المؤتمر الصهيوني العالمي.. لماذا برزت خلافات بين إسرائيل ويهود العالم؟

12

طباعة

مشاركة

تناول موقع "زمان" العبري قرارات "المؤتمر الصهيوني العالمي"، الذي عقد في أواخر أبريل/ نيسان 2023، وكيف أنها أكدت الفجوة بين اليهود داخل إسرائيل وخارجها.

ويُعد المؤتمر الصهيوني العالمي تجمعا عالميا للممثلين عن الجماعات اليهودية، من السياسيين والمدنيين، من مختلف دول العالم.

ويُنظَر إليه كمؤسسة "تشريعية" صهيونية عالمية، حيث يجرى انتخاب المندوبين من الاتحادات الصهيونية حول العالم لتمثيلهم فيه. 

ويتولى المؤتمر صلاحيات تشريعية وتنفيذية تتعلق بأنشطة الصهيونية العالمية، وعلى رأسها تعزيز وتطوير الاستيطان في فلسطين المحتلة، وتشجيع الهجرة اليهودية إليها.

ويُعقَد المؤتمر العالمي كل خمس سنوات في مدينة القدس المحتلة، ويستقطب حضورا يفوق الألفي ناشط صهيوني من أكثر من 30 دولة حول العالم.

ويُشارك فيه أيضا مندوبو جميع الأحزاب الصهيونية في إسرائيل ومنظمات عالمية أخرى.

هزيمة المحافظين

وقال الموقع العبري: "انتهى المؤتمر الصهيوني العالمي، الذي انعقد في القدس، بسلسلة من التصويت والقرارات أظهرت أغلبية ساحقة للتيارات التقدمية والمحافظة والإصلاحية، بينما تكبد التيار الأرثوذكسي المحافظ هزائم فادحة".

وأفاد الموقع بأن "المؤتمر انتهى في أواخر أبريل، لكن الأمر استغرق حوالي شهر آخر لاستكمال التصويت بسبب معارضة الأحزاب اليمينية في الكنيست (البرلمان)".

وأوضح التقرير أن "هذه الأحزاب بقيادة رئيس المنظمة الصهيونية العالمية يعقوب هاجيل، بذلت قصارى جهدها لمنع التصويت خلال المؤتمر من أجل تجنب إحراج الحكومة الإسرائيلية، لذلك أجري تصويت إلكتروني، عانى فيه اليمين الإسرائيلي من فشل ذريع".

وبحسب الموقع، اتُخذت قرارات مهمة في إطار المؤتمر الصهيوني، بهدف ترسيخ مكانة "إعلان الاستقلال" في حركة الصهيونية وتعزيزها، من ذلك دعوة الحكومة الحالية، برئاسة بنيامين نتنياهو، إلى عدم تغيير "قانون العودة"، وفق قوله.

ويهتم الائتلاف الحاكم – بقيادة نتنياهو- بإلغاء قانون يسمح لشخص لديه جد يهودي واحد على الأقل بالحصول على الجنسية الإسرائيلية، وهذا هو ما يسمى بـ"شرط الجد".

كما أكد المؤتمر أهمية تعزيز العلاقة بين مجتمعات الشذوذ حول العالم و"إسرائيل"، وضرورة رفع تمثيل المرأة في المؤسسات الصهيونية إلى نسبة 40 بالمئة، حسب التقرير.

وشدد الموقع العبري على أن "هذه القرارات تظهر الفجوة المتزايدة بين يهود إسرائيل وباقي يهود العالم".

علاوة على ذلك، تُظهر القرارات الأثر الهائل للموجة الاحتجاجية الكبيرة في إسرائيل، والتي بدأت في يناير/ كانون الثاني 2023، عندما قررت الحكومة "الانقلاب على القانون"، وفق وصف الموقع.

وفي مطلع العام 2023، خرجت موجة احتجاجات ضد الحكومة القائمة – برئاسة نتنياهو- بسبب ما يسمى بـ"خطة إصلاح القضاء"، والتي يعدها معارضون خطرا على استقلال السلطة القضائية.

وفي أبريل 2023، أدت خطة الحكومة الإسرائيلية إلى توتر العلاقات مع الجماعات اليهودية في أميركا الشمالية، التي تُعد من أكبر الداعمين لإسرائيل ماديا.

وقال الرئيس والمدير التنفيذي للاتحادات اليهودية في أميركا الشمالية، إريك فينجرهوت، إن "أعضاء الاتحادات يريدون معرفة ما الذي ستفعله الحكومة لحماية حقوق الأقليات".

وأردف: "لا نتوقع أن تكون الضوابط والتوازنات مماثلة لما نتمتع به هنا، يمكن أن تكون مختلفة تماما ولكن السؤال الذي نطرحه، هو ما نظام الضوابط والتوازنات الذي تقترحونه؟".

