"بنك الأهداف الإسرائيلية".. أبرز الشخصيات العراقية المدرجة على القائمة
"قيس الخزعلي توقع أن يكون "شهيدا" في المرحلة المقبلة
العديد من الشخصيات العراقية، يتردد ذكرها إعلاميا بأنها ضمن بنك الأهداف الإسرائيلية في الضربات المحتملة التي ينوي الاحتلال تنفيذها في العراق، وذلك ردا على هجمات تشنها مليشيات شيعية تجاه الأراضي المحتلة، وأسفر البعض منها عن مقتل جنود إسرائيليين.
و"تضامنا مع غزة" التي تتعرض لإبادة إسرائيلية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تنفذ مليشيات عراقية إلى جانب الحوثيين في اليمن وحزب الله اللبناني، عمليات مختلفة ضد إسرائيل، مع هجمات تستهدف سفنا مرتبطة بالاحتلال في البحر الأحمر وبحر العرب.
أهداف محتملة
ومع بداية عملية "طوفان الأقصى"، صرّح العديد من قادة المليشيات الشيعية الموالية لإيران، لا سيما المنخرطة ضمن تشكيل ما يعرف بـ"المقاومة الإسلامية في العراق"، أنهم على استعداد للتصدي للاحتلال الإسرائيلي، خصوصا إذا توسع عدوانه ليشمل لبنان.
وبعض قادة هذه المليشيات أعلن صراحة مشاركته في العمليات ضد الاحتلال، وذلك بإطلاق طائرات مسيّرة وصواريخ على الأراضي المحتلة، بينما توعد آخرون باستهداف المصالح الأميركية في العراق والمنطقة، خاصة في دول الخليج.
ومن أبرز الشخصيات هذه، زعيم "كتائب حزب الله"، أبو حسين الحميداوي، الذي دعا "المقاومة الإسلامية في العراق" في الذكرى الأولى لـ"طوفان الأقصى" إلى "الاستمرار بتوجيه الضربات المركزة لقلب الكيان، وأن تفتح جبهات جديدة من عمليات استنزاف العدو".
وفي السياق ذاته، قال أمين عام “عصائب أهل الحق”، قيس الخزعلي، خلال كلمة تلفزيونية في 7 أكتوبر 2024، إن "المعركة مع الكيان الصهيوني لن تكون خاسرة، فنحن نتملك العدة والعدد والعقيدة، وأن الأمور بخواتيمها، لذلك نحن بعد مرور عام على الطوفان لم نر إلا خيرا".
ووجه الخزعلي خطابه لإسرائيل، قائلا: "صحيح قتلتم قادتنا، لكنهم لم يكونوا يرضون إلا بالشهادة، ونحن نكمل طريقهم، وممكن أن نُستشهد نحن أيضا، وسيكمل إخواننا طريقنا، وإن شاء الله سندخل الفرحة على قلوب شهدائنا".
من جهته، بعث زعيم "كتائب سيد الشهداء"، أبو آلاء الولائي، برسالة إلى زعيم حزب الله اللبناني السابق، حسن نصر الله، في 21 سبتمبر، أيلول، أبدى استعداده فيها بإرسال 100 ألف مقاتل إلى لبنان للقتال ضد الإسرائيليين، وأن العراق "هو خط الحياة لمحور المقاومة الذي يمده بالعدة والعدد".
وفي 17 سبتمبر، نشر زعيم "حركة النجباء" أكرم الكعبي مقطع فيديو، ظهر فيه وهو يجمّع طائرة مسيّرة متفجرة من طراز "شاهد-101"، لإطلاقها على “هدف حيوي في إيلات" داخل الأراضي المحتلة.
ونشرت وكالة "مونت كارلو" الدولية تقريرا في 30 سبتمبر، أوضحت فيه أن الهجمات الإسرائيلية على العراق "ربما تشمل اغتيال قيادات عسكرية وسياسية شيعية مهمة، لا سيما (زعيم مليشيا بدر)، هادي العامري، والذي وضع على قائمة أهدافها".
