بعد منحه الضوء الأخضر لعضوية السويد بالناتو.. كيف تتأثر علاقة أردوغان وبوتين؟

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع "المونيتور" الأميركي الضوء على ما وصفه بـ"المنعطف" الذي اتخذه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في سياسته الخارجية، عبر موافقته على تمرير ملف انضمام  السويد إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) إلى البرلمان.

وقال الموقع إن هذا القرار الذي أفصح عنه أردوغان قبل وأثناء قمة الناتو في ليتوانيا خلال يوليو/ تموز 2023، "أثار موجة من التعليقات الغربية حول مدى ابتعاد تركيا عن روسيا، وعودتها إلى الحظيرة الغربية".

فقد تساءل معهد "لووي" الأسترالي للسياسة الدولية قائلا: "إلى متى يمكن أن تستمر العلاقة المميزة بين أردوغان ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين؟".

كما قالت صحيفة واشنطن بوست الأميركية إن "الحرب الروسية (على أوكرانيا) قد يكون لها ضحية جديدة، وهي العلاقة بين بوتين وأردوغان". لكن أكد "المونيتور" أن الجميع لا يتفق على هذه الخلاصة.

بايدن يشيد بأردوغان

وقال إنه "من المؤكد أن الكرملين لن يكون مسرورا للغاية بصور أردوغان والرئيس الأميركي جو بايدن، وهما مبتسمان خلال اجتماعهما الذي استمر لأكثر من ساعة".

فقد أشاد بايدن بالزعيم التركي "لشجاعته وقيادته ودبلوماسيته"، ونشر مقطع فيديو على حسابه الرسمي على تويتر يمتدح فيه رجل تركيا القوي، وفي المقابل، وصف أردوغان الرئيس الأميركي بأنه "صديق عزيز".

وأفاد التقرير بأن "روسيا كانت غاضبة بالفعل من احتضان أردوغان للرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي (يوليو 2023)، خلال زيارته الأولى لتركيا منذ احتلال القوات الروسية لبلاده".

وأشار إلى أن زيلينسكي عاد لأوكرانيا ومعه خمسة من قادة كتيبة آزوف السابقين، الذين قاتلوا في معركة ماريوبول.

وكان تسليم هؤلاء إلى أنقرة جزءا من صفقة تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا، توسطت فيها تركيا.

وأوضح أن هذه الخطوة دفعت المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، للتصريح غاضبا: "هذه الخطوة تتعارض مع شروط الاتفاقيات القائمة، فقد كان من المفترض أن يبقى هؤلاء الأشخاص على أراضي تركيا".

وبعد ذلك بأيام، أعلنت أوكرانيا بدء بناء مصنع للطائرات الأسطورية بدون طيار "بيرقدار" (تركية الصنع)، التي أثبتت أنها حاسمة في الدفاع عن كييف خلال الأيام الأولى من الصراع، حسب الموقع.

علاوة على ذلك، صرح أردوغان في مؤتمر صحفي مشترك مع زيلينسكي أنه "لم يكن هناك شك في أن أوكرانيا تستحق عضوية الناتو".

وفي أبريل/نيسان 2023، تفاعلت تركيا مع المطالب الأميركية، وأوقفت عبور البضائع الخاضعة للعقوبات إلى روسيا.

"قرارات استفزازية"

وعلى هذا، اشتكى رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الشيوخ بالبرلمان الروسي، فيكتور بونداريف، من تحول تركيا إلى "دولة غير صديقة" بعد "سلسلة من القرارات الاستفزازية"، حسب وصفه.

ويرى "المونيتور" أن "لا شيء من هذا يرقى لمرتبة احتسابه دليلا على ابتعاد أردوغان عن روسيا، بقدر ما هو إعادة ضبط العلاقات مع الغرب".

وأضاف الموقع أن هذه التحركات تهدف "لإعادة ضبط عملية التوازن الفريد من نوعه، الذي يقدمه أردوغان، حيث يتنقل الزعيم التركي في علاقاته الخارجية، بطرق يعتقد أنها تفيد مصالح بلاده على أفضل وجه".

ويعتقد أن تحسين العلاقات التركية-الغربية "يهدف لجذب المستثمرين الغربيين، لكن من جانبه يرى مدير البحوث في معهد أبحاث السياسة الخارجية، آرون شتاين، أن الأمر مرده إلى الضغط الأميركي على أنقرة.

وألمح شتاين إلى شهور من دبلوماسية القنوات الخلفية بقيادة وزارة الخارجية الأميركية، لإقناع أردوغان بالتخلي عن اعتراضاته على انضمام السويد إلى الناتو، مقابل تخلي الكونغرس عن اعتراضاته على بيع طائرات إف 16 لتركيا.

