لحل أزمة حقل الدرة مع إيران.. دعوة لتحالف خليجي تركي تثير هجوما سعوديا

12

طباعة

مشاركة

في أعقاب رفض إيران ترسيم الحدود مع السعودية والكويت لحسم خلاف حقل الدرة النفطي، وتأكيدها أنها تشترك فيه ولن تتنازل عنه، دعا أستاذ العلوم السياسية والمفكر الكويتي، عبدالله النفيسي، دول الخليج للاستقواء بتركيا، ما أثار موجة من الجدل.

النفيسي قال في تغريدة على حسابه بتويتر في 13 يوليو/تموز 2023، إن إيران تدرك ضعف دول التعاون حال المواجهة في حقل الدرة، ودرس القصف الحوثي ليس ببعيد.

وبين أن طهران تدرك انشغال حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن الخليج في حرب أوكرانيا وملف الصين. ولذلك فقد رأى أنه "حتى لا تستفرد بنا إيران فالخيار الإستراتيجي المتاح أمام دول (مجلس) التعاون هو الاستقواء بتركيا عبر مشروع استثماري مشترك في الدرة".

حملة هوجاء

بعد هذا المقترح، شن الذباب الإلكتروني وإعلاميون سعوديون محسوبون على النظام السعودي بينهم داود الشريان، والمعارض السابق كساب العتيبي، هجوما لاذعا على النفيسي وقللوا من شأنه وسخروا من دعوته واتهموه بالخيانة ووصموه بالخرف وغيرها من الاتهامات الأخرى.

الشريان رد على النفيسي قائلا له: "أنت (كوجا مرحبا) يا أبو مهند، وهي جملة فارسية المنشأ متداولة في بعض الأوساط الخليجية، وتعني التقليل من أهمية الشيء أو الكلام أو الانتقاص من وزنه، أو أحيانا تقال لمن لا محل له من الإعراب".

 فيما تساءل العتيبي: "كيف لإيران أن تُدرك ضعف (المملكة) تحديدا وهي التي كانت تستجدي إعادة العلاقات معها مند سنوات، إلى أن وافقت السعودية أخيرا وبشروطها التي رأينا ثمارها عمليا في أكثر من ملف؟".

وأضاف: "خياران أمام د. النفيسي: إما أنه خرّف أو أصابه زهايمر أو أنه يُريد العودة للأضواء بمناكفة السعودية"، وفق تعبيره.

وأثارت التغريدات الساخرة من رأي النفيسي ونصيحته موجة غضب واسعة بين الناشطين على تويتر، إذ استنكروا استنفار الإعلاميين والذباب الإلكتروني والتجييش ضد تغريداته والإساءة له، واتهموا أولئك المغردين بالعمل ضمن توجيهات وأوامر عليا، مشيدين بقدرته على قهر المراوغين وإيلامهم وتحريكهم بكتاباته.  

وأبدوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسمي #حقل_الدرة، #عبدالله_النفيسي، تضامنهم وتأييدهم لما قاله النفيسي في حثهم على التحالف الخليجي التركي للجم الأطماع الإيرانية في دول الخليج.

وأكد ناشطون أن الخيار الإستراتيجي الذي طرحه النفيسي بدعوته دول الخليج للاستقواء بتركيا عبر مشروع استثماري مشترك في الدرة، يدفع طهران لتغيير نهجها التوسعي الطامع، مشيرين إلى أن التحالف الخليجي التركي بمثابة صمام أمان لمواجهة المخاطر والتحديات والمتغيرات الجديدة في المنطقة.

وبرزت الخلافات حول حقل الدرة في مارس/آذار 2022، بعد أيام من توقيع اتفاق بين السعودية والكويت لتطوير الحقل، الأمر الذي رفضته طهران وأبدت اعتراضها من الاستثمار في هذه البقعة الغنية بالهيدروكربون دون إشراكها.

لكنها تصاعدت بقوة في أعقاب اتفاق سعودي إيراني برعاية صينية في مارس 2023، قضى باستئناف العلاقات بين توقف دام 7 سنوات بسبب حرق سفارة الرياض في طهران على خلفية إعدام رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر بتهمة الإرهاب.

وبحسب مؤسسة البترول الكويتية (حكومية) فإن مشروع تطوير حقل الدرة من شأنه أن يؤدي إلى إنتاج مليار قدم مكعب قياسية من الغاز الطبيعي، إضافة لإنتاج 84 ألف برميل من المكثفات يوميا، مؤكدة أنه "سيجرى تقسيم الإنتاج بالتساوي بين البلدين". 

تأييد وتضامن

وتفاعلا مع الأحداث، أكد الناشط وعضو حزب التجمع السعودي المعارض عمر عبدالعزيز الزهراني، أن تغريدة النفيسي فيها رأي معتبر، فإيران قصفت السعودية في بقيق ولم تجد ردا، وأخذت الجزر من الإمارات ولم تجد مقاومة، وفرضت على الخليج التطبيع مع بشار وذيولها بالمنطقة. 

وأجاب عن تساؤل لماذا تركيا؟ قائلا: "لأن تدخلها العسكري كمثال منع غزو قطر، وأوقف المعارك بليبيا، وحسم معركة كاراباخ."

