ضغط متصاعد.. كيف يواجه السوداني هجمات مليشيات إيران ضد قواعد أميركا بالعراق؟

a year ago

12

طباعة

مشاركة

تواجه الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني، مهمة صعبة في مدى تمكنها من إيقاف الهجمات التي يشنها حلفاء إيران على القواعد العسكرية التي تضم قوات أميركية، وذلك منذ إعلان تبنيهم قصف هذه الأماكن في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

ومنذاك الحين، أعلنت ثلاث من المليشيات الموالية لإيران في العراق، وهي كتائب حزب الله، وحركة النجباء، وكتائب سيد الشهداء، توجيه ضرباتها إلى القواعد العراقية التي يتواجد فيها الأميركيون، وذلك ردا على دعم واشنطن للاحتلال الإسرائيلي في حربه على غزة.

وفي 7 أكتوبر 2023، أطلقت المقاومة الفلسطينية في غزة عملية "طوفان الأقصى" العسكرية غير المسبوقة ضد إسرائيل، ردا على الانتهاكات المتواصلة بحق الفلسطينيين والمقدسات هناك، ليرتكب على إثرها الاحتلال مجازر ضد سكان القطاع سقط خلالها أكثر من 11 ألف شهيد.

إجراءات قريبة

وبخصوص الهجمات التي تطال الوجود الأميركي وكيفية تعامل الحكومة العراقية معها، قال وزير الداخلية العراقي عبد الأمير الشمري إن "كل سلاح خارج نطاق الأجهزة الأمنية يصنف سلاحا منفلتا، وبالتالي سنتعامل معه على هذا الأساس".

لكن الشمري أكد خلال مقابلة تلفزيونية في 11 نوفمبر 2023، أن "موضوع سحب السلاح المنفلت في العراق يتطلب وقتا، وأن الأمر لا يمكن أن يحصل في شهر أو اثنين حتى يتم القضاء عليه بشكل كامل".

وقبل ذلك، أكد المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، فادي الشمري،  أن "استهداف القواعد الأمنية مُدان، وأن مجموعة من القرارات ستتخذ قريبا لإيجاد حل".

وقال الشمري خلال مقابلة مع موقع "رووداو" المحلي في 10 نوفمبر، إن "حكومة بغداد كانت واضحة من خلال الخطاب الذي أكدته مرارا في مختلف المنصات على أنها هي المعنية في رسم الصياغات والسياقات وطريقة إدارة الملفات في القضايا الداخلية والخارجية".

وتابع: "هناك حراك وإعادة انتشار أمني خلال الأيام الأخيرة، وهذه الهجمات مدانة، والحكومة مُلزمة بحماية البعثات الدبلوماسية والقواعد الأمنية، كما أن هناك مجموعة من القرارات التي ستتخذ قريبا لمعالجة هذه المسألة".

وكانت الممثلة الرسمية لوزارة الدفاع الأميركية، سابرينا سينغ، أعلنت في 8 نوفمبر، أنه منذ 17 أكتوبر، تعرضت قوات بلادها في القواعد العسكرية بالعراق وسوريا، لـ40 هجمة على الأقل بالصواريخ والطائرات دون طيار.

ورأى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال زيارة غير معلنة إلى العاصمة بغداد، في 5 نوفمبر، أن الهجمات ضد قوات بلاده في العراق وسوريا، والتي اشتدّت وتيرتها بعد بدء الحرب بين حماس واسرائيل، "غير مقبولة على الإطلاق".

وخلال مؤتمر صحفي مقتضب في ختام لقائه رئيس الوزراء العراقي، قال بلينكن إنه "أوضح تماما" للسوداني "أن هذه الهجمات، والتهديدات التي مصدرها مليشيات متحالفة مع إيران، غير مقبولة على الإطلاق"، مؤكدا أنه "سنتخذ الإجراءات اللازمة من أجل حماية" قواتنا.

وتتهم واشنطن إيران بالتورط بشكل غير مباشر في هذه الهجمات التي تطال القوات الأميركية، فيما تبّنت معظم هذه الهجمات "المقاومة الإسلامية في العراق" عبر قنوات على تطبيق "تلغرام" تابعة لمليشيات عراقية مقربة من إيران.

وكان رئيس الوزراء العراقي قد ندّد بتلك الهجمات، موجها القوات الأمنية بـ"تعقب وتتبع العناصر المنفذة لتلك الهجمات"، حسبما أفاد به بيان صدر عن مكتبه الإعلامي في 23 أكتوبر.

وينتشر في العراق نحو 2500 جندي أميركي، يقدّمون مهمات استشارية لنظرائهم العراقيين في إطار مكافحة "تنظيم الدولة".

سبيل واحد

وبخصوص الإجراءات المتوقع اتخاذها من الحكومة العراقية لإيقاف الهجمات هذه، قال العضو السابق في لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان، حامد المطلك، إن "الأمر ليس بالسهل على رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أن ينفذ ما تعهد به للولايات المتحدة الأميركية".

وأرجع المطلك في حديث لـ"الاستقلال" صعوبة إيقاف رئيس الحكومة للهجمات هذه، إلى أن "الكثير من الفصائل المسلحة لا تخضع لسلطة الدولة، وإنما تتخذ أقوالها وأفعالها بتوجيهات خارجية".

وأكد البرلماني السابق أن "الحكومة ترتبط مع الجانب الأميركي باتفاقية تقضي بوجود مستشارين أميركيين في القواعد العسكرية بالعراق، وبالتالي بغداد ملزمة بتأمين حياة واستقرار هؤلاء بمنع الهجمات ضدهم".

