حفتر يحرك قواته نحو غدامس.. لدعم روسيا أم اقتحام طرابلس؟

دعت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إلى "وقف التصعيد العسكري"
يسود مناخ من التوتر والخوف في ليبيا وخارجها من تحريك الجنرال الانقلابي خليفة حفتر لأرتال عسكرية نحو مدينة غدامس غربي البلاد والواقعة تحت سيطرة حكومة الوحدة الوطنية.
وحذر موقع "إيل سوسيداريوا" الإيطالي من أن تقدم قوات حفتر نحو غدامس، الواحة القريبة من الحدود مع الجزائر وتونس، قد يتسبب في"نشوب حرب ضروس جديدة في ليبيا".
وتعاني ليبيا انقسامات منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011. وتدير شؤونها حكومتان: الأولى معترف بها دوليا في طرابلس برئاسة عبدالحميد الدبيبة، والثانية في بنغازي شرقي البلاد بدعم من حفتر.
تخوفات وتحذيرات
وأعلن بيان مصور نشره الناطق باسم رئاسة أركان القوات البرية، التابعة لمليشيا التابعة خليفة حفتر، عبر صفحتها على موقع "فيسبوك" أن تحركها نحو مدينة غدامس غرب البلاد، "لا يستهدف أحدا".
وأوضح البيان أن" تحرك الوحدات نحو الجنوب الغربي للبلاد يأتي ضمن خطة شاملة لتأمين الحدود الجنوبية وتعزيز الأمن القومي في هذه المنطقة الإستراتيجية من خلال تكثيف الدوريات الصحراوية والرقابة على الشريط الحدودي مع الدول المجاورة".
من جانبها، أعلنت هيئة الأركان العامة لقوات حكومة الوحدة الوطنية في العاصمة طرابلس في 8 أغسطس/آب، أنها وضعت وحداتها "في حالة تأهب" وأمرتها "بالاستعداد لصد أي هجوم محتمل".
فيما دعت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إلى "وقف التصعيد العسكري" و"تجنب المزيد من التوترات".
ودعت في بيان "جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب أي عمل عسكري استفزازي يمكن أن يعرض الاستقرار الهش في ليبيا وأمن سكانها للخطر".
بدورها، أصدرت سفارات فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة بيانا مشتركا دعت فيه إلى "أقصى درجات ضبط النفس".
ويستبعد “فينشنزو جيالونغو” الجنرال الايطالي المتقاعد من قوات الدرك الوطني الكارابنييري والنشط في مهام في الخارج في العراق وألبانيا والكويت وكوسوفو، أن يكون حفتر يستهدف طرابلس.
ورأى في مقابلة مع الموقع الإيطالي أن الهدف "الذي يسعى إليه مع حلفائه الروس، قد يكون محدودًا أكثر وهو السيطرة على المطار الواقع في منطقة الواحة".
ويشرح أن ذلك من أجل "استخدامه كنقطة دعم لنفسه ولموسكو، الأمر الذي سيجعل ليبيا على نحو متزايد مركزًا للتحرك نحو إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث يوجد بالفعل العديد من الحكومات الصديقة".
وقال إن "القوات التي يقودها صدام، نجل حفتر، قد تتمكن من السيطرة على الحدود مع الجزائر وتونس، بعد أن نجحت بالفعل في بسط سيطرتها على حدود مصر إلى الشرق".

