تريدها الحكومة وترفضها المعارضة.. ضجة في إسرائيل بسبب كاميرات التعرف على الوجه
في 18 سبتمبر/ أيلول 2023، وافقت اللجنة الوزارية للتشريع في الحكومة الإسرائيلية، على مشروع قانون يسمح للشرطة بوضع كاميرات التعرف على الوجوه في الأماكن العامة.
وقالت اللجنة، في بيان إن "وضع الكاميرات يهدف إلى منع الجرائم الخطيرة أو إحباطها أو اكتشافها، وتحديد أماكن الأشخاص المفقودين، وفرض الحظر أو أوامر التقييد في الأماكن العامة".
ولا يزال مشروع القانون بحاجة إلى موافقة الكنيست الإسرائيلي.
انتهاك للخصوصية
وتعليقا على ذلك، أوضح موقع "ذا ميديا لاين" الأميركي أن "التحالف اليميني الحاكم في إسرائيل يدعم إقرار مشروع القانون، لكن المعارضة ترى أنه يشكّل انتهاكا للخصوصية والديمقراطية".
وأطلقت اللجنة على مشروع القانون اسم "قانون الأخ الأكبر"، وقدمه وزير العدل ياريف ليفين، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
وأفاد الموقع بأنه "بالإضافة إلى الإشراف على الشرطة، فإن القومي المتطرف "بن غفير"، يطالب باتخاذ خطوات أخرى".
ويشمل ذلك استخدام جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) لمحاربة معدلات الجريمة المرتفعة بين العرب الإسرائيليين (عرب 48)، وتخفيف السيطرة على الأسلحة، للسماح لمزيد من الإسرائيليين بحمل السلاح.
وفي الوقت نفسه، يقف "ليفين" وراء تشريعات الإصلاح القضائي المثيرة للجدل، والذي يدعمها الائتلاف الحاكم، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حسب التقرير.
وقال الموقع: "عندما طُرِح مشروع قانون "الأخ الأكبر" لأول مرة في فبراير/شباط 2023، جاء كجزء من حملة تشريعية شملت عشرات المقترحات التي كانت الحكومة تروج لها، والتي تتعلق بكل جانب من جوانب الحياة في إسرائيل".
وتابع أنه "كجزء من الحملة التشريعية، صادق الكنيست أيضا على أمر مؤقت، يسمح للشرطة بتفتيش منازل المواطنين دون إذن تفتيش، إذا اشتبهت في وجود أسلحة غير قانونية".
وأفاد بأن هذا يأتي بالتزامن مع زيادة استخدام الشرطة لتقنيات المراقبة الأخرى، بما في ذلك التتبع الدقيق لحركات السيارات ولوحات الترخيص".
وأضاف أنه "في حين يعتقد ائتلاف نتنياهو أن إقرار الإصلاح القضائي وغيره من القوانين، أمر ضروري لتعزيز الحوكمة في البلاد وإعادة القانون والنظام، فإن المعارضة تعتقد أن هدف الحكومة هو إضعاف الديمقراطية الإسرائيلية تدريجيا".
وأردف: "منذ أن أعلنت الحكومة عن خطتها لـ"إصلاح القضاء"، في يناير/كانون الثاني، اندلعت مظاهرات واسعة النطاق تندد بالخطة".
بدوره، صرّح المحامي جيل غان-مور، مدير وحدة الحقوق الاجتماعية والمدنيّة في جمعية "حقوق المواطن" الإسرائيلية، أنه "لا يمكن أن يكون لديك ديمقراطية دون احترام الخصوصية، فهذا شرط أساسي".
وأضاف أن "مشروع القانون هذا خطير في تطرفه، ويقود إسرائيل إلى أن تصبح برُمّتها مجتمعا تحت المراقبة".
وأكد الموقع أن "بن غفير وآخرين في الحكومة ينظرون إلى مشروع القانون على أنه جزء من محاولتهم لمكافحة الجريمة بين السكان العرب في إسرائيل".
وتابع: "منذ أن أدت الحكومة اليمين الدستورية في العام الماضي 2022، ارتفعت معدلات جرائم القتل بشكل كبير، فمنذ بداية عام 2023، قُتل أكثر من 170 عربيا في أعمال عنف".
وأورد أن "خلال حملته الانتخابية، وعد بن غفير بأن يكون صارما في مكافحة الجريمة، لكن حتى الآن، لم ينفذ ذلك وتعرض لانتقادات شديدة لهذا السبب".
ورأى أن "أسباب ارتفاع معدلات الجريمة واسعة ومتعددة، كما أنها متجذرة بعمق، ولذا، فإنها لن تتراجع بالضرورة إذا ما استُخدمت تقنيات متطورة".
"ويتفق العديد من الخبراء على أن هناك حاجة إلى خطة واسعة تعالج هذه القضية على مختلف المستويات"، وفق الموقع.
