أحدها قتل 10 آلاف شخص.. هذه أقوى الزلازل التي ضربت المغرب ودمرت معالمه التاريخية

داود علي | a year ago

12

طباعة

مشاركة

ليلة عصيبة عاشها المغرب جراء الزلزال المدمر الذي ضرب عدة مدن في 8 سبتمبر/ أيلول 2023، ووصفته هيئة المسح الجيولوجي الأميركية بأنه "أقوى زلزال يضرب البلاد منذ أكثر من 120 عاما".

الزلزال الذي بلغت قوته 7 درجات على مقياس ريختر ضرب أقاليم ومحافظات الحوز ومراكش وورزازات وأزيلال وشيشاوة وتارودانت، وراح ضحيته مئات القتلى والجرحى، وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن المتضررين جراءه تجاوز أكثر من 300 ألف شخص.

وأعاد الزلزال إلى الأذهان ذكريات مؤلمة عاشها المغاربة مع الهزات الأرضية العنيفة، وبعضها لا يمحى من التاريخ، وبعضها دمر معالم تاريخية بارزة، بما فيهم "زلزال الحوز" الأخير وسط المملكة. 

المدينة العتيقة

ومما حدث في زلزال الحوز أن بعض المباني انهارت في المدينة القديمة بمراكش، وكذلك أجزاء من سور المدينة العتيقة المدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" منذ عام 1985.

ونشرت مواقع تواصل اجتماعي مغربية مقاطع تظهر تضرر أجزاء من الأسوار الحمراء الشهيرة التي تحيط بالمدينة القديمة في مراكش.

والمدينة القديمة يطلق عليها اسم "المدينة العتيقة"، وهي من أهم المعالم السياحية في مراكش، المعروفة أيضا بالمدينة الحمراء وعاصمة النخيل، وهي ثالث أكبر مدينة في المملكة من حيث التعداد السكاني بنحو 2 مليون نسمة.

وبنيت تلك المدينة عام 1071 كعاصمة للدولة المرابطية على يد الأمير يوسف بن تاشفين.

وتضم مجموعة من الآثار التي تركها الموحدون والمرابطون، وكذلك السعديون، ومنها الأسوار والأبواب، وجامع الكتبية ومنارته التي تبلغ 77 مترا من العلو.

وكذلك المنازل التقليدية القديمة من "رياضات" (مبان سكنية فخمة شبيهة بالقصور) وغيرها التي تشتهر بطرازها المغربي القديم المميز.

أما جامع الكتيبة ومنارته المذكورة فقد تعرضا لأضرار جراء الزلزال، ونشرت مقاطع تصور أشخاصا يركضون قرب الجامع الذي يعود تاريخه إلى القرن الثاني عشر، وهو من أشهر معالم المدينة.

وقال ناصر جابور، رئيس قسم بالمعهد الوطني للجيوفيزياء (حكومي)، لوكالة المغرب الرسمية في 9 سبتمبر 2023 إن "المرة الأولى منذ قرن التي يسجل فيها المركز هزة أرضية عنيفة بهذا الشكل بالمغرب"، جراء زلزال الحوز.

ولقي 2012 شخصا على الأقل مصرعهم، وأصيب 2059 آخرون، وفق أحدث حصيلة رسمية غير نهائية أعلنتها وزارة الداخلية في 9 سبتمبر 2023.

أغادير والحسيمة

لن ينسى المغرب والعالم فاجعة أغادير، التي تذكر كلما ذكرت الزلازل المدمرة عبر التاريخ الحديث. 

ففي يوم 29 فبراير/ شباط 1960، الموافق 2 رمضان 1379، وفي تمام الساعة 23:41، وقعت الهزة المدمرة التي استغرقت 12 ثانية فقط، بقوة 5.7 درجات على مقياس ريختر. 

وكانت نتائجها مفجعة على مدينة أغادير المغربية، المطلة على المحيط الأطلسي، إذ قتلت قرابة ثلث سكان المدينة، وبلغ عدد القتلى 15 ألف قتيل، وشرد 35 ألف نسمة، بالإضافة إلى خسائر مادية قدرت آنذاك بـ290 مليون دولار.

وتسبب الزلزال في التدمير الكلي للحيين التاريخيين الرئيسين في المدينة، وهما حي القصبة وحي فونتي.

فما بقي من عمارة منهما هو أجزاء من الأسوار التاريخية الضخمة المحيطة بأغادير، والتي يعود بناؤها في الأصل للدولة السعدية، تحديدا عام 1541.

وكذلك أتت الهزات على ضريح "لالة يامنة نتغنيمين"، الذي يعد من مزارات الصوفية.

وطمس الزلزال كثيرا من المعالم القديمة منها قبور الأولياء فلم يتبق بالقلعة إلا أجزاء من ضريح "سيدي بوجمعة أكناو" الذي يعد مزارا للطائفة الكناوية (الفنية الغنائية) بالمغرب. 

