العراق يطالب بإنهاء عمل البعثة الأممية “يونامي”.. ماذا تغير بعد 20 عاما؟

يوسف العلي | 6 months ago

12

طباعة

مشاركة

في خطوة لاقت ردود أفعال سياسية متباينة، طالبت الحكومة العراقية مجلس الأمن الدولي بإنهاء بعثة الأمم المتحدة في العراق، والتي توجد منذ الاحتلال الأميركي عام 2003، وذلك بقرار أممي يجرى تجديده في كل عام من أجل "مساعدة البلاد في التحوّل الديمقراطي". 

وخلال التجديد الأخير للتفويض في مايو/ أيار عام 2023، طلب مجلس الأمن الذي من المقرر أن يناقش هذه القضية في الشهر ذاته للعام 2024، من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إطلاق مراجعة إستراتيجية للمهمة الموكلة إلى الدبلوماسي الألماني، فولكر بيرث. 

"لم تعد ضرورية"

وفي رسالة موجهة إلى مجلس الأمن، طالبت الحكومة العراقية بإنهاء بعثة الأمم المتحدة المعروفة باسم "اليونامي" بحلول نهاية 2025 مهمتها السياسية التي تؤديها في البلاد منذ أكثر من 20 عاما، مقدرة أنها لم تعد ضرورية، حسبما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية في 10 مايو.

في هذه الرسالة، تحدث رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عن "تطورات إيجابية ونجاحات" الحكومات المتعاقبة وعن إنجاز ولاية بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) الموجودة منذ عام 2003.

وأشار إلى أنه في هذه الظروف و"بعد 20 عاما من التحول الديمقراطي والتغلب على التحديات المختلفة، لم تعد أسباب وجود بعثة سياسية في العراق قائمة".

ولذلك "ندعو إلى إنهاء ولاية البعثة بشكل دائم في 31 ديسمبر 2025"، على أن تركز يونامي حتى ذلك الحين على الملفات المرتبطة بالإصلاح الاقتصادي ومكافحة التغير المناخي وقضايا التنمية. 

وفي السياق ذاته، نشرت وكالة الأنباء العراقية "واع" في 10 مايو خبرا بشأن ترحيب اللجنة القانونية النيابية، "بطلب السوداني إنهاء بعثة يونامي التابعة للأمم المتحدة في العراق".

ونقلت "واع" تغريدة عضو اللجنة، رائد المالكي، عبر منصة "إكس" قال فيها إن "وجود هذه البعثة يستند إلى قرارات الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة"، مشيرا إلى أنها "شكل من أشكال تقييد السيادة على المستوى الدولي".

والبعثة، التي أنشأها مجلس الأمن عام 2003 بناء على طلب الحكومة العراقية وتم تعزيزها عام 2007 ويجرى تجديدها سنويا، يتمثل تفويضها في تقديم الدعم إلى حكومة العراق من أجل تعزيز الحوار السياسي الشامل والمصالحة الوطنية وإجراء الانتخابات والإصلاح الأمني.

وخلال التجديد الأخير للتفويض في مايو 2023، طلب المجلس الذي من المقرر أن يناقش هذه القضية منتصف مايو، من الأمين العام للأمم المتحدة إطلاق مراجعة إستراتيجية للمهمة الموكلة إلى الدبلوماسي الألماني، فولكر بيرث. 

وفي بيان لمجلس الأمن أثناء تجديد البعثة الأممية في مايو 2023، أشار إلى أنه "نظرا للتهديدات والتحديات الحالية التي تواجه السلام والأمن في العراق"، فإن "المهمات السياسية الأساسية لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق... تظل ذات أهمية". 

وقال المجلس إن البعثة التي كانت تضم أكثر من 700 شخص في نهاية عام 2023 تبدو "بشكلها الحالي مهمة جدا"، داعيا إلى البدء في نقل مهماتها إلى السلطات الوطنية المختصة وإلى هيئات أممية أخرى "بطريقة مسؤولة ومنظمة وتدريجية". 

وخلص إلى أن “فترة السنتين التي حددتها الحكومة لانسحاب البعثة يمكن أن تكون كافية لإحراز مزيد من التقدم وطمأنة (الجهات) الأكثر تشكيكا في المشهد السياسي والمجتمعي العراقي” إلى أن هذا التحول "لن يسبب انتكاسة في التقدم الديمقراطي أو يهدد السلام والأمن".

"اكتمال السيادة"

وعن مدى موافقة مجلس الأمن على طلب الحكومة العراقية، قال الخبير العراقي في القانون الدولي، علي التميمي، إن "وجود بعثة الأمم المتحدة في العراق كان بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1500 في عام 2003، وبالتالي يتطلب قرارا آخر لإنهاء وجودها".

