“كاملة العضوية”.. ما مدى اقتراب فلسطين من الانضمام للأمم المتحدة؟

15354 | منذ ٨ أشهر

12

طباعة

مشاركة

إنصافا للحق، بدأت مظاهر تأييد المجتمع الدولي للقضية الفلسطينية تزداد أكثر، خاصة مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي في جرائمه الوحشية بحق أهالي قطاع غزة، واقتناع الشباب في العالم الغربي بعدالة القضية. 

وفي إطار التصويت الأخير للجمعية العامة للأمم المتحدة بخصوص فلسطين، إذ أيدت 143 دولة مشروع قرار يقر باستيفاء دولة فلسطين مؤهلات العضوية في المنظمة الدولية بموجب ميثاق الأمم المتحدة، داعين إلى قبولها كدولة كاملة العضوية، في حين اعترضت 9 دول، وامتنعت 25 دولة عن التصويت على القرار.

وأوصى القرار كذلك مجلس الأمن بإعادة النظر في قبول فلسطين كدولة كاملة العضوية في المنظمة الدولية "من منظور إيجابي".

واستعرض موقع "الصين نت" تقرير معهد "غاو وانينغ للشرق الأوسط" و"معهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة" الذي رصد تاريخ محاولات الدولة الفلسطينية في الانضمام إلى الأمم المتحدة، مقابل التعنت الأميركي المتكرر ضد هذا الطلب.

رفض أميركي

وفي خضم تأييد دولي واسع لحق دولة فلسطين في الانضمام إلى الأمم المتحدة، أكدت واشنطن مرة أخرى تأييدها المطلق للاحتلال الإسرائيلي حيث استخدمت، كالمعتاد، خاصية النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار في مجلس الأمن بشأن طلب فلسطين الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة في 18 أبريل/ نيسان 2024".

عقب ذلك، دعا رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، دنيس فرنسيس إلى عقد جلسة استثنائية طارئة للجمعية العامة في 5 مايو/ أيار 2024 بناء على طلب العديد من الدول للتصويت على مشروع القرار المذكور أعلاه، الذي تم اعتماده في النهاية بأغلبية ساحقة.

في المقابل وبالعودة إلى الوراء، اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة بإسرائيل كدولة عام 1949، أي بعد عامين فقط من صدور قرار تقسيم فلسطين من قبل الأمم المتحدة عام 1947، بينما لم يُعترف بفلسطين حتى اللحظة كدولة كاملة العضوية في المنظمة الدولية.

ويوضح ميثاق الأمم المتحدة، إجراءات حصول الدول على العضوية الكاملة في المنظمة، فيتعين عليها أن تتجاوز "ثلاث عتبات".

أول هذه الإجراءات، أن يتم تقديم الطلب إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ثم في الخطوة الثانية تتم مراجعته والموافقة عليه من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بما يضمن حصوله على موافقة 9 أصوات على الأقل من بين أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر، ولا يعارضه الأعضاء الخمسة الدائمون.

وأخيرا، بعد أن يقدم مجلس الأمن توصياته إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، يجب أن يصوت أكثر من ثلثي الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة بالموافقة.

وحاولت فلسطين من قبل الشروع في تلك الإجراءات، حيث أرسل الرئيس محمود عباس، في سبتمبر/ أيلول 2011، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك بان كي مون، يطلب فيه أن تصبح فلسطين عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة. 

وعارضت الولايات المتحدة القرار، حيث فشل مجلس الأمن في التوصل إلى توافق في الآراء ولم يصوت عليه.

وبناء عليه، اقترحت بعض الدول الأعضاء أن تتبنى الجمعية العامة للأمم المتحدة أولا قرارا بجعل فلسطين "دولة مراقبة"، إذ لا تحتاج مثل هذه القرارات إلى التصويت عليها في مجلس الأمن أولا، ولكنها تتطلب فقط موافقة أغلبية ثلثي الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة. 

وبالفعل، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، قرارا بأغلبية ساحقة بلغت 138 صوتا مؤيدا و9 أصوات معارضة، وامتناع 41 عضوا عن التصويت، بمنح فلسطين صفة "دولة مراقبة". 

