الدماء تسيل في العريش.. حادث أمني غامض يثير غضب المصريين والنظام في غيبوبة

12

طباعة

مشاركة

كشفت مصادر حقوقية وإعلامية عن مقتل أربعة من قوات الشرطة المصرية، في محيط مقر "الأمن الوطني" بمدينة العريش شمالي شبه جزيرة سيناء، إثر تعرضهم لهجوم مسلّح غامض في 30 يوليو/ تموز 2023.

ويقع مقر الأمن الوطني ومديرية أمن شمال سيناء وديوان عام المحافظة ومكتب المخابرات العامة ومحكمة شمال سيناء، داخل مربع أمني حصين في منطقة ضاحية السلام شرقي العريش.

تفاصيل الحادث أعلنتها مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، نقلا عن مصادر خاصة أفادت لها بمقتل العقيد محمد مؤنس في اشتباك مسلح داخل مقر الأمن الوطني، مشيرة إلى ورود أنباء عن وقوع قتلى وجرحى آخرين.

وأشارت إلى وصول 4 سيارات إسعاف لمقر الأمن الوطني، ونقلت بعض الحالات إلى مستشفى العريش العسكري، فيما وصلت  جثامين عدد من القتلى لمشرحة مستشفى العريش العام.

وأشارت المؤسسة الحقوقية عبر تويتر إلى أن السلطات الأمنية بشمال سيناء قطعت شبكات الاتصال والإنترنت عن مدينة العريش لنحو 5 ساعات متواصلة صباح الأحد 30 يوليو.

وكشفت في تغريدة أخرى عن ارتفاع عدد القتلى إلى 4، وهم: عقيد أمن مركزي محمد مؤنس مأمون، معاونا الشرطة محمد عبدالمطلب عبد الرؤوف، ومحمد صلاح شامة، وفرد الأمن الوطني محمد أبو العينين عطالله.

ويأتي هذا الحادث بعد أشهر من إعلان رئيس النظام عبدالفتاح السيسي، أوائل عام 2023، "نهاية الإرهاب في مصر"، وأن "الحرب على الإرهاب في سيناء تكلفت مليار جنيه شهريا لمدة 90 شهر على الأقل".

ورغم مرور أكثر من 24 ساعة على الحادث إلا أن النظام المصري ما زال ملتزما الصمت ولم يصدر أي بيان رسمي حول الحادث.

واستنكر ناشطون على تويتر الصمت الرسمي تجاه الحادث وعدم إصدار بيان يشرح ما شهده مقر الأمن الوطني بالعريش.

وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #العريش، #سيناء، #ارحل_ياسيسي، وغيرها، تناقلوا روايات أبرزها أن أحد السجناء هرب من فتحة تهوية إلى سطح المقر الأمني ووجد سلاح جرينوف وذخيرة واستخدمها ضد أفراد الأمن.

صمت رسمي

وتفاعلا مع الأحداث، تساءل الصحفي أحمد عطوان: "لماذا هذا التكتم الإعلامي؟ أليس من الغريب تكتم الداخلية والمتحدث العسكري حتى اللحظة عن نشر أي نفى أو تفاصيل عن الحادث وأسبابه وعدد الضحايا والمصابين؟!".

وأعرب الإعلامي أسامة جاويش، عن أسفه على أن آخر تحديث على صفحة المتحدث كان من 7 ساعات عن خبير الأشعة التداخلية في المركز الطبي العالمي، ساخرا بالقول: "حد يصحيه لو سمحتم فيه مصيبة في سيناء". واستنكر المغرد راضي، ترك المتحدث العسكري، ما يحدث بالعريش ومجزرة الأمن الوطني، ونشر دعاية للمركز الطبي العالمي ولدكتور جراحة على صفحته الرسمية بتويتر.

وقال صقر العرب: "لا زال المتحدث العسكري المصري ووزارة الداخلية منبطحين على بطونهم لا حس ولا خبر عن سيناء المعزولة تماماً عن الشعب المصري وعن الأحداث الأخيرة وعن سقوط قتلي وجرحي".

وأضاف: "طبعا مفيش إعلام ولا صحافة عشان تقول نص كلمة للعبيد الشعب يعني هل في أحد في هذا البلد يثق في هذا النظام".

