الانقلابات العسكرية تجبر حكام إفريقيا المستبدين على استبدال جنرالاتهم.. ما القصة؟

12

طباعة

مشاركة

أدى الانقلاب العسكري في الغابون إلى زيادة التوتر في القارة الإفريقية، حيث يرى بعض الزعماء أن سلطتهم معرضة للتهديد، وكإجراء احترازي يعين بعضهم جنرالات جددا ويبعد آخرين قدامى.

وحذر موقع "دويتشه فيله" الألماني من انتشار موجة أخرى من الانقلابات في إفريقيا، حيث أظهر الانقلاب العسكري في الدولة الواقعة في وسط إفريقيا أن المستبدين الآخرين قد يجري إبعادهم أيضا.

وصباح 30 أغسطس/آب 2023، أعلن قادة عسكريون من الجيش الغابوني إلغاء نتائج الانتخابات التي أعلن فيها في ذات اليوم، فوز الرئيس علي بونغو لفترة رئاسية ثالثة، إضافة إلى حل مؤسسات الجمهورية كافة وإغلاق الحدود.

وألغى الجيش في الغابون الانتخابات الرئاسية، التي جرت في 26 أغسطس 2023، وحل جميع السلطات العامة، وأنشأ لجنة المرحلة الانتقالية وإعادة بناء المؤسسات، وكذلك وضع الرئيس علي بونغو قيد الإقامة الجبرية.

وبذلك أصبحت الغابون الدولة الثانية في إفريقيا التي نفذ الجيش فيها انقلابا هذا العام، بعد النيجر، التي وقع فيها انقلاب في 26 يوليو/ تموز 2023.

ويسلط الموقع الضوء على السلوكيات التي انتهجها بعض القادة الأفارقة بعد الانقلابات العسكرية، مثل زعيم الكاميرون.

موضة الانقلابات

فبعد أربعة أيام من الانتخابات الرئاسية في الغابون، أطاح الجيش برئيس الدولة، علي بونغو أونديمبا، وذلك عقب 14 عاما في منصبه. 

وتولى علي بونغو السلطة خلفا لوالده، عمر الذي مكث في السلطة منذ عام 1967 حتى وفاته عام 2009.

وكان نجل علي بونغو في بداية طريقه ليحل محل والده، ويستكمل مسيرة جده.

وفي هذا السياق، يعتقد الموقع أن هذا الحكم الأسري هو الذي أدى إلى استياء السكان من الحكومة منذ فترة طويلة.

ويلفت "دويتشه فيله" إلى أن هذا الاستياء الذي كان موجودا في الغابون ليس حالة استثنائية في القارة الإفريقية.

وبإمعان النظرة على دولة الكاميرون المجاورة، نجد أن الرئيس الكاميروني بول بيا، أجرى تغييرات في قياداته العسكرية، بعد ساعات من تعيين عسكر الغابون رئيسا جديدا للبلاد.

وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس بيا يبلغ من العمر 90 عاما، ويحكم الكاميرون منذ أكثر من 40 عاما.

ولكن المحلل السياسي أليكس جوستاف أزيباز يجد أنه من الصعب عقد مقارنة بين الغابون والكاميرون.

وقال لـ"دويتشه فيله": "الكاميرونيون مثلي يتابعون عن كثب ما يحدث في الغابون دون أن يكون لديهم أي أوهام كبيرة".

ويعتقد أن الديمقراطيين الكاميرونيين من جميع التيارات سيستعيدون قوتهم لمنع الجيش من التدخل في اللعبة السياسية.

بالإضافة إلى الكاميرون، كان الرئيس الرواندي بول كاغامي، الذي يشغل منصبه منذ عام 2003، قد أقال العديد من كبار المسؤولين العسكريين مطلع سبتمبر. 

