مصرع عشرات السودانيين جراء انهيار السد.. وناشطون: فساد وإهمال حكومي

3 months ago

12

طباعة

مشاركة

موجة غضب واسعة أثارها انهيار سد أربعات شرق السودان، نتيجة سيول وأمطار غزيرة ضربت 10 ولايات، وخلفت أضرارا كبيرة، وأسفرت عن مصرع عشرات الأشخاص على الأقل، مستنكرين تجاهل صيانة السدود مما عرضها للانهيار.

السلطات السودانية أعلنت في 26 أغسطس/آب 2024، ارتفاع عدد قتلى السيول والفيضانات التي تشهدها البلاد منذ أسابيع إلى 132 شخصا.

وتسبب سقوط أمطار غزيرة على مدار أيام في حدوث سيول غمرت سد أربعات على بعد 40 كيلومترا فقط إلى الشمال من بورتسودان، التي أصبحت عاصمة البلاد بحكم الأمر الواقع، ومقر الحكومة والدبلوماسيين ووكالات الإغاثة، ومئات آلاف النازحين.

وأشارت وزارة الصحة السودانية إلى تضرر 31666 أسرة بفعل السيول الجارفة، وقال مسؤولون إن المياه المتفجرة بعد انهيار سد أربعات شرق السودان دمرت خمس قرى على الأقل، وأودت بحياة الكثيرين، وألحقت الدمار بمنطقة تعاني أصلا بفعل شهور من الحرب.

وأفاد مكتب الأمم المتحدة للشئون الإنسانية بالسودان (اوتشا)، بأن "الخرق أدى إلى تفريغ خزان السد بالكامل، مما تسبب في أضرار جسيمة في الأرواح والممتلكات في حوالي 20 قرية". لافتا إلى أن وفدا حكوميا سودانيا زار مناطق غرب السد في حين لا يمكن الوصول إلى المناطق الشرقية .

كما دمرت السيول مدينة طوكر في أقصى جنوب ولاية البحر الأحمر (شرق السودان)، بالكامل، وأشارت أنباء مؤكدة إلى مصرع أكثر من 10 أشخاص على الأقل في حصر أولي، وفقدان مئات أثناء محاولاتهم الخروج من المنطقة.

وتبعد طوكر نحو 250 كيلومترا من مدينة بورتسودان عاصمة ولاية البحر الأحمر، ويقطنها أكثر من 170 ألف نسمة، وظلت تعاني فترات طويلة من الإهمال الحكومي المركزي والولائي.

وتداول ناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة على منصتي إكس وفيس بوك، أبرزها #كارثة_سد_اربعات، صورا ومقاطع فيديو توثّق حالة الدمار الهائل الذي تعرضت له قرى السودان نتيجة انهيار سد أربعات، وتحمل نداءات استغاثة لإنقاذ العالقين في العراء.

وأشاروا إلى أن سد أربعات كان يعاني من تصدع وخلل في بنيته التحتية وعطل في بواباته وعدم صيانته، مهاجمين الحكومة السودانية لتباطؤها في التعامل مع الكارثة، وعدم تقديم الدعم الكامل للمناطق المنكوبة وانتشال العالقين والبحث عن المفقودين ممن جرفت بيوتهم.

وأكد ناشطون أن انهيار سد أربعات يزيد من معاناة الشعب السوداني وسط الحرب المشتعلة منذ أبريل/نيسان 2023 وتصاعد المجاعة، ما يجعلها دولة منكوبة بالحرب وأزماتها والسيول والفيضانات والكوارث الصحية والبيئية.

واستنكروا ضعف المساعدات المقدمة للسودان في مصابه من دول الجوار، وتكالب دول أخرى عليه ومساندتها لمليشيا الدعم السريع، مشيدين بإلغاء مغني الراب الأميركي، ماكليمور، حفلا كان سيقيمه في دبي في أكتوبر، احتجاجا على دعم الإمارات لقوات الدعم.

سد أربعات

ويقع سد أربعات في ولاية البحر الأحمر بشرق السودان، ويعد من المشاريع الأساسية لضمان توفر المياه لمنطقة بورتسودان -خامس أكبر مدينة في البلاد، والتي تقع على بعد حوالي 38 كيلومترا (23 ميلا) إلى الجنوب الشرقي- بالإضافة إلى المناطق المجاورة لها. 