ومن الزلازل القاسية التي شهدها المغرب، وكان آخر زلزال مدمر تشهده المملكة، قبل كارثة الحوز، هو زلزال الحسيمة، الذي وقع في 24 فبراير/ شباط 2004، بقوة 6.5 درجات بمقياس ريختر، في الإقليم الواقع شمال المملكة.

وعد زلزال الحسيمة من أسوأ الكوارث الطبيعية في منطقة المغرب العربي قاطبة.

وقد أحدث دمارا كبيرا في المنطقة المحاطة بتضاريس جبلية، وتسبب في مقتل أكثر من 600 شخص وإصابة مئات آخرين، وتشريد أكثر من 15 ألفا نتيجة انهيار أكثر من ألفي مبنى.

وتسبب الزلزال في تدمير العديد من المناطق والقرى القديمة، أهمها بلدة آيت قمارة التي يقطنها نحو 7 آلاف نسمة، وبنيت أغلب مبانيها بالطوب على الطراز المغربي القديم، حيث دمرت بشكل كامل.

كما لحقت الأضرار الفادحة بالعديد من البلدات والقرى المحيطة ببلدة آيت قمارة مثل إمزورن، والسنادة، وأنكور.

ومن المعالم التاريخية التي تأثرت وجرى ترميمها قلعة طوريس (صنهاجة) وهي قلعة عسكرية من 5 أبراج تطل على البحر الأبيض المتوسط، ويرجع تاريخها إلى القرن 15 حيث دخلها الإسبان عام 1563، بعد تشييدها من طرف البرتغاليين. 

وحدثت تشققات ببعض الأبراج قبل أن تقوم الحكومة المغربية بترميمها. 

تاريخ الزلازل

وعرف المغرب تاريخا من الزلازل المروعة، لأنه يقع في منطقة عدم استقرار زلزاليا، وذلك لانتمائه لحوض البحر المتوسط الذي عرف زلازل قوية ومدمرة عبر التاريخ.

ويعد الزلزال الذي وقع في 28 مايو/ أيار 1818 هو أول زلزال يرصد في المصادر التاريخية المغربية.

وقد ضرب ضفتي مضيق جبل طارق بين شمال المغرب وجنوب إسبانيا، بقوة 

وتسبب في تدمير القلاع والأبراج والمنارات الواقعة في شمال المغرب.

وفي 11 مايو/ أيار 1624، وقع زلزال مدمر أتى على أجزاء واسعة من مدن تازة وفاس ومكناس، وخلف وراءه دمارا هائلا.

ومن الزلازل التي دونت عبر التاريخ، وحازت على أهمية شديدة بسبب حجم الخراب والموت الذي تسبب فيه هو زلزال لشبونة العظيم. 

ففي نوفمبر/ تشرين الثاني 1755، شهد العالم أحد أعنف الزلازل على الإطلاق، بعد أن ضرب مدينة لشبونة البرتغالية زلزال مدمر بلغ 9 درجات بمقياس ريختر.

ووصلت قوة الهزات إلى سواحل المغرب التي تأثرت بحجم الكارثة، خاصة مدينة طنجة التي دمرت تماما، وقتل 10 آلاف إنسان في المغرب فقط، وهو رقم كبير جدا في ذلك الزمن. 

بعد هذا الزلزال بسنوات وتحديدا في أغسطس/ آب 1792، أتى زلزال عنيف على مدينة مليلية، ودمر عددا من أحيائها. 

وعانت نفس المدينة من هزات أرضية قوية في 11 فبراير  1848، مما أدى إلى وقوع خسائر فادحة في الأبنية والأحياء.

وفي يناير/ كانون الثاني 1909، دمر زلزال قوي أحياء عديدة في مدينة تطوان، المطلة على البحر المتوسط، والمشهورة بالأبنية ذات الطابع الأندلسي والمغربي، وسقط على إثره 100 قتيل وجريح.

وبحسب موقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في تقرير نشر عن زلازل المغرب في 9 سبتمبر/ أيلول 2023، فإن وجود المملكة في بؤرة جيولوجية مفصلية لصفيحتين هما الإفريقية والأوروآسيوية، يجعله في مركز الاهتزازات الناجمة عن تقارب هذه الصفائح المتحركة.

وأورد أن الزلازل العنيفة تقع عند أطراف القارات والتقائها ببعض المسطحات المائية، مثل التقاء المحيط الهادي بشرق آسيا أو بغرب الأميركتين، وعلى العكس تكون وسط اليابسة في القارات، ففيها تقل احتمالية الزلازل كما نلاحظ في أوراسيا وإفريقيا وفي الأميركيتين.

وذكرت أن هذا مرتبط بمصطلح الصفائح التكتونية، والذي كثر ذكره في الآونة الأخيرة لكثرة الزلازل المدمرة.

وهو مصطلح مرتبط بقشرة الأرض العلوية، إذ توجد 7 صفائح رئيسة في الكرة الأرضية، أكبرها صفيحة المحيط الهادي ثم أميركا الشمالية ثم أوراسيا، وتقع الزلازل على نقاط التقاء هذه الصفائح.

وهذا يفسر أسباب تعرض المغرب لهذا الكم من الزلازل عبر التاريخ القديم والحديث.