"يُدار من الخارج".. لماذا يستعجل حزب الشعب الجهوري إعلان مرشحه للرئاسة التركية؟

منذ يومين

12

طباعة

مشاركة

في خطوة استباقية مبكرة، يستعد حزب “الشعب الجمهوري” التركي للإعلان في مارس/ آذار 2025 عن مرشحه للانتخابات الرئاسية لعام 2028، أملا في تبكير الاستحقاقات.

ونشرت صحيفة "إندبندنت" بنسختها التركية مقالا للكاتب زكي ساريهان قال فيه: إن "حزب الشعب الجمهوري يعيش أياما حافلة بالأحداث والتحديات". 

وأضاف أنه "رغم تمكنه من الوصول إلى السلطة في البلديات الكبرى، فإن الحزب لم يتمكن بعد من الفوز في الانتخابات العامة، ويواصل سعيه لتحقيق حلمه الطويل في الوصول إلى السلطة، ويبحث عن حلول إستراتيجية لتحقيق ذلك".

أخطاء الاختيار

ولفت الكاتب التركي إلى أنه “في خضم هذا السعي يُعدُّ الرئيس العام للحزب، أوزغور أوزيل، إحدى الشخصيات البارزة في هذه المرحلة”.

وأفاد بأنه “يتصدر الحملة بشكل نشط؛ حيث يقود حملات يومية يظهر فيها براعته في التعبير عن آرائه بشكل سريع وفعال، ولذلك بفضل هذه الخصائص أصبح أوزيل في مقدمة المعارضة السياسية في تركيا”.

ورأى أن “الإعلان المرتقب يأتي في وقت حساس، حيث يمكن أن يؤدي إلى وجود احتمالية إجراء انتخابات مبكرة، وبغض النظر عن ذلك، يبدو أن الحزب مصمم على إعلان مرشحه قريبا”.

ففي مارس/ آذار 2025 سيتم إجراء انتخابات تمهيدية داخل الحزب لاختيار مرشح رئاسة الجمهورية.

وقال ساريهان: “حتى الآن يبدو أن المرشح الوحيد من الحزب لهذه الانتخابات هو رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، أكرم إمام أوغلو”.

من ناحية أخرى، فقد أعلن رئيس بلدية أنقرة الكبرى منصور يافاش أنه لن يشارك في هذه الانتخابات التمهيدية، مما يثير تساؤلات حول إستراتيجيات الحزب في اختيار مرشحيه.

وادعى ساريهان أن "هذه الانتخابات التمهيدية تأتي في وقت أظهرت فيه استطلاعات الرأي أن إمام أوغلو يتفوق على الرئيس رجب طيب أردوغان في حال جرت الانتخابات اليوم". 

بالإضافة إلى أن هذه النتائج تشير إلى أن “يافاش قد يحصل على دعم أكبر من الناخبين مقارنة بإمام أوغلو، في حال قرر الترشح في الانتخابات الرئاسية”. 

وهذا الأمر يمثل دعما معنويا كبيرا للحزب، حيث يتوافر له مرشحان قويان يمكنهما التنافس على الرئاسة، وفق الكاتب.

تأثير سلبي

واستدرك ساريهان: “مع ذلك، هناك من يرى أن الحزب قد اختار طريقا غير صحيح في اختيار مرشحيه”.

وأوضح أن “أحد الأخطاء التي يمكن ملاحظتها هو استشارة أعضاء الحزب، في حين أن استطلاعات الرأي العامة قد قدمت بالفعل إجابات واضحة حول تفضيلات المواطنين”.

ويرى ساريهان أنه “من الأفضل أن يركز الحزب على اختيار مرشحه بناء على هذه الاستطلاعات بدلا من أن يترك الأمر مرهونا بآراء الأعضاء فقط”.

وذكر أن “الخطأ الثاني الذي يراه البعض هو إصرار الحزب على تقديم مرشح قد يحصل على أصوات أقل في الانتخابات، رغم وجود مرشح آخر يمكنه تحقيق نتائج أفضل”.

