إيران ستراعي "ضوابط محددة" في ردها المرتقب على هجوم كرمان.. ما هي؟
في 3 يناير/ كانون الثاني 2023، قُتل نحو 100 شخص في مدينة كرمان أثناء إحياء ذكرى قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني الذي قتلته طائرة مسيرة أميركية في العراق عام 2020.
وتوعد قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، بالانتقام خلال تشييع جثامين ضحايا التفجيرين اللذين أعلن تنظيم "الدولة" مسؤوليته عنهما، لكن كل أصابع الاتهامات توجه في طهران إلى إسرائيل بالوقوف وراء الحادث.
وفي هذا الإطار نشر مركز "سيتا" للدراسات تقريرا سلط فيه الضوء في على آراء خبراء أتراك بشأن هجوم كرمان وتداعياته على المنطقة.
وذكر المركز التركي أنّ جميع التوازنات في المنطقة انقلبت رأسا على عقب بعد عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
فلم يتوقف التطبيع العربي مع إسرائيل فحسب، بل ازدادت أيضا مخاطر الصراع الإقليمي على غزة.
وأوضح أن حلفاء إيران في المنطقة، بما في ذلك حزب الله والحوثيون، يتخذون إجراءات لمواجهة حرب الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة، مما دفع إسرائيل إلى اتخاذ إجراءات ردعية.
وفي هذا السياق شنت إسرائيل غارات جوية في سوريا والعراق، وقتلت في آخرها نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري في لبنان.
وقبل هذا الاغتيال قُتِلَ رضي موسوي، القيادي البارز بالحرس الثوري الإيراني في سوريا، في هجوم إسرائيلي بالقرب من دمشق، ثم جاء هجوم كرمان أخيرا.
دوامة الحرب
الباحث في السياسة الخارجية التركية "مصطفى جينار"، في رده على استفسار حول الأثر المُحتَمَل لهذا الهجوم على إيران، قال إن كلّا من توقيت الهجوم وأهميته الرمزية والخسائر التي تسبب فيها مهم جداً بشكل فردي وكلي.
فإن قتل إسرائيل رضي موسوي أحد كبار القادة الإيرانيين في سوريا ثم العاروري في بيروت، وهو قائد بارز بحماس يظهر أن إسرائيل لا تتردد في القيام بهجمات على أراضي دول أخرى.
ويظهر احتجاز جهاز الاستخبارات التركي لثلاثة وثلاثين من المنتمين المزعومين إلى الموساد في تركيا أن إسرائيل لا تريد التوقف عن مثل هذه الأعمال.
وعلى الرغم من ذلك، كان الهجوم الذي وقع في كرمان يعد التطور الأكثر إثارة للانتباه وفقا للخطوات التي اتخذتها إسرائيل لإشعال حرب إقليمية.
ولفت النظر إلى أن تنفيذ الهجوم في كرمان في المحافظة التي ولد فيها قاسم سليماني الذي يُعد أحد أبرز وأقوى القادة الإيرانيين وبالتزامن مع ذكرى وفاته هو ضربة للنشاط العسكري الإقليمي الإيراني.
لأن سليماني كان مسؤولا عن عمليات إيران عبر الحدود وكان أقوى دعامة لـ"محور المقاومة".
ويهدف هذا الهجوم إلى أن يكون له تأثير رادع على أنشطة إيران في المنطقة سواء في سوريا أو اليمن.
وأشار إلى أن ندرة مثل هذه الهجمات في تاريخ إيران قد خلقت موجة صادمة بسبب الخسارة الكبيرة في الأرواح.
ويعد هذا الهجوم الذي تم تنفيذه عملا يهز صورة آلية الأمن في إيران ويهز ثقة المواطنين في الدولة ويجعل من الصعب على الإيرانيين الشعور بالأمان. لهذا السبب ستأخذ إيران هذه العوامل في الحسبان أثناء إظهار رد فعلها.
سيناريوهات محتملة
وردا على سؤال كيف تقرأ إيران الهجوم؟، أجاب الباحث في السياسة الخارجية "مراد أصلان" بالقول: ينبغي التأكيد على أن هجوم 3 يناير في إيران كان عملا عشوائيا استهدف المدنيين في المقام الأول.
