على أراضي الإمارات.. هكذا تفاخرت 34 شركة إسرائيلية بأسلحتها التي أبادت غزة

حسن عبود | منذ ٨ أيام

12

طباعة

مشاركة

بعد 15 شهرا من حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وفي خضم وقف إطلاق نار هش طال انتظاره، حظي مصنعو الأسلحة الإسرائيليون باستقبال حار في دولة الإمارات.

وشاركت 34 شركة إسرائيلية مختصة بالصناعات الدفاعية في معرضي الدفاع الدولي "آيدكس" والأمن البحري “نافدكس” 2025 في العاصمة الإماراتية أبوظبي بين 17 - 21 فبراير/شباط 2025.

واستقطب معرض آيدكس، الذي تنظمه مجموعة أدنيك للمعارض بالتعاون مع وزارة الدفاع الإماراتية، شركات الدفاع العالمية الرائدة وصناع القرار والخبراء من 65 دولة، لعرض أحدث التقنيات والحلول للسلام والأمن العالميين، بحسب المنظمين.

وكان العديد من الشركات المشاركة في أكبر معرض دفاعي بالشرق الأوسط، من الموردين الرئيسين للمعدات العسكرية التي يستخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على قطاع غزة.

ترحيب حار

وقال بواز ليفي، الرئيس التنفيذي لشركة الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI)، لشبكة سي إن بي سي الاقتصادية الأميركية خلال الحدث: "لقد رحبوا بنا بشكل كبير، وشعرنا هنا وكأننا في وطننا".

وتابع ليفي الذي يرأس أكبر شركة إسرائيلية مملوكة للدولة لتصنيع الطائرات والفضاء: "كانت الضيافة وزيارات جميع عملائنا والإدارة هنا جيدة حقا، وهو مثل أي معرض آخر في العالم".

فيما قالت تالي كوسبرج شمويلي، نائبة الرئيس التنفيذي لشركة أنظمة المناطيد الإسرائيلية RT، للشبكة ذاتها: "لقد حصلنا على استقبال حار والعديد من الناس يأتون إلى هنا ويقولون إنه من الجيد جدا رؤية الشركات الإسرائيلية هنا فهو أمر مهم للعلاقات".

وتراوحت الشركات الإسرائيلية المشاركة من كبرى شركات تصنيع الطائرات والفضاء والأسلحة الثقيلة إلى الشركات الناشئة الأصغر التي تركز على تكنولوجيا الاتصالات والمراقبة، وقد قوبلت عروضها بحماس واضح من جانب الحاضرين في المؤتمر.

وتجمعت مجموعات كبيرة من الناس حول عروض الطائرات بدون طيار الإسرائيلية وغيرها من التقنيات المستخدمة في ساحة المعركة، وتحدثوا مع ممثلي الشركات في الجناح الصاخب وطرحوا أسئلة حول الأجهزة. 

وأظهرت الصور الإماراتيين والسعوديين مرتدين الزي المحلي وأفراد الجيش الإماراتي بالزي الرسمي وهم يتحدثون ويصافحون نظراءهم الإسرائيليين بحرارة.

وكان المشهد الذي استمر على مدار الأيام الخمسة للمؤتمر متناقضا تماما مع آخر معرض جوي كبير في الإمارات والذي ضم شركات دفاع إسرائيلية. 

ووقتها أقيم معرض دبي للطيران الذي ينعقد كل عامين في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 بعد شهر واحد فقط من بدء العدوان الإسرائيلي على غزة.

وخلال المعرض الجوي لعام 2023، كانت ثلاث شركات دفاع إسرائيلية فقط حاضرة، شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI) وإلبيت سيستمز (Elbit Systems) ورافائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة (Rafael Advanced Defense Systems).

وكان جناح إسرائيل فارغا إلى حد كبير؛ حيث لم يرغب الممثلون الإسرائيليون في التحدث إلى الإعلام. 

وهو ما يعني أن الإمارات سمحت باستقبال الشركات الإسرائيلية، لكن الأخيرة هي من أحجمت عن الحضور بتمثيل كبير لاعتقادها في وجود مشاعر معادية بسبب الحرب.

ووقتها، قال مسؤول دبلوماسي، رفض الكشف عن هويته لموقع الحرة الأميركي، إنه "في ظل الوضع الحالي بإسرائيل، وجدت الشركات صعوبة في إرسال الوفود لتمثيلها".