وتابع أنه "إذا لم تكن إسرائيل قادرة على الإجابة على الأفراد "اليهود وغير اليهود في أميركا، فقد يتسبب ذلك في ضرر".

"إعلان الاستقلال"

علاوة على ذلك، وصف الموقع العبري قرار اعتماد "إعلان الاستقلال" كوثيقة تأسيسية من قبل يهود الشتات بأنه ليس مسألة عادية.

وقال إس يزهار، نائب رئيس المنظمة الصهيونية العالمية بالإنابة، لموقع "زمان" الإسرائيلي إن "المخطوطة ستصبح وثيقة سيتم تدريسها بشكل مكثف".

وأردف يزهار أن "إعلان الاستقلال وثيقة لا تكاد تُدرس اليوم في المجتمعات اليهودية، لكن من الآن فصاعدا، سيكون أحد أهم النصوص الصهيونية التي ترتب العلاقات بين يهود إسرائيل والشتات".

وأشار الموقع إلى أن هذا القرار جاء نتيجة لانعقاد المؤتمر الصهيوني في ذروة الاحتجاجات، حيث احتل إعلان الاستقلال مركز الصدارة في المظاهرات.

وجرى اتخاذ قرار آخر وهو زيادة التمثيل الإلزامي للمرأة في مؤسسات الكنيست الإسرائيلي من 30 بالمئة إلى 40 بالمئة.

واليوم، تلتزم جميع الأحزاب في الكنيست بتعيين 30 بالمئة على الأقل من النساء في المؤسسات، وهذا يشمل أيضا المجموعات الأرثوذكسية المتطرفة من حزبي "شاس" و"ديغال هاتورا".

وأكد الموقع العبري أن الأحزاب اليمينية المتطرفة عارضت بشدة قرار رفع هذه النسبة إلى 40 بالمئة، لكنه صدر على أي حال.

وكان حزب "يش عتيد"، الذي يترأسه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، يائير لابيد، هو الذي دفع نحو زيادة تمثيل المرأة في المؤتمر الصهيوني، حسب التقرير.

ووفق الموقع العبري، فإن تحالف حزب "الليكود" بقيادة نتنياهو، مع الأحزاب اليمينية مثل "شاس" و"يهودية التوراة" و"عظمة يهودية" "والصهيونية الدينية"، يجرى دفعه في اتجاهات أكثر تطرفا بسبب هذا التعاون، وفق قوله.

إذ وجد أعضاء في حزب الليكود - مثل ميكي زهار، وداني دانون- يصوتون ضد ضم المزيد من النساء إلى المؤسسات الصهيونية، حسب التقرير.

وأشار التقرير إلى انقسام الكنيست بين أحزاب يمينية متطرفة، متحالفة مع نتنياهو، وتسحبه في اتجاهها إلى حد كبير، وبين كتلة أخرى ليبرالية.

وأفاد الموقع بأن هذه الكتلة الليبرالية تمثل "الصهيونية التقدمية"، التي تدعم الاعتراف بالشذوذ ومزدوجي الميل الجنسي، ومغايري الهوية الجنسية، والمتحولين جنسيا، وحقوق المرأة، بحسب تعبيره.

وقال الرئيس التنفيذي السابق للكنيست، جيل سيغال، إن "معظم قرارات المؤتمر الصهيوني العالمي ذات أهمية إعلامية فقط، لكنها ضرورية أيضا".

وتابع: "كانت أهمية هذه التصريحات بالنسبة له هي أن ممثلي الاتحادات اليهودية من جميع أنحاء العالم يرون معنا أهمية أن تكون إسرائيل ليبرالية وديمقراطية ويهودية، كبلد منفتح على كل التيارات اليهودية، وهذا ما يشتد الخلاف حوله في الكنيست".

ويرى الموقع العبري أنه "عندما يطرح النقاش في إسرائيل حول دفع التيارات الإصلاحية والمحافظة جانبا وعدم الاعتراف بها كتيارات شرعية، فإن ذلك يمس جوهر ومضمون الصهيونية".

فأساس الصهيونية يكمن في الاعتراف باليهود كما هم، لكن هناك تيارات تشعر بالتهديد في إسرائيل في الوقت الحاضر، وفق التقرير.

ويعتقد يزهار أن "يهود الشتات، الحريصين على المستقبل الديمقراطي للبلاد، يشعرون بفخر كبير وارتباط كبير بالرواية الصهيونية للمجتمع المدني، التي يحركها العمل من أجل القيم الديمقراطية".

ويرى أن الأمور يمكن أن تسير في اتجاهين مختلفين، أحدهما، صدع يتعمق، وسيكون ذلك بمثابة كارثة، أما الثاني، فهو أن تسير في اتجاه أكثر تفاؤلا، يزيد فيه مشاركة يهود الشتات في صنع سياسات إسرائيل.