فاتورة الاستعمار والعنصرية.. تفاعل واسع مع ما تتجرعه فرنسا من فوضى وتخريب 

12

طباعة

مشاركة

لليوم الخامس على التوالي، تتواصل ردود الفعل الغاضبة على مقتل الفتى الفرنسي من أصول جزائرية نائل المرزوقي (17 عاما) برصاص عنصر شرطة بمدينة نانتير في الضاحية الغربية لباريس صباح 26 يونيو/حزيران 2023، بدعوى عدم امتثاله لدورية مرورية.

ولا تزال الشوارع في العديد من مدن البلاد وخاصة في باريس، تشهد احتجاجات عارمة تخلل أغلبها أحداث عنيفة، رغم انتشار المدرعات والفرق الخاصة، وتطبيق نحو 20 مدينة حظرا ليليا للتجول للحد من أعمال الشغب.

وأوقفت الشرطة الفرنسية آلاف الأشخاص في عموم البلاد، بدعوى الإخلال بالنظام العام، فيما أعلنت وزارة الداخلية تعبئة 45 ألفا من قوات الشرطة والدرك لليلة، معلنة إصابة 79 عنصرا من الشرطة والدرك.

وتوعدت السلطات الفرنسية بملاحقة من وصفتهم بالمحرضين على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما قال الرئيس إيمانويل ماكرون، إن ألعاب الفيديو ومواقع التواصل الاجتماعي وراء أعمال العنف من قبل المراهقين حيث إنهم يقلدون ألعاب المغامرات الإلكترونية.

وعقب تصريحات ماكرون، فرض الملياردير إيلون ماسك مالك موقع تويتر، اشتراطات وقيودا جديدة على مستخدمي موقعه، حيث قرر أن تستفيد الحسابات الموثقة بقراءة 6 آلاف تغريدة، والحسابات غير الموثقة بـ600 تغريدة فقط، و300 تغريدة للحسابات الجديدة.

وهي القرارات التي أثارت غضبا واستياء واسعا بين الناشطين على تويتر، وعدوها خدمة للرئيس الفرنسي، خاصة أنها جاءت في أعقاب الأحداث المشتعلة في بلاده وعدم قدرته على السيطرة عليها وتحميله مسؤوليتها للمواقع التواصل الاجتماعي.

وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #فرنسا_تحترق، اتهم ناشطون ماسك بتسخير تويتر للاستخدام السياسي وتعديل قوانينه وفقا لمصالحه، مشيرين إلى الاجتماع الطارئ الذي جمع ماكرون بماسك قبل أيام من تصاعد الأحداث في فرنسا.

وذكروا بالجرائم التي ارتكبتها فرنسا وعنصريتها واستعمارها للدول الإفريقية وسرقة ثرواتها وإساءتها للإسلام والمسلمين، مؤكدين أنها ستذوق طعم العلقم الذي جرّعته للشعوب، وستذوق وبال أمرها بعد إعلان حربها المفتوحة على الإسلام. 

فاتورة الإساءة للإسلام

وتفاعلا مع الأحداث، لفت حساب أخبار العالم الإسلامي، إلى أن ماكرون منذ قال إن "الإسلام في أزمة" وشن حملة ضد الإسلام في فرنسا، وهو يتلقى الضربات من كل مكان سياسيا واقتصاديا وحتى بالبيض والكفوف!، ورغم مسارعة بلدان عربية لدعمه بصفقات مليارية، إلا أنهم لم يفلحوا في إنقاذه.

وأشارت الكاتبة السياسية الدكتورة أميرة أبو الفتوح، إلى أن ماكرون الذي وصفته بالقزم الحقير منذ صرح بأن الإسلام اليوم يعيش أزمة في كل مكان في العالم، تسلطت عليه الأزمات من كل حدب وصوب، قائلة: "وعلى الباغي تدور الدوائر."

وتساءل خبير التسويق السياسي عبدالرزاق الشايجي: "في فرنسا من الذي يعيش في أزمة الإسلام أم المأزوم ماكرون الذي صرح قبل سنتين في 2020 بأن الإسلام يعيش أزمة في كل مكان في العالم؟"

وكتب فيصل السالم: "وعند الله تجتمع الخصوم.. ستدفع فرنسا الفاتورة عاجلا أم أجلا.. طغت وتجبرت وحاربت الإسلام والمسلمين.. نسأل الله بالعقوبة التي تبرد كبد كل مسلم حُرِب وضُيّق عليه من قبل الحكومة الفرنسية يارب".

لعنة العنصرية

وتحدث ناشطون عن أبعاد الأزمة التي تعيشها فرنسا ورئيسها ماكرون اليوم، وسقوطهم في وحل العنصرية، مستنكرين ملاحقة ماكرون للمدونين والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي وتحمله مسؤولية الأحداث.