وفي العام 2024، ومع تزايد عدد الضحايا المدنيين في غزة، حظرت الحكومة الفرنسية على الشركات الإسرائيلية إقامة أكشاك أو عرض معدات في معرض يورونافال للتجارة الدفاعية (ألغت محكمة في باريس القرار في وقت لاحق)، وهي خطوة لم تفكر أبوظبي في اتخاذها.

وأوضح بنجامين ليفينسون، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة هيفن درونز والقائد السابق في الجيش الإسرائيلي، أن “ما سمعناه من نظرائنا في الإمارات ودول أخرى هو أن الأمن هو الأكثر أهمية”.

وتابع في تصريحات صحفية: "إسرائيل والولايات المتحدة والإمارات والسعودية والمنطقة بأكملها متفقون على هدف هزيمة الإرهاب، ولهذا يجب أن يكون لدينا أفضل التقنيات".

وخلال العدوان، استمرت الإمارات وإسرائيل، اللتان طبّعتا العلاقات عبر اتفاقيات أبراهام عام 2020، في التجارة والحفاظ على الرحلات الجوية اليومية بين الجانبين.

واكتفت الإمارات بتصريحات رسمية تدين القصف الإسرائيلي لغزة والكارثة الإنسانية التي أعقبت ذلك وأدت إلى تشريد أو نزوح ما يقرب من كامل سكان غزة، دون اتخاذ أي خطوة تهدد مستقبل التطبيع.

حقول تجارب

وتريد شركات الصناعات الدفاعية الإسرائيلية الاستفادة من استخدام منتجاتها المجربة في حربها على غزة وضد الحوثيين في سوق التصدير، بدءا من الخليج، وفق ما قالت مجلة إنتليجنس أونلاين الفرنسية المتخصصة في شؤون الاستخبارات.

وأكدت المجلة في 18 فبراير أن العديد من تلك المعدات العسكرية عُرِضت في معرض “آيدكس”، مشيرة إلى وجود إقبال إماراتي على تكنولوجيا الدفاع الإسرائيلية المجربة في المعارك.

وتابعت: “أبرمت شركات دفاع إسرائيلية كبيرة، مثل رافائيل وإلبيت سيستمز شراكاتها الرسمية في الإمارات بفضل اتفاقيات أبراهام، رغم وجود شراكات غير رسمية منذ عام 2007 على الأقل”. 

وقد اتُهمت حكومة الاحتلال على نطاق واسع بارتكاب فظائع وعمليات إبادة جماعية مع سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين في غزة.

لكن ليفينسون أكد ​​أن العملاء المحتملين يريدون أنظمة جرى اختبارها مسبقا وأثبتت نفسها في المعارك، وفق ما نقلت صحيفة “ذا ناشيونال” الأميركية.

والآن، تحاول الشركات الإسرائيلية الناشئة أيضًا جذب المستثمرين والعملاء في الخليج وتسعى إلى بيع المنتجات التي تناسب طرق الحرب الهجينة الجديدة التي يشهدها الشرق الأوسط من غزة إلى اليمن.

من هذه الشركات، Tomer، المقاول الفرعي لمحركات نظام "آرو" المضاد للصواريخ والذي تطوره "شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI)".

ويستخدم الجيش الإسرائيلي بانتظام صواريخ "آرو" التي يصل مداها إلى 2400 كيلومتر وارتفاعها إلى 100 كيلومتر لاعتراض الصواريخ الباليستية التي يطلقها الحوثيون من اليمن، أو لمواجهة الهجمات الجوية الإيرانية وآخرها في 1 أكتوبر/تشرين الأول 2024.

كما شاركت في المعرض شركة "إسرائيل للصناعات العسكرية (IWI)"، التي تصنع بنادق "تافور" الهجومية الشهيرة التي استخدمها الجيش الإسرائيلي في حربه البرية على غزة، ضمن جناح شركتها الأم "مجموعة SK" لرجل الأعمال سامي كاتساف. 

وفي مراسم تبادل الأسرى 25 يناير/كانون الثاني 2025، في ميدان فلسطين بمدينة غزة، شوهد مقاتلو حركة المقاومة الإسلامية حماس وهم يحملون بنادق "تافور" التي استولوا عليها من جيش الاحتلال عند اقتحام المستوطنات في عملية طوفان الأقصى.