فيما كتبت المغردة نور: "أما كل وكلات الأنباء تكتب وينتشر صور الشهداء والمتحدث العسكري يلتزم الصمت لا أعتقد أن الوضع مريح أو في صالح حد".

جرينوف بالسطح

وأعرب ناشطون عن رفضهم لكل الروايات التي ساقتها اللجان الإلكترونية على تويتر، وتحدثوا عن دلالاتها في حال صحتها، مستنكرين حذف وزيرة التخطيط هالة السعيد تغريدة نعي، ما يثير الشكوك حول الحادث. 

الصحفي أحمد حسن الشرقاوي، أشار إلى أن حادث مقر الأمن الوطني بالعريش مضى عليه نحو 24 ساعة كاملة ولم يصدر بيان رسمي من وزارة الداخلية يوضح ظروف وملابسات الحادث وعدد القتلى والمصابين من الجانبين.

وأوضح أن رجال محمد دحلان وإبراهيم العرجاني يعيثون فسادا في سيناء لأهداف تتعلق بتثبيت حكم الشيصي -في إشارة إلى السيسي- الذي يهتز بشدة خلال الفترة الأخيرة جراء تزايد السخط الشعبي بسبب الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار وانقطاع التيار الكهربائي عن معظم المناطق في أنحاء الجمهورية كافة.

ورأى الشرقاوي، أن من التفاصيل الخطيرة التي كشف عنها حادث العريش أن المعتقلين عندما هربوا عبر نافذة غرفة الاحتجاز، وصعد أحدهم الى سطح المبني، وجد مدفع جرينوف والكثير من الذخيرة، فاستخدمه ضد العناصر الأمنية الموجودة خارج المقر وقتل منهم 5 أشخاص وفق شهود عيان.

وقال إن تلك المعلومة تبين أن نظام السيسي يستعد بتسليح المقار الأمنية بأسلحة ثقيلة وذخيرة وفيرة فوق كل مقر أمني في البلاد خشية من قيام المتظاهرين بحصارها أثناء وقوع ثورة شعبية.

وأضاف: "يبدو أننا نستخف بحالة الذعر والهلع التي تصيب السيسي ونظامه جراء وجود احتمال ولو ضئيل بقيام الشعب بالثورة على النظام ومحاصرة المباني الحكومية والمقرات الأمنية كما حدث في ثورة 25 يناير 2011".

وكتب المحامي أمين بدر: "إذا صحت الأنباء الواردة فى ظل هذا التعتيم والظلام الحالك، ملاحظات.. جرينوف وذخائر حية فوق مقار الأمن وده طبعا منتشر فى ربوع المحروسة، وشكلها طلعت محروسة مننا إحنا، فى حالة أنك ثرت أيها الشعب الصبور ذو النفس الطويل فتجنبوا الجرينوف.. جرينوف علينا وأمام الأعداء؟ اللهم طهرا".

وأشار الحقوقي عمر الفتيري، إلى أن وزيرة التخطيط هالة السعيد تحذف عزاء لضحايا حادث الأمن الوطني بالعريش، بعد حديث عمرو أديب والاستدلال بما كتبته بدقائق يذكر أن الحكومة لم تعلن حتى الآن عن الحادث.

ونشر أسماء الرتب وضحايا الهجوم على مقر الأمن الوطني بسيناء، وبينهم جنود قوات مسلحة، موضحا أن عدد الضحايا 26 بينهم 4 قتلي و 22 إصابة.

وتساءل في تغريدة أخرى: "هل رجال العرجاني هم المسؤولون عن هذه المجزرة!؟، موضحا أن رجال العرجاني مليشيات مسلحة صنعتها الدولة من أهالي وأبناء سيناء تحت مسمى محاربة الإرهاب ويقودها إبراهيم العرجاني وهو إرهابي قاتل وله العديد من المجازر السابقة في حق الشرطة ورجال الأمن.

وأشار الأكاديمي سام يوسف، إلى أن وزيرة التخطيط المصرية هالة السعيد تحذف عزاء لضحايا حادث الأمن الوطني بالعريش، مذكرا بأن الحكومة لم تعلن حتى الآن عن الحادث في عدم شفافية وتخبط كالعادة.