وأوضح أن "الحضور الأميركي العسكري في العراق جاء وفق اتفاق بين بغداد وواشنطن، وبالتالي على أطراف الاتفاق الالتزام بما ورد فيه، لذلك نتمنى أن يفي رئيس الوزراء بالوعود التي قطعها، ويقنع الأطراف الخارجية والداخلية لمنع هذه الهجمات".

ولفت إلى أن "السوداني لا يمتلك القوة الرادعة الكافية لردع هؤلاء، إلا عن طريق الحوار والإقناع، ولذلك بعد زيارة الوزير بلينكن إلى بغداد سافر رئيس الوزراء مباشرة إلى إيران".

وبعد يوم واحد من زيارة بلينكن السريعة إلى بغداد في 5 نوفمبر 2023، وصل رئيس الوزراء العراقي إلى العاصمة طهران، وكان في استقباله الرئيس إبراهيم رئيسي، ثم التقى بالمرشد الأعلى للثورة علي خامنئي.

وأكد المطلك أن "السوداني عندما يضمن قناعة الأطراف الخارجية (إيران) في إيقاف الهجمات، فإنه سيستطيع أن يتحكم في تصرفات هؤلاء (المليشيات العراقية)، وإذا امتنعت الأولى فلن يستطيع رئيس الحكومة فعل أي شيء".

واستبعد أن "يستخدم السوداني القوة ضد الأطراف المسلحة، لأنه من الصعوبة بمكان أن يُدخل البلد في أتون صراع داخلي، خصوصا أن العراق يعاني الكثير من المشكلات".

وعما إذا كان عدم تحرك السوداني ضد المليشيات يعود إلى كونها تنتمي إلى قوى الإطار التنسيقي الشيعي الذي انبثقت منه حكومته، رأى المطلك أن "هذا الشيء لابد أن يدفع رئيس الوزراء على تعميق الحوار حتى يقنعهم بأن من مصلحتهم إيقاف هذه الهجمات".

وفي 27 أكتوبر 2022، صوت البرلمان العراقي على حكومة محمد شياع السوداني، التي شكلتها قوى الإطار التنسيقي القريبة من إيران، بعدما أخفق زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في تشكيل حكومة أغلبية سياسية مع حلفائه من السنة والأكراد، وأعلن استقالة نواب كتلته البرلمانية.   

فشل المفاوضات

وعلى صعيد المليشيات التي تتبنى الهجمات، فإن فصيلين منهما رفضا التراجع عن "مقاومة القوات الأميركية" بالعراق، وذلك في ظل أنباء تتحدث عن فشل اجتماع نادر لحكومة بغداد مع تلك الجماعات لثنيها عن مهاجمة القواعد العسكرية.

وفي 9 نوفمبر 2023، أعلن أبو آلاء الولائي، زعيم مليشيا "كتائب سيد الشهداء" الموالية لإيران، وإحدى فصائل الحشد الشعبي العراقي، عن رفضه التوقف عن مهاجمة القوات الأميركية.

وقال الولائي وهو أحد قادة الإطار التنسيقي الشيعي في تدوينة كتبها على حسابه في منصة "إكس" (تويتر سابقا) إنه "لا إيقاف لعمليات المقاومة الإسلامية في العراق إلا بإيقاف الاعتداءات الصهيونية على غزة".

وأضاف: "لا هدنة للاحتلال الأميركي في العراق إلا بهدنة حقيقية وملزمة للعدو على أهلنا في غزة".

وتابع الولائي قائلا: "لا خروج آمنا للاحتلال من العراق إلا بدخول آمن ومستمر لقوافل المساعدات الإنسانية والدوائية إلى غزة".

وفي السياق ذاته، أكد أكرم الكعبي، زعيم مليشيا "حركة النجباء" -وهي مجموعة تملك فصيلا داخل الحشد الشعبي أيضا-، عدم التراجع عن "مقاومة" الولايات المتحدة أو إسرائيل.

وقال الكعبي في تدوينة عبر "إكس" في 9 نوفمبر، إن "تهديداتكم لا قيمة لها، فنحن عشاق للشهادة على طريق الأحرار وكما قلنا ونكرر.. لن نتوقف لن نهادن لن نتراجع.. كنا وما زلنا مقاومة إسلامية عراقية".

وأضاف فيما يبدو إشارة إلى الحكومة متحدثا عن إسرائيل وأميركا: "من يفكر أن الحلول السياسية يمكن أن تنفع فهو واهم (..) فلا حلول سياسية مع شيطان مجرم متغطرس كهذا، بل دواؤه الاجتثاث الكامل".

وذكرت صحيفة "المدى" العراقية في 11 نوفمبر، أن المواقف التي صدرت عن قادة المليشيات العراقية "جاءت عقب اجتماع، يحدث لأول مرة، بين الحكومة وعدد من الفصائل بشأن وقف الهجمات ضد القوات الأميركية".

ولفتت إلى أنه "يبدو هذا الاجتماع قد فشل، كما فشل اجتماع آخر حدث قبل نحو شهر، بين الإطار التنسيقي الشيعي، وبعض تلك المجاميع المسلحة قبل أن يصدر رئيس الحكومة توجيها بملاحقة المهاجمين".

وأكدت الصحيفة أنه "حتى الآن مضى على توجيه رئيس الوزراء بملاحقة مستهدفي القواعد العسكرية قرابة شهر، لكن لم تعلن الحكومة عن اعتقال أي مسؤول عن تلك الهجمات".

كما لم تصدر عن خلية الإعلام الأمني العراقي (تابعة للعمليات المشتركة التي تضم القيادات العسكرية والأمنية في وزارتي الدفاع والداخلية) أية بيانات عن استهداف المعسكرات التي تضم مستشارين أميركيين.