طريق الديمقراطية.. إشادة واسعة بممارسة الأتراك حقهم في اختيار رئيسهم

12

طباعة

مشاركة

انطلقت في تركيا صباح 14 مايو/أيار 2023، عملية التصويت في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وشهدت صناديق الاقتراع إقبالا كثيفا من الناخبين منذ الساعات الأولى لبدء العملية الانتخابية، التي بدأت في الثامنة صباحا ومن المقرر استمرارها حتى الخامسة مساء وفق التوقيت المحلي.

ويدلي 64 مليونا و113 ألفا و941 ناخبا بأصواتهم، في أكثر من 191 ألف صندوق اقتراع، من أجل انتخاب رئيس جديد للبلاد، لـ5 سنوات قادمة، و600 عضو في البرلمان.

ويتنافس على الفوز بالرئاسة تحالف "الجمهور" بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان، وتحالف "الأمة" المعارض بزعامة كمال كليتشدار أوغلو، فيما كان المرشح الرابع محرم إنجه، زعيم حزب "البلد"، قد انسحب من خوض السباق.

وبعد الإدلاء بصوته في مركز اقتراع بإسطنبول، قال أردوغان: "لا توجد أي مشاكل في عملية التصويت في كل مناطق البلاد"، وأعرب عن أمله بأن تكون نتيجة الانتخابات "جيدة لمستقبل تركيا".

بينما أدلى منافسه كليتشدار أوغلو بصوته في أنقرة، قائلا إن تركيا "اشتاقت للديموقراطية".

وبرز تفاعل ناشطون عرب وأتراك مع الانتخابات التركية، وأعربوا عن سعادتهم بالإقبال الواسع على المشاركة في العرس الانتخابي ووصفوا المشهد بـ"المبهج"، متداولين مقاطع فيديو وصورا تظهر زيادة أعداد المشاركين والتوافد على مراكز الاقتراع.

وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية على تويتر ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #الانتخابات_التركية، #الانتخابات_التركية2023، وغيرها، تحدثوا عن أهمية المشاركة في الانتخابات وممارسة الحق في التصويت واختيار الرئيس، مشيدين بمظاهر الديمقراطية كافة التي تشهدها تركيا.

وألمح ناشطون إلى أن الانتخابات التركية تتدخل فيها دول ومنظمات عالمية، وتشهد حالة استقطاب غير مسبوقة بين فئات الشعب، داعين كل من يحق له التصويت للمشاركة بصوته وممارسة الديمقراطية لحسم النتيجة واختيار الشعب للحاكم الذي يستحقه.

وتمنى ناشطون فوز الرئيس أردوغان "في هذا اليوم المفصلي"، مستنكرين الهجمة الإعلامية الغربية الشرسة ضده وأكدوا أنها جاءت لصالحه.

دعوات للمشاركة

وتفاعلا مع الأحداث، أوضح الصحفي التركي حمزة تكين، أن "انتخابات 2023، هي أهم استحقاق انتخابي في العالم خلال العام الجاري، ويغطيها آلاف الصحفيين من الداخل والخارج، ومن المقرر إعلان نتائجها مساء اليوم".

وحث الصحفي السياسي السوري غسان ياسين، السوريين والعرب ممن يحملون الجنسية التركية على ألا يفوتوا فرصة المشاركة في الانتخابات، محذرا من أن "التقاعس غير مفيد وغير منتج وايجب ألا يرى أحد أن صوته غير مؤثر ولن يصنع الفارق". 

وذكر بأن "حزب العدالة خسر إسطنبول قبل أربع سنوات بفارق أقل من 14 ألف صوت"، قائلا: "هيا إلى الصناديق".

وناشد الصحفي والباحث محمد أبو طاقية، المقيم والمجنس حديثا في تركيا، ألا يجعل من حاجز اللغة أو كونه مجنسا حديثا سببا لعدم مشاركته في الانتخابات، موضحا أن القانون والجميع -خاصة الجهات الرسمية- حريصون على ممارسته.

شهادات وإفادات

ونشر ناشطون شهادتهم وإفادتهم عن سير العملية الانتخابية. 

وأفاد عضو نقابة الصحفيين العراقيين، زيد عبدالوهاب الأعظمي، بأنه تجول بين مراكز الاقتراع كمراقب، ووجد الديمقراطية في سلوك المواطنين وهم يهنئون بعضهم البعض بعد التصويت، رغم اختلاف آرائهم الحاد تجاه المرشحين.

