موقع أميركي: السعودية تجلب الشركات الدولية من دبي عبر زيادة القيود

12

طباعة

مشاركة

أبرز موقع أميركي تضارب المصالح الاقتصادية بين السعودية والإمارات، وتنافس كلا الدولتين على استقطاب الشركات الدولية.

وقال موقع "ذا ميديا لاين" إن "الدولتين الخليجيتين وصلتا إلى نقطة خلاف، تتبنى فيها كل بلد قوانين تتعارض مع شريكتها في مجلس التعاون الخليجي".

وقال إن "هناك منافسة شديدة بين الجارتين عضوي مجلس التعاون الخليجي، السعودية والإمارات، على جذب الاستثمارات والمليارديرات الأجانب".

ففي عام 2022، جذبت السعودية -أكبر دول مجلس التعاون الخليجي- استثمارات أجنبية بقيمة 8 مليارات دولار.

ولم تعلن الإمارات عن إحصائياتها لعام 2022، لكنها قالت إنها استقطبت استثمارات بقيمة 20 مليار دولار في 2021. 

وفق التقرير، فإن الاستثمار الأجنبي التراكمي في السعودية يبلغ تريليون دولار، بينما يبلغ في الإمارات 171 مليار دولار.

منافسة شرسة

وأضاف الموقع أن المملكة "تسعى لتعزيز مكانتها كمركز لوجستي رائد في المنطقة، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، مع تنويع اقتصاد البلاد بعيدا عن النفط".

"ولتحقيق هذه الأهداف كشفت الرياض عن أول منطقة اقتصادية متكاملة لها، والتي ستُعفى فيها الشركات من الضرائب لمدة تصل إلى 50 عاما"، حسب التقرير.

وأكد "ذا ميديا لاين" أن "هذا يعني ظهور منافس شرس للمنطقة الحرة في ميناء "جبل علي" بمدينة دبي.

وحسب مصدر تحدث للموقع، فإن هناك "ما لا يقل عن 500 شركة نقلت حتى الآن مقارها الإقليمية من دبي، والمنامة، إلى الرياض وجدة؛ للتمكن من إبرام عقود حكومية مباشرة مع المملكة".

وأضاف المصدر أن "حجم الشركات التي انتقلت للسعودية يتجاوز 6 مليارات دولار".

وأفاد التقرير أن "الإمارات موطن لمعظم الشركات الإقليمية متعددة الجنسيات ومن المقرر أن تفرض ضريبة الشركات بنسبة 9 بالمئة عام 2024، بدلا من تواجدها مجانا في الوقت الحالي".

لكن هذا المعدّل لا يزال أقل من معدل ضريبة الشركات في السعودية البالغ 20 بالمئة، وفق التقرير.

وكشف وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، في تصريح صحفي، أن هناك إغراءات جديدة ستعرضها السعودية للمستثمرين، تشمل "إعفاءات ضريبية".

وحسب التقرير، فقد جاء تصريح الفالح بعد أن أثارت الشركات مخاوف من الازدواج الضريبي إذا نقلت مكاتبها إلى أكثر من دولة.

ويأتي ذلك في ظل عدم وجود اتفاق لمنع الازدواج الضريبي بين السعودية ودول الخليج الأخرى.

وأضاف التقرير أن "الشركات التي تنتقل إلى الرياض تسعى للاستحواذ على حصة في السوق السعودية، الأكبر بين دول الخليج".

وبحسب أرقام عام 2022، شكل سكان السعودية أكثر من 55 بالمئة من سكان الخليج، البالغ عددهم 57 مليون نسمة، وبلغ الناتج المحلي الإجمالي السعودي نحو 770 مليار دولار.

وفي المقابل، وبحسب إحصائيات نُشرت عام 2021، بلغ عدد سكان الإمارات نحو 9.5 مليون نسمة، بينما كان ناتجها المحلي الإجمالي حوالي 415 مليار دولار.

قوانين اقتصادية

وأورد الموقع أن "المنافسة السعودية-الإماراتية تصاعدت بعد أن أصدرت الرياض قرارا بشأن استثناء البضائع المصنعة في المناطق الحرة، أو تلك التي تنتجها الشركات الإسرائيلية، من امتيازات التعريفة الجمركية الممنوحة للواردات من دول الخليج".

لكن "على الرغم من كل الامتيازات التي تقدمها السعودية، فلا تزال تحظى الإمارات باهتمام رجال الأعمال، كما أن عدد الشركات العالمية التي تتخذها مقرا لها يتجاوز الشركات الموجودة في المملكة حتى الآن"، حسب التقرير.