وأوضح التميمي لـ"الاستقلال" أن "وجود اليونامي يكون في الدول غير مكتملة السيادة أو الموضوعة تحت طائلة الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، لكن العراق خرج من هذا البند بموجب قرار من مجلس الأمن الدولي رقم 2170، وأن القاعدة القانونية تقول: إذا زال المانع عاد الممنوع".

وفي 23 فبراير/ شباط 2022، أعلن العراق، خروجه من إجراءات الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بعد دفع كامل التعويضات المالية للكويت عن حرب الخليج في تسعينيات القرن الماضي، حسبما جاء على لسان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في كلمة أمام مجلس الأمن.

والعراق يخضع منذ 1990 للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي فُرض عليه بعد غزو نظام الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، دولة الكويت.

وهذا الفصل يسمح باستخدام القوة ضد العراق "بوصفه يشكّل تهديدا للأمن الدولي"، إضافة إلى تجميد مبالغ كبيرة من أرصدته المالية في البنوك العالمية لدفع تعويضات للمتضرّرين جراء الغزو.

ورأى التميمي أن “طلب إنهاء دور اليونامي في العراق يُعد خطوة جيدة، لأن عملها في الوقت الحالي يعد تدخلا بشؤون الدولة العراقية”.

ولفت الخبير القانوني إلى أن "العراق أصبح بلدا متكامل الأركان في السيادة، وله علاقات دبلوماسية وحكومة تعمل بجدية على تطوير البلد اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، لهذا فإن الوقت قد حان لإنهاء وجود هذه البعثة التي لم يعد هناك ما يبرر وجودها".

وأكد أن "إنهاء بعثة اليونامي يبقى رهن قرار من مجلس الأمن الدولي المكوّن من 15 دولة، على ألا تستخدم إحدى الدول الخمس دائمة العضوية حق النقض أو الفيتو لإجهاض القرار".

وأشار إلى أن "قرار تمديد وجود بعثة اليونامي من مجلس الأمن في كل عام كان لأسباب عدة منها، مساعدة الحكومات العراقية في إجراء الانتخابات وإعطاء المشورة في العديد من المجالات".

وشدد التميمي على أن "مجلس الأمن الدول لا بد أن يقتنع بأن مسببات وجود بعثة اليونامي لم تعد قائمة، وبالتالي سيصوت على قرار يقضي بإنهاء البعثة الأممية الموجودة في العراق منذ أكثر من 20 عاما". 

"تفرّد المليشيات"

في المقابل، طالب النائب المستقل في البرلمان العراقي، سجاد سالم، من حكومة بلاده التراجع عن طلبها، وذلك لأن وجود البعثة “يهدف لمساعدة العراق حكومة وشعبا لتعزيز حقوق الإنسان والحوار السياسي والمصالحة المجتمعية والإصلاح القضائي والقانوني”. 

وقال سالم خلال بيان نشره على حسابه بـ"الفيسبوك" في 11 مايو، إن "ترك الشعب العراقي وحيدا وهو يخوض نضاله ضد الاستبداد اليومي للفصائل والمليشيات المسلحة دون أي جهد دولي إنساني لمراقبة ملف حقوق الإنسان من شأنه أن يقوض كل جهد دولي في العراق بعد عام 2003 وسيسجل البلد تدهورا لا مثيل له في هذا الجانب".

وأكد النائب أن "مساندة الشعب العراقي يجب أن تكون أولوية لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ودعم وحماية وتعزيز حقوق الإنسان والمضطهدين ومنظمات المجتمع المدني والعاملين في هذا المجال واجب قانوني وإنساني وحالة خاصة بحاجة إلى تدخل دولي".

من جهته، قال المحلل السياسي العراقي، عبد القادر النايل، إن مطالبة الحكومة العراقية إنهاء وجود بعثة الأمم المتحدة، الهدف منه استفراد الإطار التنسيقي (الشيعي) بالحكم والاستمرار في انتهاكات حقوق الإنسان بشكل أبشع.

واتهم النايل خلال مقابلة تلفزيونية في 11 مايو، جينين بلاسخارت المسؤولة عن البعثة الأممية في العراق حاليا، بأنها هي من نصحت الإطار التنسيقي بطلب إنهاء البعثة لأن من سيأتي مكانها (الدبلوماسي الألماني فولكر بيرث) في الأشهر المقبلة يختلف عنها، على عكس ما هي عليه مع "الإطار".

وبحسب الخبير في الشأن العراقي، فإن "جينين بلاسخارت متهمة بالفساد المالي كونها حصلت على صفقات سلاح من قوى الإطار عبر شركات أهلية هولندية تصنع السلاح، لأن الممثلة الأممية الحالية كانت وزيرة للدفاع في هولندا قبل مجيئها إلى العراق لتمثل الأمم المتحدة".