ويمكّن هذا الوضع فلسطين من فتح قنوات للمشاركة في المنظمات الدولية، والانضمام إلى الاتفاقيات الدولية، والدخول في النظام القضائي الدولي، والقدرة على مقاضاة إسرائيل في محكمة العدل الدولية.

محاولة أخرى

واستغلت السلطة الفلسطينية جرائم الاحتلال التي يقوم بها في غزة، للتقدم بطلب جديد في أبريل 2024 للانضمام إلى الأمم المتحدة.

وكانت تأمل فلسطين من تلك الخطوة التمكن من دخول مفاوضات متكافئة مع إسرائيل، بعد نيلها العضوية الكاملة، وفق الموقع.

واصطدمت الآمال الفلسطينية برفض أميركي، إذ استخدمت الولايات المتحدة "الفيتو" في تصويت مجلس الأمن المتعلق بقبول عضوية فلسطين كدولة كاملة العضوية.

ويبين الموقع أنه "رغم قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 10 مايو/ أيار 2024، لا يعني أن فلسطين تنضم رسميا إلى الأمم المتحدة".

إلا أنه أعطى فلسطين بعض الحقوق الجديدة، مثل المشاركة في الاجتماعات الدولية التي تعقدها الأمم المتحدة، والحضور والتحدث بين الدول الأعضاء حسب الترتيب الأبجدي، حسب اسم البلد، وبعض الحقوق الرمزية الأخرى.

من ناحية أخرى، يؤكد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة أن هناك تأييدا واسع النطاق من الدول العالمية في مساندة الحق الفلسطيني.

فمنذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تعالت أصوات الملايين من الشعوب حول العالم في مظاهرات واعتصامات "معادية لإسرائيل ومؤيدة لفلسطين"، متهمين الكيان المحتل "بشن إبادة واسعة النطاق تسببت في استشهاد وإصابة آلاف المدنيين الأبرياء.

وبحسب الموقع، فإن تلك "الجولة الجديدة من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة تظهر دعم العديد من الدول لفلسطين وحفاظ المجتمع الدولي على حق تقرير المصير الوطني والإنصاف والعدالة".

ونقل تصريح المراقب الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، الذي قال فيه: "إنه رغم الهجمات الإسرائيلية والدمار، فإن العلم الفلسطيني سيظل يرفرف عاليا في جميع أنحاء العالم ويصبح رمزا لكل أولئك الذين يؤمنون بالحكم الحر والعادل".

ويرى الموقع الصيني أن “قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة يوضح القيمة المهمة للديمقراطية الدولية وسيادة القانون، ويشير إلى عزلة واشنطن وإسرائيل عن المجتمع الدولي، إذ صوتا بجانب سبع دول أخرى فقط، برفض عضوية فلسطين الكاملة”.

وأكمل نقده لمواقف واشنطن قائلا: "اقترح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة تصحيح قرارات مجلس الأمن السابقة، وهذا يدل على أنه رغم خاصية النقض الذي تتمتع به الولايات المتحدة، إلا أن تصرفاتها لا تتماشى مع العدالة والإنصاف اللتين يتوقعهما العديد من البلدان".

وأكد أن "القوة الأميركية ليست فقط غير متماشية مع الشعوب، ولكنها تتعارض أيضا مع روح سيادة القانون الدولي".

ويرى أن "حق فلسطين في تقرير المصير وإقامة الدولة لم يجد على الإطلاق الاحترام والاهتمام الواجبين".

وأكد أن "العرقلة الأميركية المستمرة منعت فلسطين من أن تصبح عضوا رسميا في الأمم المتحدة لفترة طويلة، ولم يكن وضعها أبدا قابلا للمقارنة مع وضع إسرائيل". 

ولفت النظر إلى أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بقبول فلسطين كدولة كاملة العضوية، يمثل خطوة أخرى إلى الأمام لفلسطين على طريق الاعتراف الدولي.

وشدد الموقع على أن "الحل الأساسي لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بشكل كامل، ومنع تكرار المآسي، يكمن في تنفيذ حل الدولتين".

وخلص إلى أن تنفيذ هذا الأمر يستلزم أن يعطي المجتمع الدولي الحقوق المستحقة للفلسطينيين، والحد من التحيز، وتعزيز عملية بناء الدولة الفلسطينية المستقلة".