غياب الإصلاحات

وبعد وقت قصير من انقلاب الغابون، عين عمر سيسوكو إمبالو، رئيس غينيا بيساو منذ عام 2020، قيادات أمنية جديدة لحمايته.

وفي تصريح للصحفيين، قال سيسوكو إمبالو: "إن الانقلابات التي يقوم بها مسؤولو الأمن الرئاسي أصبحت موضة"، مؤكدا أن "أي تحرك مشبوه سيُقابل بالرد المناسب".

وفي جنوب موزمبيق، يذكر الموقع الألماني أن الرئيس فيليبي نيوسي أدان الانقلاب في الغابون، مشددا أنه "لا توجد أسباب لتبريره، فلكل دولة مشاكلها والتي لا تُحل بالانقلابات".

وأضاف نيوسي أن "الطريقة التي تُمارس بها الديمقراطية في القارة تحتاج إلى إعادة نظر".

ويحكم نيوسي يحكم البلاد منذ عام 2015، كما أن أجهزة الدولة تمارس القمع ضد الاحتجاجات الشعبية.

وفي حديث له مع "دويتشه فيله"، يقول جون تشين، الباحث في مجال ديناميكيات الانقلاب في معهد كارنيجي ميلون للأمن والتكنولوجيا بجامعة بيتسبرغ، إن "إفريقيا هي مركز الانقلابات، لكن لا يوجد نموذجان متماثلان".

ويتابع: "يمكننا التمييز بين الانقلابات التي تؤدي إلى تغيير النظام للإطاحة بالحكومات المنتخبة ديمقراطيا، كما رأينا في النيجر، وتلك التي تتبادل القيادة للحفاظ على النظام الحاكم، كما حدث في تشاد قبل بضع سنوات".

ويرى تشين أنه "رغم تنوع الانقلابات وصعوبة تحديد أسبابها بوضوح، فإن العوامل المحلية والإقليمية مثل الفقر وغياب الديمقراطية تلعب دورا في وجود مثل هذه الانقلابات".

نهاية الديمقراطية

ويلفت تشين إلى أن عدد الانقلابات العسكرية في إفريقيا قفز إلى 11 من 2020 إلى 2022، وإلى 13 عام 2023 مع النيجر والغابون، مشيرا إلى أن أغلبها حدثت في غرب إفريقيا.

وبحسب الموقع الألماني، يجد تشين أن المشهد السياسي العام مثيرا للقلق، لافتا إلى أن "أولئك الذين وعدوا بالعودة السريعة إلى الحكم الديمقراطي لم يلتزموا بتنفيذ وعودهم".

ويشير الباحث بذلك إلى الوعود السياسية التي قدمها قادة القوات المسلحة في المنطقة، تحت ضغط العقوبات التي فرضتها أخيرا المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا "الإيكواس" والولايات المتحدة وفرنسا ودول أخرى.

وبعد رفع العقوبات، لم تشهد القارة الإفريقية أي عودة حقيقية إلى المسار الديمقراطي في أي من هذه البلدان.

وبشأن الانقلاب الأخير ونتائجه، يقول تشين إن "الانقلابيين يجب أن يكونوا إستراتيجيين إذا أرادوا الاستيلاء على السلطة والاحتفاظ بها". 

وأكد أن "أحد العوامل المهمة التي يجب وضعها في حساباتهم هو رد الفعل الدولي، فبمجرد سقوط مطرقة العقوبات، سيكون البقاء في السلطة صعبا".

ولذلك، يعتقد تشين أن استمرار الدبلوماسية النشطة من قبل الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي يلعب دورا مهما إما في إنهاء الانقلابات، أو -على الأرجح- في تقليل طول فترة وجود الحكومات الانقلابية في السلطة.

وفي ختام التقرير، يلفت موقع "دويتشه فيله" إلى أن الانقلاب في الغابون لن يكون الأخير في القارة، حيث إن العالم سيشهد "نشاطا انقلابيا في إفريقيا". 


المصادر