تعاون عسكري متصاعد بين روسيا وإيران.. لماذا تقلق واشنطن؟ 

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة إسبانية الضوء على التحذيرات التي أطلقتها الولايات المتحدة بشأن زيادة التعاون بين روسيا وإيران، الذي تجاوز إطار الحرب في أوكرانيا وامتد إلى مجالات أخرى على غرار حياكة إستراتيجية إقليمية لخدمة مصالحهم.

وقالت صحيفة الكونفدنسيال إن التعاون بين روسيا وإيران لا يُترجم إلى الإمداد المتبادل بالمعدات العسكرية والتدريب والقدرات الإلكترونية فحسب، بل يُترجم أيضا إلى تحالف رسمي بين موسكو وطهران وحلفاء آخرين مثل دمشق.

أما الهدف النهائي لهذا التحالف الجديد فيتمثل في إزاحة الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، وفق تقديرها.

حلقات التحالف

وبينت أن الحلقة الأخيرة لصدى هذا التعاون الأخير تمثلت في تنديد البيت الأبيض، خلال يونيو/حزيران 2023، من أن إيران تنشئ مصنع طائرات دون طيار هجومية على الأراضي الروسية، يمكن أن يكون جاهزا للعمل بحلول أوائل عام 2024.

ونشرت الحكومة الأميركية العديد من صور الأقمار الصناعية لمنطقة ألابوغا الاقتصادية الخاصة، على بعد حوالي ألف كيلومتر شرق موسكو، حيث يعتقد أنها مركز المنشأة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قد حذرت بالفعل من وجود هذه الخطط في ديسمبر/كانون الأول 2022، لكن، تأكد الآن أن تنفيذها قد بدأ بالفعل.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا التنديد يتناقض مع نفي طهران، التي تصر على أنها توقفت عن بيع الطائرات دون طيار لموسكو بعد غزو أوكرانيا، رغم بيعها بشكل غير محدود قبل الحرب.

من جهتها، تدعي الولايات المتحدة أن هذا التصريح خال من الصحة، وفقا لاستنتاجات من الاستخبارات الأميركية.

وقالت الاستخبارات: "تستمر المركبات غير المأهولة في الوصول إلى روسيا عبر بحر قزوين، في سفن أشباح تعمل على إيقاف تشغيل أجهزة الإرسال والاستقبال الخاصة بها لتجنب التعقب، بين ميناء أمير أباد الإيراني وميناء محج قلعة الروسي". 

لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد أصبحت إيران، وفقا للبيت الأبيض، المورد العسكري الرئيس لروسيا منذ منتصف العام 2022، كما تزودها بقذائف المدفعية والذخيرة بكميات هائلة.

في هذا السياق، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، في 24 فبراير/شباط 2023، الذكرى الأولى للغزو الروسي لأوكرانيا: "في المقابل، تقدم روسيا لإيران دعما غير مسبوق في التعاون الدفاعي، بما في ذلك الدفاع الصاروخي والإلكتروني والدفاع الجوي". 

وفقا للمعلومات التي نشرتها السلطات الأميركية، بدأ الطيارون الإيرانيون في تلقي التدريب في روسيا على تشغيل مقاتلة سوخوي سو-35 المتقدمة.

في الأثناء، بدأت طهران مفاوضات للحصول على هذا الطراز وأنواع أخرى من الطائرات الروسية، بالإضافة إلى المروحيات القتالية والرادارات ومعدات التدريب. 

المراقبة والاختراق

ونوهت الصحيفة بأن من بين المجالات الأخرى التي تعزز فيها التعاون بين البلدين يبرز المجال السيبراني.

في أواخر مارس/آذار 2023، أخبرت مصادر من إدارة بايدن صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أن "روسيا كانت تزود إيران بأسلحة إلكترونية، وليس فقط أدوات مراقبة رقمية متطورة".

وكانت تلك التقنيات تضم أجهزة التنصت وأنظمة التصوير المتقدمة وأجهزة كشف الكذب، وكذلك برامج القرصنة والتعطيل. وأضافت الصحيفة أن تأكيد بعض هذه الادعاءات جرى بشكل مستقل.

