بسحب قواته من سوريا.. هل يتخلى ترامب عن "قسد" ويتعاون مع حكومة الشرع؟

“على إدارة ترامب فتح قناة تواصل مع حكومة الشرع"
ارتفعت أصوات أميركية تدعو واشنطن إلى سحب قواتها من سوريا والانخراط مع الحكومة الجديدة والنأي بنفسها عن قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
وقال سفير واشنطن السابق لدى دمشق، روبرت فورد، في مقال نشرته مجلة "فورين أفيرز" الأميركية: إن "أفضل ما يمكن للولايات المتحدة أن تساعد به سوريا هو الانسحاب منها".
أفضل خطوة
وأضاف فورد أنه "لا يزال من غير الواضح كيف سيتمكن (الرئيس السوري) أحمد الشرع من توحيد بلد متنوع وممزق، وما إذا كان سيحظى بدعم المكونات السورية الأخرى في حال اتجه نحو نهج أكثر اعتدالا وشمولية".
علاوة على ذلك، يبقى مستقبل الوجود الأميركي في سوريا أحد أكبر الأسئلة المعلقة في المشهد السوري، إذ لا تزال واشنطن تحتفظ بنحو ألفي جندي ومتعاقد في سلسلة من المواقع والقواعد الصغيرة شرق سوريا.
وقال فورد: "رغم الدعم الأميركي المستمر، لا يزال تنظيم الدولة نشطا في سوريا، مستفيدا من ثغرات أمنية وظروف متقلبة، ومع ذلك، ومع انهيار نظام بشار الأسد، بات بإمكان الولايات المتحدة البحث عن شريك جديد وأكثر تأثيرا في مواجهة فلول التنظيم، وهو الحكومة السورية الجديدة".
وأوضح: "يمكن أن يسهم تعزيز التعاون، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، مع هذا الكيان الناشئ في تعزيز الاستقرار الإقليمي، وإنهاء القتال المستمر شرق سوريا، وتقليل الأعباء الأميركية هناك".
واستطرد أنه "لطالما أعرب الرئيس دونالد ترامب عن استيائه من التورط الأميركي في النزاعات الخارجية، خاصة في الشرق الأوسط، وفي هذا السياق، فإن التعاون مع الحكومة الانتقالية في دمشق يمنح واشنطن فرصة لمغادرة سوريا وفق شروطها الخاصة".
وتابع فورد: "يرى العديد من المسؤولين والمحللين الأميركيين أن (الإدارة الذاتية) في شمال شرق سوريا شريك موثوق لضمان ما تأمله واشنطن بأن يكون الهزيمة الدائمة لتنظيم الدولة في البلاد".
واستدرك: "مع ذلك، فشلت (قسد) في القضاء على التنظيم المتطرف؛ إذ لا يزال مقاتلو تنظيم الدولة ينشطون وسط وشرق سوريا بعد ستة أعوام من سقوط آخر معاقلهم".
علاوة على ذلك، "أثارت ممارسات قسد استياء المجتمعات العربية المحلية؛ حيث تخضع هذه المجتمعات لسيطرة مشددة من وحدات حماية الشعب، وهي مليشيا كردية، ارتكبت القوات عمليات قتل خارج نطاق القانون واعتقالات تعسفية بحق المدنيين العرب".
“كما ابتزت عائلات عربية سعت لمعرفة مصير أقاربهم المعتقلين أو تأمين الإفراج عنهم، وأجبرت شبانا عربا على الانضمام إلى صفوفها، وأعادت تشكيل النظام التعليمي بما يتماشى مع أجندتها السياسية، واستقطبت مقاتلين أكرادا غير سوريين”، وفق فورد.
وذكر أن "الإدارات الأميركية، منذ عهد الرئيس باراك أوباما، سعت إلى تحقيق توازن بين دعم مليشيا وحدات حماية الشعب في قتالها ضد تنظيم الدولة، وبين استيعاب هواجس أنقرة وسعيها لاستهداف قادة ومقاتلي الوحدات".
