عُمان تقود الوساطة.. ما احتمالات إبرام أميركا اتفاقا نوويا جديدا مع إيران؟

12

طباعة

مشاركة

تزايد التكهنات خلال الأسابيع القليلة الماضية بشأن انتهاج الولايات المتحدة الأميركية وإيران دبلوماسية القنوات الخلفية، مع بذل سلطنة عُمان جهودا للتوسط في تسوية مبدئية. 

وعن هذا الأمر، يقول مركز الأبحاث الإيراني "إيرام" (مقره أنقرة): لم يُحرز أي تقدم في المفاوضات بشأن الاتفاق النووي الإيراني والذي سيكمل عامه الثامن اعتباراً من 14 يوليو/تموز 2023. 

فبعد قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بانسحاب الولايات المتحدة من جانب واحد من المعاهدة وفرض عقوبات سريعة على إيران – في عام 2018 – لم تعد اتفاقية سنة 2015 موجودة إلا على الورق. 

ومع وصول جو بايدن إلى السلطة، قبلت إدارة طهران المفاوضات النووية غير المباشرة فقط مع الولايات المتحدة، ولكن دون إحراز أي تقدم فيها منذ سبتمبر/أيلول 2022.

وكان سبب الجمود في المفاوضات هو مطالبة إيران بأن تغلق الوكالة الدولية للطاقة الذرية التحقيق في جزيئات اليورانيوم الموجودة في 3 منشآت نووية مختلفة في إيران، ومع ذلك، لم يُقبل طلب طهران. 

وبحسب تصريحات الجانب الإيراني، فشلت المفاوضات بسبب إصرار واشنطن على عدم رفع جميع العقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية من قبل إدارة ترامب وعدم القدرة على ضمان عدم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق مرة أخرى. 

القنوات الخلفية

وأردفت الكاتبة التركية  "جوزدة توبراك أرجول" في مقالها: بالنسبة لإدارة بايدن، كان يُنظَر إلى الإحياء الدبلوماسي لخطة العمل الشاملة المشتركة على أنه الطريقة الأساسية (الخطة أ) منذ توليه منصبه. 

ومع ذلك، فإن التقدم في أنشطة إيران النووية والتطورات الجيوسياسية منذ سبتمبر 2022 جعلت الخطة (أ) مستحيلة. 

من ناحية أخرى، ذكرت إدارة بايدن أنه لا توجد خطة واحدة على الطاولة لحل الأزمة النووية. وكثيراً ما ذكر أن هناك أيضاً خيار الضغط الاقتصادي والسياسي والعسكري على طهران (الخطة ب)، ومع ذلك، جرى الامتناع عن تنفيذ ذلك. 

وأشارت الكاتبة التركية إلى أن إيران طورت برنامجها النووي كما لم يحدث من قبل في تاريخها وبدأت في تعزيز مكانتها كدولة على العتبة النووية. 

في هذه المرحلة، قد تحتاج الولايات المتحدة إلى نوع من التسوية الدبلوماسية التي من شأنها أن تحد بشكل ملموس من أنشطة إيران النووية.

وبالتالي، ستتجنب الولايات المتحدة التصعيد، وكذلك أسوأ السيناريوهات (امتلاك إيران أسلحة نووية) وستحتفظ بإمكانية التوصل إلى اتفاق جديد في المستقبل.

وفي الواقع، كانت هناك تكهنات متزايدة بين الطرفين في الأسابيع القليلة الماضية بأن دبلوماسية القنوات الخلفية تعمل على تحقيق هذا الهدف. 

وفي 4 مايو/أيار 2023، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إنَّهم بعثوا برسالة واضحة إلى إيران حول عواقب المضي قدماً في أنشطتها النووية، مع الاستمرار في إجراء اتصالات دبلوماسية بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة. 

وفي 25 مايو، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان: "إن تبادل الرسائل غير المباشرة مستمر منذ أسابيع".

وأكد أنه "تبذل جهود من خلال وزراء خارجية بعض البلدان لوضع اللمسات الأخيرة على المسودة الأولى. لقد أحرز تقدم جيد ونأمل في تحقيق نتائج جيدة". 

دور عُمان

واستدركت الكاتبة أنّ عُمان كانت الدولة الرائدة في دبلوماسية القنوات الخلفية للتوسط في مصالحة مؤقتة بين الولايات المتحدة وإيران. 

وبحسب ما ورد، أجرى المنسق الأميركي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بريت ماكغورك، محادثات حول إيران في عُمان بتاريخ 8 مايو. 

وخلال الزيارة المذكورة، زُعم أن ماكغورك أجرى محادثات مع مسؤولين عُمانيين حول المبادرات الدبلوماسية المحتملة المتعلقة ببرنامج إيران النووي. 

