مع تصاعد التوتر مع إسرائيل.. هل تمتلك إيران قريبا أولى قنابلها النووية؟

6 months ago

12

طباعة

مشاركة

في وقت تتصاعد فيه التوترات بالشرق الأوسط، كررت طهران "تصريحات مثيرة" من أنها “ستغير عقيدتها النووية” في حال تهديد وجودها.

وأمام خشية إيران من ضرب إسرائيل منشآتها النووية، خرج كمال خرازي مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي، معلنا أن طهران ستضطر إلى تغيير عقيدتها النووية إذا هددت إسرائيل وجودها.

"عقيدة نووية"

ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية في 9 مايو 2024 عن خرازي قوله: "لم نتخذ بعد قرارا بصنع قنبلة نووية، لكن إذا أصبح وجود إيران مهددا، فلن يكون هناك أي خيار سوى تغيير عقيدتنا العسكرية".

وأضاف خرازي، أن طهران ألمحت بالفعل إلى امتلاكها القدرة على صنع مثل تلك الأسلحة.

وشدد خرازي بالقول: "في حال شن النظام الصهيوني (إسرائيل) هجوما على منشآتنا النووية، فإن ردعنا سيتغير".

وهذه ليست المرة الأولى التي يطلق فيها مسؤولون إيرانيون تصريحات حول سياسة إيران النووية.

إذ سبق أن حذر العميد أحمد حق طلب، قائد وحدة حماية وأمن المراكز النووية في الحرس الثوري، من استهداف المنشآت النووية الإيرانية ردا على الهجوم الذي شنته طهران على إسرائيل، ملمحا إلى أن إيران قد تعيد النظر في "عقيدتها" النووية بحال حصول ذلك.

وقال خلال شهر إبريل 2024 إسرائيل: "في حال أراد الكيان الصهيوني اتخاذ إجراء ضد مراكزنا ومنشآتنا النووية، فإنه سيواجه حتما وبالتأكيد بردة فعلنا". 

واستدرك قائلا: "للرد بالمثل فإن المراكز النووية للكيان ستتعرض للهجوم والعمليات بالأسلحة المتطورة"، وفق ما نقلت وكالة "إرنا" الرسمية.

وانخرطت إيران وإسرائيل طوال عقود في حرب ظل، قبل أن تلجأ إيران ولأول مرة إلى إطلاق مئات الطائرات بدون طيار والصواريخ على إسرائيل في 13 إبريل 2024.

واعترضت إسرائيل، بمساعدة الولايات المتحدة وحلفاء آخرين، القصف الإيراني بشكل شبه كامل، فيما أُلحقت أضرار طفيفة بقاعدة نيفاتيم الجوية الإسرائيلية في بئر السبع.

وجاء الهجوم الإيراني، ردا على غارة إسرائيلية نالت القنصلية الإيرانية في دمشق وأسفرت عن مقتل سبعة من قادة الحرس الثوري الإيراني مطلع أبريل من العام المذكور ذاته.

وعقب ذلك، استهدفت إسرائيل قاعدة جوية بالقرب من أصفهان في وسط إيران، وسط حديث عن إتلاف نظام الدفاع الراداري فيها.

ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز، كان نظام الرادار يحرس منشأة نطنز النووية السرية القريبة، والتي يعتقد أنها مخبأة في أعماق الأرض.

وأفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمسؤولون الإيرانيون بـ"عدم وقوع أضرار" في المواقع النووية في أصفهان.

وقد هددت التوترات الجديدة بالتحول إلى مواجهة مفتوحة بين إيران وإسرائيل. لا سيما أن طهران أبدت خشيتها على منشآتها النووية في ظل رفض إسرائيل إحياء الاتفاق النووي الإيراني مع الولايات المتحدة والقوى الغربية منذ أن انسحبت واشنطن عام 2018 من الاتفاق المبرم عام 2015.

"تقية عسكرية"

ولسنوات، أصرت إيران على أن برنامجها النووي سلمي بالكامل، على الرغم من تخصيب اليورانيوم إلى نسبة نقاء 60 بالمئة، والتي لا يمكن أن يكون لها سوى غرض التسلح.

ولهذا فإنه من المحتمل أن مستشار خامنئي ربما كان يشير إلى التهديدات الإسرائيلية المحتملة ضد النظام وقادته، وليس إلى وجود إيران كدولة.

لكن المرشد الإيراني علي خامنئي هو المسؤول عن القيادة العامة (جميع القوات المسلحة والعسكرية) وهو صاحب القرار النهائي في مجال الأنشطة النووية الإيرانية.

وقد حرّم خامنئي صنع أسلحة نووية في فتوى في عام 2003، وأكد موقفه مجددا في 2019 بالقول: "صنع وتخزين قنابل نووية خطأ واستخدامها محرم.. وعلى الرغم من أن لدينا تكنولوجيا نووية، فإن إيران عزفت عن ذلك تماما".

ووقتئذ أعلن في 2021، وزير المخابرات الإيراني، أن الضغط الغربي قد يدفع طهران إلى السعي لامتلاك أسلحة نووية.

وعلى الرغم من أن صدام إيران مع الغرب وفرض عقوبات اقتصادية كبيرة عليها مرده إلى المضي في محاولات الحصول على سلاح نووي، فإن تلويح إيران بتغيير سياستها النووية، يبدو أنه استثمار للوضع الراهن وسد جميع أبواب التصعيد ضدها في هذا التوقيت، وفق المراقبين.

