هجمات متبادلة غير مؤثرة.. ما جدوى توعد إيران بالرد على إسرائيل؟

يوسف العلي | 20 days ago

12

طباعة

مشاركة

رغم عدم تأثيرها، تصر إيران وإسرائيل على تبادل الهجمات وفق قاعدة “ضربة بأخرى” لعدم فرض توازن ردع جديد يقصف فيه أحدهما الآخر دون رد، ما يجعله مستباحا مستقبلا.

ويفتح باب التساؤل واسعا عن مدى إمكانية توجه إيران للرد على الهجوم الذي شنته إسرائيل في 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، على الجمهورية الإسلامية ولم يكن بحجم تهديدات تل أبيب.

وبالتزامن مع طرح علامات الاستفهام عن جدوى الضربات غير المجدية واستهداف الفرائس السهلة من الجانبين، يدور تساؤل آخر عن المدى الزمني الذي ستستمر فيه هذه الهجمات، وهل وقتها مرهون بانتخابات الرئاسة الأميركية؟.

"ردّ حازم"

وعلى وقع الهجوم الإسرائيلي الأخير، توعد مسؤولون إيرانيون بردٍّ مناسب وحازم بدون كشف شكله وتوقيته، كما حصل مع ردها مطلع أكتوبر 2024، على اغتيال زعيم حزب الله اللبناني السابق، حسن نصر الله، ورئيس المكتب السياسي الأسبق لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، إسماعيل هنية.

وتوعد المتحدث باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي، بأن طهران "ستستخدم كل الأدوات المتاحة" للرد على الهجوم الذي شنته إسرائيل على أهداف عسكرية في إيران.

وقال بقائي خلال مؤتمر صحفي أسبوعي في 28 أكتوبر، نقله التلفزيون الرسمي الإيراني، إن رد إيران يعتمد على طبيعة الهجوم الإسرائيلي.

كذلك حذّر قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي من "عواقب مريرة لا توصف" على إسرائيل، مشددا على أن الهجوم الإسرائيلي هو "سوء تقدير وعجز".

ونقلت وكالة "تسنيم" الإيرانية للأنباء عن سلامي في 28 أكتوبر، قوله إن إسرائيل "فشلت في تحقيق أهدافها المقيتة " من خلال ضرباتها الجوية على مواقع عسكرية لإيران.

وفي السياق ذاته، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان: "لا نسعى للحرب لكننا سندافع عن حقوق أمتنا وبلدنا"، مضيفا: "سنعطي ردا مناسبا لعدوان الكيان الصهيوني". 

كما أكد وزير خارجيته، عباس عراقجي، أن إيران تملك "حق الرد"، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية في 28 أكتوبر.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية (إرنا) في 27 أكتوبر، عن المرشد الأعلى لإيران، علي خامنئي، قوله، إن "على المسؤولين الإيرانيين تحديد أفضل السبل لإظهار قوتنا بعد الضربات الإسرائيلية".

وفي أول تعليق على الضربات الإسرائيلية، شدد خامنئي على أنه "لا ينبغي المبالغة ولا التقليل من شأن" الهجوم، غير أنه امتنع عن الدعوة إلى الرد.

وأشار خامنئي إلى أنه ينبغي إظهار قوة إيران لإسرائيل، مضيفا أن السبيل للقيام بذلك يجب أن "يحدده المسؤولون وأن ما في مصلحة الشعب والبلاد يجب أن يحدث".

وتُعد التصريحات الأخيرة لخامنئي مؤشرا على أن إيران تدرس بعناية ردها على الهجوم، وفقا لما ذكرته وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية في 27 أكتوبر.

"رد اعتباري"

وقال الباحث في شؤون الشرق الأوسط، إياد ثابت، إنه "لا توجد جدوى من رد غير مؤثر، وإنما هو موضوع اعتباري لا أكثر، لأن هناك اتفاقات ربما تديرها واشنطن تؤكد وجود تنسيق- وإن كان غير مباشر- بين طهران وتل أبيب على الرد غير المؤذي".

وتوقع ثابت لـ"الاستقلال" أن "تكون الهجمات المتبادلة بمثابة إحماء يستمر إلى حين إجراء الانتخابات الأميركية الرئاسية بين الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية، كمالا هاريس، في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، وبعدها الحديث يختلف".