ووافق المغرد عبدالله، رأي المفكر الكويتي، قائلا "عبدالله النفيسي معه الحق والتحالف الخليجى التركى ضرورة وضربة معلم ضد إيران وألاعيب أمريكا".

وقال أبو أنس المطيري: "صدق الدكتور عبدالله النفيسي في تغريدته، إتفاقيات أمنية مع تركيا العظمى هو الحل والسبيل بعد الله في حماية حقول النفط وبالأخص حقل الدرة من المسيرات المتفجرة، كما حصل في تفجير مصفاة بقيق".

وأكد أن عودة العلاقة السعودية الإيرانية لن تمنع من ضرب حقول النفط مرة أخرى، لأن ملالي طهران ليس لهم أمان.

وتوقع عماد مشموس، دخول تركيا ملف حقل الدرة كوسيط موثوق به وكقوة توازن سني في المنطقة.

استياء ودفاع

وأعرب ناشطون عن استيائهم من رد الكاتب السعوي داود الشريان على النفيسي بعبارة "كوجا مرحبا" والتي أوضح لاحقا في رده على المغردين أنها تعني "وش دخلك، أو ما هو شغلك، وباللهجة الكويتية (انت شكو)".

ودافع استاذ الاتصال السياسي أحمد بن راشد بن سعيد، عن النفيسي، وحقه في التعبير عن رأيه، واقتراح ما يعتقد أنه يخدم مصالح بلاده ومنطقته، من غير تسفيه ولا سخرية، مشيرا إلى أن الكويت بها مُناخ من الحرّيّة يمكّن المواطنين من التعبير عن آرائهم.

واستنكر إساءة الشريان له، متسائلا: "هل كانت هذه الإساءة ستحدث لو أن "إسرائيل" كانت مكان تركيا؟ أكاد أجزم: لا!".

وأعاد الصحفي السعودي المعارض تركي الشلهوب، نشر التغريدة، قائلا: "كتب الدكتور عبدالله النفيسي هذه التغريدة، فأشبعه الوطنجية والذباب سبًّا وشتمًا وقذفًا.. على الرغم من أنهم لم يستطيعوا أن ينطقوا بحرفٍ ضد إيران التي قررت اغتصاب 40% من حقل الدرة، لا هم ولا سيّدهم!".

وكتب رئيس تحرير صحيفة المصريون جمال سلطان: "كشفت إيران بوضوح عن أطماعها في حقل الدرة النفطي، وادعت أن لها حقوقا فيه، لاغتصاب حقوق الكويت والسعودية، الخبير السياسي الكويتي الدكتور عبد الله النفيسي أبدى رأياً يقترح فيه تحالف البلدين مع تركيا لمجابهة التهديد الإيراني، فهاجت عليه عصابة إعلامية خليجية معروف توجهاتها وولاءاتها".

وأضاف: "تخيل أن هذه العصابة نفسها يرحبون بالتحالف مع الأمريكان، مع الروس، مع الإسرائيليين، مع الجن الأزرق، لكن مجرد أن تذكر تركيا يركبهم ألف عفريت؟!".

وتساءل عبدالملك الحماطي: "هل الاستقواء بأمريكا والغرب حلال، والاستقواء بتركيا الجارة المسلمة حرام لأنها تنتمي للإخوان؟".

مكانة النفيسي

وبرز حديث ناشطين عن مكانة النفيسي وعلمه ونظرته السياسية القوية خاصة تجاه التوسعات الإيرانية، مشيرين إلى أن ما قدمه مجرد نصيحة قوبلت باستهجان وإساءة. 

وأكد المحكم الدولي ربيع العمور، أن النفيسي صاحب فكر ويجب احترام وجهة نظره.

وانتقد أحد المغردين إساءة الشريان قائلا: "الدكتور النفيسي اجتهد وأبدى رأيا وهذا حق من حقوقه كمواطن كويتي، بل ومواطن عربي خليجي يهمه حقوق دولته وأمن دول الخليج، لذلك كوجا يجب أن تقال للمعترضين عليه مسيو دافيد اقصد داود؟".

وتحدث صاحب حساب كويتي حر، عن الأهداف من وراء تحقير الشريان لرأي النفيسي، ملمحا إلى أن السلطة السعودي لا ترغب في أن يبدي أحد رأيه أو يخالف أو يعلن وجهة نظره، ويريدون الإنسان أن يعيش رجل آلي دون رأي.

وأوضح سالم العويد الإبراهيم، أن النفيسي قال رأيه بكل صراحة ووضوح حول المتوقع من إيران بحقل الدرة بسبب معرفته العميقه بالإيرانيين وسلوكهم وتفكيرهم.

وأضاف أن رأي النفيسي ليس ضد أي بلد خليجي لأنه مواطن خليجي، إنما نصيحة لدولته والسعودية لأخذ الحذر من إيران، مؤكدا أنه مجرد رأي مبني على معرفة تامة بتصرفات الفرس تجاه الجيران العرب.

وتعجب خالد الكليب من اتهام البعض للنفيسي بالعمالة والخضوع لأنه وجه نصيحة بخصوص حقل الدرة، قائلا: "أولا هذا دكتور علوم سياسية 1972 يعني صاحب مصداقية، ثانيا أغلب المهايطية في تويتر جاهلين سياسة والتكافئ العسكري، أما إن تقبل النصيحة أو لا تقبل لكن لا تخون الناس".