هل ينعكس فشل "إيكواس" في التدخل ضد انقلاب النيجر على مستقبل المجموعة؟

12

طباعة

مشاركة

أثارت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) ردود فعل قوية بعد موقفها وتعاملها مع أزمة الانقلاب في النيجر خلال يوليو/تموز 2023.

وكشفت الأزمة التي أطاحت بالرئيس محمد بازوم "نقاط الضعف"، خاصة المتعلقة بالجهاز الأمني لهذه المنظمة الإفريقية، ما حال دون تنفيذ تهديدها بالتدخل عسكريا في النيجر.

وصادقت المنظمة بين الثمانينيات والتسعينيات على العديد من بروتوكولات المساعدة الدفاعية، مما أدى إلى إضفاء الطابع المؤسسي على الجهاز العسكري للتعامل مع الأزمات.

انقلاب النيجر

وترى صحيفة "إيل كافي جيوبوليتيكو" الإيطالية أن "الدور الأمني الإقليمي للكتلة بات يتسم بالعديد من نقاط الضعف، الأمر الذي أدى إلى هيمنة من جانب نيجيريا".

وأشارت الصحيفة إلى أن "إيكواس تولت أيضا مهام حفظ السلام على مر السنين، بالإضافة إلى تعزيز التعاون بين أعضائها وإقامة سوق مشتركة".

وبحسب تحليلها، تسلط التهديدات بالتدخل بعد الانقلاب في النيجر والاضطرابات الجيوسياسية الأخيرة الضوء على الصعوبات التي تواجه هذه المهمة، وتفتح مجال التشكيك في مدى فعالية نظامها الأمني ​​الإقليمي.

وحدث انقلاب النيجر في الفترة من 26 إلى 28 يوليو/تموز 2023، باستيلاء بعض أعضاء الحرس الرئاسي بقيادة الجنرال عبد الرحمن تشياني على السلطة. 

وأدانت فرنسا الواقعة على الفور، بينما كان رد فعل دول المنطقة "متناقضا"،  وفق وصف الصحيفة، مشيرة من ناحية إلى دعم المجالس العسكرية الانقلابية في بوركينا فاسو وغينيا ومالي نظيرتها في النيجر.

في المقابل، ذهبت الدول الأعضاء الأخرى في المجموعة إلى حد التهديد بالتدخل العسكري لاستعادة سلطة الرئيس بازوم.

ونوهت بأن دور إيكواس على وجه التحديد، الكتلة الإقليمية التي تأسست في مدينة لاغوس النيجيرية عام 1975، كان بارزا في هذه الأزمة التي لم تكن الأولى التي تواجهها. 

وعلى حد قول الصحيفة الإيطالية، يبدو أن قوة مدبري الانقلاب قد تعززت، خصوصا بعد توجيه الإنذارات وعدم تنفيذ إيكواس تهديداتها بالتدخل في البلد. 

واستدركت بأن "الدور الذي تلعبه المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا وحلفاؤها الدوليون يظل يشكل عناصر مهمة، تماما كما من المهم فهم منطق أجهزتها العسكرية".

واكتسبت المجموعة الاقتصادية تدريجيا أهمية أكبر في المنطقة، خاصة مع نهاية الحرب الباردة وظهور الرغبة في تكثيف التعاون الاقتصادي والتكامل بين الدول الأعضاء في المنطقة، في أعقاب فك الارتباط الجزئي للقوى الاستعمارية السابقة.

تاريخيا، تمثلت الأهداف الرئيسة للتحالف في تعزيز السوق المشتركة واعتماد عملة موحدة في إطار عملية مماثلة للتكامل الأوروبي. 

ومن بين مبادئه الأساسية التي تم إضفاء الطابع الرسمي عليها عام 1991، ذكرت "إيل كافي جيوبوليتيكو" التعاون بين أعضائها وعدم الاعتداء المتبادل، فضلا عن الحفاظ على السلام والأمن والاستقرار الإقليميين إلى جانب الحل السلمي للنزاعات. 

وأشارت إلى تعزيزها على مر السنين بعثات الحفاظ على الأمن نتيجة عدم الاستقرار في المنطقة والرغبة القوية في فرض مبادئها والحفاظ على الوضع الراهن.

