عبر البلطجة.. هكذا حاول نظام السيسي سحب الثقة من نقيب المهندسين؟

12

طباعة

مشاركة

"كل ما يحدث في مصر من تبعات الانقلاب العسكري على الشرعية في 2013"، هذه النتيجة خلص إليها ناشطون على تويتر، في تعقيبهم على أعمال العنف التي شهدتها نقابة المهندسين خلال عملية تصويت الجمعية العمومية الطارئة لسحب الثقة من النقيب طارق النبراوي.

وعقدت الجمعية العمومية الطارئة في أرض المعارض بمدينة نصر شرقي العاصمة المصرية في 30 مايو/أيار 2023، بناء على طلب تقدم به 1960 عضوا، فيما شهدت الجلسة إقبالا حاشدا، وقُدر عدد الحضور بـ25 ألف عضو من النقابة.

لكن موالين للنظام المصري هاجموا مقر انعقاد الجمعية الطارئة وحطموا صناديق الانتخابات وأتلفوا أوراق الناخبين، مما تسبب في انسحاب اللجنة المشرفة، قبل لحظات من إعلان النتائج.

وألمح النقيب النبراوي في تصريحات إعلامية، إلى تواطؤ اللجنة المشرفة على الانتخابات، واتهمها بالتباطؤ والتكاسل في إعلان النتيجة، معربا عن أسفه لما جرى من حادث مأساوي في تاريخ نقابة المهندسين.

واتهم من وصفهم بـ"بلطجية الحزب"، في إشارة إلى حزب "مستقبل وطن" المقرب من رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، في منشور على صفحته الرسمية على "فيسبوك" باقتحام قاعة الانتخابات للتلاعب.

وانتهى الأمر بإعلان تجديد الثقة للنقيب طارق النبراوي ومجلس النقابة الحالي، بعد فشل التصويت على سحبها منه.

إذ رفض نحو 85 بالمئة من المصوتين سحب الثقة من النبراوي، وكان نحو 24300 عضو قد سجلوا حضورهم في الجمعية العمومية.

وأعرب ناشطون على تويتر، عن غضبهم واستيائهم مما شهدته انتخابات النقابة من "بلطجة وأعمال عنف"، وعدوها كاشفة عن همجية حزب مستقبل وطن الذي يصفونه بأنه "مستنقع وطن"، وفشل سعيهم للسيطرة على إرادة المهندسين الحرة ببلطجية همجية.

واستنكروا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #طارق_النبراوي، #نقابة_المهندسين، محاولات العسكر السيطرة على النقابات المهنية، مشيرين إلى أن ما حدث يؤكد أن مصر دولة ديكتاتورية في ظل الحكم العسكري، وأن النقابة مازالت تعاني من استبداد وتغول الدولة.

وأكد ناشطون أن ما شهدته انتخابات نقابة المهندسين مجرد صورة مصغرة لما سيحدث في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 2024، معربين عن عدم ثقتهم في النظام العسكري الحاكم ورفضهم لمزاعم الحوار الوطني الذي يتبناه، والذي عقدت له جلسات صورية خلال مايو 2023.

وأعلنوا دعمهم الكامل لنقيب المهندسين، ورفضهم ممارسة أي نوع من الترويع والبلطجة عليهم، ممتنين لمسيرته في العمل النقابي ومواقفه طوال الفترة التي بقيت فيها النقابة تحت الحراسة القضائية 16 عاما أيام الرئيس الأسبق المعزول محمد حسني مبارك. 

فاشية عسكرية

وتفاعلا مع الأحداث، اتهم المسؤول السابق بوزارة الصحة المصرية مصطفى جاويش، الفاشية العسكرية بتدمير انتخابات النقابات المهنية خشية خسارة مرشحهم، مستنكرا تدخل النظام الحاكم لإفسادها.

وقال الصحفي أحمد عطوان، إن اعتداء بلطجية الأمن والنظام على المهندسين وتحطيم صناديق الاقتراع وتمزيق أوراق التصويت بعد سقوطهم، يشير بوضوح إلى أننا نعيش عصر البلطجة والديكتاتورية وأن العسكر لم ولن يرتضوا بأي تجربة ديمقراطية حتى لو كانت في نقابة مهنية.

