الإندبندنت: المعارضة التركية تنشر معلومات مضللة عن اللاجئين للفوز بالانتخابات

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة "إندبندنت" البريطانية عن توجهات الحكومة والمعارضة مع اقتراب تركيا من الجولة الانتخابية الرئاسية الثانية المقررة في 28 مايو/أيار.

وقالت النسخة التركية للصحيفة إنه "يبدو أن أحد المحاور الرئيسة لوعود كل من الحكومة والمعارضة هو قضية الهجرة واللاجئين".

الطريق إلى الانتخابات 

وأشار الكاتب "عرفان تاتلي" إلى أن الخطابات والسياسات مثل تحويل اللاجئين وطالبي اللجوء إلى ورقة مساومة في السياسة الداخلية أو الخارجية، ورؤيتهم كأشياء يمكن حشوها في المركبات وتركها على الحدود، وتعريف كل هؤلاء الأشخاص بصفات مثل الإرهابيين والمنحرفين، لا تتوافق مع القانون والإنسانية.

وأردف أن المعلومات المضللة التي ينشرها مسؤولو الأحزاب السياسية حول قضية الهجرة، والتي يجرى التعامل معها بنهج موجه أمنيا، تسبب كراهية خطيرة للأجانب في المجتمع.

ففي الحملات التي تكون فيها الوعود مجرد كلام في الهواء، يقول أحد الطرفين إنه سيقدم عودة مشرفة لكنه لا يستطيع التنبؤ متى، بينما يحاول الآخر التوفيق بين ما إذا كانت العودة ستستغرق عاما أو عامين. 

ولفت الكاتب النظر إلى أن إدارة الهجرة يجرى التضحية بها من أجل السياسات الشعبوية.

ففي سياق جعل مسألة الهجرة مسألة أمنية، أولا يجب إقناع المجتمع بذلك من خلال جعل قضية مجموعات المهاجرين تهديدا، "وهذا هو بالضبط ما يجرى فعله في بلدنا".

بشكل عام، فإن الاعتراف المسبق بأن الأجانب الذين حصلوا على الجنسية ويمكنهم التصويت لصالح الحزب الحاكم يدفع المعارضة إلى مناهضة اللاجئين وطالبي اللجوء. 

في حين أن رد فعل التيار القومي يدفع بالكتلة الحاكمة إلى تقديم تصريحات بشأن عودة اللاجئين وطالبي اللجوء لبلدهم.

بينما تواصل المعارضة هذا الخطاب القاسي، يمكن القول إن الكتلة الحاكمة تتبع خطابا وسياسة أكثر ليونة.

واستدرك تاتلي: جرى إنشاء تصور بأنه إذا تمت إعادة هؤلاء الأشخاص إلى بلدانهم، فسنكون قد نجحنا في إدارة الهجرة وحل مشاكلها، وبالطبع، فإن الوضع ليس بهذه البساطة. 

فمن أجل تحديد سياسة هجرة واقعية ومعقولة، من الضروري مراعاة البلد الذي تمت الهجرة منه، لتحليل العديد من المكونات بشكل جيد.

وبهذه الطريقة فقط يمكنك الحصول على سياسة هجرة حقيقية وتحويل الهجرة إلى حركة أشخاص مفيدة أيضا للبلد.

وأضاف تاتلي: في العديد من بلدان أوروبا، ينظر إلى الجماعات اليمينية المتطرفة على أنها تنفذ العديد من الهجمات المادية والخطابية ضد مجموعات المهاجرين في بلدانها بحجة أسباب أمنية، وقد تصل إلى حد أعمال العنف.

أما في تركيا، فالوضع مختلف قليلا، ويمكن القول إن سياسات الهجرة التي تنتهجها الأحزاب اليسارية في تركيا أقسى من سياسات الأحزاب اليمينية. 

هل الهجرة مشكلة؟

وأردف تاتلي: أكبر خطأ يمكن ارتكابه عند تحديد سياسات الهجرة هو الافتراض بأن الهجرة هي مشكلة.

وذكر أنه في بلد مثل ألمانيا حيث القومية العرقية عالية جدا، خاضت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل العديد من المخاطر ونفذت سياسة الباب المفتوح للاجئين وطالبي اللجوء، بينما تمكنت إلى حد كبير من تحويل موجة الهجرة هذه إلى فرصة جيدة لبلدها.

من ناحية أخرى، فشلت تركيا في تحويل سياسة الباب المفتوح التي تتبعها إلى قيمة مضافة اقتصادية واجتماعية.