وعرض الصحفي اليمني أنيس منصور، مشاهد مباشرة من زحام حول صناديق الاقتراع، مؤكدا أن "كل المؤشرات والمبشرات من خلال الاستطلاع الميداني لبعض المراكز تتجه إلى فوز ساحق للرئيس أردوغان". وشهد رئيس تحرير صحيفة "المصريون"، جمال سلطان، أن الإقبال على التصويت في الانتخابات التركية كبير للغاية، بحسب ما شاهده في عدد من اللجان.

وقال إن الحركة أمام اللجان هادئة والناس كأنها في عيد، رغم شدة التنافس وحساسية توابع النتائج، مشيرا إلى أنه لاحظ أن "أنصار الرئيس أردوغان تتزايد عندهم روح التفاؤل بالنصر".

ووصف الأكاديمي سمير الوسيمي، مشاهد الانتخابات في تركيا بأنها "مبهجة حرفيا"، مشيرا إلى أن الإقبال كبير منذ 8 صباحا، من شباب وكبار ورجال ونساء، والهدوء في اللجان وسهولة ويسر وأمان في كل شيء وكل مكان، الشعب ينتخب بمعنى الكلمة".

وأوضح الصحفي والإعلامي أحمد عطوان، أن "الشعب التركي كان ينتظر على أبواب لجان التصويت قبل بدء التصويت بنصف ساعة ليمارس حقوقه السياسية،

وقال عطوان: "8 ساعات يحسم فيها 60 مليون مصير الرئيس والبرلمان والكلمة العليا فيها لفخامة السيد المواطن، إنها الدولة المدنية وروعة الديمقراطية لعن الله الانقلاب والاستبداد والديكتاتورية".

تمنيات لأردوغان

وأبدى ناشطون ميلهم إلى فوز أردوغان وتحدثوا عن قراءات المشهد كافة سياسيا تؤكد أنه الأقرب إلى الفوز، مخصصين تغريداتهم للابتهال إلى الله والتضرع بالدعاء لفوزه.

وأكد الكاتب والباحث في الشأن التركي، سعيد الحاج، أن فرص أردوغان أفضل مما كانت عليه، وأن فرصته في حسم الرئاسيات من الجولة الأولى تعاظمت، قائلا: "إن كان يرجح لدي أن الحسم سيبقى لجولة إعادة، إلا أن فرص أردوغان بالفوز بها أكبر بكثير".

وتوقع فوز الرئيس أردوغان بفترة رئاسية جديدة، مرجحا أن يكون ذلك في جولة الإعادة، مشيرا إلى أن انسحاب إنجه من السباق أضر من حيث أريد به فائدته، وقضى على فرص كليتشدار أوغلو في الفوز.

وقال أستاذ الشؤون الدولية بجامعة قطر، محمد المختار الشنقيطي: "يتعين على الشعب في الانتخابات التركية أن يختار بين المعارضة التي لا تزال مُسْتأسِرة لعهود التبعية للغرب، ومدمنة على دبلوماسية التسوُّل والتوسُّل، وبين قيادة أردوغان التي تتسم بالشجاعة، والثقة بالذات، والمرونة التكتيكية، وتوثيق روابط تركيا بمحيطها التاريخي". وكتب الناشط الفلسطيني، محمد سعيد نشوان: "اللهم إني فيما أعلم ولي الظاهر أن عبدك أردوغان نصر دينك وآوى المظلومين ودافع عن كتابك وعن نبيك اللهم فانصره نصرا مؤزرا واجعل الغلبة له ورد كيد أعدائه ولا تجعل لهم راية واجعل له فوزا في الانتخابات التركية". عضو الفريق الرئاسي للرئيس المصري محمد مرسي، أحمد عبدالعزيز، دعا قائلا: "اللهم نصرا عزيزا مؤزَّرا لعبدك أردوغان الذي يواجه (اليوم) كل شياطين الأرض الذين يسعون بأموالهم الملوثة وإعلامهم المضلل، لإطفاء جذوة العزة التي أوقدها في قلوب..". ونشر المحامي الكويتي ناصر الدويلة، صورة لأردوغان في المسجد يرفع يديه داعيا الله، وعلق عليها قائلا: "بسم الله وعلى بركة الله يتضرع جموع المسلمين في العالم لله أن يؤيد بنصره عبده رجب طيب أردوغان".

ودعا قائلا: "اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله و صحبه أجمعين اللهم بك نستعين وإليك راجعون فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين اللهم أسعد أمة نبيك محمد واشف صدور قوم مؤمنين بفوز عبدك أردوغان".

 ختام مثير

وبرزت مقارنات ناشطين بين الطريقة التي اختتم بها كل من المرشحين لرئاسة تركيا، أردوغان وكليتشدار أوغلو حملتهما الانتخابية، ملمحين إلى أن اختتام أردوغان حملته من جامع آيا صوفيا الذي يعد رمز الفتح الإسلامي، هي الأقرب إلى قلوب الأتراك من اختتام منافسه بزيارة ضريح أتاتورك رمز العلمانية الغربية.