وأشار إلى أنه "إذا جاء ترامب إلى إدارة البيت الأبيض، فإنه سيحسم تبادل الهجمات سياسيا واقتصاديا بتشديد العقوبات على إيران"، مؤكدا أن "إسرائيل وأميركا لا تريدان القضاء على نظام ولاية الفقيه القائم هناك".

ورأى الباحث أنه "لن يستطيع أحد إسقاط النظام الإيراني الحالي سوى الولايات المتحدة، فإذا كانت بحاجة إلى وجوده فلن يسقط، لأن بقاءه مهم لإسرائيل حاليا حتى تهرول الأنظمة العربية للتطبيق معها هربا من إيران وطموحات ولاية الفقيه في التمدد عربيا".

ولفت إلى أن "إسرائيل ستحل محل إيران في حكم البلدان التي تريد الأخيرة إدارتها، وأن واقع الحال حاليا هو أن الاحتلال الإسرائيلي وبدعم غربي يتحكم فعليا بالقرار أو على الأرض في لبنان وفلسطين والأردن ودول الخليج ومصر، كما أن اليمن والسودان على الطريق". 

وخلص ثابت إلى أن “رد إيران غير المؤثر هدفه الدفاع عما تبقى لها من صورة في المنطقة وأنها تقود ما يسمى محور للمقاومة، رغم أن إسرائيل وأميركا يمكنهما استباحة دول المحور متى ما أرادتا وتحديدا في العراق وسوريا”.

من جهته، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية، وديع عواودة، إن "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ما زال مصمما على استدراج الولايات المتحدة للانتقال من الدفاع إلى الهجوم، والارتطام بشكل مباشر مع إيران".

وأضاف خلال مقابلة مع قناة "الحرة" الأميركية في 29 أكتوبر: "لا مجال للتراجع والمناورة بعد التهديد الصارم على لسان مسؤولين إيرانيين وبشكل حازم، وإنما كانت هناك تصريحات قاطعة، لذلك تأخذ إسرائيل الأمر بالحسبان".

ولفت عواودة إلى أنه “لا يوجد في إسرائيل أي استخفاف بالتهديدات الإيرانية، وهناك اتخاذ للتدابير بامتصاص أي ضربة”.

واستبعد أن "يكون الرد الإيراني على إسرائيل قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في الخامس من نوفمبر".

"تحذير أميركي"

من جهتها، حذرت الولايات المتحدة إيران من أنها ستواجه "عواقب وخيمة" إذا نفذت أي هجمات أخرى على إسرائيل أو العسكريين الأميركيين في الشرق الأوسط، حسبما صرّحت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد.

وقالت جرينفيلد خلال كلمة لها أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 28 أكتوبر، إننا "لن نتردد في اتخاذ إجراءات دفاعا عن النفس. لا ينبغي أن يكون هناك أي لبس".

وشددت على أن "الولايات المتحدة لا تريد أن ترى مزيدا من التصعيد"، مضيفة: "نعتقد أن ما حدث يجب أن يكون نهاية التبادل المباشر لإطلاق النار بين إسرائيل وإيران".

وفي 27 أكتوبر، حذر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، طهران، من الرد على الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع عسكرية في إيران.

وأكد في اتصال مع نظيره الإسرائيلي على فرص نزع فتيل التصعيد في المنطقة، بحسب بيان لوزارة الدفاع الأميركية.

وقال أوستن: "ينبغي ألا تقترف إيران خطأ الرد على الضربات الإسرائيلية، وهو ما ينبغي أن يمثل نهاية لهذا التبادل"، قائلا إن هناك حاليا "فرصة لاستخدام الدبلوماسية لتخفيف التوتر في المنطقة".

من جهته، قال وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت، إنه ناقش مع نظيره الأميركي تقييمات نجاح الضربات ضد منشآت تصنيع الصواريخ وأنظمة الصواريخ سطح-جو والقدرات الجوية الإيرانية.

وأضاف غالانت: "ناقشت مع أوستن الفرص الإستراتيجية نتيجة الإنجازات في العمليات".

وكانت إيران أعلنت في يوم الهجوم الإسرائيلي عليها، أن ضربات الاحتلال استهدفت مواقع عسكرية على أراضيها أسفرت عن مقتل أربعة عسكريين من الجيش الإيراني، وأنها خلفت "خسائر محدودة".

وفي 26 أكتوبر، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه وجه ضربات "دقيقة وموجهة" على مواقع تصنيع صواريخ وقدرات جوية أخرى في إيران ردا على الهجوم الذي شنته طهران على إسرائيل مطلع الشهر نفسه.