تحذيرات مفاجئة من انقلاب عسكري في كولومبيا.. هل عاد الشبح من جديد؟

12

طباعة

مشاركة

استعرض موقع برازيلي إطلاق الرئيس الكولومبي، جوستافو بيترو، تحذيرا من حدوث انقلاب عسكري في البلاد، وسط احتجاجات من المحاربين القدامى في الجيش.

وقال موقع "غلوبو"، إن "قوات الاحتياط في الجيش الكولومبي والضباط المتقاعدين يعدون قوة سياسية لها ثقلها، كما يميلون إلى المحافظة، مما يضع الرئيس في مأزق سياسي، في بلد لم يشهد انقلابا منذ عام 1953".

وأفاد الموقع الناطق بالبرتغالية أن "العلاقة بين الرئيس بيترو وقطاع كبير من ضباط القوات المسلحة المتقاعدين في أدنى مستوياتها منذ تولي حكومته السلطة في أغسطس/ آب 2022".

وشارك الرئيس الكولومبي مقابلة مع العقيد المتقاعد، جون مارولاندا، على المحطة الإذاعية الكولومبية الشهيرة "دبليو راديو"، وعلق عليها قائلا: "لماذا يتآمرون من أجل الانقلاب؟ لأنهم خائفون من أننا سنضع حدا للإفلات من العقاب".

اعتقال رئيس بيرو

وخلال المقابلة، استعرض المدير السابق لجمعية الضباط المتقاعدين في القوات المسلحة الكولومبية، الأزمة السياسية في الجارة بيرو.

وقال مارولاندا إن "قوات الاحتياط نجحت في نبذ الرئيس الفاسد"، في إشارة إلى الزعيم اليساري البيروفي السابق، بيدرو كاستيلو.

وأردف الموقع البرازيلي أن "كاستيلو فشل في محاولته الانقلابية في العام 2022، وقد دافع عنه الرئيس الكولومبي بترو عدة مرات".

وفي ديسمبر/كانون الأول 2022، اعتقلت شرطة بيرو، كاستيلو، بعد قرار البرلمان عزله ووصفه بالرئيس السابق.

وجاء في بيان الشرطة حينها أنه "وفقا لواجبنا بموجب قانون الشرطة الوطني في بيرو، ألقى رجال الشرطة القبض على الرئيس السابق للبلاد بيدرو كاستيلو".

وكان كاستيلو قد أعلن في الوقت نفسه حل برلمان البلاد، لكن القضاء البيروفي رفض القرار، وأعلن عدم التزامه تحت أي ظرف بقرار "غير دستوري"، حسب وصفه.

وأدلى الجنرال المتقاعد مارولاندا، بتصريح دق أجراس الإنذار، قائلا: "هنا، سنبذل قصارى جهدنا للقضاء على رجل كان مقاتلا في حرب العصابات".

والجدير بالذكر أن الرئيس الكولومبي الحالي انتسب في شبابه إلى "إم-19″، وهي إحدى المنظمات المسلحة التي شاركت في النزاع الداخلي المسلح بين عامي 1974 و1990.

وكانت هذه المنظمة– التي تأسست على يد مجموعة من الطلاب الجامعيين والمثقفين اليساريين- تهدف لإجراء تحول اجتماعي وسياسي في البلاد.

واستخدمت المنظمة المذكورة العنف كوسيلة لتحقيق أهدافها وشاركت في أعمال تخريبية وهجمات ضد الحكومة والقوات الأمنية.

اتفاق سلام

لكن بعد اتفاق السلام 1990، أسهم الرئيس بيترو، مع آخرين، بتأسيس حزب "التحالف الديمقراطي" الذي خرج من رحم حركة "إم-19".

ومارس بيترو العمل السياسي السلمي، متدرجا في المناصب، ومنها عمله كدبلوماسي مكلف بملف حقوق الإنسان في سفارة كولومبيا ببلجيكا عام 1994، ومنصب عمدة مدينة بوغوتا منذ 2012 حتى 2015. 

كما انتخب عضوا في مجلس الشيوخ عام 1998، ثم وصل إلى سدة الحكم، بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية لسنة 2022 بنسبة 50.8 بالمئة، متغلبا على منافسه، رودولف هيرنانديز، الذي حصل على 47,27 بالمئة من الأصوات.

وقد ساهمت الوعود الانتخابية لبيترو في تصدره لاستطلاعات الرأي قبل انتخابه. ومن ذلك تعهده بإعادة توزيع رواتب التقاعد، وعرضه الالتحاق بالجامعات العامة بلا رسوم، ومكافحة التفاوت الطبقي العميق.