ورأى عبدالحسيني، أن ما حدث في انتخابات نقابة المهندسين، يؤكد أن الحكاية ليست إخوان وغير إخوان، وإنما "الدكتاتورية العسكرية لا تقبل أحدا يشاركها ولو من بعيد لذا مفيش محليات من 10 سنوات"، معربا عن خشيته فرض الحراسة على النقابة.

وسخرت الكاتبة شيرين عرفة قائلة: "بيقولك كان في نقيب مُنتخب لنقابة المهندسين لم يكن على هوى أجهزة الدولة، فسلطوا أعضاء تابعين لحزب وطن يشنون حملة لسحب الثقة منه، دعوا لاقتراع، وصوت المهندسون على تجديد الثقة فيه، فأحضرت الدولة بلطجية اقتحموا النقابة وكسروا الصناديق، ولسه في ناس مقتنعة أنه ممكن الانتخابات تغير الرئيس".

ورأى الصحفي عبدالله عمر، أن دوله تحكمها عصابة مسلحة طبيعي أن تكون النتيجة سطو وبلطجة على الانتخابات النقابية، لتكتمل أركان القمع في البلاد.

وأعلن المحامي طارق العوضي، ترقبه القبض على البلطجية اللذين اقتحموا قاعة المؤتمرات وتعدوا على المهندسين وأتلفوا بطاقات الاقتراع بعد تأكد فشل سحب الثقة واكتساح طارق النبراوي لأصوات الجمعية. 

وقال: "نحن أمام عدة جرائم موثقة ومصورة ومجرمين تم توثيق جريمتهم بالصوت والصورة، دعونا نر ما ستسفر عنه الساعات القادمة".

دلالات الأحداث

وتحدث ناشطون عما تحمله أحداث العنف التي شهدتها انتخابات النقابة من دلالات، مشيدين بتمسك المهندسين بنقيبهم ورفضهم سحب الثقة منه وإفشالهم مخططات حزب مستقبل وطن.

وعد الصحفي أحمد حسن الشرقاوي، ما حدث في نقابة المهندسين دليلا أن رئيس النظام عبد الفتاج السيسي "مش قادر يمسك أعصابه ومرعوب".

وقال إن "السيسي مش قادر يستحمل إن نقابة مثل نقابة المهندسين تقرر لنفسها وتتمسك بنقيبها.. فأرسل لهم تنظيم البلطجية الذي انتظام أعضاؤه في حزب سياسي أطلقوا عليه (مستقبل وطن)".

وذكر بأن نظام السيسي فعلها قبل ذلك عندما اقتحمت قواته الرسمية لا الحزبية البلطجية، نقابة الصحفيين المصريين في مايو/أيار 2016، مؤكدا أن النظام كله بمن فيه من بلطجية من أكبر رأس لأصغرها يعلمون أن ساعتهم اقتربت، لذلك هم مرعوبون، وفق تعبيره.

وكتب صلاح الدين: "بعد فشل سحب الثقة من نقيب المهندسين، الخسيس يرسل بلطجيته إلى النقابة"، متسائلا: "هل تقود نقابتنا تحرير مصر؟". وأكد أن السيسي يعيش الرعب، ويوم محاكمته قريبا قادم لا محالة بإذن الله".

وأكد أحد المغردين، أن "هجوم بلطجية السيسي على نقابة المهندسين لإفساد نجاح نقيبهم يفضح رعبه وخوفه وأنه زائل لا محالة".

وقال مؤسس تيار الأمة محمود فتحي، إن السيسي اضطر يرسل البلطجية ومصر كلها شافت الفضيحة، مشيرا إلى أن أيام مبارك كانت هذه الأمور تتم بشياكة أكثر.

وأضاف أن المهندسين وغيرهم من نخبة مصر ممكن جدا يتعاونون في الوصول للحرية لنقابتها ولكل النقابات؛ بل كل مصر مش للمهندسين أو النقابات فقط.

وأكد الصحفي سليم عزوز، أن انتصار إرادة المهندسين للمرة الثانية، إذ كانت الأولى عندما أسقطوا مرشحا الأجهزة الأمنية على موقع النقيب، والثانية عندما أسقطوا الاحتشاد الأمني والنفير من أعضاء حزب مستقبل وطن لسحب الثقة من النقيب، مؤكدا أن "مصر تستطيع".