وقد ادعى ثلاثة مسؤولين إسرائيليين كبار أن "البيت الأبيض، يحقق من خلال حكومة عُمان، فيما إذا كان الإيرانيون منفتحين على اتخاذ خطوات للحد من برنامجهم النووي والتوترات في المنطقة، وما يريدونه في المقابل". 

ولم تعلن الولايات المتحدة ولا حتى سلطنة عُمان عن زيارة ماكغورك إلى مسقط وقت الاجتماع.

وفي نهاية مايو، أجرى سلطان عُمان، هيثم بن طارق، زيارة رسمية إلى طهران والتقى المرشد الأعلى علي خامنئي، والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، بالإضافة إلى وزير الخارجية.

ويمكن تفسير هذه التطورات على أنها حافز لزيادة مستوى المشاركة بين الولايات المتحدة وإيران، تقول الكاتبة. 

وفي الواقع، لعبت عُمان دوراً مهماً في الدبلوماسية الإقليمية الأميركية مع إيران، بما في ذلك إطلاق سراح وتبادل المواطنين الأوروبيين المحتجزين في طهران. 

وفي أعقاب زيارة السلطان هيثم كجزء من خطوات بناء الثقة بين الطرفين، أفرجت إيران، بوساطة عُمان، عن مواطن دنماركي وآخرين نمساويين محتجزين. 

ومن خلال عُمان أيضاً، أفرجت بلجيكا عن الدبلوماسي الإيراني أسد الله الأسدي المسجون بتهم تتعلق بالإرهاب.

وبموجب الاتفاق المؤقت/الجزئي بين الولايات المتحدة وإيران من خلال دبلوماسية القنوات الخلفية، من المتصور أنه في مقابل تجميد أنشطة التخصيب في طهران، سيجرى الإفراج عن الأصول الإيرانية في بعض البلدان وتخفيف بعض العقوبات الاقتصادية، بحسب الكاتبة. 

وادعى مسؤولو الجيش الإسرائيليون أن المحادثات تتقدم بشكل أسرع من المتوقع وأنه من المرجح أن يتوصل الجانبان إلى اتفاق في غضون أسابيع. 

الأنشطة النووية 

وأشار تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 25 مايو، إلى أنه جرى إحراز تقدم، وإن كان بطيئاً، في الاتفاق الذي توصلت إليه مع إيران بشأن استعادة الشفافية وتدابير بناء الثقة بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة في بداية مارس/آذار 2023. 

ومن ناحية أخرى، يكشف التقرير عن البعد المقلق لأنشطة إيران النووية، حيث زادت مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 27 بالمئة في الأشهر الثلاثة الماضية وخفضت فترة العتبة إلى أسبوعين. 

ويبلغ إجمالي مخزون إيران من اليورانيوم المخصب الآن أكثر من 21 ضعف الحد الأقصى لخطة العمل الشاملة المشتركة. 

إذ تمتلك إيران 60 بالمئة من اليورانيوم في حوزتها، وهو ما يكفي لـ 3 قنابل إذا جرى تخصيبها على مستوى الأسلحة. 

ومن المحتمل أن تنتج 5 قنابل من المواد المستخدمة في صنع الأسلحة في أقل من شهر، وفق الكاتبة التركية.

وبينت أن إيران تواصل تحسين قدرتها على التخصيب بشكل دائم من خلال الاستمرار في نشر "أجهزة طرد مركزي متقدمة إضافية".

ولا تزال التحقيقات جارية في المنشآت التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث لم تقدم إيران ردوداً معقولة من الناحية الفنية.

وفي بيان مشترك لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 6 يونيو/حزيران 2023، ذكرت دول مجموعة "إي 3" (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا) أن إيران لم تشهد أي تغيير كبير في سلوكها وتواصل سياسة التصعيد النووي. 

وقالت الولايات المتحدة: "لقد أكدنا مراراً وتكراراً أن استمرار إنتاج إيران لليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة ليس له غرض سلمي موثوق".

وأردفت: "لا توجد دولة أخرى في العالم اليوم تستخدم اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة للغرض الذي تدعيه إيران. يجب عليها وقف هذا النشاط المقلق للغاية". 

وعلى الرغم من ذلك، لم يكن هناك قرار سلبي ضد إيران من قبل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي في الفترة الأخيرة.

وختمت الكاتبة مقالها قائلة: إن تعاون إيران المحدود مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأنشطتها النووية التي تتقدم بسرعة، وعدم وجود قرار ضدها على الرغم من التصريحات القاسية من الغرب قد يكون علامة على أن اتفاقا مؤقتا على وشك التوصل إليه وراء الكواليس، حتى لو أنكر الجانبان ذلك.