وتم إنشاء السد عام 2003 لجمع وتخزين مياه الأمطار الموسمية، لضمان توفر المياه على مدار السنة في منطقة تعاني من نقص في الموارد المائية، وتبلغ سعة بحيرته 25 مليون متر مكعب.

وكان سكان بورتسودان يعتمدون بشكل أساسي على المياه الجوفية المستخرجة من الآبار في منطقة "أربعات" ومياه "خور أربعات"، إلى أن أنشئ السد ليحتجز مياه الأمطار لاستخدامها في الموسم الجاف، ولم تُجرَ الصيانة الدورية له منذ أعوام عدة؛ مما سهّل انهياره.

ويعد السد من أبرز الحلول التي اعتمدت عليها الحكومة السودانية للتصدي لمشكلة نقص المياه في المنطقة، وتكمن أهميته في أنه المصدر الأساسي لمياه الشرب في مدينة بورتسودان، التي تُعد واحدة من المدن الساحلية المهمة في السودان.

ونظرا لموقع بورتسودان الجغرافي وندرة الموارد المائية الطبيعية، يعتمد سكان المدينة بشكل كبير على المياه المخزنة في السدود، ويسهم سد أربعات في تأمين المياه اللازمة لري الأراضي الزراعية المجاورة، وتقليل آثار الجفاف والتصحر الذي يمكن أن يتعرض له المنطقة.

وعاني سد أربعات رغم أهميته من تراكم الرواسب التي قللت سعة التخزين وأثرت سلبا على فعالية السد في جميع المياه وتخزينها، ولم يُعْطَ حقه في الصيانة المستمرة لضمان كفاءة عمله، وواجهات السلطات المحلية صعوبات مالية ولوجستية أثرت على تنفيذ أعمال الصيانة الضرورية.

سدود السودان

وتجدر الإشارة إلى أن السودان يمتلك 6 سدود رئيسة على نهر النيل شيدت لأغراض متنوعة مثل توليد الكهرباء والري وحماية الأراضي والناس من الفيضانات واستخدمت في مشاريع متنوعة.

وإضافة إلى السدود الرئيسة على نهر النيل بروافده، هناك سدود صغيرة شُيدت لاستيعاب مياه السيول والفيضانات، ومنها سدود الكنجر والسليت والكباشي في محلية بحري، والمنصوراب وشمبات ووادي سيدنا في محليتي أم درمان وكرري.

كما شيدت هيئة الطرق والجسور ومصارف المياه شيدت 12 سدا تتوزع على مناطق ومجاري السيول في محليات شرق النيل وبحري وأمبدة وأم درمان وكرري.

وفي خضم أزمة سد النهضة، أعلن النظام السابق في 2017 عن إنشاء سبعة سدود على النيل وهي كجبار والشريك ودال ودقش والسبلوقة وعطبرة وستيت في ولايات القضارف وكسلا والولاية الشمالية بكلفة 1.2 مليار دولار تمول بواسطة عدد من المؤسسات العربية.

سيول وأمطار

وعما تشهده السودان اليوم، أوضح الصحفي أحمد البلال الطيب، أن بعد انهيار سد أربعات الذى يمد بورتسودان بمياه الشرب، بسبب السيول والأمطار، خور بركة فاض بمياه السيول والأمطار ودخل مدينة طوكر بثلاثة محاور ويهددها بالغرق.

وأشار الصحفي كمال الشريف، إلى أن إحصاءات اليوم من أربعات وصل عدد القري التي تم جرفها بالكامل (20 ) و50 قرية تدمرت دمار جزئي، وبحسب احصاءات رسمية فإن عدد المتوفين الذين تم العثور عليهم 13 شخصا بينهم نساء وأطفال ومازال البحث جاريا عن 210 مفقودين.

ونقل عن خبير جيولوجي قوله إن سد أربعات في السودان يعد سدا بدائيا ولا يتم إجراء صيانة له.

وعرض برمة سعد أحمد فيديو يوثق البداية الأولى لانهيار سد أربعات عند أبار بالويس، يظهر أن البداية كانت من اتجاه واحد قبل أن ينفجر السد بالكامل.

وترحم رئيس دائرة الاعلام - الناطق الرسمي لحزب التحالف شهاب إبراهيم الطيب، على أرواح ضحايا السيول والأمطار بمناطق أربعات ومنطقة طوكر ومرافيت التي حتي الآن لا توجد إحصاءات موثوقة لأعداد الضحايا أو تقديرات للخسائر المادية في هذه المناطق. 