وكان ذلك في البداية من خلال نشاط مراقبة الامتثال لوقف إطلاق النار ومن ثم توسيع صلاحياتها نحو أنشطة التدخلات الحقيقية لحفظ السلام، وفق الصحيفة.

الجهاز العسكري

من الناحية الأمنية، صادق أعضاء المجموعة الاقتصادية الإفريقية على بروتوكول عدم الاعتداء في وقت مبكر من عام 1978، قبل أن يتم تعزيزه بعد ثلاث سنوات عام 1981 ببروتوكول المساعدة الدفاعية المتبادلة، ونص الأخير على  إنشاء قوة مسلحة تحت إشراف لجنة الدفاع ومجلس المنظمة.

وحدث توسيع آخر للسلطات عام 1999 مع اعتماد بروتوكول يتعلق بآلية منع الصراعات وإدارتها وحلها وحفظ السلام والأمن والذي أنشأ مجلس الوساطة والأمن برئاسة تسع دول أعضاء. 

ومجلس الوساطة والأمن هو هيئة تقرر بالأغلبية التدخلات العسكرية في حالات انتهاك حقوق الإنسان وسيادة القانون أو المبادئ الديمقراطية بالتنسيق مع الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة.

ويحظى المجلس بدعم لجنة الدفاع والأمن ومجلس الحكماء، ومجموعة مراقبة وقف إطلاق النار (قوة إيكواس الاحتياطية)، ونظام الإنذار المبكر دون الإقليمي (إيكووارن) ويكون الرئيس مسؤولا عن التدخل التنفيذي.

في حالة النيجر، أشارت الصحيفة إلى أن "التهديد بالتدخل كان من خلال تعبئة وتفعيل قوة احتياطية". 

وذكرت بأنه "منذ التسعينيات، تدخلت قوات المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا في كل من ليبيريا وسيراليون وغينيا بيساو في مناسبتين وكذلك في ساحل العاج ومالي وغامبيا". 

إلا أن المنظمة "قررت في حالات أخرى مماثلة عدم التدخل، كما حدث في الانقلابات الأخيرة في غينيا ومالي وبوركينا فاسو".

وترى الصحيفة الإيطالية أن "عدم التدخل في مسارح الأزمات الأخرى يثير الشكوك حول الفعالية الإقليمية للمنظمة". 

وأشارت إلى أن التاريخ العسكري للمجموعة يشكل تاريخا لمنظمة "موجهة نحو منع الصراعات أكثر من الرد مستعرض العضلات، وقد ظهر ذلك بعد الانقلاب في النيجر الذي فاقم الصعوبات التي تواجهها في منطقة الساحل".

وفي الوقت الحالي، تضم  إيكواس 15 عضوا تم تعليق عضوية أربعة منها، وهي دول شهدت انقلابات في السنوات الأخيرة أي بوركينا فاسو وغينيا ومالي والنيجر. 

وتهيمن نيجيريا بفضل ما تشكله من قوة سياسية وعسكرية واقتصادية على مؤسسات المنظمة التي تساهم بحوالي ثلاثة أرباع في ميزانيتها، وتستضيف مقرها الرئيس في العاصمة أبوجا. 

وعدت الصحيفة رأي رئيس المنظمة، بولا تينوبو، بالانتظار أولا حتى تتطور الأحداث في النيجر والتصرف بالدبلوماسية قبل دعم العملية الانتقالية، علامة على البراغماتية والواقعية. 

وجزمت بأنه "كاد يكون من المؤكد أن أي تدخل واسع النطاق في النيجر ضد المجلس العسكري الذي يحظى ببعض الدعم من شعبه وجيرانه كان من شأنه أن يتسبب في نشوب حرب إقليمية." 

ولهذا بحسب قولها "تم حل المعضلة المتمثلة في الخيار بين إعادة إرساء الديمقراطية ربما بالحرب (التدخل عسكريا ضد الانقلاب) أو السماح بالاستقرار بتفضيل الخيار الثاني رغم الضغوط التي مارستها باريس. 

وختمت الصحيفة بالقول إن "الجهاز العسكري للمنظمة لم يتم تفعليه في الأزمة، كما أن الصدع داخله بات اليوم جليا، خاصة مع تبلور تحالف جديد بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر أي ما يعرف بتحالف دول الساحل".