وأردف: "تُعد تقنية التعرف على الوجوه قضية مثيرة للجدل على مستوى العالم، حيث تُستخدم بطرق مختلفة؛ فهناك بلدان تفرض قيودا صارمة على استخدامها، بينما تستخدمها بلدان أخرى بحرية أكبر".
ويشعر النقاد ونشطاء حقوق الإنسان حول العالم بالقلق من أن ينتهك ذلك خصوصية المواطنين، نظرا لخضوعهم لمراقبة مستمرة.
مراقبة الفلسطينيين
ووفقا للمستشارة البارزة في "معهد إسرائيل للديمقراطية"، تهيلا شفارتز ألتشولر، فقد "بدأت معظم الدول المتقدمة في التراجع عن استخدام مثل هذه التقنيات، حتى إن بعض الدول حظرت استخدامها كلية".
وأوضح موقع "ذا ميديا لاين" أن الكاميرات تسمح لقوات الشرطة بأن تصبح أقرب إلى أجهزة الاستخبارات، التي تستخدمها الدول عادة لمواجهة التهديدات الخارجية فقط.
ويُعتقد أن الجيش الإسرائيلي يستخدم تقنية التعرف على الوجه، لمراقبة تحركات الفلسطينيين في الضفة الغربية وعند المعابر الحدودية مع قطاع غزة، إذ انتقدت منظمات حقوق الإنسان الدولية، قبل ذلك، هذا الاستخدام.
وقالت شوارتز ألتشولر إن "مشكلة الكاميرات البيومترية هي أنها تسبب العديد من الأخطاء، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن لديها تحيزا قويا ضد داكني البشرة".
وشددت على أن هذه الكاميرات "تقلب التوازن بين الشرطة والمواطنين بطريقة إشكالية للغاية".
وبحسب مشروع القانون، يمكن لضابط شرطة كبير اتخاذ القرار بشأن نشر الكاميرات، ففي حين أن زمن الاستخدام الأولي لها محدود، فإن ضابط الشرطة سيكون قادرا على تمديد فترة الاستخدام من تلقاء نفسه.
وأفاد التقرير بأنه "سيتعين على الشرطة تقديم تقارير سنوية، حول استخدام هذه التكنولوجيا، إلى الكنيست والنائب العام".
وأضاف "غان-مور" أن "هذا سيوفر فرصة واسعة للتجسس على الناس بانتظام، وجمع المعلومات الاستخبارية عنهم، ذلك أن الشرطة -وليست المحاكم- هي التي تحدد من يكون تحت المراقبة، وأماكن تركيب الكاميرات".
التلاعب بالمعلومات
ويسمح مشروع القانون للشرطة بالاحتفاظ بالمعلومات التي تجمعها لمدة 72 ساعة، لكنه لم يذكر مَن يُشرف على ضمان حذف المعلومات أو كيفية تخزينها.
ويرى الموقع الأميركي أن هذا" قد يؤدي هذا إلى تسرب معلومات حساسة وخاصة، إلى أشخاص أو مجموعات تسيء استخدامها".
وأضاف "غان-مور" أن هذا يمكن أن يسفر عن كميات هائلة من المعلومات الاستخبارية، التي يمكن التلاعب بها بسهولة، خاصة دون وجود رقابة قضائية".
ولفت إلى أنه يمكن "استخدام مثل هذه المعلومات لمنع الناس من المشاركة في المظاهرات، من خلال الادعاء بوجود معلومات استخباراتية ضدهم".
بدورها، شددت "شفارتز ألتشولر" على أننا "في النهاية، سنشهد إساءة استخدام هذه المعلومات؛ لأنه لا يوجد أحد يجيد ضبط نفسه عندما تكون الكثير من المعلومات في متناول يده".
ووفق الموقع، فإنه "خلال جائحة كورونا، استُخدمت التكنولوجيا التي تمتلكها المخابرات الإسرائيلية لتتبع المخالطين للأشخاص المصابين بالفيروس".
وتعرضت هذه الطريقة لانتقادات عامة في ذلك الوقت، ولكن مع القليل من الرقابة القضائية، واصلت الحكومة استخدامها في محاولة لوقف انتشار الفيروس، حيث كانت "إسرائيل" واحدة من الدول القليلة في العالم التي فعلت ذلك.
واليوم، تواجه الحكومة الإسرائيلية ضغوطا شديدة لإيجاد حل لمعدلات الجريمة المتزايدة، ولكن في محاولتها للإظهار للجمهور أنها تفعل شيئا ما، دفعت ثمنا يعده الكثيرون باهظا للغاية، حسب الموقع الأميركي.
واختتمت "شفارتز ألتشولر" حديثها قائلة: "إن الضرر الذي يلحقه مثل هذا النظام التكنولوجي كبير جدا، لذلك يجب منعه".