نتيجة ليست مشجعة.. كيف تهدد الخلافات السياسية "المجتمع الإسرائيلي" بالانقسام؟

12

طباعة

مشاركة

الغالبية العظمى من الإسرائيليين ليس لديهم علاقات صداقة مع أشخاص من خلفيات سياسية مختلفة عنهم، هذا ما أظهرته بيانات المسح الصادرة عن معهد "الحرية والمسؤولية" في جامعة "رايخمان" الإسرائيلية.

وحلل تقرير صحيفة "زمان إسرائيل" النتائج الرقمية الصادرة عن المعهد، وقاربها بنتائج مشابهة في الولايات المتحدة، حيث بحث انعكاسات ذلك على الانقسام المجتمعي في الكيان المحتل.

تفاقم الاستقطاب

ولفتت الصحيفة العبرية الأنظار إلى أن "الاضطراب السياسي الذي يعيشه المجتمع الإسرائيلي في السنوات الأخيرة، والذي أصبح أسوأ في عام 2022، يتغلغل أكثر فأكثر في العلاقات الشخصية أيضا".

وأظهر بيانات المسح الصادرة عن معهد "الحرية والمسؤولية" أن "40-45 بالمئة من الإسرائيليين لديهم على الأكثر صديقان وأقارب من الجانب السياسي المقابل لهم".

وأشارت إلى أنه "في الوقت نفسه، لدى الغالبية العظمى عدد أكبر بكثير من الأشخاص المتفقين معهم سياسيا في بيئتهم المباشرة".

وذكرت الصحيفة بأن الكيان "يعاني منذ عدة سنوات من أزمة سياسية عميقة، أدت إلى انقسام الجمهور الإسرائيلي إلى حد كبير". 

وأوضحت أن "الاستقطاب السياسي تفاقم منذ بداية عام 2023، عندما بدأت حكومة بنيامين نتنياهو الترويج لخطة الإصلاح القانوني".

وفي هذا الإطار، سلطت الصحيفة الضوء على أن هذا الاستقطاب السياسي "يتغلغل في البيئة الأقرب والأكثر حميمية، البيئة الشخصية والعائلية". 

وقالت: "مع مرور الوقت، يزداد أكثر فأكثر عدد الحالات التي أدى فيها الجدل الدائر حول خطة الإصلاح إلى تقويض العلاقات بين الأصدقاء والأقارب على جانبي السياج، وأحيانا إلى القطيعة التامة".

ولفتت إلى أنه "حتى الآن لا تتوفر بيانات منهجية وموثوقة حول عمق الاستقطاب السياسي على المستوى الأسري والاجتماعي".

وفي هذا السياق، تساءلت الصحيفة العبرية "إلى أي مدى يتمتع الإسرائيليون بعلاقات اجتماعية وثيقة مع الأشخاص الذين لديهم آراء سياسية مخالفة لآرائهم؟".

وأشارت إلى أن "الدراسات الأكاديمية تظهر أن الاتصال بصديق مقرب أو بأحد أفراد الأسرة الذين يشغلون مواقف متعارضة قد يقلل من العداء تجاه المعارضين السياسيين".

واستدركت متسائلة: "لكن هل تُعتبر الروابط الاجتماعية بين أصحاب وجهات النظر المتعارضة ظاهرة شائعة أم نادرة في إسرائيل؟".

وبحسب الصحيفة، فإن ما لا يقل عن 40 بالمئة من ناخبي أحزاب الائتلاف الحاكم لديهم ما يصل إلى صديقين مقربين وأفراد من العائلة المقربين صوتوا لأحزاب المعارضة.

وذكرت أنه إضافة إلى ذلك، أفاد حوالي 26 بالمئة من ناخبي الائتلاف الحاكم أن لديهم أكثر من 5 أصدقاء وأقارب صوتوا لحزب المعارضة.

أما من جانب ناخبي المعارضة، أفاد ما لا يقل عن 44 بالمئة منهم أن لديهم على الأكثر اثنين من الأصدقاء المقربين وأفراد الأسرة المقربين الذين صوتوا لصالح أحزاب الائتلاف.

وأفاد 19 بالمئة منهم بعدم وجود أصدقاء وأقارب لهم ممن صوتوا لحزب الائتلاف.

