"إستراتيجية جاهزة".. كيف استعد أردوغان لجولة الإعادة وتحقيق انتصار مريح؟
كشف موقع بريطاني تفاصيل الحملة الانتخابية للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية، المزمع عقدها في 28 مايو/ أيار 2023.
وقال موقع "ميدل إيست آي" إن "مساعدي أردوغان يعتقدون أنه سيخرج منتصرا بهامش مريح في جولة الإعادة؛ ولذلك فهم يركزون على إدارة حملة أكثر إيجابية وتوحيدا للشعب من ذي قبل".
وتحدث مسؤول كبير في حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، للموقع البريطاني، قائلا إنهم "لم يتفاجأوا بنتائج الجولة الأولى، حيث حصل أردوغان على 49.5 بالمئة، أي أقل بنسبة 0.5 بالمئة من الفوز المطلق".
بينما حصل مرشح المعارضة الرئيس، كمال كليتشدار أوغلو، على 44.8 بالمئة، وسنان أوغان، المرشح اليميني المعادي للاجئين، على 5.1 بالمئة.
وقال المسؤول في الحزب الحاكم: "كان بأيدينا استطلاع للرأي ذكر هذه النتائج بالضبط، وكنا متحمسين لذلك".
إستراتيجية جاهزة
وأشار المسؤول إلى أن "حملة أردوغان أعدت بالفعل إستراتيجية لجولة الإعادة، الأمر الذي مكنها من نشر مقطع فيديو ترويجي في 15 مايو/ أيار 2023، بعد ساعات من ظهور النتائج".
وأوضح الموقع البريطاني أن هذا "المقطع الترويجي تضمن أغنية تعرض صورة لأردوغان كشخصية موحدة للبلاد، وكشخص يبعث على الأمل".
وذكر المسؤول: "كانت هناك إشارات أيضا بأن أردوغان ربما يحسم الانتخابات من الجولة الأولى، لكننا فضلنا أن ننفق الكثير من الأموال على إنتاج هذه الأغنية، لاحتمالية أن نحتاجها، وها نحن نستخدمها الآن".
وأضاف: "سيكون لدينا حملة أكثر إيجابية تحتضن كل ناخب تقريبا".
وتابع: "أردوغان لن ينظم مؤتمرات جماهيرية في جميع أنحاء البلاد، خوفا من استعداء أنصار كليتشدار أوغلو، لكنه سيزور المناطق التي ضربها زلزال فبراير/ شباط 2023، لترسيخ صورته كرجل تعمير، وكشخص يمكنه حل مشاكل الأمة".
وأشار "ميدل إيست آي" إلى أن "أردوغان هاجم أنصار كليتشدار أوغلو أخيرا، متهما إياهم بالقسوة تجاه ضحايا الزلزال الذي أودى بحياة نحو 50 ألف شخص".
جاء ذلك بعد أن هاجم بعض أنصار كليتشدار أوغلو ضحايا الزلزال، على وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب تمسكهم بأردوغان، حتى بعد اتهام حكومته بأن استجابتها للكارثة لم تكن بالقدر المطلوب.
ويرى المسؤول في الحزب الحاكم أن "المعارضة كانت تستمع فقط لصدى صوتها، ولم تكن على دراية وثيقة بالنسق الاجتماعي في البلاد".
وقال المسؤول، متحدثا عن المعارضة: "لم يتمكنوا من رؤية الواقع، وأنا لا ألومهم حقا، لأنه كان من الصعب علينا فك شفرة هذا الواقع أيضا".
وأوضح أن "إستراتيجية الحزب لاستهداف المعارضة بسبب تحالفها غير المباشر مع حزب الشعوب الديمقراطي قد أتت أكلها".
فقبل الجولة الأولى من الانتخابات، حصل كليتشدار أوغلو على دعم من حزب "الشعوب الديمقراطي"، الذي حث ناخبيه على دعم مرشح المعارضة، لكنه ظل خارج التحالف الرئيس للمعارضة، المعروف بـ"الطاولة السداسية".
وأشار التقرير إلى أن "أردوغان استخدم هذا التحالف الضمني لمهاجمة كليتشدار أوغلو، وربطه بحزب العمال الكردستاني المسلح، الذي له صلات أيديولوجية مع حزب الشعوب الديمقراطي".