وتوصل مركز أبحاث سيتيزن لاب في جامعة تورنتو، المشهور بالكشف عن نطاق فضيحة برامج التجسس الإسرائيلي بيغاسوس، إلى أن شركة "بروتاي" الروسية تزود مزود الإنترنت الإيراني "أريانتيل" بأدوات لفرض رقابة على الشبكة.

وفقا للمركز، تعد أدوات بروتاي جزءا من نظام قيد التطوير "سيسمح لسلطات الدولة بمراقبة جميع الاتصالات المحمولة للإيرانيين أو اعتراضها أو إعادة توجيهها أو خفضها أو رفضها".

كما تتعاقد بروتاي مع وزارة الدفاع الروسية، حيث يجري استخدام برمجياتها لمراقبة محادثات الهاتف المحمول والبريد الإلكتروني ومعاملات بطاقات الائتمان والعمليات الأخرى عبر الإنترنت.

يضاف إلى كل هذا، الآن، المبادرة المشتركة بين البلدين لبدء تجميع طائرات دون طيار إيرانية التصميم على الأراضي الروسية.

وفي هذا الصدد، أصر كيربي مرة أخرى في ظهور له خلال يونيو، على أن "هذه شراكة دفاعية واسعة النطاق تضر بأوكرانيا وجيران إيران والمجتمع الدولي". 

مهاجمة الأميركيين

وذكرت الصحيفة أن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي يشير بشكل خفي إلى نتائج أخرى جرى التوصل إليها حديثا، ونشرت هذه المرة في وثائق وزارة الدفاع "البنتاغون" التي تسربت منتصف أبريل/نيسان 2023 في محادثة على منصة ديسكورد.

وبحسب تقرير خاص نُشر في يونيو 2023، أقامت روسيا وإيران والنظام السوري تحالفا رسميا بهدف مضايقة القوات الأميركية في الشرق الأوسط وطردها من المنطقة.

ووفق إحدى الوثائق، التقى مسؤولون عسكريون واستخباراتيون كبار من هذه البلدان الثلاثة في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 واتفقوا على إنشاء "مركز تنسيق" لقيادة هذه الحملة.

بشكل عام، سيكون الهدف الرئيس هو إجبار القوات الأميركية على الانسحاب من سوريا، حيث لا تزال هناك فرقة قوامها حوالي 900 جندي لدعم ما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية.

وهذه المليشيا ذات الغالبية الكردية والمعروفة باسم "قسد" جرى إنشاؤها بدعم من واشنطن لمواجهة تنظيم الدولة. 

وتجدر الإشارة إلى أنه في 13 يونيو 2023، تعرضت هذه الوحدة لتحطم طائرة هليكوبتر أسفر عن إصابة 22 جنديا أميركيا وجرى إجلاؤهم للعلاج في ألمانيا.  

وبينت الصحيفة أن الوثائق تكشف أن هذا التحالف له مخططات أخرى، تتجاوز التزود بالسلاح والمعدات.

وفقا لهذه المصادر، ستدرب إيران المليشيات المتحالفة معها في سوريا على تصنيع متفجرات قادرة على اختراق المدرعات الأميركية، بهدف إحداث عدد قليل من الضحايا وبشكل متواصل، يجعل من وجود هذه القوات في البلاد أمرا غير مستدام على المدى المتوسط ​​أو البعيد. 

ومع ذلك، يجب توضيح أنه لا يوجد دليل على أن روسيا لها علاقة بخطط مهاجمة القوات الأميركية. لكن، يرى بعض الخبراء أن هذه الخطة هي نتيجة مباشرة للتحالف المتنامي بين موسكو وطهران، وفق الصحيفة. 

في هذا المعنى، يشير البروفيسور إميل أفدالياني من الجامعة الأوروبية في تبليسي، وهو خبير في العلاقات الإقليمية، إلى أن "الهدف المشترك لكلا البلدين، في نهاية المطاف، هو إنشاء نظام أوروبي آسيوي جديد".

ولهذا، فإن طرد الولايات المتحدة من المنطقة أمر حتمي، وفي جميع الحالات، بالنسبة لطهران، فإن دعم موسكو في أوكرانيا ليس سوى الخطوة الأولى.