منظمة الدول التركية.. ماذا حققت على مدار 15 عاما؟
تأسست منظمة الدول التركية في 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2009.
في السنوات الأخيرة، نسمع كثيرا عن المنظمات الدولية مثل بريكس، منظمة شنغهاي للتعاون، ومنظمة الدول التركية، والأخيرة تجمل وثيقة رؤية العالم التركي 2040 والتي تحتوي على مجموعة من الأهداف والمبادئ تهدف إلى إنشاء عالم تركي مزدهر.
وكالة الأناضول سلطت الضوء على منظمة الدول التركية (المجلس التركي سابقا) التي تأسست في 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2009.
وتضم المنظمة تركيا وأذربيجان وكازاخستان وقرغيزيا وأوزبكستان، فيما تحمل كل من المجر وتركمانستان وشمال قبرص التركية صفة عضو مراقب فيها.
ظروف النشأة
وعن ظروف نشأتها قالت الوكالة التركية: كانت الحرب الباردة مستمرة في النصف الثاني من القرن العشرين، وكان العالم ثنائي القطب تحت رعاية حلف شمال الأطلسي “الناتو” وحلف وارسو (ضم الاتحاد السوفيتي وألمانيا الشرقية وبولندا والمجر ورومانيا وبلغاريا وتشيكوسلوفاكيا، وألبانيا التي انسحبت لاحقاً".
وأضافت في مقال للكاتب “جنغيز تومار”: “اليوم، على الرغم من أن وجود المنظمات التقليدية مثل الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي موضع تساؤل، إلا أن حيويتها لا تزال مستمرة”.
ومع ذلك، في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين ومع عودة روسيا بقيادة فلاديمير بوتين وصعود الصين، ظهرت بدائل جديدة لهذه المنظمات التقليدية.
ويقول الكاتب: “بلا شك، هذه المنظمات تكتسب شعبية كبديل لهيمنة الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا نسبيا، وذلك كنتيجة للبحث عن توجهات جديدة في الساحة الدولية”.
وقد أسهمت جائحة كوفيد-19 والحرب الروسية الأوكرانية والهجمات على السفن التجارية في خليج عدن والمنافسة الشديدة بين ممرات التجارة في تسريع هذه التطورات أيضا.
منظمة الدول التركية
في الفترة الأخيرة، اتخذت منظمة الدول التركية خطوات جديدة في عدة مجالات بهدف زيادة التعاون بين الدول الأعضاء بشكل هادئ.
وتابع الكاتب: “لاحظنا أن نجم هذه المنظمة بدأ يسطع، وذلك يعود جزئيا إلى دعم تركيا لأذربيجان في الصراع الأخير (حرب قره باغ)، وكذلك بسبب الهجمات الروسية على أوكرانيا في الخلفية السوفيتية السابقة”.
في هذا الصدد، تتجسد المنظمة بتنفيذ المواد المقبولة في قمة منظمة الدول التركية التي عقدت في إسطنبول في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، والتي تضمنت وثيقة رؤية العالم التركي 2040.
وأردف الكاتب: تهدف الوثيقة إلى إنشاء عالم تركي مزدهر، وتشدد على مفاهيم مثل الديمقراطية والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والشفافية ومكافحة الفساد والمساواة بين الجنسين لتحقيق هذه الأهداف.
وتتوقع الوثيقة أيضا إنشاء آليات استشارية في مجالات السياسة الخارجية الدولية والإقليمية، بالإضافة إلى التعاون في مجالات مثل الاقتصاد، الصحة، النقل، التعليم، والطاقة.
وتحتوي أيضا على مواد تتعلق بالتعاون في مجالات مكافحة التطرف، الإسلاموفوبيا، أمن الحدود، تجارة المخدرات، الهجرة غير النظامية، تهريب البشر والأسلحة، الجرائم المنظمة، الجرائم المالية والسيبرانية، وتنظيم الهجرة والأمن.
اهتمام بالاقتصاد
وتطرق الكاتب إلى مادة "تحويل الدول الأعضاء إلى مجموعة اقتصادية إقليمية قوية تربط بين ممرات التجارة الشرقية، الغربية-الشمالية والجنوبية للمساهمة في الاستقرار الاقتصادي الإقليمي والعالمي".
وبين أن المشاريع السياحية المشتركة والوجهات بين الدول الأعضاء مهمة أيضا من هذا الجانب.