ففضلا عن قوانينها الاقتصادية الملائمة، تفضل الشركات الإمارات بسبب انفتاحها وسهولة توفير التأشيرات لرجال الأعمال.

"هذا فضلا عن مناطقها الترفيهية التي تسمح بالمشروبات الكحولية والحفلات، والمزايا الأخرى التي لا توفرها الرياض حتى الآن"، وفق التقرير.

وأفاد "ذا ميديا لاين" أن "السعودية تسعى إلى جذب عدة مئات من المليارديرات الروس، الذين اتخذوا من دبي مقرا لأعمالهم، خلال الحرب الروسية-الأوكرانية الجارية".

فقد نُشِر عدد من التقارير الصحفية تحدثت بالتفصيل عن وجود مئات رجال الأعمال الروس، نقلوا أموالهم وممتلكاتهم وشركاتهم إلى دبي، بعد فرض عقوبات دولية ضدهم.

وفي الوقت نفسه، قدمت الإمارات مبادرة "مشاريع الخمسين"، التي تسعى إلى جذب 150 مليار دولار على مدى السنوات التسع المقبلة، وتهدف إلى توسيع الصادرات الإماراتية إلى 10 أسواق عالمية.

وتحدث الكاتب والمحلل الاقتصادي السعودي، عبد الرحمن الجبيري، للموقع، قائلا إن "المنافسة بين السعودية والإمارات أمر طبيعي ومنطقي وهي عادلة بينهما، وكل دولة تسعى لجذب المزيد من الاستثمارات".

ويرى الجبيري أن "هذا التنافس لا ينبع من الخلاف، بل من التوافق والأخوة. فعندما يقوى الاقتصاد السعودي، سيتعزز الاقتصاد الإماراتي أيضا، والعكس صحيح"، وفق تقديره.

وأردف: "لدينا نموذج أوروبي واضح جدا، حيث توجد شركات لها مقرات رئيسة في جميع الدول الأوروبية، وتعمل بسلاسة، وتستفيد جميع دول الاتحاد الأوروبي من ذلك".

وفي معرض حديثه عن انتقال الشركات إلى السعودية، قال الجبيري: "يسعى المستثمر الأجنبي إلى تحقيق مصلحته الشخصية في المقام الأول، وتحقيق الأهداف الاقتصادية لبلده الذي جاء منه".

ولفت إلى أن "السعودية تمثل 50 بالمئة من الاقتصاد الخليجي، و25 بالمئة من اقتصاد الدول العربية مجتمعة".

وأكد أن "هذا أمر لا يمكن الاستهانة به، خاصة مع ازدهار المشاريع خلال الفترة الحالية، والتحولات الاقتصادية التي تشهدها المملكة".

إجبار الشركات

ومن جانبه، قال المستشار التجاري المقيم في الإمارات، عمرو مصطفى "إن نقل العديد من الشركات الإقليمية إلى السعودية لن يضر بالاقتصاد الإماراتي كثيرا".

وفسر ذلك بأن "هناك الآلاف من الشركات في الإمارات التي لن تستغني عن وجودها في دبي، مركز المال والتجارة في الشرق الأوسط".

وأردف: "صحيح أنهم سيفتتحون مقرات إقليمية في الرياض لمواكبة القوانين السعودية، لكنه سيكون توسعا وليس نقلا".

وواصل قائلا: إن "السعودية تتبنى قوانين جديدة، والآن انتقلت نحو الانفتاح والاستثمار"، مؤكدا أنها "تجربة جديدة، وسيكون هناك مزيد من الانفتاح في المستقبل".

ويعتقد مصطفى أن "السعودية والإمارات ستتوصلان بالتأكيد إلى اتفاق حول عدة نقاط تتعلق بالاستثمار".

ومع ذلك، قال رئيس تنفيذي لإحدى شركات الاستثمار المالي، فضّل عدم الكشف عن اسمه أو اسم شركته: "اضطررنا للانتقال إلى السعودية".

وتابع: "اعتدنا العمل في إحدى دول الخليج الأخرى، لكن معظم عملائنا من المملكة، وبدأت السلطات السعودية في تقييد أعمالنا، من خلال منع المواطنين من التعامل معنا، كما جرى إيقاف التحويلات من وإلى الشركة".

وأفاد المسؤول أن هذه الإجراءات أجبرت شركته، في نهاية المطاف، على فتح مقر إقليمي لها في الرياض.