كما أكدت المجلة الفرنسية أن المجموعة “ستعرض منتجات من شركتها الفرعية Meprolight المتخصصة في الأنظمة الكهروضوئية، المستخدمة في غزة منذ عام 2014، لتحديد الأهداف في البيئات الحضرية المزدحمة”.

بدورها كانت شركة Smart Shooter حاضرة بنظام التحكم في إطلاق النار SMASH، الذي يمكن تركيبه على بندقية "تافور". 

وفي معارك غزة، ظهر مقاتلو لواءي "ماجلان" و"جولاني" وهم يستخدمون هذا النظام على بنادقهم لتحييد هجمات الطائرات المسيرة. 

وفي يناير، تعاونت Smart Shooter مع شركة Heven هيفن دروتز التي أسسها بينتزيون ليفينسون في ميامي، وشاركت أيضا في معرض "أيدكس"، لدمج أنظمة SMASH على طائراتها المسيرة.

كما حضرت المعرض شركة Spear UAV الناشئة لتقديم مجموعة Viper kamikaze من الطائرات الخاصة بها. 

وفي ديسمبر/كانون الأول 2024، أعلنت الشركة توقيع عقد لبيع طائرات Viper 300 الخاصة بها إلى دولة لم تكشف عنها مقابل 20 مليون دولار.

ولتنفيذ ضربات دقيقة في غزة، استخدم جيش الاحتلال نظام Spike Firefly من شركة رافائيل (المعروف أيضًا باسم Moaz)، وهو نظام ذخيرة متسكعة يمكن إطلاقها مثل الطائرات المسيرة لتأكيد هدفها. 

أما شركة Aeronautics Defense Systems التابعة لرافائيل، والتي لطالما كانت المورد الرئيس للطائرات المسيرة في أذربيجان واستُخدمت مسيراتها لسنوات في غزة، فقد عرضت نظام Orbiter المخصص بشكل أساسي لدعم مهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع وتشخيص الأهداف.

وإضافة إلى ذلك، تعمل شركة Steadicopter الإسرائيلية في أبوظبي مع Emirates Defense Technology، المملوكة لـ "مجموعة بن جبر" التابعة لمحمد بن جبر السويدي، لتصنيع نسخة محلية من الطائرة المروحية المسيرة BlackEagle لمهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع كذلك. 

وفي معرض "أيدكس"، عرضت الشركة أحدث منتجاتها وهي الطائرة المسيرة Golden Eagle، وفق المجلة الفرنسية.

تطبيع تجاري

وعن طبيعة وحجم التعاون الإماراتي الإسرائيلي في هذا المجال، تمتلك شركتا الصناعات الجوية الإسرائيلية وإلبيت سيستمز على الأقل مكاتب تسويق في الدولة الخليجية، وفق ما صرح مسؤولون تنفيذيون فيهما.

والآن "بعد أن جرى اختبار معداتهم في المعركة (مع غزة واليمن)، فإن اهتمام المشترين الأجانب - بما في ذلك بعض دول الخليج العربي - أعلى من أي وقت مضى، وفق سي إن بي سي.

وقالت تالي كوسبرج شمويلي، نائبة الرئيس التنفيذي لشركة أنظمة المناطيد الإسرائيلية RT: "لقد أثبتنا للتو أن أنظمتنا يمكن أن تنجو، وأننا قادرون على دمج العديد من الحمولات الأخرى، والتكيف مع الاحتياجات في الميدان". وتابعت: "نحن سعداء للغاية من الناحية التجارية، مقارنة مع العام 2024".

وأردفت شمويلي أن أنظمة شركتها - البالونات العملاقة التي توفر محطات القيادة والتحكم بالإضافة إلى المراقبة والاستطلاع - قيد الاستخدام بالفعل في الإمارات، وأن الشركة كانت في محادثات مع السعودية والكويت والبحرين.

ووفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، سجلت الشركات المصنعة الإسرائيلية رقما قياسيا بلغ 13.6 مليار دولار في عام 2023، مدفوعا بالهجوم الإسرائيلي على غزة.

وجاء ذلك بزيادة 36 بالمئة مقارنة بعام 2022، مما يجعل الدولة الصغيرة تاسع أكبر مصدر للأسلحة في العالم.

لكن بالنسبة إلى بواز ليفي، فإن هذا لم يمنعهم من التعاون مع الحلفاء في المنطقة، وفق ما نقلت عنه صحيفة تايمز أوف إسرائيل.

