين التخريب والعنف ضد الكنائس المعمدانية التي تحارب عمليات الإجهاض.
المثير أن جونسون الذي دعم ترامب ودعمه ترامب، كان يحمل آراء مغايرة ومختلفة حول الرئيس الأميركي.
ففي عام 2015 أطلق تصريحات ضد ترامب عندما كتب على "فيسبوك" قائلا: "إن دونالد ترامب يفتقر إلى الشخصية وإلى الجانب الأخلاقي الذي نحتاجه بشدة مرة أخرى في البيت الأبيض".
مضيفا: "أخشى أنه سيكسر أشياء أكثر مما يصلحها، إنه سريع الغضب بطبيعته، وهذه سمة خطيرة يجب ألا يتمتع بها القائد الأعلى للبلاد".
وتابع: "لا أعتقد أنه يتمتع بالسلوك المناسب ليكون رئيسا للولايات المتحدة".
وفي عام 2017، أيّد جونسون الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب بحظر الهجرة من سبع دول ذات أغلبية مسلمة، قائلا: "هذه ليست محاولة لحظر أي دين، بل هي محاولة لحماية وطننا بشكل مناسب".
وأكمل: "نحن نعيش في عالم خطير، وهذا الإجراء المهم سيساعدنا في تحقيق التوازن بين الحرية والأمن".
وعلى مستوى العلاقات الدولية، ففي فبراير 2022، أدان جونسون الغزو الروسي لأوكرانيا ودعا إلى "فرض عقوبات على المصالح الاقتصادية لروسيا".
ودعا إلى استبعاد روسيا من "التجارة العالمية والمؤسسات الدولية".
ومع ذلك يعد جونسون من المشرعين الأميركيين المتحفظين على إرسال مساعدات إلى أوكرانيا، وهو بذلك يتفق مع آراء وإستراتيجية ترامب.
وفي فبراير 2023، قال: "أرسل دافعو الضرائب الأميركيون أكثر من 100 مليار دولار كمساعدات إلى أوكرانيا في العام الماضي".
وتابع: "إنهم يستحقون معرفة ما إذا كانت الحكومة الأوكرانية صريحة وشفافة تماما بشأن استخدام هذا المبلغ الهائل من موارد دافعي الضرائب في بلادنا".
دعم قتل الأطفال
يعد جونسون من داعمي إسرائيل داخل مجلس النواب الأميركي حتى من قبل الإبادة الجماعية المتواصلة في غزة.
ففي عام 2020، كان في زيارة إلى الأراضي المحتلة، وأنكر خلالها وجود ظلم ضد الفلسطينيين، قائلا "لا نرى أي شيء من ذلك على الإطلاق".
وفي نوفمبر 2023، بعد أيام من بداية العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تلقى جونسون تبرعات كبيرة من لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (آيباك) بقيمة 95 ألف دولار؛ للتسريع في تمرير دعم كبير لدولة الاحتلال بقيمة 14 مليار دولار.
وتضمن أول خطاب ألقاه بعد انتخابه رئيسا لمجلس النواب، مشروع قرار يدعم إسرائيل في حربها على حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وفي 25 أبريل نيسان 2024، أجرى جونسون مقابلة مع مراسلة شبكة "سي إن إن" الأميركية، إيرين بورنيت.
وفيها قالت بورنيت لـ "جونسون": "مات العديد من الأطفال الأبرياء، ويموتون، على أيدي إسرائيل والقوات الإسرائيلية"، وطلبت تعليقا منه.
ليرد جونسون قائلا: "لقد ماتوا، وقد تم قتل مدنيين، لكن هذا ليس خطأ إسرائيل، بل خطأ الإرهابيين، عملاء حماس وجنودها".
وتابع: "الإرهابيون الذين استخدموا هؤلاء الأشخاص ووضعوهم في طريق الأذى".
وأكمل: "أنا مقتنع بأن إسرائيل تبذل قصارى جهدها لمنع وقوع إصابات بين المدنيين، ولكن هذه حرب وهم يقاتلون من أجل وجودهم، وهم ليسوا المعتدين".
يذكر أنه في 21 نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق كل من بنيامين نتنياهو (رئيس الوزراء الإسرائيلي)، ويوآف غالانت (وزير الدفاع الإسرائيلي السابق) بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في غزة.
وكان جونسون على رأس المصفقين لمجرم الحرب بنيامين نتنياهو خلال خطابه في يوليو/ تموز 2024 بالكونغرس، الذي شارك فيه معلومات عن الإبادة الإسرائيلية في غزة.
وخلال الجلسة، قاطع نواب الكونغرس وعلى رأسهم جونسون نتنياهو 81 مرة في نحو 52 دقيقة؛ للتصفيق للجرائم التي سردها في خطابه.
المصادر
- إعادة انتخاب الجمهوري مايك جونسون رئيسا لمجلس النواب الأميركي
- مايك جونسون رئيساً لمجلس النواب الأميركي بعد "تصويت دراماتيكي"
- مايك جونسون.. الرئيس الـ56 لمجلس النواب الأميركي
- Evangelical conservatives cheer one of their own as Mike Johnson assumes Congress’ most powerful seat
- https://www.pbs.org/newshour/politics/evangelical-conservatives-cheer-one-of-their-own-as-mike-johnson-assumes-congress-most-powerful-seat
- Inside Mike Johnson’s Ties to a Far-Right Movement to Gut the Constitution
- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال على يد إسرائيل بمقابلة CNN