وأشار الصحفي والكاتب الأردني ياسر أبو هلالة، إلى أن كليتشدار أوغلو ختم حملته في ضريح أتاتورك، بينما ختم أردوغان حملته في مسجد آيا صوفيا في إسطنبول، قائلا "إنه الصراع على الهوية والوجهة الإستراتيجية للدولة والمجتمع، وهذا الحاسم في التصويت".

وأكد أن "الاستقطاب الحاد على هوية تركيا ومسارها الإستراتيجي لا يلغي باقي العناصر التي تحكم الناخب وعلى رأسها الاقتصاد"، مشيرا إلى أن "الجيل الذي عايش ما قبل أردوغان يدرك تماما النهضة الكبرى التي حققها، اقتصاديا واجتماعيا وهو منحاز له بقوة على خلاف الجيل الجديد الذي لم يعرف غير أردوغان حاكما".

وأشار رئيس تحرير جريدة "الشرق" القطرية، جابر الحرمي، إلى أن "تركيا على مفترق طرق، وتشهد الانتخابات الأهم في تاريخها، والعالم أجمع يترقب النتائج"، متحدثا عن الكيفية التي اختتم أكثر المتنافسين حظوظا بالفوز حملتهما الانتخابية، إذ لفت إلى أن أردوغان اختتمها بزيارة مسجد آيا صوفيا وصلاة المغرب، بينما أنهاها زعيم المعارضة بزيارة قبر أتاتورك. ولفت الناشط الإنساني الفلسطيني، أدهم أبو سلمية، إلى أن تركيا على موعد اليوم مع واحدة من أهم انتخاباتها، مشيرا إلى أن أردوغان اختتم حملته بالصلاة في آيا صوفيا، بينما اختتمها كليتشدار أوغلو عند قبر أتاتورك وهو ما عزز فرضية أننا أمام انتخابات ستحدد هوية تركيا في مئويتها الجديدة.

تكالب الغرب

واستنكر ناشطون تكالب الغرب صاحب الديمقراطية المزعومة وأبواقه على أردوغان وإعلانه صراحة رغبته خسارته لمجرد الانزعاج من خلفيته المحافظة.

وانتقد الكاتب والصحفي السوري، أحمد موفق زيدان، الصحف الغربية التي ركزت في أغلفتها على مهاجمة أردوغان ساعة بوصفه بوتين الآخر، وأخرى بأنه خطر الفوضى.

وأشار إلى أن تلك الصحف يجمعها في ذلك التباكي على الديمقراطية في تركيا، مستنكرا خرسها حين خرج منافسه كليتشدار أوغلو متفاخرا بأنه علوي، لأن الحديث بالطائفية ليس خطرا على الديمقراطية، ما دام يأتي من الأقليات.

ونقل الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة، عن الكاتب ديفيد هيرست، كشفه لسرّ موقف الغرب من أردوغان، وكيفية الردّ عليه، بقوله "سيدرك (كليتشدار أوغلو) أن السبب الحقيقي الذي جعل الغرب يعبّر عن مثل هذا العداء لأردوغان لا علاقة له من قريب أو بعيد بكونه سلطويا، أو لأنه مارس القمع أو اتخذ إجراءات ضد الصحافة الحرة".

وتابع: "إنما السبب هو أنه جعل من تركيا دولة مستقلة لديها قوات مسلحة قوية، دولة لا تنصاع تلقائيا لما يُوجّه لها من إملاءات".

وأشار إلى أن هيرست اختتم مقاله في صحيفة "ميدل إيست أي"، بقوله "تصلّي أوروبا من أجل سقوط أردوغان، وهي إذ تفعل ذلك إنما تمنح الأتراك أكبر سبب يجعلهم يقرّرون بأنفسهم ما الذي يرغبون فيه، هذا إذا أرادوا الحفاظ على استقلالهم الذي ناضلت في سبيله بلادهم زمنا طويلا، وبذلت في سبيله الغالي والنفيس".

ورأى أستاذ العلوم السياسية، عبدالله الشايجي، أنه "من العار وغير المقبول ووقاحة غير مسبوقة من مجلة الإيكونومست الحملة الشرسة والظالمة التي تشنها وتدون كل ساعتين تغريدة فيها تطاول وهجوم وانتقاد غير موضوعي لحكم أردوغان متناسين ومتجاهلين أنه فاز وحزبه على  مدى عقدين بجميع الانتخابات البلدية والبرلمانية والرئاسية".