فضيحة أولمبياد باريس.. هؤلاء اللواءات يسيطرون على الاتحادات في مصر

داود علي | 3 months ago

12

طباعة

مشاركة

 إخفاقات وفضائح خلفتها البعثة المصرية في أولمبياد باريس 2024، والتي شملت هزائم رياضية وسقطات أخلاقية وفشلا تنظيميا.

الفشل الكبير في أولمبياد باريس أحدث غضبا عارما في الأوساط الشعبية والسياسية داخل الشارع المصري، وسط مطالبات بفتح الملفات كافة وتطبيق عقوبات قاسية في حق كل من أساء لمصر من لاعبين وإداريين، سواء أخلاقيا أو رياضيا.

وقد شاركت البعثة المصرية بأكبر عدد من اللاعبين على مدار تاريخها في الدورات الأولمبية في باريس 2024، بواقع 148 لاعبا ولاعبة أساسيا و16 لاعبا احتياطيا بإجمالي 164 لاعبا.

وكان رئيس النظام عبد الفتاح السيسي قد التقى بجميع أعضاء البعثة الأولمبية قبل مغادرتها، وتحدث معهم عما أطلق عليه الحفاظ على صورة مصر، الأمر الذي جاء بصورة عكسية تماما.

وجاء ذلك بعد أن أسند السيسي مهمة تولي رئاسة الاتحادات الرياضية المصرية إلى كبار العسكريين، ما فتح تساؤلات عن مدى كفاءة اللواءات لتلك المهمة، ولماذا أطلق السيسي أيديهم بهذا الشكل في جميع قطاعات الرياضة؟ وما تداعيات تلك الحالة على نتائج البعثة الأولمبية، التي مثلت نموذجا لفشل إدارة العسكريين.

حادثة تحرش

فجر 9 أغسطس/ آب 2024، أوقفت الشرطة الفرنسية لاعب المصارعة الرومانية، محمد إبراهيم، وشهرته "كيشو"، ضمن وفد البعثة الأولمبية المصرية، المشاركة في أولمبياد باريس.

كان سبب التوقيف اعتداء اللاعب المصري جنسيا، على مواطنة فرنسية في إحدى الحانات، وفق ما أفاد مكتب المدعي العام الفرنسي.

لكن فوجئ الرأي العام بعدها بيوم بإعلان وزارة الشباب والرياضة المصرية, براءة المصارع الأولمبي، من تهمة التحرش بعد أن تم حفظ التحقيق في الواقعة والإفراج عن اللاعب من قسم الشرطة بباريس.

وقالت الوزارة في بيان رسمي عبر موقعها: "حصل المصارع الأولمبي محمد إبراهيم كيشو على الإفراج من الشرطة الفرنسية لعدم ثبوت تهمة التحرش بفتاة فرنسية كما ادعت عليه".

وتابع البيان: "تم حفظ التحقيقات بشكل نهائي لعدم وجود أي أدلة تدين اللاعب حيث تم تفريغ الكاميرات في مكان الواقعة ولم تجد جهات التحقيق الفرنسية أي فعل مشين من اللاعب المصري تجاه الفتاة".

واستطرد البيان: "تتجه النية لدى لجنة الهيئات والأندية والقيم برئاسة اللواء شريف القماطي لتحويل مسار التحقيقات من الاتهام الباطل بالتحرش من فتاة فرنسية كما ادعت من قبل إلى تهمة الخروج من القرية الأولمبية وعدم العودة بعد نهاية المباراة النهائية في ميزانه والتي خرج لمشاهدتها ولم يعد ولم يلتزم بموعد عودته للقرية الأولمبية في باريس".

سيطرة اللواءات

وتتشكل سيطرة العسكريين على الهيئات الرياضية، بتولي اللواء جلال علام رئاسة الاتحاد المصري لكرة القدم.

فيما يشغل اللواء شريف القماطي منصب رئيس الاتحاد المصري للتجديف، وكذلك اللواء محمد محمود رئيس الاتحاد المصري للمصارعة.

