حال اجتياح إسرائيل جنوب لبنان.. إلى أي مدى يمكن أن ينخرط العراق بالحرب؟

السوداني يوجه باستبعاد قادة وعناصر الحشد الشعبي عن مؤسسات الحكومة
في ظل استمرار هجمات الطائرات المسيرة التي تطلقها الفصائل العراقية، على الأراضي الفلسطينية المحتلة، توعدت إسرائيل بشن ضربات على العراق، خصوصا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان قد صنّف الأخير ضمن البلدان المعادية.
و"تضامنا مع غزة" التي تتعرض لإبادة إسرائيلية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تنفذ الفصائل العراقية إلى جانب الحوثيين في اليمن وحزب الله اللبناني، عمليات مختلفة ضد إسرائيل، إلى جانب عمليات استهداف سفن مرتبطة بتل أبيب في البحر الأحمر وبحر العرب.
ومن أجل إيقاف هجماتها، تطالب هذه الفصائل بإنهاء الحرب التي تشنها إسرائيل بدعم أميركي على غزة، والتي خلّفت أكثر من 139 ألف شهيد وجريح فلسطيني، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
تهديد إسرائيلي
ورغم تبني ما يعرف بـ"المقاومة الإسلامية في العراق"، العديد من الهجمات ضد إسرائيل، لكن وللمرة الأولى يعلن الجيش الإسرائيلي في 4 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، مقتل جنديين وإصابة 24 بجروح، وذلك إثر هجوم بمسيرتين من العراق على شمالي الأراضي المحتلة.
ووفق إذاعة جيش الاحتلال، فإنها "هذه المرة الأولى منذ بداية الحرب التي تنجح فيها المليشيات الشيعية بالعراق في ضرب إسرائيل وإيقاع إصابات ووفيات"، مؤكدة أن القتيلين هما "الرقيب دانيال صوفر والعريف طال درور وكلاهما يبلغ من العمر 19 عاما".
وأضاف البيان أنه في الحادث نفسه أصيب جنديان من لواء غولاني بجروح خطيرة، مؤكدا أن "التحقيق في الحادثة خلص إلى أنه في 4 أكتوبر، انطلقت طائرتان مسيرتان من العراق وعبرتا إلى الأراضي الإسرائيلية في منطقة هضبة الجولان".
وتابع: "اعترض سلاح الجو طائرة مسيرة واحدة، وانفجرت الثانية في معسكر للجيش شمالي هضبة الجولان، مشيرا إلى أنه "فشل في اكتشاف الطائرة المسيرة المنفجرة وكذلك في التحذير".
وبحسب بيانين منفصلين لـ"المقاومة الإسلامية في العراق" على منصة تلغرام، فإن مقاتليها نفذوا هجمات بالمسيرات على أهداف إسرائيلية شمالي الأراضي المحتلة، بما فيها الجولان الأربعاء والخميس (3 و4 أكتوبر).
وفي 22 سبتمبر، حذرت صحيفة جيروزاليم بوست العبرية، السلطات الإسرائيلية من مغبة "تجاهل" التهديدات الصادرة من العراق، بحسب وصفها، داعية إياها الى اتخاذ ما يلزم لتأمين إسرائيل.
وقالت الصحيفة إن "العراق أصبح مصدر تهديد مستمر لإسرائيل منذ هجوم السابع من أكتوبر مع توسعة الفصائل العراقية لعمليات القصف التي تشنها باتجاه ميناء إيلات وبعض القواعد العسكرية".
وشددت على أن "تصريحات مسؤول كتائب سيد الشهداء (أبو آلاء الولائي) يجب ألا يتم تجاهلها من قبل الحكومة الإسرائيلية".
وأشارت إلى أن "التهديدات التي أطلقها أبو آلاء وتضمنت وعودا بإرسال مقاتلين إلى لبنان لدعم حزب الله في حربه ضد إسرائيل تمثل الآن تهديدا للأمن القومي الإسرائيلي بشكل مباشر"، داعية السلطات الإسرائيلية إلى "اتخاذ ما يلزم لتأمينها من تلك التهديدات".
وفي 21 سبتمبر، بعث الولائي برسالة إلى زعيم حزب الله اللبناني السابق، حسن نصر الله، أبدى استعداه فيها بإرسال مئة ألف مقاتل إلى لبنان للقتال ضد الإسرائيليين، معلنا أن العراق "هو خط الحياة لمحور المقاومة الذي يمده بالعدة والعدد".