وحسب موقع "غلوبو" البرازيلي، فإنه "منذ فوز بيترو بالانتخابات عام 2022، فإن هناك تخوفا حاضرا على الدوام من أن الجيش الكولومبي لن يدع حكومة مدتها أربع سنوات في أيدي مقاتل سابق، في سابقة هي الأولى من نوعها في البلاد".

وأفاد الموقع بأنه "حتى الآن، ما زال الجيش الكولومبي متحفظا ولم يعبر عن آرائه بشأن هذه القضية".

وأضاف أن "كولومبيا تفتخر بأنها أكثر ديمقراطية واستقرارا في الأميركيتين، إلى جانب الولايات المتحدة، حيث لم يحدث بها انقلاب منذ عقود، وبالتحديد منذ الفترة الديكتاتورية القصيرة للجنرال، جوستافو روخاس بينيلا، والتي كانت من 1953 إلى 1957".

وخلال حكومة الرئيس الليبرالي الأسبق، إرنستو سامبر (1994-1998)، كان هناك حديث منتظم عن تهديدات واستعراض عسكري، لكنه لم يتجسد على أرض الواقع، بل ظل في مساحة التصريحات والخطاب فقط.

وحسب الموقع، نجح "بيترو" في الحفاظ على علاقة ودية مع القوات المسلحة خلال الأشهر العشرة الأولى له في الحكومة، حتى بعد تعيين المحقق الشهير في مكافحة الفساد، إيفان فيلاسكيز وزيرا للدفاع.

ورغم ذلك، أكد موقع "غلوبو" أن علاقة بيترو مع أعضاء الجيش المتقاعدين كانت وما زالت أقل سلاسة.

رد القوات المسلحة

وبعد حديث مارولاندا، وعلى الرغم من أنه صادر عن ضابط متقاعد، وتحذير الرئيس بيترو من احتمالية حدوث انقلاب، أدانت رئيسة هيئة الأركان الكولومبية، لورا سارابيا، تصريحات الرئيس، مؤكدة أن السمعة الديمقراطية التي تتمتع بها القوات المسلحة الكولومبية ليست عرضة للشك.

وأكدت سارابيا أن "عدم الاتفاق مع الحكومة يختلف تماما عن التحريض على الانقلاب عليها".

وأضافت أن "قيام شخص من الضباط المتقاعدين بمثل هذه الدعوة، ليس فقط مجاوزة للحد، بل أيضا عدم احترام للزي العسكري الذي ارتداه في يوم من الأيام". وتابعت قائلة: "يجب أن لا يُشكك أبدا في التقاليد الديمقراطية لقواتنا المسلحة".

وفقا لتقرير "دبليو راديو"، فقد سارع العقيد المتقاعد مارولاندا إلى سحب تصريحه، قائلا: "أُصحح ما قلته، فلم أقصد الإطاحة بالرئيس غوستافو بيترو، على غرار الإطاحة بنظيره البيروفي، بيدرو كاستيلو".

لكن يرى الموقع البرازيلي أنه "مع ذلك، فإن اعتذار العقيد جاء متأخرا للغاية، بعد أن اشتعلت النيران بالفعل".

وحسب التقرير، فإن مقابلة مارولاندا، التي أدلى فيها بتلك التصريحات المثيرة للجدل، جاءت بعد أيام من تظاهرات نفذها مئات الضباط المتقاعدين، في ساحة بوليفار في العاصمة الكولومبية، بوغوتا.

وأورد الموقع أن الضباط المتقاعدين رددوا هتاف "بيترو يجب أن يرحل!"، كما حملوا أخرى تشكو مما وصفوه بـ"ازدراء" القوات المسلحة.

وأشار إلى أن هذا النوع من الاحتجاجات يثير دائما التساؤل حول مدى توافق المواقف السياسية للعسكريين المتقاعدين مع ضباط الجيش الحاليين.

وألمح إلى أنه "لا يمكن قانونا للضباط الذين في الخدمة أن يشاركوا في المظاهرات السياسية، أو يدعموا الأحزاب بشكل علني أو التصويت في الانتخابات، بينما يمكن للعسكريين المتقاعدين ذلك".

وحول الموقف الأميركي من الرئيس الكولومبي، فقد أوضحت تقارير أن العلاقات بين الولايات المتحدة وكولومبيا تمر بفترة جيدة. 

إذ إن هناك إجماعا واضحا بين إدارتي بيترو ونظيره الأميركي جو بايدن، حول قضايا مثل الطاقة، وسياسات مكافحة المخدرات، كما أن هناك تواصلا مستمرا بين الطرفين للعمل على تعميق التعاون الثنائي.