مناورات عسكرية بين الصين وبيلاروسيا.. لهذا أثارت مخاوف أوروبا
هذه المناورات تجرى بالقرب من مدينة بريست غرب بيلاروسيا
تثير المناورات الجارية بين الجيشين الصيني والبيلاروسي قلقا واسعا في أوروبا، كون مينسك تعد الشريك الأقرب لموسكو التي تخوض حربا ضد جارتها كييف.
وانطلقت في 8 يوليو/تموز 2024، مناورات عسكرية مشتركة بين الجيشين الصيني والبيلاروسي على أراضي الأخيرة تستمر حتى 19 من نفس الشهر تحت شعار "مكافحة الإرهاب".
وقالت صحيفة "إيل جورنالي" الإيطالية إن القلق الأوروبي يعود إلى علاقات بيلاروسيا وروسيا، مبينة أن المنطقة التي تجرى بها هذه المناورات قريبة من مركز التوترات بين كييف وموسكو.
بيلاروسيا ولاوس
وقالت وزارة الدفاع الصينية خلال بيان صحفي في 7 يوليو إن جيشي البلدين سيجريان تدريبات عسكرية مشتركة تحت اسم "Eagle Assault-2024" بالقرب من مدينة بريست في بيلاروسيا وذلك على أساس خطة سنوية واتفاق سابق توصلا إليه.
من جانبها، أفادت صحيفة "غلوبال تايمز" الحكومية الصينية بأن المناورات بين البلدين ستركز على مكافحة الإرهاب وبأنها ستسهم في "السلام والاستقرار الإقليميين".
وأشارت نفس الصحيفة إلى أن هذه المناورات تأتي بعد وقت قصير من انضمام بيلاروسيا رسميا إلى منظمة شانغهاي للتعاون وذلك خلال انعقاد قمتها الـ24 في أستانا الكازاخستانية مطلع يوليو، لتصبح بذلك العضو العاشر في المجموعة.
وأوضحت أن المشاركين من الجانبين سينفذون "تدريبات مختلطة ومهام عملية مثل: إنقاذ الرهائن وعمليات مكافحة الإرهاب، بهدف تعزيز مستوى تدريب القوات المشاركة وقابلية التشغيل البيني، وتعميق التعاون البراغماتي بين جيشي البلدين".
وقالت صحيفة "إيل جورنالي" الإيطالية في تقرير إن هذه المناورات تجرى بالقرب من مدينة بريست غرب بيلاروسيا في منطقة ليست بعيدة عن بولندا وقريبة من أوكرانيا.
وتأتي المناورات في وقت تستمر فيه الحرب وعمليات القتال بين روسيا وأوكرانيا منذ فبراير/شباط 2022 وقد دخلت منذ أشهر عامها الثالث دون توقف متسببة في تواترات وتداعيات تشمل أطرافا عديدة.
من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع البيلاروسية أن القوات الصينية وصلت إلى البلاد لإجراء الاستعدادات للتدريبات العسكرية في الفترة الممتدة بين 8 إلى 19 يوليو.
وفي الوقت نفسه، أرسلت بكين قوات عسكرية إلى جمهورية لاوس جنوب شرق آسيا للمشاركة في المناورات العسكرية المشتركة "درع الصداقة 2024" والتي انطلقت في 5 يوليو ومن المقرر أن تستمر حتى 18 من الشهر نفسه.
وذكرت "جريدة جنوب الصين الصباحية" على موقعها الإلكتروني أن الصين ترسل للمرة الأولى أفرادا عسكريين إلى بيلاروسيا لإجراء مناورات مشتركة.
ويذكر أن آخر تدريب مشترك بين البلدين وحمل اسم "Eagle Assault" كان قد أقيم في مقاطعة شاندونغ شرقي الصين عام 2018.
كما شاركت كل من بكين ومينسك في مناورات "فوستوك" العسكرية المشتركة متعددة الأطراف التي استضافتها روسيا في أغسطس/آب 2022.
وقد تعهدت الصين وبيلاروسيا بإجراء المزيد من المناورات العسكرية المشتركة في أغسطس/آب 2023 بمناسبة زيارة وزير الدفاع الصيني آنذاك لي شانغ فو إلى مينسك ولقائه بالرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو.
تحركات مشتركة
ولاحظت الصحيفة الإيطالية أن هذه المناورات تجري في "مرحلة خاصة بعد أن أصبحت بيلاروسيا العضو العاشر في منظمة شنغهاي للتعاون وهي تكتل أمني إقليمي تروج له الصين وروسيا كبديل للجماعات التي يقودها الغرب".
وعلى هامش قمة منظمة شنغهاي التي عقدت في أستانا بكازاخستان، وعد الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الروسي فلاديمير بوتين "ببذل الجهود لحماية الحقوق والمصالح المشروعة" للدول المجاورة.
وبحسب الصحيفة الإيطالية، شكلت مينسك حليفا رئيسا لموسكو منذ غزوها لأوكرانيا في فبراير 2022. وقد أجرت بيلاروسيا وروسيا مناورات نووية تكتيكية في العام 2023.
وكان رئيس البلاد ألكسندر لوكاشينكو قد أعلن في أبريل/نيسان 2024 أن "العشرات" من الأسلحة النووية التكتيكية الروسية جرى نشرها في بلاده، بموجب اتفاق أعلنه مع بوتين في 2023.
وكانت مينسك قد أعلنت في يونيو/حزيران 2023 أنها بدأت تسلم الأسلحة، وهي المرة الأولى التي تنشر فيها روسيا صواريخ نووية في دولة أجنبية منذ الحقبة السوفيتية.
وأبرزت حينها أن استضافة الأسلحة النووية الروسية في بلادها "يهدف إلى ردع عدوان بولندا"، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وفي السياق، تلاحظ الصحيفة الإيطالية بأن بكين لم تستنكر العملية العسكرية في أوكرانيا وإنما عززت العلاقات مع موسكو منذ بدء الحرب.
وذلك على الرغم من أنها دعت إلى إجراء محادثات سلام مباشرة بين روسيا وأوكرانيا في الأسابيع الأخيرة.
وتنقل عن محللين قولهم إن التدريبات الأخيرة "تشكل علامة واضحة على العلاقات العسكرية الوثيقة للصين لا مع بيلاروسيا فحسب ولكن أيضا مع روسيا، كما أنها ستزيد من مخاوف أعضاء الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي".
أما بالنسبة مع لاوس، قالت وزارة الدفاع الصينية إن المناورات ستسهم في تعميق الثقة والتعاون بين الجيشين و"ضخ طاقة إيجابية في السلام والاستقرار الإقليميين".
وهذا التدريب المشترك يعد الثاني من نوعه بين البلدين. وكان الأول قد أقيم خلال مايو 2023 في لاوس.
وذكرت وكالة أنباء الصين "شينخوا" أن المناورات الجارية حاليا سيشارك فيها أكثر من 1200 عسكري، من بينهم أكثر من 300 من الصين وصل جميعهم إلى لاوس.
وأخيرا، أجرت بكين وموسكو مناورات عسكرية في منطقة نهرية حول جسر مقاطعة هيلونغجيانغ التي تربط جمهورية بلاغوفيشتشينسك الروسية بمدينة خيخة الصينية شمال شرقي الصين.
وذكرت تقارير أن جنودا صينيين وروسا نفذوا تدريبات مشتركة على سيناريو تسلل إرهابين ومكافحة أشكال مختلفة من الإرهاب، كما أنها ركزت على تبادل المعلومات الاستخبارية والتنسيق العملياتي.