وفي 8 أكتوبر، وضعت “قناة 14” العبرية، صورة المرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، ضمن بنك الأهداف إلى جانب زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، ونائب أمين عام "حزب الله"، نعيم قاسم، ورئيس "حماس" يحيى السنوار، ومرشد إيران علي خامنئي، وقائد "فيلق القدس" إسماعيل قاآني.
خلافا للأسماء الأخرى، فإنه لم يسبق أن تحدثت إسرائيل عن السيستاني (94 عاما) كأحد أهداف الاغتيال، فهو مرجع ديني للشيعة الاثني عشرية الأصولية ويقيم في مدينة النجف وسط العراق، وهو من أكثر الشخصيات تأثيرا في البلاد نظرا لامتداد مرجعيته الدينية.
إسرائيل تتوعد
ما يؤكد أن الشخصيات العراقية سالفة الذكر باتت أهدافا محتملة للاحتلال الإسرائيلي خلال المرحلة المقبلة، هو التحذيرات الصريحة التي أطلقتها الصحافة العبرية من خطورة تجاهل التهديدات الصادرة عن قيادات مليشيات شيعية في العراق.
ففي 22 سبتمبر، حذرت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، السلطات الإسرائيلية من مغبة "تجاهل" التهديدات الصادرة من العراق، بحسب وصفها، داعية إياها الى اتخاذ ما يلزم لتأمين إسرائيل.
وقالت الصحيفة إن "العراق أصبح مصدر تهديد مستمر لإسرائيل منذ هجوم السابع من أكتوبر مع توسعة الفصائل العراقية لعمليات القصف التي تشنها باتجاه ميناء إيلات وبعض القواعد العسكرية".
وشددت على أن "تصريحات مسؤول كتائب سيد الشهداء (أبو آلاء الولائي) يجب ألا يتم تجاهلها من قبل الحكومة الإسرائيلية".
وأشارت إلى أن "التهديدات التي أطلقها أبو آلاء وتضمنت وعودا بإرسال مقاتلين إلى لبنان لدعم حزب الله في حربه ضد إسرائيل تمثل حاليا تهديدا للأمن القومي بشكل مباشر"، داعية إلى "اتخاذ ما يلزم لتأمينها من تلك التهديدات".
وتوعدت إسرائيل، في 25 سبتمبر، العراق بالرد على الهجمات القادمة من الفصائل المسلحة، إذ قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري: "نراقب عن كثب التهديدات التي تأتينا من العراق ونجمع المعلومات.. سنفعل ما يلزم".
وفي تقرير نشره "الاستقلال" في 13 أكتوبر، أكدت مصادر عراقية قريبة من الحكومة، أن "السلطات اتخذت جملة من التدابير تحسبا لأي ضربة عسكرية إسرائيلية، وذلك ردا على الهجمات التي شنتها المليشيات الشيعية القريبة من إيران على الأراضي المحتلة".
وأوضحت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن "رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، وجّه أخيرا بضرورة إعادة كل القادة والأفراد التابعين للحشد الشعبي إلى مقارهم، وإبعادهم عن الدوائر الرسمية الحكومية التي نقلوا إليها بشكل مؤقت في فترات سابقة".
وأكدت أن "توجيهات رئيس الوزراء تزامنت مع إخلاء العديد من المليشيات لا سيما كتائب حزب الله العراقية أماكن وجودها وخصوصا في محافظتي الأنبار ونينوى، القريبتين من الحدود السورية، وذلك تحسبا لاستهدافها من الجانب الإسرائيلي".
المصادر ذاتها كشفت عن "ضغوطات يمارسها رئيس الوزراء العراقي على المليشيات الشيعية وقادة الإطار التنسيقي الشيعي من أجل تجنيب العراق أي هجمات إسرائيلية تحوله إلى بلد مستباح مثل لبنان، كونه لا يمتلك دفاعات جوية وسماؤه تسيطر عليها الولايات المتحدة".
ثلاثة سيناريوهات
وبخصوص مدى حتمية استهداف إسرائيل للعراق، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، إحسان الشمري، إن "هناك احتمالا كبيرا لوقوع مثل هذا الأمر، لذلك فإن الهجوم الإسرائيلي المحتمل يمكن أن يلحق الضرر باقتصاد العراق الضعيف".