ويعتقد أن إسرائيل تمتلك ترسانة نووية كبيرة تضم 90 رأسا نوويا وأكثر من 200 مخزون من المواد الانشطارية، وفقا لبيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.

وفي حين أن إيران لم تطور أسلحة نووية بعد، إلا أن لديها برنامجا نوويا يخضع للتدقيق من قبل الأمم المتحدة والولايات المتحدة وشركائها لسنوات على الرغم من التأكيدات الإيرانية بأنه مخصص لأغراض غير عسكرية.

ونتيجة الخلافات الكبيرة بين طهران واشنطن لإحياء الاتفاق النووي من جديد، لجأت إيران إلى التشدد في مراقبة بعض المنشآت النووية لديها.

ولدى عودته من رحلة إلى طهران في الأسبوع الأول من مايو 2024 قال رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي للصحفيين إنه لم يتم التوصل إلى اتفاق للسماح لفرق الوكالة بمراقبة بعض المنشآت النووية الإيرانية.

وأضاف غروسي، أنه دعا المسؤولين الإيرانيين إلى اتخاذ "إجراءات عملية وملموسة للغاية يمكن تنفيذها من أجل تسريع" التعاون.

وتريد إسرائيل من المجتمع الدولي فرض عقوبات على إيران والتلويح بالخيار العسكري، حال واصلت طهران جهودها لامتلاك السلاح النووي.

وفي هذا السياق رأى المختص بالحرب الكيماوية السورية سابقا طارق حاج بكري، أن "حديث إيران عن تغيير عقيدتها النووية إذا تعرضت لتهديد وجودي من قبل إسرائيل، "هو فقط من باب التهديد في ظل الرعب الذي تعيشه إيران الآن خوفا من الضربات الإسرائيلية على منشآتها النووية".

وأضاف حاج بكري لـ "الاستقلال" قائلا: "لا أعتقد أن الضربات الإسرائيلية لإيران قد تكون رادعة بما فيه الكفاية".

ورأى أن "لإسرائيل مصلحة في بقاء سباق تسلح مع إيران لكن بشرط ألا تهدد الكيان الصهيوني، لأن الأخير يريد أن يبقى التهديد الإيراني فقط موجها لشعوب المنطقة العربية لكي لا تقوم لها قائمة وإبقاء طهران مصدرا للرعب لهذه المنطقة".

وألمح الخبير العسكري، إلى أن" فتوى خامنئي بتحريم صناعة السلاح النووي بأنه مجرد تقية عسكرية لا أكثر؛ لأن طهران ماضية وتسعى جاهدة للحصول على السلاح النووي بالطرق والوسائل كافة".

 “تغيير الإستراتيجية”

خلال السنوات الماضية، أبدى مسؤولون إيرانيون مستوى عاليا من التفاؤل حول صناعة بلادهم للسلاح النووي. ولم يتوقف ذلك، حتى مع الصدام المباشر مع إسرائيل، والذي فتح كل الاحتمالات على مصراعيها.

ومن ذلك، ما قاله أحمد بخشايش أردستاني، الذي أعيد انتخابه عضوا في البرلمان الإيراني في مارس 2024 لموقع "رويداد 24" الإلكتروني، بأن قرار إيران بالمخاطرة بمهاجمة إسرائيل في أبريل 2024 ينبع من امتلاكها أسلحة نووية.

وقال أردستاني عقب تصريحات كمال خرازي عن مراجعة "العقيدة النووية": "برأيي، لقد حققنا الأسلحة النووية، لكننا لا نعلن ذلك. يعني أن سياستنا هي امتلاك القنابل النووية، لكن سياستنا المعلنة حاليا هي في إطار خطة العمل الشاملة المشتركة". 

وراح يقول: "السبب هو أنه عندما تريد الدول مواجهة الآخرين، يجب أن تكون قدراتها متوافقة، وتوافق إيران مع أميركا وإسرائيل يعني أنه يجب أن تمتلك إيران أسلحة نووية".

وكان مستشار رئيس البرلمان الإيراني للشؤون الإستراتيجية، مهدي محمدي، قال في 16 أبريل 2024 في رسالة عبر "إكس": "إلى جانب البرنامج الصاروخي، تمتلك إيران أيضا برنامجا نوويا!".

ولهذا يقول بعض الخبراء إن أحد الخيارات المحتملة أمام إيران للرد على الهجمات الإسرائيلية هو تسريع برنامجها النووي.

إضافة إلى جنوح إيران إلى تغيير إستراتيجية الردع العسكري في الدرجة الأولى من قبيل استخدام ذات السلاح الذي تمتلكه إسرائيل أو تطوير طهران لأسلحتها، وفق ما رآه “مصدق بور” مدير مركز الدراسات الإستراتيجية الإيرانية خلال تحليله في لقاء تلفزيوني ما يقصد بتغيير إيران لعقيدتها النووية.

إذ سبق لوزير الاستخبارات الإيراني السابق محمود علوي، قوله في عام 2020 خلال برنامج تلفزيوني: "لقد أصدر المرشد فتوى تحرم الأسلحة النووية، ولكن إذا حوصرت القطة في زاوية، فقد يكون سلوكها مختلفا عما كانت عليه".