وتابع: "بالطبع، بعض منتجاتنا موجودة هناك (في غزة)، لكننا شركة تتعامل مع التكنولوجيا ومنح المستخدم النهائي القدرات المطلوبة في الميدان، وهذا ما نفعله على أساس يومي".

وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية أن شركات تصنيع الأسلحة الإسرائيلية تحضر كل معرض دفاعي في الإمارات منذ تطبيع الدولتين للعلاقات.

ونقلت عن رون بولاك مدير المبيعات في شركة تصنيع الأسلحة الإسرائيلية EMTAN، قوله: "نعمل كثيرا مع دول أبراهام، ونستمتع حقا بالضيافة والصداقة التي نصادفها هنا في الإمارات".

وفي عام 2022، ذهبت 24 بالمئة من صادرات الأسلحة الإسرائيلية إلى “شركاء عرب” طبعوا العلاقات بموجب اتفاقيات أبراهام، حسبما ذكرت وزارة الجيش الإسرائيلي. 

وبحسب تقديرات إسرائيلية، فإن الحروب التي تبعت 7 أكتوبر 2023 في المنطقة، جعلت الآن عروض الأسلحة الخاصة بتل أبيب “أكثر شعبية بين العملاء المحتملين في أحداث مثل آيدكس”.

دعم الإبادة

ولاقت المشاركة الإسرائيلية في المعرض إدانات من منظمات حقوق الإنسان التي رأت فيها مكافأة لإسرائيل وتواطؤا معها لعمليات الإبادة الجماعية في غزة.

وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في بيان: إن موافقة الإمارات على مشاركة شركات الأسلحة الإسرائيلية في معرضي نافدكس وآيدكس يمثل دعما مباشرا للصناعة العسكرية وآلة الحرب الإسرائيلية.

وأكد أنه “جرى استخدام منتجات الشركات الإسرائيلية في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب أدت إلى مقتل عشرات الآلاف من الأبرياء في قطاع غزة ولبنان في الأشهر الأخيرة”.

ولفت المرصد إلى أن هذه الاستضافة “في ذروة انتهاكات إسرائيل لقوانين الحرب لا يمكن عدّها قرارا تجاريا محايدا، بل تسهيلا مباشرا ودعما فعليا لنظام عسكري متورط في انتهاكات جسيمة للقانون الدولي”.

وشدد على أن “أي تعاون عسكري أو أمني مع إسرائيل في ظل ارتكابها انتهاكات صارخة يرقى إلى التواطؤ الواضح في الجرائم الإسرائيلية ضد المدنيين”.

وأوضح المرصد الحقوقي أنه “بما أن هذه الشركات من بين المزودين الرئيسين للأسلحة للجيش الإسرائيلي، فإن الإمارات تدرك تمام الإدراك تورطها في الجرائم الإسرائيلية”.

والواقع أن هذه الشركات كانت تتباهى علنا دوما باستخدام تكنولوجيتها في العمليات العسكرية التي تنطوي على قصف المناطق المدنية المكتظة بالسكان.

و"في مواجهة الدعوات الدولية المتزايدة لمقاطعة الجهات المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان، فإن استضافة الإمارات لشركات الأسلحة الإسرائيلية التي تسهم بشكل مباشر في الانتهاكات بغزة ولبنان، ينتهك مبدأ المسؤولية الدولية للدول عن الأفعال غير القانونية دوليا". 

كما أنه يديم حلقة الإفلات من العقاب التي تتمتع بها إسرائيل، ويعيق الجهود الرامية إلى تحقيق العدالة للضحايا، وفق المرصد.

وبدوره، أكد موقع الإمارات ليكس المعارض الناطق باللغة الإنجليزية أن مشاركة الشركات الإسرائيلية في المعارض الإماراتية الأخيرة “تعزز وصمة التطبيع والتحالف بين أبوظبي وتل أبيب، رغم المجازر الإسرائيلية المستمرة في فلسطين ولبنان”.

واستعرض الموقع في تقرير نشره في 20 فبراير، اعتراف المسؤولين عن هذه الشركات باستخدام منتجاتها في الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة.

وهو أمر لم يحرك ساكنا لدى الإمارات التي اتخذت أكثر المواقف العربية الرسمية تطرفا ضد الفلسطينيين بعد مهاجمتها عملية طوفان الأقصى وتقديم التعازي لإسرائيل والاستمرار في استقبال الإسرائيليين بما يشمل جنود الاحتلال الذين ارتكبوا جرائم حرب في غزة.