وأشار الشمري خلال حديث لوكالة أنباء "الأناضول" التركية في 9 أكتوبر إلى "ثلاثة سيناريوهات للهجوم الإسرائيلي على العراق، أولها أنه في حال وقوع هجوم محتمل من إسرائيل، قد يتحول البلد إلى منطقة صراع بين تل أبيب والجماعات المسلحة (الميليشيات الشيعية)".
وأضاف أنه "إذا توصلت الحكومة العراقية إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لتقليل الهجوم الإسرائيلي المحتمل، فإن إسرائيل قد تكتفي بضرب بعض الجماعات المسلحة".
أما السيناريو الثاني، بحسب الشمري، فهو أن "إسرائيل قد تستهدف الكيانات المسلحة (الحشد الشعبي) وقادتها وأولئك الذين يتعاونون معهم".
وأردف: "وبالنسبة للسيناريو الثالث، فقد تستهدف إسرائيل قادة المجموعات المسلحة وكل من يتعاون معهم، إضافة إلى بعض المؤسسات الحكومية.. وهذا قد يؤدي إلى توتر شديد".
ورأى الشمري أن "هذا السيناريو قد لا يستهدف فقط المجموعات المسلحة والحكومة، بل قد يصل إلى النظام نفسه.. لأن إسرائيل تعتقد أن المجموعات المسلحة تسيطر على الحكومة العراقية".
وتابع: "استهداف إسرائيل للعراق مؤكد، ولكن مستوى هذا الاستهداف ليس واضحا بعد"، لافتا إلى أن "تل أبيب أعلنت أخيرا عن مقتل اثنين من جنودها نتيجة صواريخ أُطلقت من العراق، وهذا وحده قد يكون ذريعة لإسرائيل لضرب الأخير".
وفي 4 أكتوبر، أعلن جيش الاحتلال مقتل جنديين وإصابة 24، بينهم اثنان بجروح خطيرة، لأول مرة إثر هجوم بمسيرتين من العراق على شمالي إسرائيل.
وأوضح الشمري أنه بدأت أصوات تتعالى داخل إسرائيل بأن العراق يشكل تهديدا لها، وأن رئيس الوزراء (بنيامين) نتنياهو "قد يرد على ذلك بضرب العراق لإرضاء الداخل الإسرائيلي".
وبحسب أستاذ العلوم السياسية العراقي، فإنه “رغم أن الحكومة العراقية لديها الرغبة في حماية البلاد من الهجوم الإسرائيلي، إلا أنها لا تملك القوة الكافية لمنعه”.
من جانبه، أكد مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، حق بلاده في الدفاع عن نفسها والرد على أي اعتداء أو انتهاك للسيادة، محذّرا في الوقت عينه من أن تداعيات الأوضاع الدائرة في المنطقة، تنذر باندلاع حرب عالمية ثالثة ليست في مصلحة أحد.
وقال الأعرجي خلال مقابلة تلفزيونية في 7 أكتوبر، إن "المنطقة تمر بظروف صعبة وحرجة للغاية، والعراق يبذل جهودا كبيرة للضغط الداخلي والخارجي من أجل خفض التصعيد وإيقاف الحرب التي قتلت وهجرت الفلسطينيين واللبنانيين".
ويرى أنه "إذا استمر التصعيد، وتم جر المنطقة للحرب فسيندم الجميع، والحكومة العراقية تسعى بكل قوة لإبعاد البلاد عن شبح الحرب وتبذل جهودا دبلوماسية كبيرة بهذا الشأن".
وشدد الأعرجي على أن "الحكومة هي من تمتلك حصرا صلاحية إصدار قرار الحرب والسلم، والقرار حصرا بيد القائد العام للقوات المسلحة، ولا نية لدى العراق للدخول في حرب قد لا يحمد عقباها".
وبحسب المتحدث، فإن "العراق بلد لوحده محور، وهو مقبول عربيا ودوليا، وعمل ويعمل بدور وساطات كبيرة لفك الأزمات وخفض التصعيد، وهو ضد اتساع الحرب ويدعم الشعبين الفلسطيني واللبناني بالأمور الإغاثية".