وأكد أن معاناة مواطنين شرق السودان تضاعفت نتيجة الحرب مضافا لها الكوارث الطبيعية.

فساد وإهمال

وأرجع ناشطون انهيار سد أربعات وتسببه في كارثة إنسانية في شرق السودان ووقوع ضحايا ومفقودين وتدمير قرى بأكملها؛ لأنه نتاج الفساد والإهمال من النظام الحاكم وعدم صيانة السدود وعدم متابعة ارتفاع مناسيب المياه، متهمين الحكومة بالتقصير والتسبب في هذه المأساة.

وأكد محمد الأمين، أن انهيار سد أربعات نتيجة مباشرة لإهمال وكسل واستهبال الحكومات المتعاقبة، مشيرا إلى أن الخزان مليء بالطين والبوابات التحتية لم تعلم منذ سنوات، ومافيا تناكر المياه تمص في عضم البلد والمواطن وتخدر المسؤولين.

وقالت الصحفية بشرى علي، إن حكومة بورتسودان عاجزة عن التصرف وحل الأزمة التي ضربت إقليم الشرق الذي طالما عده الفلول منطقة آمنة، متوقعة أن تشهد مدينة بورتسودان كثرة الوبائيات وحالات التسمم بسبب مياه الشرب الملوثة.

وأكدت أن البرهان في حياته لم يحل أو يتصدى لأزمة في السودان، ومازال يتحدث عن حرب مدتها خمسين عاما وهو عاجز عن حل أزمة السيول والتي لا يتطلب حلها أكثر من يومين.

وتساءلت نادية علي: "لماذا لم يتحدث إعلام وأبواق الفلول منذ أن بدأ سد أربعات في الانهيار قبل يومين؟!

 لماذا حدث كل هذا التكتيم الإعلامي ولصالح منو؟ هذا التكتيم لا يدل إلا على شيء وهو أن الحادثة حدثت من وراء استهوان الفلول بحياة مواطني هذه المنطقة...".

الحرب والموت

وتعاني السدود والطرق والجسور من أوضاع سيئة نتيجة الحرب التي يشهدها السودان بين الجيش ومليشيا الدعم السريع منذ أبريل/نيسان 2023، فضلا عن أن السودان يشهد انهيارات مفاجئة لسدوده، ويواجه اتهامات بالتقصير في صيانة السدود، وفساد في إدارتها.

وكان السودان قد أعلن في يوليو/تموز 2020، تدمير أكثر من 600 منزل بأحياء مدينة بوط جراء انهيار مفاجئ لسد بوط على النيل الأزرق الذي يستخدم لتخزين حوالي 5 ملايين متر مكعب من المياه القادمة من وديان جبال الأنقسنا.

وأشارت ورقة بحثية بمجلس الشرق الأوسط للشؤون العالمية بعنوان "معضلة السودان: مواجهة تغيّر المناخ في دولة مزّقتها الحرب"، إلى أن الصراع الأخير في السودان سلط الضوء على العلاقة المعقّدة بين الهشاشة البيئية والاضطرابات الجيوسياسية.

ولفتت إلى أن تغطية التداعيات البيئية للحرب المدمرة في السودان كانت محدودة، مشيرة إلى أن الأطراف المتحاربة ارتكبت جرائم وانتهاكات تصل إلى مستوى الإبادة البيئية، مثل التدمير المتعمّد للمنشآت النفطية، وإتلاف النظم البيئية الأساسية، والتعدّي على البنية التحتية لإمدادات المياه والصرف الصحي.

وأوضحت الورقة أن سد النهضة الإثيوبي يثير مخاوف بشأن سلامة السدود في السودان، لافتة إلى أن خبراء حذّروا من أن الأمطار الغزيرة أو الفيضانات المفاجئة، التي تستلزم الإفراج عن كميات كبيرة من المياه من السد الإثيوبي، قد تضع سدود السودان تحت ضغط لا يمكنها تحمّله، ما قد يتسبب في انهيارات في البنى وفيضانات واسعة النطاق.

ورأى رئيس حركة العدل والمساواة السودانية سليمان صندل حقار، أن كارثة الحرب والموت المستمر والمعاناة الدائمة جعلت المجتمع لا يعير بالًا للسيول والفيضانات الأخيرة والآثار التي ترتبت عليها، معلنا تضامنه ووقوفه مع كل المتضررين.