وعلق الإعلامي الدكتور حمزة ذوبع، على حذف وزيرة التخطيط عزاءها لضحايا حادث العريش، متسائلا: "هل هي مجرد عملية إرهابية أم عملية سياسية بدماء مصرية؟".

وأضاف أنه مجرد تساؤل في ظل غياب أي معلومات رسمية ولحين طبخ بيان الداخلية الذي تأخر جدا ستكثر التفسيرات والتأويلات، وتدفن الحقيقة مع جثث من ماتوا..!، حتى العزاء حذفوه.. وعليه العوض ومنه العوض…".

دلالات الحادث

وتحدث ناشطون عما يحمله الحادث من دلالات، وتداولوا مزيدا من التفاصيل عن أسماء الضحايا والمصابين، فيما تحدث أحد معارف عقيد الأمن المركزي محمد مؤنس مأمون عنه. 

وتحت عنوان "الكل ضحايا" كتب ضابط أمن الدولة السابق هشام صبري: "من المواقف الصعبة أن أسمع عن استشهاد حد أعرفه شخصيا، محمد مؤنس مأمون كنت صف ظابط عليه سنة كاملة عايشيين مع بعض وعارف قد أيه كان شخص طيب، لكن في نفس الوقت عارف الجرائم اللي بترتكب في سيناء".

وتابع: "مع المشاعر المختلطة، يأتي صوت العقل، إن الكل ضحايا لهذا النظام القمعي وإن السيسي ونظامه هم السبب في إن فيه مساجين، معارضين وضباط بيستشهدون كل شهر."

وأضاف صبري: "مؤنس اختار يروح الأمن المركزي لما اتخرج علشان مكنش عايز يظلم حد ولا يرتشي، مش بقول إنه ملاك، لكن بشر زينا، لو كان فيه شبه نظام في مصر مكنش ولاده ولا ولاد آلاف من المعارضين أتيتموا."

وعرض الحقوقي والمذيع بقناة الشرق أحمد سميح، بيان بأسماء لشهداء والمصابين في حادث العربش، موضحا أنهم 4 شهداء و22 مصابا.

ورأى محمد عادل، أن وقوع 26 مصابا من العسكر في العريش دليل أنها كانت حربا ويدارون عليها.

وقال الحقوقي أسامة رشدي، إن سيناء لا تزال تنزف ولايزال هدف إنهاء العنف في مناطق كاملة في شمال سيناء مجرد أوهام ووعود فارغة كباقي الوعود.

وأضاف: "سيناء تحتاج لمقاربات جديدة بخلاف تسليح المليشيات وسفك المزيد من الدماء"، لأن هذه السياسات لم تجلب إلا الخراب وزيادة أعداد الضحايا من الجيش والشرطة والأهالي طوال العشرية السوداء.

وتابع: "وهو ما يؤكد ما نطالب به الآن ويطالب به الشعب  #ارحل_يا_سيسي حتى تنعم سيناء بالأمن بعد أن تحل مشاكلها التي تاجرت بها وساهمت في تدميرها بشكل منظم وحتى يشعر أهلها بالأمان ويعودون لبيوتهم".

وأشارت الإعلامية سمية الجنايني، إلى أن سيناء مشتعلة، متوقعة أن ما حدث في مقر أمن الكرسي (أمن الدولة) هناك سيحدث في كل المقرات على مستوى الجمهورية، وسيحدث في مقرات الشرطة، وسينتقل إلى السجون.

وأضافت: "وقتها لا تلومن إلا أنفسكم"، مؤكدا أن "في مسالخ الأمن الداخل مفقود والخارج مولود.. عذبوا المصريين وأهانوهم واستباحوا أجسادهم.. والأيام القادمة ستثبت ذلك".

وقال كمال يخلف، إن "الإرهاب المحتمل في عهد (الرئيس الراحل محمد) مرسي أصبح حقيقة في عهد السيسي".

وعرض المغرد رفيق مقطع فيديو للسيسي وهو يتفاخر بالنجاح في إنهاء الإرهاب، ويعلن عن احتفالية في العريش ورفح والشيخ زويد.

وتساءلت الصحفية إسراء الحكيم: "لحد امتى سيناء هاتفضل بؤرة لحصد أرواح أولادنا من الضباط و الجنود !؟".