عمل مستمر
وقبل الجولة الأولى، ورغم أن الرئيس أردوغان بدأ نشاطه بحملة إيجابية إلى حد ما، ركزت على إنجازاته الملموسة في صناعة الدفاع والبنية التحتية، إلا أن الأمر أخذ منعطفا استقطابيا.
"فقد اتهم أردوغان تحالف المعارضة بأنه داعم للشذوذ الجنسي، ومتحالف مع الإرهاب"، حسب التقرير.
وقال المسؤول في الحزب الحاكم إنهم فوجئوا عندما أشارت شركات استطلاع ذات مصداقية - مثل شركة كوندا- إلى فوز صريح لكليتشدار أوغلو، مضيفا: "بصراحة، شككنا في نتائجنا، لكننا الآن رأينا أننا كنا محقين".
وقال مسؤولان آخران في "العدالة والتنمية" للموقع البريطاني إن "أردوغان أمر في اجتماع 16 مايو 2023، جميع قادة حملته ومسؤوليه بالعودة إلى المقاطعات التي كُلفوا بها، والعمل كما لو أنه لم يتقدم السباق في الجولة الأولى".
وأفادوا أيضا بأن "الرئيس أردوغان سيلقي المزيد من الخطابات المتلفزة، كما سيحاول زيارة المدن التي كان فيها السباق محتدما".
كذلك، طلب أردوغان من جميع مرشحي حزبه، الذين فازوا بمقاعد في البرلمان، البقاء في مقاطعاتهم ومواصلة حملاتهم الانتخابية، وطلب الدعم من الناخبين.
ووفق الموقع، فإن الحزب يركز على الناخبين الذين قد يخططون للانتقال إلى مناطق مختلفة في الصيف، وبالتالي لن يكونوا موجودين للتصويت في مُدنهم.
"لذلك يطلب الحزب من أنصار أردوغان البقاء في أماكنهم حتى انتهاء جولة الإعادة، حتى يتمكنوا من التصويت"، حسب التقرير.
وقال مسؤول آخر في الحزب الحاكم: "نأخذ الأمر على محمل الجد، ونرتب وسائل لدفع ناخبينا للذهاب إلى مراكز الاقتراع".
وأضاف: "لدينا مزيد من المواد الترويجية، والحجج التي يمكن استخدامها في حملتنا".
حزب الهدى
وأورد موقع "ميدل إيست آي" أن "أحد تلك المزالق المحتملة هو حزب الدعوة الحرة الإسلامي الكردي، المعروف اختصارا باسم (حزب الهدى)، والذي تحالف مع حزب العدالة والتنمية، وفاز بأربعة مقاعد في البرلمان".
وذكر التقرير أن هناك إشارات على أن "هؤلاء النواب الأربعة قد يرغبون في أداء القسم باستخدام اللغة الكردية، الأمر الذي قد يخيف الناخبين القوميين".
وتكهن أحد مسؤولي المعارضة قائلا: "هذا هو سبب أداء اليمين لأعضاء البرلمان بعد انتهاء الجولة الثانية؛ لأن الأمور قد تنقلب ضدهم بشكل سيئ".
والجدير بالذكر أن رئيس حزب الهدى، زكريا يابيجي أوغلو، رد على المزاعم التي ذكرها رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزال، مشيرا إلى أنها "أكاذيب لا أساس لها".
وقال يابيجي أوغلو: "(بينوكيو) لو تحدث مثل أوزال لأصبح أنفه يصل من هنا لأنقرة"، في تشبيه له بشخصية كرتونية مشهورة بطول أنفها.
وأوضح الموقع البريطاني أن "كلا المعسكرين يحاولان الفوز بنسبة 5 بالمئة من الأصوات التي حصل عليها المرشح القومي، أوغان، في الجولة الأولى".
ووفق الموقع، فإن مساعدي أردوغان يعتقدون أن بإمكانه الحصول على معظم هذه الأصوات.
وفي هذا السياق، قال المسؤول في الحزب الحاكم إن "المعارضة في حالة من الفوضى، لأنها أقالت بعض المسؤولين وغيرت فريق حملتها، كما أن الكثير من ناخبي أوغان هم ناخبون سابقون لأردوغان".
وختم مسؤول "العدالة والتنمية" بالقول: "نعتقد أننا سنحظى بانتصار مريح، لأن الهامش بين أردوغان وكليتشدار أوغلو قد يزداد بشكل أكبر، وقد نحصل على 55 أو 56 بالمئة من الأصوات".