وأشار الكاتب إلى أن الفشل في توفير أساس مشروع لمجموعات اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين في تركيا هو مشكلتنا، وهو ما تسبب بالنظر إليهم على أنهم غير شرعيين.

وأي وضع يحد من الفرص مثل الهجرة القانونية واللجوء يشجع أيضا على الهجرة غير النظامية، وفق قوله. 

وتظهر مشاكل مماثلة في المملكة المتحدة، فيعاد المهاجرون غير الشرعيين الذين يحاولون الوصول إلى البلاد عبر القنال الإنجليزي قسرا عن طريق إلقاء القبض عليهم أو إرسالهم إلى بلدان ثالثة بدلا من توجيههم إلى طرق قانونية.

فالمشكلة ليست الهجرة، بل عدم القدرة على إدارتها أو إنشاء الإطار القانوني والمؤسسي لذلك. 

وفي حين أن الحكومة لم تتمكن بعد من حل أوجه القصور في هذا الصدد على الرغم من الوقت الفاصل، فإن المعارضة ترتكب خطأً كبيرا من خلال بناء إدارة قضية الهجرة على فكرة العودة إلى الوطن، حتى لو كان ذلك بالقوة.

وحين يجرى النظر إلى الهجرة كتهديد فقط لأمن البلاد، فإن الحل الوحيد الذي يمكن التفكير به هو إعادة هذا "القطيع المتكتل" إلى بلدهم.

على الرغم من أن نصوص المذكرة الموقعة تقول إنه يمكن فعل ذلك وفقا للقانون، فإن خطاب السياسيين يظهر عكس ذلك، متجاهلا القانون الدولي ذا الصلة. 

تحمل المسؤوليات

وأضاف تاتلي: الجهات الفاعلة الدولية، ولا سيما أجهزة الأمم المتحدة ذات الصلة، مسؤولة عن التعامل مع الهجرة في سياق الأمن الخالص.

وبين أن عدم القدرة على إنتاج سياسات وفقا لثقل حقيقة أن الهجرة قضية عالمية، دفع البلدان إلى التفكير بنفسها ومصالحها.

ولهذا السبب، فإن البلدان الأكثر تعرضا لحركات الهجرة قد وضعت سياساتها الخاصة موضع التنفيذ على أساس أن هذا "العبء" لا يجرى تقاسمه بشكل عادل، وقد مهد ذلك الطريق للهجرة واستخدام مجموعات المهاجرين كأداة لتحقيق مكاسب سياسية. 

والخطابات التي تزداد تطرفا مع مرور الوقت بالإضافة إلى حقيقة أن مجموعات المهاجرين تعتبر "كبش فداء" حيث تظهر بأنها مسؤولة عن كل شيء سلبي، تسببت في هبوط القانون الدولي إلى المرتبة الثانية.

لذلك، عرضت الخطابات والسياسات ذات التوجه الأمني، اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين لمقاربات تتجاهل حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية. 

وأردف تاتلي: خلال العملية الانتخابية التركية، تتحول هذه المناقشات حول سياسات الهجرة والمهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء تدريجيا إلى بعد مختلف للعنصرية.

فهذه الخطابات، التي تعد علامة على الاستبداد، لن تفعل شيئا سوى زيادة الكراهية في مجتمع مستقطب بالفعل بما فيه الكفاية.

وإن الدعاية الانتخابية التي يجرى تنفيذها من خلال اللاجئين وطالبي اللجوء تخدم هذا الغرض فقط، وفق تقديره.

وأضاف: الهجرة وإدارتها، مسألتان مهمتان للغاية، ولكن المسألة تحتاج إلى معالجة على المستوى السياسي، وينبغي التوصل إلى حلول في إطار العلاقة بين السبب والنتيجة.

ولذلك فإن الهجرة هي قضية خطيرة تتطلب مراعاة التوازنات الحساسة للغاية، والآن تستخدم للمفاوضات القذرة للسياسة، وتحريض الجمهور بخطاب الكراهية.

وتابع الكاتب أن "تجنب الخطابات والأفعال التي تمثل بعدا مختلفا للعنصرية أمر مهم جدا لإرساء السلام الاجتماعي".

وختم مقاله قائلا: من الضروري الابتعاد عن الخطابات العنصرية التي يمكن أن تضر بمصداقية الناخبين.

فمن التناقض الكبير الدفاع عن استقلال القانون والحريات والديمقراطية من ناحية وإلقاء خطابات الكراهية ضد الأجانب من ناحية أخرى. 

وخلص إلى أنه "لا ينبغي أن ننسى أن الديمقراطية والعنصرية لا يمكن أن يوجدان في مكان واحد".