معهد أميركي: واشنطن مسؤولة عن تمويل حرب إسرائيل وهكذا ستدفع الثمن
باتت الولايات المتحدة الأميركية مسؤولة بشكل أساسي عن تمويل العدوان الذي يشنه جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وهو ما ينذر بمخاطر مستقبلية على واشنطن.
أحد هذه المخاطر أشار إليها معهد "ميزس" الأميركي وتتمثل في التوطين المحتمل للاجئين الفلسطينيين "والذي سيدفع ثمنه المواطنون الأميركيون".
وقال المعهد إن "النظام الأميركي الحاكم اختار الانحياز لأحد الجانبين في الحرب بين إسرائيل و(حركة المقاومة الإسلامية) حماس، والتزم بتمويل القصف الإسرائيلي المستمر للرجال والنساء والأطفال غير المقاتلين في قطاع غزة".
وأوضح أن "البنية التحتية في شمال غزة أصبحت الآن شبه مدمرة، مع نزوح الملايين من سكان غزة وتشريدهم، كما تجاوز عدد القتلى من السكان في هذا الصراع ما يقرب من عشرة أضعاف عدد الإسرائيليين".
وأضاف أن "العديد من سكان غزة فروا إلى الجزء الجنوبي منها، ولكن التشرد والفقر المدقع ينتظرهم هناك".
"ومن خلال أسلوب الأرض المحروقة، اختارت تل أبيب تبنّي سياسة من المؤكد أنها ستنتج مئات الآلاف من اللاجئين - أو ربما أكثر من مليون لاجئ"، حسب تقدير المعهد.
وأفاد أن "الكثيرين في النظام الإسرائيلي لديهم دوافع لتعظيم عدد اللاجئين، ودفع سكان غزة إلى الخروج من البلاد تماما، تحت ادعاء "الهجرة الطوعية".
ويرى المعهد أنه "على المستوى العسكري والتكتيكي، لن تواجه إسرائيل أي مشكلة في تحقيق ذلك، حيث تمتلك تل أبيب قوة جوية، ومخزونا ضخما من الأسلحة الممولة أميركيا، وترسانة نووية".
وأردف أن "الجيش الإسرائيلي يستطيع بسهولة تحويل كل قطاع غزة إلى أنقاض، لكن ما سينتج عن ذلك بالتأكيد هو كارثة إنسانية يصاحبها جدل عالمي حول أي دولة أجنبية بالضبط ستستضيف اللاجئين".
تدفع الثمن
وأورد أن "أبواقا إسرائيلية بدأت بالفعل في مطالبة الشعوب الأجنبية، بما في ذلك الأميركيين، بدفع هذا الثمن".
إذ لجأ سياسيان إسرائيليان -أحدهما من حزب الليكود (يميني)، والآخر من حزب "يش عتيد" الذي يمثل يسار الوسط- إلى صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية لمطالبة "الدول في جميع أنحاء العالم بتوفير ملاذ لسكان غزة الذين يرغبون في إعادة التوطين".
ووفقا لهؤلاء السياسيين، فإن المجتمع الدولي -وليس إسرائيل- "لديه واجب أخلاقي" لإعادة توطين سكان غزة في مكان ما خارج إسرائيل، وليس على حساب تل أبيب.
ومن الجدير بالملاحظة -وفق معهد ميزس- أن هذه الادعاءات ظهرت في صحيفة أميركية.
وأضاف المعهد أن "إسرائيل هي أحدث دولة تهاجم الشعب الأميركي مرارا وتكرارا لتحصل على أموال بلا مقابل، على غرار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي".
ويعتقد أنه "ليس من قبيل المصادفة أن يظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الآن في كل مكان في البرامج الإخبارية الأميركية، فمهمته الأساسية الآن هي طلب المال والخدمات من واشنطن ومن الأنظمة الغربية الأخرى".
وأوضح أنه "ربما ينجح نتنياهو في ذلك"، مضيفا أنه "يتعين على الأميركيين أن يستعدوا لاستقبال طائرات محملة بلاجئي غزة الذين يصلون إلى مدنهم، بتمويل من دافعي الضرائب الأميركيين الذين بالكاد يستطيعون الآن مواكبة أسعار الغذاء".
وتابع: "سيُسوَّق هذا على أنه عمل إنساني، لكن أي شخص لا تخدعه البروباغندا سيرى أن الأمر في حقيقته ما هو إلا عمل خبيث لإرضاء السياسيين الإسرائيليين ومجموعات المصالح الداعمة لإسرائيل".
وأكد المعهد أن "كل هذا كان متوقعا منذ اللحظة التي بدأت فيها الحرب (في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023)".
نمط متكرر
وأردف أن "الولايات المتحدة وحلفاءها استقروا على نمط يمكن التنبؤ به في السياسة الخارجية على مدى الـ 30 سنة الماضية".