ووفق الموقع، فإن سياسة حافة الهاوية التي اتبعها أردوغان في اللحظات الأخيرة قبل انطلاق قمة الناتو في 11 يوليو 2023، هي جزء من إستراتيجية طويلة الأمد لانتزاع أقصى قدر من التنازلات.

بدوره، يؤكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة مرمرة بإسطنبول، بهلول أوزكان، أن التطورات التي حدثت أخيرا تُظهر مرة أخرى أن أردوغان هو سيد سياسة حافة الهاوية.

وقال أوزكان: "هناك عدد قليل جدا من قادة العالم الذين يمكنهم قيادة مثل هذه المناورات السياسية".

وأوضح التقرير أن "أردوغان لم يقل قط إنه لن يسمح للسويد بالانضمام إلى الناتو، بل قال إنه سيفعل ذلك بشروط تركيا الخاصة".

وتابع أن "الأمر استغرق أقل من يوم حتى قال أردوغان إن البرلمان التركي ربما لن يكون قادرا على التصديق على انضمام السويد قبل (انقضاء) العطلة الصيفية (تستمر حتى الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2023)".

وأضاف أنه "بغض النظر عن أن لدى أردوغان السلطة لتمديد مدة انعقاد المجلس قبل بدء عطلته، فإنه يريد ضمانات مؤكدة بأن الكونغرس الأميركي سيسمح ببيع مقاتلات إف 16، قبل أن يوافق البرلمان التركي بشكل رسمي على انضمام السويد للناتو".

روابط تاريخية

وأكد أوزكان أن "روسيا بالنسبة لتركيا مثل كندا بالنسبة للولايات المتحدة، وألمانيا بالنسبة لفرنسا، فموسكو هي جارتنا البحرية، وتجمعنا بها روابط تاريخية، كما أنها أكبر شريك تجاري لنا".

ووفق المونيتور، فقد ارتفعت الصادرات التركية إلى روسيا منذ بدء الصراع في أوكرانيا، من 2.6 مليار دولار في النصف الأول من عام 2022، إلى 4.9 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2023.

وأضاف أن "أردوغان كان من بين أوائل زعماء العالم الذين اتصلوا ببوتين خلال تمرد مرتزقة فاغنر، في يونيو/حزيران 2023، بسبب خلافات حول كيفية إدارة الحرب الروسية ضد أوكرانيا".

وأفاد الموقع الأميركي بأن "الرابط الخاص" بين أردوغان وبوتين سهل بيع الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، ومن المفترض أن ينتهي الاتفاق في 17 يوليو 2023.

علاوة على ذلك، تعد روسيا أكبر مورد للغاز الطبيعي لتركيا، حيث تمثل نصف إجمالي الواردات تقريبا.

وأوضح التقرير أنه "قبل الانتخابات التركية الأخيرة، أرجأ بوتين مدفوعات للغاز تبلغ مليارات الدولارات"، في دليل على مساعدة الرئيس الروسي لنظيره التركي بالفوز بالانتخابات البرلمانية والرئاسية، التي انعقدت في مايو/أيار 2023.

أضف إلى ذلك أنه "من المتوقع أن يزور ما لا يقل عن 6 ملايين سائح روسي تركيا خلال 2023، وفقا لمصادر روسية رسمية، وبذلك يكون عددهم هناك أكثر من أي دولة أخرى".

وادعى الموقع الأميركي أن "روسيا تلعب دورا رئيسا في المساعدة على احتواء التنظيمات الكردية المسلحة في الشمال السوري".

وأكد أن "المصالح بين الدولتين متبادلة، إذ إن رفض أنقرة الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد موسكو يوضح مدى أهميتهما بالنسبة لبعضهما".

"كما وجد الأثرياء الروس ملاذا آمنا في تركيا، حيث أرسوا يخوتهم الضخمة في موانئها، وضخوا أموالهم في آلاف المشاريع المشتركة مع رجال أعمال أتراك"، وفق المونيتور.

وأردف أنه "لا يخفى على أحد أن الغاز الروسي يواصل شق طريقه إلى الأسواق الغربية، عبر خط أنابيب تاناب الذي يمتد من أذربيجان إلى تركيا، ومنها إلى أوروبا".

"وبالنظر إلى اعتماد كل طرف على الآخر، فلم يكن مفاجئا أن يأتي تقييم الكرملين لتحركات أردوغان الأخيرة في شكل عتاب لطيف"، وفق الموقع.