إضافة إلى تولي اللواء حازم الدمهوجي رئاسة الاتحاد المصري للخماسي الحديث (رياضة مركبة تتكون من 5 لعبات يمارسها لاعب واحد).

كما يرأس اللواء حازم حسني الاتحاد المصري للرماية، فيما يرأس اللواء أيمن شويتة الاتحاد المصري لرياضة "الكانوي والكاياك"، وأخيرا اللواء محمود بركات رئيس الاتحاد المصري للقوة.

والملاحظ أن معظم الاتحادات التي تولاها عسكريون حققت خسائر كبيرة، باستثناء الخماسي الحديث؛ حيث نجح اللاعب المصري الأسطوري في تلك اللعبة أحمد الجندي، في إحراز الذهبية الوحيدة لمصر يوم 10 أغسطس 2024.

وقد أنقذ الجندي اتحاد الخماسي من مهزلة، بعدما استبعدت المصرية سلمى أيمن من المنافسات، بعد سقوطها من فوق جوادها.

لكن على مستوى المصارعة الرومانية والحرة، وهي من الألعاب التي تميزت بها مصر تاريخيا، كان الفشل ملحوظا. 

إذ شاركت مصر في أولمبياد باريس بقائمة تضم 11 لاعبا ولاعبة، معظمهم ودع المنافسات من المباراة الأولى.

وقد هزم اللاعب محمد إبراهيم "كيشو" لعدم التكافؤ، كذلك غادر "جمال عبد الناصر"، الذي هزم بـ "لمس الاكتاف".

إضافة لمحمود خالد الذي هزم "9 مقابل صفر"، و"مؤمن ربيع" خسر "6 - 2"، ثم تأهل إلى الترضية ولعب على البرونزية وخسر "12-1".  

ومحمد مصطفى خسر لـ "عدم التكافؤ"، بينما خسرت “ندى مدنى” بنتيجة "7-2"، ومحمد جبر الذي خرج من دور قبل النهائي بخسارة "6-0".

ويأتي ذلك بعد أن أعطى رئيس اتحاد المصارعة اللواء محمد محمود، وعدا قبل انطلاق الأولمبياد، بحصول مصر على عدد مناسب من الميداليات. 

فضائح متتالية 

ومن الأحداث التي تسببت في غصة كبيرة للجماهير المصرية، هزيمة المنتخب الأولمبي لكرة القدم على يد نظيره المغربي في مباراة الميدالية البرونزية، "6 مقابل صفر" وهي نتيجة ثقيلة، عدت فضيحة كروية. 

لكن الحادثة التي لاقت رواجا تمثلت في قضية "الوزن الزائد"، للملاكمة المصرية "يمنى عياد" التي استبعدت بسبب زيادة 700 غرام.

وحدث جدل على وقع المهزلة التي زاد من حدتها تصريحات رئيس اتحاد الملاكمة عبد العزيز غنيم، الذي برر الزيادة بـ "تغيرات فسيولوجية خاصة بالمرأة".

ضربة أخرى تعرضت لها البعثة المصرية، عندما كشفت اللاعبة ندى حافظ عن مشاركتها في منافسات السيف العربي بالمبارزة، وهي حامل في شهرها السابع.

هذه القضية أغضبت المصريين، بسبب خطورة الأمر، وإهمال المشرفين على البعثة عن قضية حساسة مثل هذه.

وكانت المبارزة قد أعلنت بشكل مفاجئ، بعد تقديمها أداء طيبا وخروجها من المنافسات، أنها "حامل".

كذلك تأتي قصة المبارز المصري، المصنف الأول عالميا زياد السيسي، الذي كانت تعقد عليه آمال كبيرة في الوقوف على منصة التتويج.

لكن اللاعب خرج بعدما احتل المركز الرابع، وظهر باكيا بحرقة، وأثار التعاطف والتساؤلات بسبب كلماته بعد خسارته الميدالية البرونزية.

إذ قال: "عمري ما وصلت لمرحلة الضغط هذه من قبل، كنت مشتتا ولم أستطع التركيز.. كنت أتمنى أن أحقق حلم حياتي وحلم والدي الله يرحمه".