وتوعدت إسرائيل، في 25 سبتمبر، العراق بـ"فعل ما يلزم" للرد على الهجمات القادمة من الفصائل المسلحة.
إذ قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري: "نراقب عن كثب التهديدات التي تأتينا من العراق ونجمع المعلومات. سنفعل ما يلزم".
تدابير عراقية
وعلى وقع تصعيد الفصائل العراقية وتهديد إسرائيل بالرد عليها، أعلن العراق اتخاذ تدابير عدة لحماية أجوائه، وذلك رغم تأكيد المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، أن "الأطراف العراقية حافظت على تجنب التصعيد" في ظل الصراع المتصاعد بالمنطقة.
وأكد الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، اللواء يحيى رسول، خلال تصريح لوكالة أنباء العراق الرسمية "واع" في 5 أكتوبر، اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتأمين الأجواء العراقية، وأن البلد يمتلك القدرة على مراقبة الأجواء ومتابعة الطائرات الداخلة والخارجة.
وقال رسول، إن “الحكومة العراقية، وعلى رأسها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أولت اهتماما كبيرا لتطوير قدرات الدفاع الجوي”.
وأشار إلى "توقيع عقد مع كوريا الجنوبية قبل عدة أشهر لامتلاك منظومة دفاع جوي متطورة، وهذا يتطلب وقتًا لإكمال بناء هذه المنظومة".
وأكد المتحدث أن "طائرات إف 16 وكي 50 الكورية المتقدمة، وطائرات النقل الجوي والاستطلاع، تشكل قوة جوية عراقية تسهم في حماية العراق والدفاع عن سيادته".
ونوه إلى أن "قطاعات الجيش العراقي تتواجد خلف الحدود، إضافة إلى انتشار خمس خطوط من القوات الحدودية، وهي تنفذ عمليات نوعية واستباقية في المناطق التي يتم تحديدها استخباراتيا".
وبعيدا عن التصريحات الرسمية، فإن مصادر عراقية قريبة من الحكومة، كشفت لـ"الاستقلال" عن "جملة من التدابير التي اتخذتها السلطات تحسبا لأي ضربة عسكرية إسرائيلية ردا على الهجمات التي شنتها المليشيات الشيعية القريبة من إيران".
وأوضحت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن "رئيس الوزراء العراقي، وجّه أخيرا بضرورة إعادة كل القادة والأفراد التابعين للحشد الشعبي إلى مقارهم، وإبعادهم عن الدوائر الرسمية الحكومية التي نقلوا إليها بشكل مؤقت في فترات سابقة".
وأكدت أن "توجيهات رئيس الوزراء تزامنت مع إخلاء العديد من المليشيات ولاسيما كتائب حزب الله العراقية أماكن تواجدها وخصوصا في محافظتي الأنبار ونينوى، القريبتين من الحدود السورية، وذلك تحسبا لاستهدافها من الجانب الإسرائيلي".
المصادر ذاتها كشفت عن "ضغوطات يمارسها رئيس الوزراء العراقي على المليشيات الشيعية وقادة الإطار التنسيقي الشيعي من أجل تجنيب العراق أي هجمات إسرائيلية تحوله إلى بلد مستباح مثل لبنان، كونه لا يمتلك دفاعات جوية وسماؤه تسيطر عليها الولايات المتحدة".
بنك الأهداف
وبخصوص السيناريوهات المتوقعة للاستهداف الإسرائيلي المحتمل للعراق، أكدت المصادر أن "هناك توقعات بتوجيه ضربات إلى عدد من قادة الفصائل المسلحة ومقراتهم، ولاسيما في منطقة جرف الصخر شمال محافظة بابل، وأخرى على الحدود مع سوريا".
ونشر موقع إذاعة "منوت كارلو" الدولية، تقريرا في 30 سبتمبر، كشف فيه عن تفاصيل اجتماع طارئ عقده الإطار التنسيقي الشيعي بحضور رئيس الوزراء العراقي، جرى بحث التطورات الخطيرة في لبنان.
