مستغلة خنوع العرب.. إسرائيل تبيد شمال الضفة والفلسطينيون يقاومون بالحجارة

"عباس وسلطته لا يخجلون من العار فهم العار، ولا تحرجهم العمالة فهم العمالة، وقد خلعوا ربقة فلسطين من أعناقهم"
ندد ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي بتوسيع جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه في الضفة الغربية المحتلة، وتوغل دباباته في جنين للمرة الأولى منذ الانتفاضة الثانية عام 2002.
الدبابات الإسرائيلية اقتحمت مساء 23 فبراير/شباط 2025، مدينة جنين شمالي الضفة، ما أثار مواجهات مع شبان فلسطينيين تصدوا لها بالحجارة، في توغل هو الأول من نوعه منذ عملية السور الواقي في 2002، ما أعاد إلى الأذهان مشاهد الانتفاضتين الأولى والثانية.
من جانبها، قالت هيئة البث الرسمية: "للمرة الأولى منذ عام 2002 تحركت دبابات الجيش الإسرائيلي إلى منطقة جنين ضمن الاستعدادات لتوسيع العملية شمال الضفة الغربية".
ويأتي ذلك في سياق عدوان إسرائيلي متصاعد على عدة محافظات في شمال الضفة، وبصفة خاصة على مخيمات للاجئين الفلسطينيين، لليوم الـ34 على التوالي.
فقد وسع جيش الاحتلال في 21 يناير/كانون الثاني 2025، عدوانه الذي أطلق عليها اسم السور الحديدي، في مدن ومخيمات اللاجئين شمالي الضفة، خاصة بمحافظات جنين وطولكرم وطوباس، مخلفا 61 قتيلا فلسطينيا وفق وزارة الصحة، إلى جانب نزوح عشرات الآلاف، ودمار واسع في ممتلكات ومنازل وبنية تحتية.
وتعليقا على إعلان جيش الاحتلال توسيع عملياته بالضفة، أوعز وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، إلى جيشه بالبقاء في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين التي أخلاها من سكانها شمالي الضفة الغربية، على مدى الـ12 شهرا المقبلة وعدم السماح لهم بالعودة.
وقال كاتس: "تم إجلاء 40 ألف فلسطيني حتى الآن من مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس للاجئين، وأصبحت هذه المخيمات الآن خالية من السكان، كما تمّ تعليق أنشطة الأونروا (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) في المخيمات".
بدورها، قالت حركة المقاومة الإسلامية حماس: إن توسيع جيش الاحتلال عملياته العسكرية في جنين والضفة، والدفع بدبابات لأول مرة منذ سنوات، يكشف بوضوح نوايا العدو في الإمعان بحرب الإبادة ضد الفلسطينيين.
ودعت الحركة الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى تصعيد العمل المقاوم لردع الاحتلال عن ارتكاب المزيد من الجرائم، مشددة على أن "جميع محاولات الاحتلال وممارساته العدوانية لن تكسر إرادة شعبنا، بل ستزيد من وتيرة الغضب الشعبي في وجه المحتل".
واستنكر ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #الضفة_الغربية، #ترامب، #الاحتلال_الإسرائيلي، وغيرها، نقل جيش الاحتلال ثقله إلى الضفة الغربية وتحويل الحرب إليها وجعلها الجبهة الرئيسة.
وعدوا ما يحدث في الضفة الغربية تنفيذا لمخطط الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتهجير الفلسطينيين من أرضهم وتغيير ديمغرافي، وتوقعوا أن يمنح ترامب الضفة للاحتلال الإسرائيلي، مستنكرين أن ترحيل الفلسطينيين من الضفة جارٍ على قدم وساق.
وصب ناشطون جام غضبهم على السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، والأنظمة العربية الحاكمة التي تشاهد بصمت تحول الضفة إلى ساحة حرب، وتتابع مشاهد دخول دبابات الاحتلال وطائراته إلى جنين وطولكرم وباقي المدن والمخيمات.
“الضفة تُستباح”
وتحت عنوان "الضفة الغربية تُستباح بصمت!"، أشارت الصحفية ديما حلواني عبر مشاركتها في وسم جنين تقاوم، إلى أن الدبابات الإسرائيلية باتجاه جنين لتشارك لأول مرة منذ عام 2002 في العدوان على المدينة.
ولفتت إلى أن قوات الاحتلال أعلنت حظر التجوال في بلدة قباطية جنوب جنين لمدة 48 ساعة.
من جانبه، رأى الناشط أدهم أبو سلمية، أن استعراض الاحتلال الصهيوني لدباباته في مدن ومخيمات الضفة الغربية يعكس حقيقة الأزمة التي يعيشها الاحتلال، ومحاولة للبحث عن انتصارات موهومة في منطقة تعاني من الملاحقة المستمرة للمقاومة فيها من السلطة والاحتلال.
وأكد أن هذا الاستعراض الذي تترافق معه عنتريات نتنياهو ووزير حربه هي محاولة لإرضاء اليمين المتطرف في الكيان على حساب الحقوق الفلسطينية وسط غياب أي أصوات في العالم للرد على هذه العربدة العنصرية.