ووجهت الاتهامات لإدارة البعثة المصرية، وضعف التأهيل النفسي للرياضيين، وهو الأمر الذي توفره أغلب البعثات الرياضية في الأحداث الكبيرة.

مليار ونصف 

على وقع النتائج والأداء المخيب للآمال، تحدث وزير الشباب والرياضة أشرف صبحي، الذي نالته انتقادات لاذعة، عن فتح تحقيق للاتحادات الرياضية كافة التي خرجت من الأولمبياد بهزائم ثقيلة.

لا سيما أن مصر أنفقت مليارا ونصف المليار جنيه لإعداد اللاعبين والمدربين لخوض تلك الفعالية الكبرى التي تعقد كل 4 سنوات. 

وفي 10 أغسطس، شن أعضاء البرلمان المصري هجوما شرسا على نتائج البعثة المصرية المشاركة في أولمبياد باريس.

وأشار النواب إلى أن الفشل الذي حدث لممثلي البعثة يمثل إهدارا للمال العام، مطالبين بمحاسبة جميع المقصرين وفتح تحقيق عاجل حول ما وصلت إليه الرياضة المصرية. 

 كما تقدم النائب خالد أبو نحول عضو مجلس النواب وعضو لجنة الإدارة المحلية بالمجلس بطلب إحاطة لرئيس البرلمان “حنفي جبالي”.

وطلب منه توجيه استدعاء عاجل إلى رئيس مجلس الوزراء ووزير الشباب والرياضة بشأن تحديد المسؤولية عن فضيحة المنتخب الأولمبي وفشل البعثة المصرية في 50 لعبة جماعية وفردية وإهدار أموال البعثة على سفر أعداد مع اللاعبين لا فائدة لها؟ 

أما النائب محمد الجبلاوي فقدم طلب إحاطة أشد قوة، حيث طالب بمحاسبة كل المسؤولين عن فشل هذه البعثة.

كما طالب بحل الاتحادات والنقابة الرياضية للمهن الرياضية، التى قال عنها: "بها كل أنواع الفساد المالي والإداري".

وكذلك طلب استرداد بدل السفر لأعضاء هذه الاتحادات وعلى رأسهم الرؤساء وكبار الموظفين. 

كما لفت إلى أن هناك وقائع فساد واضحة بسبب الإهمال وسوء التنظيم وفشل الترويج للألعاب قبل فترة من البطولة، وعدم إعداد اللاعبين على أعلى مستوى، لنفاجأ بكوارث في التجهيز والتنظيم والمنافسة.

أولمبياد الحسرة 

وتعليقا على هذا الفشل، غرد وكيل وزارة الصحة الأسبق مصطفى جاويش على حسابه بموقع “فيسبوك” قائلا: “اللواءات وأولمبياد العاهات. وضعوهم على رأس المنتخبات الرياضية، وقالوا إنه الضبط والربط، كان المشهد عارا يخجل منه المصريون”.

بدوره، قال الموظف السابق بوزارة الشباب والرياضة الدكتور محمد عباس، "إن هزائم البعثة الرياضية المصرية في أولمبياد باريس، ليست مجرد نتائج رقمية، بل حصاد فشل وسوء تخطيط وإعداد على مدار سنوات". 

وأضاف في حديث لـ"الاستقلال" أنه "أنفق مليارات الجنيهات على مشاريع البطل الأولمبي في مصر منذ انطلاقها قبل عقود، في عهد الرئيس الراحل (المخلوع) حسني مبارك، وهي بؤرة كبيرة للفساد والاستغلال، خاصة أنه لا رقيب ولا حسيب". 

وأتبع: “أما فكرة تولي اللواءات للاتحادات الرياضية من باب الضبط والربط، فهو تماما مثل جملة (مصر تحتاج إلى عسكري ليضبطها)”.

وبين أنه "مثلما أخفق السيسي سياسيا واقتصاديا وأوصل البلد إلى حافة الإفلاس، كذلك أخفق الضباط في إدارة الاتحادات، وأوصلوا مصر إلى هذه الصورة الفاضحة أمام العالم".