بعد ترقب وارتباك إسرائيلي.. صمت المقاومة ينتهي ببدء قصف المستوطنات

12

طباعة

مشاركة

بعد أكثر من 24 ساعة على الترقب الإسرائيلي، بدأت فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بالرد على المجزرة التي ارتكبها الكيان الإسرائيلي.

وأُطلقت ظهر 10 مايو/أيار 2023، رشقات صاروخية من قطاع غزة تجاه المستوطنات والبلدات الفلسطينية المحتلة. وحسب وسائل إعلام عبرية دوت صافرات الإنذار في عدة مناطق بينها "سديروت" وعسقلان.

وفجر اليوم السابق، شن الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية ضد قطاع غزة أطلق عليها اسم "الدرع والسهم" أسفرت عن مقتل 15 فلسطينيا بينهم 4 أطفال و4 نساء، و3 من قادة "سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي".

وكانت إسرائيل استعدت، طوال ذلك اليوم، لهجمات صاروخية من غزة فنشرت منظومة ما تسمى القبة الحديدية المضادة للصواريخ وأعلنت البلديات في جنوبي ووسط الأراضي المحتلة بما فيها تل أبيب، فتح الملاجئ.

وعادة ما تسارع الفصائل الفلسطينية إلى إطلاق صواريخ ردا على انتهاكات إسرائيلية، ولكن مرور أكثر من 24 ساعة على الهجمات الجوية على غزة دون رد من الفصائل، حيّر إسرائيل على المستوى الرسمي والشعبي، فواصلت القصف في 10 مايو ما أسفر عن شهيد وإصابة آخرين.

مصادر إسرائيلية ومراسلون صحفيون، أفادوا بأن مستوطنات غلاف غزة تشهد استنفارا إسرائيليا وسط أجواء من الترقّب تحسّبًا لردّ المقاومة الفلسطينية على العدوان الإسرائيلي، ليبدأ بالفعل ظهر 10 مايو.

ورأى ناشطون على تويتر، أن الاحتلال الإسرائيلي يضاعف فاتورة الدم الفلسطيني الذي يريقه بعملياته المتتالية، وأن الاحتلال نفد صبره من الصمت القاتل لغزة فيصعد القصف لأنه يريد أي ردة فعل، معربين عن غضبهم من مواصلة التصعيد.

وأعربوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسم #صمتنا_مقاومة، عن ثقتهم في قدرة فصائل المقاومة الفلسطينية على الثأر للشهداء، وتأديب الاحتلال وتلقينه درسا لن ينساه يكون بمثابة استعادة الحقوق وبسط للسيطرة في الضفة الغربية

وأكد ناشطون أن عدم الرد الفوري من جانب فصائل المقاومة على جرائم الاحتلال البشعة ومجازره في غزة والضفة الغربية حارق لأعصاب منظومة الاحتلال الأمنية. 

الصمت مقاومة

وتفاعلا مع الأحداث، أشار الناشط الفلسطيني محمد المدهون، إلى أن جيش الاحتلال كان يتجهز لرد سريع من المقاومة بعد ساعات من جريمة اغتيال قادة المقاومة في غزة، يعقبه قصف من طيران الاحتلال ثم ينتهي الأمر، لذلك قام بشل حركة التنقل على مساحة 40 كيلو مترا في غلاف غزة وفتح الملاجئ في عدة مدن، لكن غزة لم ترد حتى الآن.

وأضاف: "لأول مرة تصاب كل المستويات السياسية والعسكرية في كيان الاحتلال بالذهول من تأخر رد غزة، وحديث كل الإعلام الآن أن المقاومة تستخدم تكتيكا جديدا في الرد!! سبحان من جعل صمت المقاومة رعبا لكيان الاحتلال!".

وكتب الصحفي نضال سلامة: "الكيان الصهيوني نفذ غاراته الغادرة على غزة.. ثم فتح الملاجئ وعطل التعليم.. واختبأ كالفئران وشلت حياته خوفا وترقبا من صواريخ المقاومة.. أما غزة والضفة فالجميع فيها يعيش حياته الطبيعية وينتظر ليكحل عينيه بصواريخ المقاومة.. عظيمة يا فلسطين حتى بصمتك".