وأوضح الصحفي أحمد منصور، أن فرنسا تعيش حالة تمرد مفتوح، والشرطة الفرنسية تمارس العنصرية والقمع منذ عقود لكن اغتيال الفتى الفرنسي 17 عاما من أصول جزائرية بدم بارد على يد شرطي فجر الأحياء الفقيرة، ليس في باريس وحدها وإنما في مرسيليا ومدن أخرى لكن الملاحظ أن الجهات الرسمية الفرنسية دائما تجرّم الضحايا.

وأكد في تغريدة أخرى، كتبها تحت عنوان "أيام ماكرون السوداء"، أن الدمار يعم باريس بسبب الصدامات بين الشرطة والمحتجين على مقتل شاب من أصول جزائرية على يد شرطي ووزير الداخلية الفرنسي يعلن التعبئة لـ45 ألفا من قوات الشرطة والدرك.

وحث استاذ العلوم السياسية الدكتور عبدالله الشايجي، المخططين للسفر إلى باريس ومدن فرنسا الكبرى، على إلغاء رحلاتهم وتغيير وجهتهم، مؤكدا أن فرنسا تدفع ثمن تمييزها العنصري وماضيها الاستعماري ونهب خيرات إفريقيا والدول التي استعمرتها.

ولفت إلى أن فرنسا تحترق وتعمها الفوضى من تكسير ونهب واشتباكات، وإطلاق الحيوانات المفترسة لتجوب الشوارع.

وأكد رجل الأعمال مراد علي، أن ما يحدث في فرنسا هو لعنة العنصرية البغيضة التي مارسها الفرنسيون البيض لعقود؛ وهي ثمار التفرقة والاضطهاد والظلم الذي عانى منه المهاجرون، قائلا إن المجتمع الفرنسي مأزوم وسيشهد تفسخا وقد تكون نهاية فرنسا المتقدمة أقرب مما نتوقع.

وأشار استاذ الأخلاق السياسية الدكتور محمد المختار الشنقيطي، إلى أن فرنسا تحترق وماكرون الذي وصفه بالأبتر في مأزق سياسي وأمني واجتماعي جديد بعد مقتل الشاب الفرنسي من أصل جزائري نائل بدم بارد على أيدي الشرطة الفرنسية.

وتعجب الباحث في العلاقات الدولية الدكتور أحمد الشهري، من تحذير ماكرون، المدونين والناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي بالاعتقال والمحاسبة على أي محتوى يتعرض للأحداث الجارية حاليا في بلاده! وتساءل: "أين الديمقراطية وحرية الرأي والإعلام المزعومة؟ أم لا نراها إلا إذا كانت الأحداث في العالم العربي والإسلامي؟"

وأضاف: "عبثا تحاولون تسويق ديمقراطية وحرية رأي وحقوق إنسان مزيفة فقط للاستهلاك الإعلامي والتصدير الخارجي للهيمنة والتدخل في شؤون الدول الداخلية".

تواطؤ ماسك

وربط ناشطون بين قرارات إيلون ماسك وتقييد المحتوى المرئي للناشطين والحد من رؤية التغريدات، وبين ما يحدث في فرنسا واتهام ماكرون صراحة مواقع التواصل بالمسؤولية عن تفشي العنف.

وتوقع المحامي والكاتب الكويتي حبيب الملا، أن تكون القيود الجديد التي وضعها إيلون ماسك في تويتر، لها علاقة بأحداث فرنسا ومحاولة التحكم في قدرة وسائل التواصل على نقل الأخبار، مذكرا بلقاء ماكرون بماسك أثناء زيارته إلى الولايات المتحدة.

وتساءلت أستاذ الاتصال السياسي الدكتورة مريم الخاطر: "هل صدق ماسك في مزاعمه بتقييد الوصول للتغريدات لوضع حد للتلاعب؟ لماذ الآن؟ بعد اشتعال ثورة الشعب في فرنسا وتوعدها الناشطين وحجبها الإنترنت! ما سرّ آخر لقاءين بينه وبين ماكرون الشهر الماضي؟"

وأكدت: "إيلون ماسك يبني مملكته بتواطؤ ونفوذ سياسي رقمي ناعم".

وكتب عبدالإله: "من خلال نظرتي السياسية المتواضعة أن الحاصل بتويتر هو الأوضاع في فرنسا خصوصا بعد تصريح ماكرون للمساءلة القانونية لكل من يحرض على العنف في تويتر، لا أستبعد تواصلهم مع إيلون ماسك للحد من هذا الأمر مؤقتا".

وتوقع ابو القاسم علاو، أن الخلل في تويتر ناجم عن اتفاق مشترك بين ماكرون ومالك منصة تويتر إيلون ماسك لغرض حجب الأنظار عن ما يحدث في فرنسا وخصوصا بعد توعد وزير الداخلية الفرنسية بقمع المتظاهرين بأي وسيلة كانت.