يتقاطع مع "الحرير والسويس".. ما موقف القوى الدولية من "طريق التنمية" العراقي؟

يوسف العلي | a year ago

12

طباعة

مشاركة

أثار "طريق التنمية" الذي طرحه العراق، الكثير من التساؤلات بخصوص موقف الدول الكبرى من المشروع الجديد الذي يربط قارتي آسيا بأوروبا عبر تركيا، لاسيما الصين والولايات المتحدة، وحتى مصر التي تحدث البعض عن أنه ربما يشكل تهديدا لقناة السويس.

وفي 27 مايو/ أيار 2023، انطلق مؤتمر "طريق التنمية" في بغداد، بمشاركة السعودية والكويت والإمارات وقطر وعُمان وتركيا وسوريا والأردن، إذ يمتد المشروع من البصرة جنوب البلاد إلى الأراضي التركية شمالا عبر خط سكة حديد طولها 1200 كم.

وطريق التنمية الذي يروج له العراق، يتوقع أن يكون جاهزا بحلول عام 2028، ويهدف إلى تعزيز التجارة بين دول المنطقة، وسيكون بمثابة همزة الوصل التي تربط بين أوروبا وتركيا والخليج.

ومن المتوقع أن تصل الأرباح السنوية للمشروع إلى قرابة 4 مليارات دولار فضلا عن توفيره 100 ألف فرصة عمل، إذ سيتحول من خلاله العراق إلى محطة رئيسة للتجارة ومحطة نقل كبرى بين آسيا وأوروبا ينخفض فيه زمن الرحلة البحرية من 33 يوما إلى 15 يوما.

وتصل كلفة المشروع إلى 17 مليار دولار، 10 منها لشراء قطارات كهربائية سريعة تنقل الحمولات في غضون 16 ساعة.

بديل "الحرير"

وفي الوقت الذي أثيرت فيه تساؤلات عما إذا كان المشروع الجديد هو جزء من "طريق الحرير" الصيني، جزم وزير النقل العراقي رزاق محيبس بأن العراق لا علاقة له في الأخير، فهو "موضوع ليس له أساس، وإنما كان يُردد فقط في وسائل الإعلام".

وقال محيبس خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة "العراقية" الرسمية في 30 مايو، إنه أول ما تسلم الوزارة، "سألت عن طريق الحرير والاتفاقية الصينية، وطلبت أوليات طريق الحرير؟ وإذا بالمسؤولين في الوزارة يقولون: لا نملك أوليات".

وتابع: "سألت هل هناك تواصل من الجانب الصيني بشأن طريق الحرير. وكانت الإجابة: لا، قلت إذن ما هذا الحديث عن طريق الحرير؟ قالوا نسمع في الإعلام فقط عن هذه المسميات ولا توجد هناك دعوات أو مؤتمرات". وأضاف في الإطار ذاته: "الموضوع ليس له أساس".

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها لتقديم المشورات الفنية لإنجاز هذا المشروع الحيوي في العراق، مشيرة إلى أنه "سيكون طريق السلام والازدهار في المنطقة، وسيصبح مكمّلا لمشروع الحزام والطريق".

وأفاد مكتب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مطلع يونيو 2023 بأن الأخير استقبل سفير الصين لدى بغداد تسوي وي، بحضور وزير النقل رزاق محيبس، والذي أكد انفتاح العراق على الشراكات مع الدول الصديقة، وحرصه على تأسيس تنمية مستدامة تدعم جهود الأمن والاستقرار.

وأشار السوداني إلى "مشروع العراق الإستراتيجي الواعد المتمثل بطريق التنمية الذي يحظى باهتمام الدولة بكل سلطاتها"، مؤكدا "العمل حاليا بالتوازي في مشاريع طريق التنمية وميناء الفاو والمدينة الصناعية (في البصرة)، فضلا عن مدينة سكنية جديدة بجوار الميناء".

ولفت رئيس الوزراء العراقي أيضا، إلى "تلقي العراق عروضا من عدة دول في المنطقة للتمويل والتنفيذ".

من جانبه، نقل السفير "تحيات القيادة الصينية إلى السوداني، وحرصها على استدامة أفضل العلاقات مع العراق، في مختلف ميادين التعاون والشراكة، وأكد أنّ مشروع التنمية مهمّ جدا للأخير، وسيكون طريق السلام والازدهار في المنطقة، وسيصبح مكمّلا لمشروع الحزام والطريق".

وأبدى السفير الصيني رغبته في "الاطّلاع على دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع، واستعداد الصين لتقديم المشورات الفنية لإنجاز هذا المشروع الحيوي".

منافس "السويس"

وبخصوص مدى تأثيره على مشاريع مثيلة قائمة في المنطقة تربط بين القارات، قال موقع "ميديل إيست أي" البريطاني، خلال تقرير في 29 مايو 2023 إن "طريق التنمية العراقي يمثل مشروعا طموحا سينافس قناة السويس المصرية".

وأضاف أن "المشروع الذي تبلغ تكلفته 17 مليار دولار سيربط ميناء الفاو بالحدود التركية في الشمال ويمكن أن ينافس قناة السويس المصرية كمركز للنقل في المنطقة"، مشيرا إلى أنه "سيجعل عملية نقل البضائع تمضي بوتيرة متسارعة في المنطقة والعالم".

من جانبه، صرح صفوان حليم، الخبير الاقتصادي العراقي، بأنه من الواضح أن العراق يحاول أن يستثمر الموقع الجغرافي عبر إنشاء طريق التنمية وهو عبارة عن مكمل لقناة السويس المصرية.