وبحسب التقرير فإن مستشارية الأمن القومي العراقي كشفت عن وجود بنك أهداف عراقية ستهاجمها تل أبيب، وهذا الأمر مرتبط بحدوث تصعيد إقليمي خطير وحرب إقليمية واسعة، وأيضا بالسقف الذي ستذهب إليه الفصائل العراقية في مواجهة إسرائيل.
وأوضح أن "أهم هذه الأهداف العراقية هي مواقع ما يسمى فصائل المقاومة الإسلامية العراقية بالتحديد في منطقتي القائم والبوكمال وهي منطقة حدودية عراقية سورية".
ومن الأهداف المهمة، كذلك معسكرات الحشد الشعبي التي تضم فصائل شيعية مسلحة وبالتحديد في جنوب بغداد في مناطق اللطيفية المحمودية وفي محافظة بابل جنوب بغداد.
هذه المناطق والمدن تضم معسكرات مهمة جدا للفصائل العراقية، ومن بينها مواقع للفصائل في محافظة ديالى شمال شرق بغداد، على الحدود العراقية الإيرانية، ومنطقة الحدود العراقية - الإيرانية ستكون هدفا للغارات الإسرائيلية، وفقا للتقرير.
وذكرت الإذاعة الدولية أن "الهجمات الإسرائيلية أيضا ربما تشمل اغتيال قيادات عسكرية وسياسية شيعية مهمة، ولاسيما هادي العامري (زعيم مليشيا بدر) والذي وضع على قائمة الأهداف الإسرائيلية".

وأشار التقرير إلى أن "الجيش العراقي غير جاهز لهذه المواجهة ولا يملك أي معدات دفاع جوي، وأن الجانب الأميركي أبلغ السلطات العراقية بأنه لن يمنع هذه الغارات في حال تورط العراق أو الفصائل، على تقدير أن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة هو من يحمي الأجواء".
ونوه إلى أن "السيناريو البري والذي يقضي بإرسال قوات برية هو ما تبقّى. وبالفعل بدأت عملية تحشيد القوات البرية وسيتم فتح باب التطوع. وقد تطوّع الآلاف في خلال يومين في مواجهة إسرائيل".
وبيّن أن "هؤلاء المتطوعين سيذهبون على الأرجح الى الجولان أو الى جنوب لبنان لمواجهة عملية برية إسرائيلية لو حدثت، وأيضا هناك من يتحدث عن سيناريو بري للفصائل العراقية بالتحديد".
وخلص إلى أن "جزءا كبيرا من الحشد الشعبي مستعد لهذه المواجهة لحسابات عقائدية تتعلق بحزب الله اللبناني، إذ ينتمي كلاهما الى المذهب الشيعي وبالتالي احتمال أن تفتح جبهة الجولان".
وفي 6 أكتوبر، أكد عضو المكتب السياسي لمليشيا "عصائب أهل الحق" العراقية، سلام الجزائري خلال مقابلة تلفزيونية، أن "إسرائيل ستفرض علينا الحرب، وأهلا وسهلا بها إذا فرضت علينا".
وبحسب الجزائري، فإن "الأيام المقبلة ستشهد حربا مفتوحة وستشن إسرائيل ضربات على المقرات (لم يذكر هويتها ومكانها)، وأن الحكومة العراقية حذرة في الوقت الحالي، وأدخلت بعض قواتها في حالة الإنذار، لأن الحرب قادمة لا محالة".
المصادر
- "للمرة الأولى".. هجوم من العراق يسفر عن مقتل جنديين إسرائيليين وإصابة 24
- في أول تعليق حول الضربات القادمة من العراق.. إسرائيل: سنفعل ما يلزم
- العراق: اجتماع طارئ للإطار التنسيقي الشيعي وأهداف عراقية محتملة ستهاجمها إسرائيل
- "المقاومة الإسلامية" في العراق تعلن مهاجمة هدف إسرائيلي بمسيرة متطورة تستخدم للمرة الأولى
- صحيفة إسرائيلية تحذر من تصريحات الفصائل: العراق اصبح مصدر تهديد
- رسالة الأمين العام لكتائب سيد الشهداء في العراق أبو الاء الولائي للسيد نصرالله
- اللواء رسول: اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتأمين الأجواء العراقية
- قيادي بالعـ.ــصـ,,ـائب: الحـ.ـــرب قادمة لا محالة والحكومة العراقية ادخلت بعض قواتها الإنذار