وأشار إلى أن حادثة انهيار سد "أربعات"، الذي يبعد عن بورتسودان عشرين كيلومترا، أدت إلى فقدان أرواح عزيزة، مترحما عليهم جميعا، وأهاب بكل المواطنين الخيرين في هذه الظروف تقديم كل العون للعالقين، وناشد المنظمات الدولية والوطنية لتقديم العون والمساعدة لكل المتضررين من السيول والفيضانات.

وقال ياسر مصطفى، إن المصائب لا تأتي فرادى، بعد الحرب والسيول الجارفة، لم تكتمل المصائب إلا بانهيار سد أربعات شرق السودان، مما أدى إلى مسح قرى بأكملها وقطع الطريق بين السودان ومصر، ووجود أكثر من 100 مفقود تحت الماء.

ضعف المساعدات

واستنكارا لضعف المساعدات الموجهة للسودان لانتشالها من مصابها، قالت سلمى منصور: "شاهدنا قبل أشهر قليلة عندما انهار السد في منطقة درنة الليبية وكيف انهالت المساعدات من جميع المحافظات الليبية والدول العربية".

وأضافت: "ها هي الكارثة تتجدد الآن في شرق السودان انهيار سد أربعات أدى إلى كارثة موت المئات مفقودين وفقدان قرى كاملة، وباقي الولايات لا تملك قوت يومها حتي تفزع لعون إخوانها، الحرب دمرت كل ما لديهم، دعونا ندعُ الدول المجاورة ومنظمات العون الإنساني للالتفات إلى هذه الكارثة".

ودعا منبر المغردين السودانيين للإعلان عن الكارثة فورا وإطلاق نداء عاجل للمسؤولين والمنظمات الدولية للمساعدة المتضررين.

موقف مشرف

وتعقيبا على إلغاء مغني الراب الأميركي ماكلمور حفله الغنائي في الإمارات احتجاجا على دورها في السودان، أكد المحلل السياسي ياسر سعد الدين، أن الإمارات ستدفع غاليا ثمن مواقفها الإجرامية في العالمين العربي والإسلامي.

وتمنى أن يتعلم المشايخ والعلماء واتحاداتهم من المغني شيئا من الوضوح، مذكرا بأن ماكلمور اتخذ موقفا قويا من مجازر غزة.

ورأى علي يحيى، أن الإعلان الذي أعلنه ماكليمور أعاد تسليط الضوء على دور الإمارات العربية المتحدة في الحرب التي تجتاح السودان.

وقال: "بينما نفت الإمارات مراراً وتكراراً تزويد قوات الدعم السريع بالأسلحة ودعم قائدها محمد حمدان دقلو، أفاد خبراء الأمم المتحدة في يناير بوجود أدلة (موثوقة) على أن الإمارات أرسلت أسلحة إلى قوات الدعم السريع عدة مرات في الأسبوع من شمال تشاد. "

وعلقت نور كريم، على موقع الرابر الأميركي، قائلة إن العالم تغير واصبح كتير من المؤاثرين يتخذ قراره بنفسه بناً على تقارير الصحافة والسوشيال ميديا.

وأضافت: "يبدو أن رائحة الإمارات القذرة بدأت تفوح وقريبا ستوقف دولة الشر دعمها للمليشيا، فها هو مغني الراب الشهير ماكليمور يلغي حفلة له كانت ستقام في دبي بناء على تورط الإمارات في حرب السودان".

ورأى حاكم إقليم دارفور مني اركو مناوي، أن فنان الرأب الأميركي ماكلمور أصبح صوتا لمن قُطعت ألسنتهم تحت بطش الدعم السريع المدعوم ماليا ولوجستيا.

وأشار إلى أن الفنان الأميركي رفض الغناء في الأرض التي تنطلق منها آلة القتل والاغتصاب للدعم السريع الذي أصبح حصان الطروادة لتفتيت بلاد السودان ونهب مواردها، مؤكدا أن الرجل يستحق الحب والثناء.

ولفت محمد كمبل، إلى أن إلغاء حفل مغنى الراب الأميركى بسبب دعم الإمارات للجنجويد تم تغطيته فى الإعلام العالمى مثل الغارديان، رويترز، البي بي سي، هيفنون بوست وغيرها، معربا عن سعادته أن دويلة الإمارات التى تخاف على سمعتها وليس من الله تلقت ضربة قوية للعلاقات العامة.