وقال أبو سلمية: "الجميع يُدرك أن لا أهداف عسكرية من هذه الاستعراضات الفاشية، وحدها الرغبة في القتل والتدمير والانتقام هي ما تحرّك هذا الكيان الغاصب الذي يتفاخر بقتل الناس وتعطيل عمل الأونروا وتدمير المقدرات المدنية دون رادع".
من جهتها، قالت سما يوسف: إن استعراض دخول الدبابات إلى جنين وفرط القوة سببه الرئيس والأول هو هزيمتهم الساحقة والمدوية في غزة، أما أهل جنين فاستقبلوا الدبابات بما هو لائق وبعضهم جيل جديد لم يتعامل مع دبابة من قبل فأحب أن يأخذ معها صورة.
بدوره، قال المغرد تامر، إن استخدام الدبابات يُعدّ قوة مفرطة للغاية في منطقة تفتقر إلى مضادات الدروع وتعتمد على عبوات بدائية، مؤكدا أن هذا التصعيد لا يتعلق بحماية الجنود، بل هو استعراض متطرف للقوة، ومحاولة لبسط الهيمنة النفسية عبر الدعاية العسكرية.
تطهير عرقي
فيما أوضح المحلل السياسي ياسين عز الدين، أن تصريحات كاتس بأنه لن يسمح بعودة أهالي مخيمات جنين وطولكرم قبل عام من الآن، يعني النية لتهجير نهائي فإن لم يدفع جيشهم الثمن فسيبقون لأعوام طويلة وليس عام واحد.
وأكد أن العكس صحيح سيضطرون للانسحاب قريبا إن دفعوا الثمن كما حصل في غزة، قائلا: "ليفهم أهلنا في مخيمات الضفة (وليس فقط مخيمات جنين وطولكرم)، هناك مخطط لدى الاحتلال لإنهاء المخيمات جميعها".
وأضاف عز الدين، أن هذا غير مرتبط بالمقاومين ووجودهم في شمال الضفة، بل يعتقد قادة الاحتلال أنه إذا دمرت المخيمات وانتهت الأونروا فستنتهي القضية الفلسطينية للأبد.
وتابع: "صحيح أن الأمر ليس بهذه البساطة وشعبنا سيواصل مقاومته مهما حصل للمخيمات، لكن هذا تفكير قادة الاحتلال، لهذا توقعوا أن يعمل الاحتلال على تدمير مخيمات نابلس بالطريقة نفسها بل ربما أيضا مخيمات رام الله وبيت لحم والخليل وأريحا".
وأكد عز الدين، أن الأمر يعتمد على الخسائر التي يتكبدها جيشهم والمقاومة التي يواجهها، كلما كانت الأمور أكثر سهولة سيتمادى أكثر وسيتجرأ على شعبنا، مشيرا إلى أن السلطة تسهل للاحتلال مهمته بالسبل كافة.
ودعا لملاحظة كيف أن السلطة الفلسطينية لم تفعل شيئًا من أجل الأونروا، مشيرا إلى أنّ المقاومة في شمال الضفة فهي بوضع صعب وإمكانياتها محدودة وهذا يتطلب تحركا شعبيا من أهلنا في المخيمات وجميع فئات شعبنا، وبالتحديد أن يكون هناك حراك شعبي للعودة إلى مخيمات جنين وطولكرم، ولا تنتظروا انتهاء العملية والهجوم فهذا لن يحصل إن استمر الوضع في الضفة بشكله الحالي.
بينما حذر الباحث السياسي جمال رائف، من أن ما يحدث في الضفة لا يقل خطورة عما يحدث في غزة.
وقال: إن تصريحات نتنياهو ومن بعده كاتس التي قال خلالها سنبقى طويلا في مخيمات الضفة ولن نسمح بعودة السكان إليها تؤكد أننا بصدد توسع استيطاني إسرائيلي لإرضاء سموتريتش واليمين المتطرف حفاظا على بقاء الحكومة الإسرائيلية الهشة القابلة للسقوط.
وعرض الخبير العسكري محمد علاء العناسوه، مقطع فيديو لأحد آليات الاحتلال الإسرائيلي وهي تجرف الأرض، قائلا: إن الهدف فقط التخريب والدمار والهدم.
وأضاف أن أفعال المجرمين المحتلين في الضفة الغربية كما فعلوا في غزة، لا ملاحقة مقاومين ولا أمن كيانهم الهش، وهنا جانب من جوانب استمرار عمليات التجريف في بلدة اليامون.
ووصف الصحفي التونسي بسام بوننس، تهديد وزير الحرب الإسرائيلي كاتس بأن قوات الاحتلال لن تسمح للاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس وقد هُجّر فعلا 40 ألفا، بأنه "تطهير عرقيّ!".
وأشار إلى أن معظم التقارير الواردة من إسرائيل تشير إلى اجتياح وشيك للضفة الغربية، لافتا إلى أنّ تصريحات كاتس جاءت تمهيدا لذلك.