وأضاف أن “هذا الاختيار يرجع إلى التأثير الكبير الذي يمارسه إمام أوغلو على الحزب، حيث يعتقد الكثيرون أن الحزب يُدار حاليا من قبل رئيس بلدية إسطنبول، وهو أمر غير مألوف في السياسة التركية”.

وتابع: "رغم أن رغبة إمام أوغلو في الترشح للرئاسة قد تكون مشروعة، فإن الإعلان المبكر عن ترشيحه لا يتناسب مع الظروف الحالية". 

علاوة على ذلك، فإن “الحزب يجب أن يترك الناخبين يختارون مستقبلهم ويترك لهم حرية اتخاذ القرارات الحاسمة”. 

وشدد ساريهان على أن “عدم اختيار الناخبين لمرشحهم قد يؤدي إلى انقسام داخل الحزب ويؤثر سلبا على فرصه في الفوز بالانتخابات الرئاسية، مما يزيد من تعقيد الوضع السياسي في تركيا”.

ورأى أن “حزب الشعب الجمهوري يمر اليوم بفترة مليئة بالتحديات، ورغم توفر مرشحين قويين، فإن القرارات الإستراتيجية للحزب تحتاج إلى مزيد من التفكير لضمان النجاح في الانتخابات المقبلة”.

خلفيات سياسية

وأردف الكاتب أن "مسألة ترشح إمام أوغلو للرئاسة تثير العديد من النقاشات داخل الشعب الجمهوري، حيث يتمسك بعض الأعضاء بحجة أن إمام أوغلو يحمل (روح الحزب) بينما يتم عدّ يافاش من أصل الحركة القومية". 

ورغم أن كلا من إمام أوغلو ويافاش قد تم ترشيحهما من الحزب نفسه لبلديات كبرى، وقد أدارا مهامهما لفترات عدة، فإن النقاش حول خلفياتهم السياسية يعكس تباينا في وجهات النظر داخل الحزب.

وعلق الكاتب بأنه لا يجوز التمييز بين "الأعضاء الأصليين" و"الأعضاء بالولاء" في أي حزب سياسي، فهذه الفروق غير صحيحة ولا تعكس الواقع بشكل كامل. 

وأفاد بأنه “داخل حزب الشعب الجمهوري هناك العديد من التوجهات والأصول التي يصعب تصنيفها بدقة، وفي النهاية إن التركيز على ماضي الأفراد لا يؤدي إلى نتائج بناءة”. 

واستطرد: “بل العكس، فإن قدرة يافاش على جذب أصوات من ناخبين ينتمون إلى أحزاب أخرى تعد ميزة له وللحزب، وبالمثل، فإن إمام أوغلو أيضا يتمتع بدعم من مختلف شرائح المجتمع". 

و"بالتالي، لا يوجد مبرر لإقصاء أي منهما بناء على خلفياتهما السياسية، حيث إن ما يهم في النهاية هو تحقيق هدف المعارضة في الفوز بالانتخابات الرئاسية"، يقول ساريهان.

وذكر أنه “في الوقت الحالي، يبدو أن يافاش هو الأقرب لتحقيق هذا الهدف، خاصة في ظل التحديات القانونية التي قد يواجهها إمام أوغلو، حيث تشير التقارير إلى احتمال تعرضه لحظر سياسي بسبب الدعاوى القضائية المتتالية ضده”. 

وأكد ساريهان أن “هذا الأمر قد يزيد من تعقيد الوضع ويؤثر سلبا على فرص الحزب في الفوز”.

وأضاف “في هذا السياق، يجب على حزب الشعب الجمهوري أن يتخلى عن فكرة إجراء انتخابات تمهيدية بمرشح واحد، وهي فكرة غير منطقية.. بدلا من ذلك، ينبغي للحزب أن يرشح الشخص الذي يتصدر استطلاعات الرأي العامة لضمان أكبر فرصة للفوز”. 

وتابع: “كما أن إعلان المرشح مبكرا ليس ذا فائدة كبيرة، بل قد يؤدي إلى انطباع بأن الحزب يُدار من الخارج، لذلك يجب عليه اتخاذ تدابير لإزالة هذا الانطباع، وعليه أيضا أن يحرص على أن يتجنب إمام أوغلو منح هذا الانطباع في أي حال من الأحوال”.