بالإضافة إلى ذلك، أفاد ما يقرب من 22 بالمئة من ناخبي المعارضة أن لديهم أكثر من 5 أصدقاء وأقارب صوتوا لصالح حزب الائتلاف، وفقا للصحيفة العبرية.

خلافات كبيرة

من ناحية أخرى، أشارت الصحيفة إلى مسألة أخرى تعكسها بيانات الاستطلاع، وهي أهمية دور العلاقة مع الأصدقاء وأفراد الأسرة الذين لديهم مواقف متعارضة في تقليل العداء تجاه المعارضين السياسيين.

وبينت أن أولئك الذين أبلغوا عن عدد كبير من الأصدقاء والأقارب على الجانب الآخر أفادوا أيضا أن "عداءهم للمعارضين السياسيين أقل من أولئك الذين أبلغوا عن عدد قليل من الأصدقاء والأقارب على الجانب الآخر". 

وبالتالي، استنتجت الصحيفة أن "درجة التفاعلات الاجتماعية الوثيقة مع الأشخاص على الجانب الآخر من الخريطة السياسية تساعدنا على التنبؤ بموقف أكثر إيجابية تجاه هؤلاء المعارضين السياسيين".

وفي هذه النقطة، أظهرت الصحيفة حيرتها بشأن تقييم النتائج، متسائلة "ما إذا كانت تشير بالفعل إلى الانقسام الاجتماعي والسياسي؟ أم أن المشاركين يظهرون صلات شخصية متعددة مع المعارضين السياسيين؟".

واستطردت: "إذا نظرنا إلى الجانب الإيجابي، فإن بيانات استطلاع معهد الحرية والمسؤولية تشير إلى أن أكثر من 80 بالمئة من ناخبي الائتلاف والمعارضة لديهم على الأقل صديق مقرب أو أحد أفراد الأسرة المقربين الذين يدعمون الجانب السياسي الآخر".

وذكرت أنه "من ناحية أخرى، يخبرنا الجانب الأقل إيجابية أن 40-45 بالمئة من الإسرائيليين لديهم على الأكثر صديقان وقريبان من الجانب الآخر، في حين أن الغالبية العظمى لديها عدد أكبر بكثير من الأشخاص في بيئتهم المباشرة الذين هم من نفس جانبهم السياسي".

وقالت الصحيفة إن "إحدى طرق دراسة الظواهر الاجتماعية تحدث من خلال المقارنة الدولية". 

وقارنت نتائج المسح المذكور بما يحدث في الولايات المتحدة.

ففي استطلاع أجراه معهد "بيو" للأبحاث في الولايات المتحدة عام 2017، سُئل المشاركون عن عدد أصدقائهم المقربين الذين يدعمون الحزب المعارض. 

وأظهر هذا الاستطلاع أن 15-20 بالمئة فقط من ناخبي الحزبين الجمهوري والديمقراطي أفادوا بأنه ليس لديهم أصدقاء مقربين من الحزب المنافس على الإطلاق.

ولفتت الصحيفة العبرية هنا إلى أنه "بحسب بيانات المسح الذي أُجرى من إسرائيل، كانت النتائج أكثر خطورة".

وذكرت أن "العلاقات الاجتماعية في إسرائيل مع المخالفين السياسيين أقل مقارنة بالولايات المتحدة". 

وتوقعت الصحيفة أنه "في ضوء الاستقطاب السياسي الواسع النطاق في الولايات المتحدة، فإن هذه النتيجة ليست مشجعة أيضا" للكيان المحتل.

وأكدت أن "الاستقطاب السياسي والاجتماعي في المجتمع الإسرائيلي لن يختفي في أي وقت قريب". 

كما تعتقد أنه "حتى لو تم التخلي كليا صباح الغد عن خطط الحكومة حول الإصلاح القضائي، فإن السنوات القليلة الماضية كشفت عن خلافات كبيرة بين مؤيدي ومعارضي الحكومة الحالية فيما يتعلق بسلسلة من القضايا السياسية والقيمية والثقافية".

وحزمة قوانين "الإصلاح القضائي" تقول حكومة نتنياهو إنها توازن ما بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية فيما تقول المعارضة إن "من شأنها تحويل إسرائيل الى ديكتاتورية".