وتُعد مسائل مثل نقل التكنولوجيا، والمعلوماتية والفضاء، والزراعة، والجمارك والحركة الحرة، والنقل وخطوط أنابيب الطاقة من بين مواد أخرى مهمة في الوثيقة.
وأشار الكاتب التركي إلى أنه جرى إحراز تقدم مهم بالفعل في تنفيذ هذه المواد التي تم قبولها قبل بضع سنوات.
ففي هذه الأيام حيث يجري الحديث عن حروب ممرات التجارة الدولية، جرى إحراز تقدم كبير فعليا في الممر الأوسط الدولي الذي يمر عبر بحر قزوين، والمعروف أيضا باسم الممر التركي.
ونظرا لأن هذا الممر يُعد أكثر أمانا من الناحية الاقتصادية مقارنة بالبدائل الأخرى، فهو يحتل أهمية حيوية في التجارة الشرقية-الغربية والتكامل الاقتصادي للدول التركية.
ولفت الكاتب التركي إلى أنه جرى إنشاء صندوق الاستثمار التركي برأس مال أولي قدره 500 مليون دولار (في مايو/أيار 2024) خلال وقت قصير جداً كخطوة ملموسة في مجال التعاون الاستثماري بين الدول الأعضاء.
وتطرق إلى النقل البري كخطوة أخرى اتخذتها منظمة الدول التركية من الناحية الاقتصادية.
وفي هذا السياق، حيث كانت هناك مشاكل مستمرة بسبب حصص الدول قبل بضع سنوات، جرى أخيرا إنشاء اتحاد جديد لمراكز اللوجستيات وناقلات البضائع تحت رعاية منظمة الدول التركية.
ويمكن لهذا الاتحاد حل مشاكل النقل بين الدول الأعضاء في وقت قصير، كما تبذل جهودا مكثفة لتسريع تلك العمليات عبر تبسيط ودمج التشريعات الجمركية.
وأضاف الكاتب: تجتمع الدول الأعضاء سنويا منذ عام 2013 لإجراء مشاورات حول التعاون في مجال الأمن.
وهذه الخطوة لها قيمة كبيرة من حيث توفير الأمان وتطبيق السياسات الأمنية المشتركة بين دول المنظمة التي تركز بقوة على التعاون الاقتصادي.
التعليم والرياضة
وأردف: التعليم هو مجال آخر يوليه أعضاء منظمة الدول التركية الذين يجتمعون سنويا، أهمية كبرى.
ويجرى تنفيذ برامج تبادل الطلاب والمدارس الثانوية والجامعات، كما أن الأنشطة الشبابية والرياضية تعد واحدة من المجالات المطبقة من مواد وثيقة الرؤية.
ولذلك فإن وزراء الشباب والرياضة في الدول الأعضاء يجتمعون كذلك بانتظام، وفق الكاتب.
في هذا السياق، يجرى تنظيم مخيمات الشباب الدولية بين دول منظمة الدول التركية وتقام مهرجانات خاصة بهم في مختلف مدن الدول الأعضاء.
وتمتلك المنظمة أيضا منصة تنظم من خلالها "منتديات القادة الشباب"، بالإضافة إلى تنظيم ألعاب الجامعات الرياضية.
كما تنظم المنظمة منتديات الشتات لتنسيق الجاليات بين الدول الأعضاء. بالإضافة إلى ذلك، جرى إنشاء لجنة لتنسيق التعاون في مجال الطاقة بين الأعضاء.
وتابع الكاتب: كما يتم تنظيم العديد من البرامج التعليمية المشتركة في مجال الصحة من خلال مجلس العلوم الصحية في منظمة الدول التركية.
ويواصل مجلس رؤساء المؤسسات الدينية المسلمة في منظمة الدول التركية عمله للتعاون بين المؤسسات الدينية المسلمة.
بينما يجرى التخطيط لمشروع تصميم وإطلاق قمر صناعي مشترك في مجال الفضاء، حيث يتم تقديم تدريبات متعلقة به للدول الأعضاء من خلال أكاديمية الفضاء التركية.
وختم الكاتب التركي مقاله قائلا إن “منظمة الدول التركية، التي لم يمض وقت طويل على تأسيسها، قطعت بالفعل مسافة جيدة في تنفيذ المواد الموجودة في وثيقة الرؤية لعام 2040 والتي جرى قبولها قبل 3 سنوات فقط”.
لكنه يعتقد أنه "بلا شك، هناك طريق طويل ووعر أمام المنظمة يتطلب الصبر والعزم".