وأوضح حليم في تصريح لوكالة "سبوتنيك" الروسية في 30 مايو أن "قناة السويس ستختص بالنقل للسلع التي لا تحتاج إلى الانتقال السريع، بينما وجود قطارات من خلال العراق بسرعة 300 كيلومتر، من الممكن أن تقوم بنقل الإنتاج الزراعي سريع التلف من آسيا الى الاتحاد الأوروبي والعكس".

أما أستاذ الطرق بكلية الهندسة بجامعة بني سويف في مصر عبدالله أبوخضرة، فقال إنه "لا يوجد مشروعات تستطيع المساس بقناة السويس ولا منافستها".

وأوضح في تصريحات لموقع "آر تي" الروسي في 29 مايو، أن موقع مصر الإستراتيجي يفرض نفسه على أي مشروعات مماثلة، وله أهميته وتفرده من بين كل المواقع الموجودة في المنطقة.

وشدد على أن قناة السويس لا غنى عنها، حيث إن 12 بالمئة من حركة التجارة العالمية تمر عبرها، خاصة وأن السفن المارة فيها لا تحتاج إلى أعمال شحن وتفريغ للمنتجات التي تحملها السفن، حيث تمر السفن كما هي بالشحنة التي تحملها، وبالتالي لا يوجد أي تلفيات في الشحنة الموجودة.

وتابع: فضلا عن تسهيل عملية الانتقال من خلال عمل ازدواجية للمرور بقناة السويس كما أن توسيعها قلل ساعات الانتظار التي كانت تصل إلى 11 ساعة، وهو أمر انعكس إيجابيا على حركة التجارة العالمية.

تأييد إقليمي

وعلى صعيد موقف دول الجوار العراقي، قال وزير النقل السعودي صالح الجاسر، إن "المملكة حريصة على تعزيز العلاقات المشتركة مع العراق".

وأضاف الجاسر خلال كلمته بمؤتمر "مشروع التنمية" ببغداد في 27 مايو، أن "منفذ جميمة – عرعر، شهد تصاعداً في حركة نقل البضائع والمسافرين"، لافتا إلى أن "التجارة بين البلدين وصلت إلى أكثر من مليار دولار خلال عام 2022".

من جانبه، قال وكيل وزارة النقل في إيران، أفندي زاده: إن "دور السكك الحديد مهم جدا، وهذا المشروع الجديد في العراق سيكون له دور ممتاز في نقل البضائع"".

وأضاف زاده خلال المؤتمر أن "المشروع الكبير بين العراق وإيران هو ربط سكك الحديد من الشلامجة (منفذ حديدي بين البلدين) إلى البصرة"، مؤكدا أن "العمل بالمرحلة التفصيلية لهذا المشروع سيبدأ خلال الأيام المقبلة".

وعلى الصعيد ذاته، قال ممثل وفد النظام السوري في المؤتمر، زهير خزيم، خلال كلمته: إن "سوريا داعمة لهذا المشروع ومشاركة في المؤتمر للاستماع إلى المقترحات والرؤى حول مشروع طريق التنمية لما له من أهمية وحيوية".

وأضاف أن "سوريا حريصة على تكامل الربط السككي الثلاثي بين سوريا والعراق وإيران، والخطوات الجدية التي تعمل عليها سوريا في إعادة تأهيل السكك فيها، وهذا التكامل هو واحد من التحديات الكبرى ضمن العديد من التوازنات الاقتصادية الكبرى".

بدوره، قال ممثل الوفد التركي، علي رضا غوناي: "نحن شريك رئيس في طريق التنمية الذي يعد مكسباً للجميع"، مؤكدا أن "المسؤولية تكمن في إزالة الحواجز للتجارة بين العراق وتركيا، وأن طريق التنمية من شأنه أن يزيد الترابط بين دول المنطقة.

وفي 23 مارس 2023، أعلنت أنقرة وبغداد الاتفاق على مشروع لربط ميناء الفاو العراقي على الخليج العربي بالأراضي التركية عبر طريق بري لتسهيل حركة التجارة، وذلك أثناء زيارة أجراها السوداني إلى تركيا والتقى خلالها الرئيس رجب طيب أردوغان.

وقال أردوغان، خلال مؤتمر صحفي مشترك حينها مع السوداني إنه تمت "مناقشة جميع جوانب علاقاتنا الثنائية خلال لقائنا مع رئيس الوزراء، وأكدنا العزم على العمل معا".

وكشف أردوغان، عن مشروع لـ"طريق وممر للنقل بالسكك الحديدية يمتد من البصرة إلى الحدود التركية"، لافتا إلى أن "الوزراء المعنيين سيعملون في هذا الصدد واتخذنا خطوة حاسمة تظهر رغبتنا في العمل معا لتحقيق هذا الهدف".

وأطلق الرئيس التركي على المشروع "طريق التنمية"، معتبرا أنه "مشروع ذو أهمية إستراتيجية عالية ليس فقط لتركيا والعراق، وإنما للمنطقة بأكملها"، موضحا أن "ملايين الأشخاص في منطقة جغرافية واسعة من أوروبا إلى الخليج سيستفيدون من القيمة المضافة التي ستظهر من إنشاء هذا الطريق".

وكان لافتا غياب أي تعليق من الولايات المتحدة وروسيا وكذلك دول الاتحاد الأوروبي، خصوصا فرنسا وألمانيا وبريطانيا حيال طريق التنمية العراقي، إذ لم يصدر حتى 8 يونيو 2023 أي موقف منهم عن المؤتمر الذي عقد في بغداد أو المشروع بشكل عام.