وبهذه الطريقة، يستنتج بأنها ستفرض نوعًا من "الحصار" على العاصمة طرابلس، حيث تتمركز حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة، المدعومة من تركيا والمجتمع الدولي.
وعن سبب تحرك قوات حفتر نحو غدامس الحدودية، أكد الجنرال الإيطالي أن "منطقة نفوذه في البلاد قد تعززت، لكن لا أعتقد أن لديه أي مصلحة في إثارة أي حوادث".
ورغم دعم مرتزقة فاغنر الروس، يستبعد أن تكون التحركات الأخيرة مقدمة للهجوم على طرابلس، متطرقا في هذا الصدد إلى شائعات في أبريل/نيسان 2024 عن تحركات مماثلة لحفتر نحو العاصمة، "ولكن بعد ذلك لم يحدث شيء".
نوايا حفتر
وعن سؤال الموقع عن النوايا الحقيقية للواء الليبي الانقلابي في الوقت الحالي، يرجح جيالونغو أن يكون حفتر قد وضع نصب عينه “السيطرة على المطار القريب من غدامس، لتعزيز اتصالاته والسماح للروس بالتحرك بحرية أكبر نحو موريتانيا والدول الأخرى في المنطقة التي تهمها”.
ويستبعد فرضية أن تكون لدى الجنرال الليبي رغبة في الدخول في مواجهة مع الحكومة الليبية المعترف بها أمميا.
وبحسب قوله، "لا يبدي الغرب في الوقت الحالي، اهتماماً كبيراً بليبيا لأنهم يعتقدون أن عدم الاستقرار فيها مترسخ بالدرجة الكافية للسماح للجميع برعاية مصالحهم الخاصة"، ملمحا إلى إمكانية "تدخلهم إن حدث تصعيد".
ولا يتفق مع فرضية وجود خلافات مع الجزائر وتونس وراء هذه التحركات الأخيرة لقوات شرق ليبيا، مؤكدا أن "الهدف من ورائها تعزيز وضع حفتر والروس".

وتابع أن "الجيش الليبي الرسمي، التابع لحكومة طرابلس، مدعوم من الأتراك الذين يحاولون موازنة وجود الروس، لذلك أعتقد أن هذه التحركات يجري تنفيذها لإثارة خوف الخصوم".
وعن احتمال ان تتسبب السيطرة على مدينة غدامس، التي تقع تحت سيطرة حكومة الوحدة في بعض الاحتكاكات، أشار الجنرال الإيطالي إلى أن البلاد "تسودها حالة من عدم اليقين وتضم مليشيات غير منحازة لأحد الطرفين المتنازعين".
وشدد بأن “الأمر الوحيد الذي يمكن أن يثير اهتمام حفتر هو المطار، وستكون السيطرة عليه بمثابة تأكيد على أن ليبيا أصبحت بشكل متزايد مركزًا لروسيا في إفريقيا وأن المناطق التي يسيطر عليه الجنرال باتت موالية لموسكو”.
وتابع أن "الروس يسيطرون بالفعل على مطارات أخرى، وإذا تمكنوا من السيطرة على هذا المطار أيضًا، فسيمكنهم ذلك من توسيع مصالحهم بشكل أكبر".
لذلك، يستنتج أنهم “لن يركزوا على طرابلس ولن يكون هناك صراع آخر”، مبينا أنهم "لن يكسبوا أي شيء بشكل عام".
ويرى أن "هذا التحرك استعراضي من جانب حفتر، الذي يريد تقديم نفسه على أنه الرجل القوي في ليبيا".
ويوضح أن "المطار، وهو هدف محتمل للعملية، غير محمي بشكل جيد على عكس إقليم طرابلس".
وقال إن "الحكومة الرسمية ليس لديها سوى عدد قليل من كتائب صغيرة من الجنود المحليين، ووحدة تركية، وشركات أميركية وفرنسية منتشرة هنا وهناك، في المقابل قوات حفتر مجهزة بشكل أفضل بكثير".
وعن إمكانية أن تتجه قوات حفتر نحو طرابلس، نفى مجددا هذا السيناريو قائلا "لا أعتقد أنه سيرمي بنفسه في صراع ويحرق كل ما يبنيه حتى مع الغرب، فهو يتلقى تمويلات من أوروبا".
وخلص إلى أن "الأمر المؤكد أن حفتر سيطوق العاصمة طرابلس من خلال السيطرة على مدينة غدامس ويزيد من ضغوطه على الحكومة المركزية".