خنوع السلطة
من جهته، قال الطبيب يحيى غنيم: "لا أعيب على وزير الحرب الصهيوني كاتس إعلانه طرد أربعين ألفا من سكان المخيمات في الضفة الغربية وعدم السماح لهم بالعودة؛ فهو ككل صهيوني وقح معدوم الضمير والإنسانية والأخلاق".
وأضاف: "كذلك لا أعيب على المجتمع الدولي رؤيتَه جريمة التهجير القسري والتطهير العرقي للشعب الفلسطيني ولا تُحرّكه هذه الجرائم؛ فهذا المجتمع لا يتحرك إلا ضد قضايا المسلمين ولتدمير مجتمعاتهم وقضم أراضيهم".
وتابع غنيم: "أما الهيئات الأممية والمحاكم الدولية فهي الأيدي القانونية الباطشة بنا، كذلك لا أعيب على أمة العرب في خذلانهم أخوة الدم والدين والعروبة؛ فهم لم يكونوا يوما مع فلسطين، وهم الدرع الواقية لإسرائيل وسرُّ بقائها".
وأكد أن "العيب كل العيب على قبيلة فتح وسلطة العار في رام الله التي ترى تهجير أهلها وتدمير مدنها ومخيماتها، وتقويض سلطتها المزعومة، ولا تتحرك، بل ولا تمتعض، بل ولا تتوقف عن التنسيق الأمني مع المحتل، بل وتلاحق المقاومين وتساعد الاحتلال في قتلهم!".
وقال غنيم، إن "عباس وسلطته لا يخجلون من العار فهم العار، ولا تحرجهم العمالة فهم العمالة، وقد خلعوا ربقة فلسطين من أعناقهم".
فيما استنكر خليفة جلوفي، صمت رئيس السلطة الفلسطينية على ما يحدث في الضفة الغربية من قتل واعتقال وتهجير وتدمير للمنازل والبنية التحتية وإعادة احتلال بالكامل.
وأشار إلى أن عباس لم يحتج أو يصدر بيان أو يعلن موقفا مناهضا للاحتلال الإسرائيلي، قائلا له: "تكلم حتى بالكذب يا زلمة".
وتساءل محمد توحيد بكير: “ما موقف السلطة الفلسطينية والأخ محمود عباس مما تقوم به إسرائيل بدعم أميركي في تدمير الضفة الغربية وتهجير سكانها؟”
مخطط التهجير
بدوره، قال الأكاديمي المتقاعد سام حمدي، إن إسرائيل وبدعم غير مسبوق من ترامب بدأت توسيع حدودها.
وأوضح أن ذلك يتم بطرد الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية وضمها إليها، مضيفا أن إسرائيل بدأت تتوسع في سوريا ولبنان وقريبا في الأردن ومصر ثم العراق والسعودية لتحقيق الحلم الصهيوني وإعلان إسرائيل الكبرى. وتساءل: “هل تستيقظ الدول العربية قبل فوات الأوان؟”
وأشار المغرد أنطونيو، إلى أن ما وقع في قطاع غزة يقع في الضفة الغربية من إبادة وتهجير وسط صمت عربي مطبق.
وقال: "إنها خيانة العرب وتخاذل العرب وصهاينة العرب فتبا لمن يسمون أنفسهم زعماء العرب وتبا لمن يسميهم بزعماء العرب هؤلاء قمامة العرب وعبيد لسادتهم حكام الغرب وخوفهم من ترامب أكبر من خوفهم من الله فلعنوا الجبناء".
وقال أحد المغردين: إن خطة ترامب ونتنياهو لضم الضفة الغربية تمشي بخطوات واثقة. مشيرا إلى أن وزير الحرب الإسرائيلي أعلن إغلاق مخيمي طولكرم وجنين ومنع عودة أربعين ألف من سكانهما.
وتساءل: “إلى أين؟” لافتا إلى وصول أول شحنة من بلدوزرات ترامب إلى الأرض المحتلة وعمليات طرد العرب من بيوتهم في الضفة لم تتوقف.
بدوره، قال آخر: إن الدبابات الإسرائيلية تقتحم الضفة الغربية ويتم الإخلاء في صمت والعالم لا يزال تحت تأثير الصدمة التي أحدثها ترامب بحديثه عن التهجير، وبالفعل بدأ التهجير الناعم من غزة إلى مصر.
وتساءل عبر تغريدته على وسم #ارحل_ياسيسي، في إشارة إلى رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، عما أسفرت عنه اجتماعات القادة العرب في الرياض بعد الصورة غير المفهومة للجمع وبلا بيان ختامي.
وكتب مغرد آخر: "تحركات إسرائيل الأخيرة في الضفة الغربية بتقول: إن هدفها التصعيد في الضفة بغرض وضع اليد عليها بشكل كامل وأعتقد أن ترامب والكونجرس الأميركي يدعمون هذه التحركات بدليل أن الكونجرس عايز يغير اسم الضفة ليهودا والسامرة وترامب سيعلن ضم إسرائيل للضفة ويعترف بيهوديتها مخطط قذر للتهجير".