يتمثل هذا النمط في إجبار دافعي الضرائب على دفع ثمن حروب تقرر الأنظمة الأميركية خوضها، وتنطوي على قصف العديد من البلدان الأجنبية الفقيرة "وإعادتها إلى العصر الحجري".
وتابع: "بمجرد أن يبدأ اللاجئون في التدفق، بعد خسارة الأميركيين في الحرب بالطبع، تطلب الأنظمة الغربية من دافعي الضرائب في أوطانهم أن يضخوا المزيد من الأموال لدفع تكاليف إعادة توطين جميع هؤلاء اللاجئين، الذين دُمرت بلدانهم بلا داع بقنابل أسقطتها واشنطن وحلفاؤها".
وشدد المعهد على أن هذه "ليست ظاهرة محدودة"، حيث قدّرت جامعة "براون" الأميركية عام 2020 أن 37 مليون شخص أصبحوا لاجئين بسبب "الحرب على الإرهاب" التي تقودها الولايات المتحدة.
وبحلول عام 2016، وصل 5.2 مليون منهم إلى أوروبا، وفي عام 2022 وحده، وصل أكثر من 159 ألف لاجئ عن طريق البحر إلى إيطاليا واليونان وإسبانيا وقبرص ومالطا، بينما يصل آلاف آخرون إلى الحدود البرية للاتحاد الأوروبي سنويا.
وبفضل المسافة من غرب آسيا وشمال إفريقيا، كان إجمالي عدد اللاجئين أصغر في الولايات المتحدة، وفق تقرير جامعة "براون".
ورغم هذا فإن العدد الإجمالي للاجئين تراوح بين 50 إلى 90 ألفا سنويا في أغلب الأعوام منذ بدأت الولايات المتحدة حربها في أفغانستان.
وأدى هذا إلى تغيير طبيعة عدد من المناطق في الولايات المتحدة، حيث يميل اللاجئون غالبا إلى التجمع في أماكن محددة على أسس عرقية أو دينية.
وفي العقود التي شهدت تدخلا عسكريا متقطعا لا نهاية له من جانب الولايات المتحدة في الصومال، نُقل عشرات الآلاف من اللاجئين الصوماليين إلى ولاية "مينيسوتا" على حساب دافعي الضرائب الأميركيين.
فمنذ عام 2018، استضافت ولاية مينيسوتا أكثر من 40 ألف مهاجر مولود في الصومال، يُصنَّف العديد منهم على أنهم لاجئون.
وبطبيعة الحال، يتركز معظم اللاجئين ضمن سكان مدينة "مينيابوليس"، التي يبلغ تعدادها 3.5 ملايين نسمة فقط. وأكد المعهد أنه "في الديمقراطيات، يكون لهذا عواقب سياسية".
وضع خاص
وأوضح أنه "من المهم أيضا أن نتذكر أن المهاجرين الذين يتمتعون بالوضع القانوني كلاجئين ليسوا مهاجرين عاديين".
إذ يصل المهاجرون العاديون إلى الولايات المتحدة على نفقتهم الخاصة، ويجب على الغالبية العظمى منهم أن يجدوا عملا بمفردهم، وبالتالي فإنهم مؤهلون للحصول على القليل من المزايا الاجتماعية.
وبطبيعة الحال، يجب على أولئك الذين يسعون للحصول على الإقامة القانونية أن يمروا بعملية إدارية طويلة.
فعلى سبيل المثال، يتعين على المكسيكيين الذين يحصلون على تأشيرة عمل في الولايات المتحدة أن يحصلوا على وظيفة.
وأردف المعهد أن المهاجرين العاديين "لا يتلقون مساعدة مجانية" من وكالات اللاجئين التي تمولها الحكومة، للعثور على وظائف أو شقق سكنية أو غيرها من المنح".
وفي المقابل، تُسرّع كل هذه العملية للأشخاص الذين تصنفهم الحكومة الفيدرالية على أنهم "لاجئون".
ومعظم هؤلاء اللاجئين مؤهلون على الفور للحصول على مجموعة واسعة من المزايا الممولة من دافعي الضرائب، حسب معهد ميزس.
وأوضح أنه "في المجمل، كل هذا يكلف دافعي الضرائب ما يقرب من ملياري دولار سنويا، أو 80 ألف دولار لكل لاجئ سنويا في شكل برامج فيدرالية وبرامج حكومية، بما في ذلك كوبونات الغذاء، ورعاية الأطفال، والإسكان العام".
وختم المعهد بتوجه رسالة إلى المواطن الأميركي، قائلا: "عزيزي دافع الضرائب.. لا يكفي أن تدفع ثمن القنابل التي تتسبب في وجود لاجئين، بل سيتعين عليك أيضا دفع ثمن إعادة توطين هؤلاء في مدينتك".