وبسبب أن منفّذ الهجوم أو الغرض منه لا يزال غير واضح فهناك عدة سيناريوهات محتملة للمحللين الإيرانيين.
أولا: إذا كان هناك اقتناع قوي بأن إسرائيل أو الولايات المتحدة تقف وراء الهجوم، فإن إيران سترد بالتأكيد.
ومع ذلك من المحتمل أن تقوم إيران بالرد بشكل مستتر عن طريق إسناد "مهام" إلى وكلائها الذين تتعاون معهم في بلدان مثل العراق أو اليمن أو لبنان أو سوريا.
وأضاف: أما إذا كان الهجوم من عمل منظمة متطرفة أو مناهضة للنظام أو تخريبية، فقد تنفذ إيران هجمات استخباراتية سرية ضد هذه المنظمات.
وفي هذا السياق يبدو أنّ إيران ستعمل على تنفيذ محاولات اغتيال أو تخريب سرية في تركيا أو العراق أو سوريا.
ومن المتوقع أن تبدأ إيران بعملياتها داخل البلاد بعد الهجوم وأن تركز على إستراتيجية للرد عليه وفقاً لهوية المرتكب.
أهداف إسرائيل
فيما أشار الكاتب والباحث في السياسة الخارجية "جان أجون" أن إسرائيل تريد إضعاف موقف إيران من خلال استهداف جنرالات الحرس الثوري الإيراني في سوريا، وتفجير بيروت لأول مرة منذ عام 2006 والذي أدى لمقتل زعيم حماس صالح العاروري في معقل لحزب الله، والآن هجوم كرمان.
ويبدو أن إسرائيل تتخذ خطوات لإضفاء الطابع الإقليمي على الصراع بهدف توسيع نطاق النزاع.
ويبدو أنها تسعى لدفع إيران وحزب الله إلى التحرك واتخاذ إجراءات كبيرة بهدف إنشاء دوامة من الصراعات العسكرية وذلك لإضعاف إيران، وخلق الديناميكيات التي ستؤدي إلى إفراغ غزة بالكامل.
وفي سؤال المركز التركي للكاتب "محمد رقيب أوغلو" عن "كيف يمكن أن يؤثر الهجوم في إيران على الغزو الإسرائيلي لغزة؟"
أجاب بأن الهجوم في إيران سيؤثر بشكل مباشر على الحرب في غزة بطريقة ترتبط مباشرة بهوية الجناة.
فإذا كانت الهجمات نوعا من الهجمات التي تنفذها الجماعات المدعومة من إسرائيل داخل إيران أو وحدات الاستخبارات الإسرائيلية، فيمكن القول أنّ إسرائيل تريد إضفاء الطابع الإقليمي على الحرب.
وإذا كانت إسرائيل وراء الهجوم على بيروت والذي أدى إلى مقتَل مسؤول كبير في حماس بالإضافة إلى الهجوم الذي نتَج عنه مقتل قائد الحرس الثوري في دمشق فهذا يعني أن إسرائيل تريد إشراك إيران في الحرب.
في الواقع كانت الغاية الرئيسية لإسرائيل منذ بداية الحرب هو جعل الولايات المتحدة وإيران تتقاتلان. لكن لا الولايات المتحدة ولا إيران تريد التدخل.
والواقع أن تطور الحرب إلى بعد إقليمي ليس معقولا بالنسبة للطرفين الفاعلين.
فإن هذه الهجمات على إيران ليست الأولى، ويبدو أنها لن تكون الأخيرة. وبالنظر إلى ردود فعل إيران السابقة من المرجح أن تكون ردودها محدودة. لذلك لا يبدو أن هناك حربا إقليمية ممكنة.
غير أنه لا يمكن اعتبار أي حرب تشمل إيران بأنّها حرب إقليمية؛ فإن دخلت إيران للحرب سيكون ذلك نذيرا مباشرا لحرب عالمية جديدة.
وأعتقد أن هذا الخيار ليس مثاليا سواء للولايات المتحدة أو روسيا أو إيران أو دول المنطقة أو الاتحاد الأوروبي حتى.