الطريق عبر دمشق
وأوضح السفير الأميركي السابق أنه "بدلا من الاعتماد على قسد، يمكن للولايات المتحدة أن تلجأ إلى الحكومة الجديدة في دمشق للمساعدة في القضاء على تنظيم الدولة".
ويقر بأن “هذا الطرح قد يبدو للوهلة الأولى غريبا، إذ تصنّف واشنطن (هيئة تحرير الشام) منظمة إرهابية، ومع ذلك، لم يمنع هذا التصنيف الولايات المتحدة من التعاون الوثيق مع وحدات حماية الشعب، التي ترتبط بحزب العمال الكردستاني، وهو تنظيم تصنّفه واشنطن أيضا منظمة إرهابية”.
وأضاف: "لا شك أن نهج هيئة تحرير الشام المتشدد لا يمكن التقليل من شأنه، فعندما كنت سفيرا في سوريا، قُدتُ الجهود الأميركية في خريف 2012 لتصنيف جبهة النصرة، الفصيل المرتبط بتنظيم القاعدة الذي انبثقت منه هيئة تحرير الشام لاحقا، منظمة إرهابية أجنبية".
وأشار إلى أن "العديد من الأوساط في واشنطن لا تزال تشك في أن النسخة الجديدة من الجماعة قد تخلت فعليا عن الإرهاب أو تراجعت عن رؤيتها الأيديولوجية المتشددة، لكن الشرع يؤكد عكس ذلك".
واستطرد: "فقد أمضت جبهة النصرة ثم هيئة تحرير الشام سنوات في محاولة النأي بنفسها عن الجماعات الإرهابية، وانفصل الشرع عن تنظيم الدولة عام 2014، ثم خاضت قواته معارك دموية ضد التنظيم حتى طردته من شمال غربي سوريا".
كما أعلن "قطع علاقته بالقاعدة علنا عام 2016، وخاضت قواته قتالا ضد جماعة (حراس الدين) المرتبطة بالقاعدة في الشمال الغربي، ولم تنفذ جبهة النصرة ولا هيئة تحرير الشام هجمات إرهابية بعد انشقاقهما عن تنظيم الدولة والقاعدة، بل قمعت أي محاولة لهذه الجماعات لإعادة التمركز في المنطقة".
وعلى مدى السنوات الثماني الماضية، صعّبت هذه التحركات تبرير بقاء "هيئة تحرير الشام" على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية"، وفق فورد.
كما سعت الهيئة إلى "تحسين صورتها العامة، فبدأت منذ 2022، دون التخلي عن هدفها في إقامة حكومة إسلامية في سوريا، بإعادة ترميم منازل المسيحيين وأراضيهم الزراعية التي استولى عليها متشددون خلال أسوأ فترات الحرب شمال غربي البلاد".
وأفاد السفير الأميركي السابق لدى دمشق (2011-2014) بأن قادة مسيحيين في إدلب أخبروه، في سبتمبر/أيلول 2023، بأن معظم الممتلكات قد أُعيدت بالفعل.
ويشير هذا السجل إلى أن "هيئة تحرير الشام"، وليس "قسد"، هي الأقدر على تقويض جاذبية تنظيم الدولة بين بعض الطوائف واحتوائه في نهاية المطاف".
وأكد فورد أن الأهم من ذلك، أن الشرع قد يكون الأقدر على كسب دعم المجتمعات العربية في شرق وشمال شرق سوريا، وهي المناطق التي يستمد منها تنظيم الدولة مجنديه.
وأضاف أن "الحكومة الانتقالية في سوريا ستحتاج إلى نقل المجموعات العربية المقاتلة الخاضعة حاليا لقيادة وحدات حماية الشعب إلى وزارة الدفاع الناشئة في دمشق".
وأكد فورد أن "على إدارة ترامب فتح قناة تواصل مع الحكومة الجديدة لمناقشة الجهود المستقبلية ضد تنظيم الدولة".
وتابع: "ويجب أن تشمل المحادثات انضمام المليشيات العربية المحلية، الخاضعة حاليا لقسد، إلى حملة حكومة دمشق ضد تنظيم الدولة، ونشر قوات حكومية في المناطق التي لا يزال التنظيم ينشط فيها، وتحديد جداول زمنية لهذه الخطوات".