رسائل ومؤشرات

وعن الرسائل التي تحملها الأحداث، عد الصحفي عمر الفتيري، ما حدث في انتخابات نقابة المهندسين رسالة لكل المصريين وتحديدا من هم في الحوار الوطني، مفادها أن الديموقراطية لن تعرف طريقها لمصر طالما أن نظام السيسي موجود في السلطة.

وقال: "لا تحدثني عن انتخابات 2024، مصر يحكمها عصابة حزب مستقبل وطن".

واستنكر زكريا موسى، كل ذلك العنف والبلطجه لمجرد نقيب ليس على هواهم، متسائلا: "ماذا سيحدث في مصر لو هناك انتخابات حرة على غرار تركيا وسقط فيها السيسي؟"

واستطرد قائلا: "أعتقد أن الجيش سيضرب الشعب بالرافال المخزن"، وفق قوله.

وغرد عماد مرسي، قائلا: "فيه حد عاوز يبعت رسالة فحواها استعدوا للى جاى 2024".

وأعرب ناشطون عن سعادتهم بتجديد الثقة في النبراوي بنسب كبيرة، مشيدين ببيان نقيب المهندسين الذي وصف فيه الأحداث وسمى الأشياء بمسمياتها.

وقال الأديب والمفكر عمار علي حسن: "لأن نقيبهم المهندس طارق النبرواي خاطبهم بلغة واضحة صريحة لا لبس فيها ولا تردد أو خوف أو اعوجاج، واضعا الجرس في رقبة القط وناسبا التهمة لصاحبها، زحف المهندسون من كل مكان، وصنعوا مشهدا مهيبا ليظل قرارهم يخرج من 30 شارع رمسيس وليس من أي مكان آخر حسبما قال نقيبهم الرجل الوطني الشجاع".

فيما بين الأكاديمي سامي يوسف، أن فوز نقيب المهندسين المصريين المستقل بثقة الجمعية العمومية، وحصول مرشح الجهات الأمنية وحزب مستقبل وطن على 1950 صوت فقط من حوالي 25 ألف لهو صفعة قوية للمنهج الاستبدادي الذى تدار به الأمور فى مصر الآن".

ونشر مالك عدلي، صورة للنبراوي محمولا على الأعناق، ساخرا بالقول: "الجماعة بتوع الحزب إياه يا عيني كانوا متخيلين أنهم في الطبيعي بينفع يكسبوا انتخابات وجمعية غير عادية وسحب ثقة وليهم مؤيدين وكده".

ضربة للقضاء

وعدّ الصحفي محمد باسل، أن ما حدث في عمومية نقابة المهندسين يوجه ضربة في مقتل لأي حديث عن أهمية الإشراف القضائي على الانتخابات أو أنه ضروري حاليا أو في المستقبل كما يقترح الحوار الوطني.

وأكد أن الصورة برمتها لا تستوي مع الإشراف القضائي "الحقيقي" على أي انتخابات، لأنه تلزمه الحماية والثقة، ويتطلب "الحرص" "الهمة" و"المبادرة".

 أما الإشراف القضائي "الصوري/ غير الحقيقي" لا داعي له.. ولا يعود إلا بالضرر الجسيم على الدولة والجهات والهيئات القضائية والقضاة أنفسهم، كما قال.

واتهم محمود ثابت القضاء بالتدليس وتأخير إعلان النتيجة لحين وصول البلطجية وتكسيرهم المقر، مشيرا إلى أن كل أجهزة الدولة تحارب لإنجاح يسري الديب لأن له خلفية عسكرية.

وأدان محمود عبدالرحمن محاولة عسكرة نقابة المهندسين، مشيرا إلى أن ما حدث في الانتخابات رسالة لكل المصريين وتحديدا لمن هم في الحوار الوطني تفيد بأن الديموقراطية لن تعرف طريقها لمصر.

وأوضح شريف عثمان أن "النظام منع قاضي انتخابات المهندسين المحسومة لصالحهم من أن يعلن النتيجة وبعت بلطجية للنقابة لتكسير الصناديق وإفساد الانتخابات".

وقال: "ده النظام اللي لامم حواليه شوية جرابيع وبيقول عليه حوار وطني وأن فيه انتخابات ومستعدين أنهم يخسروا. فوقوا يا ناس".