وقالت إحدى المغردات: "غزة صغيرة في الجغرافيا، عظيمة في التاريخ، سيكتب التاريخ أن غزة أفرغت شوارع العدو من المستعمرين بصمتها فقط، حتى الصمت جعلته شكلا من أشكال المقاومة!"، لافتة إلى أن شوارع تل أبيب فارغة ومستعمرات غلاف غزة خالية بسبب رعب وضجيج الصمت.

تأثير الصمت

وأكد الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم حمامي، أن الانضباط التام للفصائل في غزة، وعدم العشوائية في الرد، يثبت الدرجة العالية جدا من التنسيق عبر غرفة العمليات المشتركة، ويزيد من حالة التوتر الشديد لدى الاحتلال، ويدفعهم للإجلاء، وتغيير مسار طيران، ودخول للملاجئ، واستدعاء للاحتياط، واجتماعات أمنية.

وأشار إلى حالة التململ في الجبهة الداخلية الإسرائيلية التي ظهرت في إثارة الكثير من الأسئلة إعلامهم، منها "إلى متى يستمر هذا الوضع؟ هل يعقل أن تحاصر دولة كاملة وتصبح رهينة لصمت حماس والجهاد؟، من سيدفع فاتورة تعطيل الحياة وإجلاء المواطنين؟، لا يمكن تحمل البقاء في الملاجئ أو قربها بلا نهاية، هل نملك حلا لهذا الوضع غير المحتمل؟"

ولفت الباحث في الشأن الإسرائيلي صالح النعامي، إلى دعوة قائد المستوطنين في "غلاف غزة" الجميع لعدم التراخي، لأنه قد تنقلب الأمور في ثانية من صفر إلى 100 صاروخ".

وأكد أن حالة انعدام اليقين إزاء ردود المقاومة غير مسبوقة، مشيرا إلى أن هذه المرة الأولى في تاريخ المواجهات بين غزة والصهاينة التي يسود فيها هذا الحذر وما يصاحبه من شل لمظاهر الحياة لديهم.

ورأى الكاتب السياسي إبراهيم المدهون، أن هدوء المقاومة وتناغم غرفة العمليات المشتركة يؤكد أن المقاومة تقود المعركة بحكمة وروية وإستراتيجية، قائلا إن عدم ردها السريع يعد مفخرة واعتزاز لشعبنا، وأسهل شيء إطلاق مئات الصواريخ، لكن مقاومتنا تعمل على هندسة ضرب العدو بطريقة مبتكرة.

وقال جهاد حلس: "عصبة مؤمنة تشل حركة كيان نووي وتدخل 6 ملايين شخص إلى الملاجئ، وتوقف المطارات والقطارات، وتجعل الجيش الذي لا يُقهر في حالة ترقب وخوف دائم، كل ذلك دون أن تنطق بحرف واحد"، مضيفا: "إنها العزة التي أخبرنا الله عنها "ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين، ولكن المنافقين لا يعلمون".

وأكد الكاتب رضوان الأخرس، أن الترقب والرعب يدب في أوساط الاحتلال خشية رد المقاومة الذي لم يبدأ بعد، وأن حالة غير مسبوقة تستفز الإسرائيليين وتربك حساباتهم، مشيرا إلى أن آلاف المستوطنين يهربون من المستوطنات القريبة من قطاع غزة نحو الداخل قبل أن تُطلق قذيفة واحدة حتى.

ثقة بالمقاومة

وأعرب ناشطون عن غضبهم من تصعيد الاحتلال الإسرائيلي عملياته وفتحه جبهات أخرى بالتوازي مع جبهة غزة، باغتياله شابين في جنين واستهدافه فلسطينيين في خانيونس (في 10 مايو)، معلنين ثقتهم في المقاومة وامتلاكها آليات الردع كافة لكنها ستستخدمها في الوقت المناسب.

وقال الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القرة داغي، إن استهداف الجيش الدموي للاحتلال مجموعة من المواطنين الفلسطينيين بصواريخه الحاقدة شرق محافظة خانيونس يعكس عقلية التوحش لدولة مصطنعة لا تعرف قانونا ولا تراعي حرمة. 

وأضاف أن المطلوب وقفة من الحكومات الإسلامية والعربية تتجاوز الشجب والتنديد.

ورأى الناشط الإنساني أدهم أبو سلمية، أن الاحتلال يضاعف فاتورة الدم بتصعيده في جنين.

وبشر المحامي الكويتي ناصر الدويلة، بأن النصر قريب والمفاجأة أكبر مما تتوقعه الاستخبارات الصهيونية، قائلا: "سيتم أسر منظومات كاملة من القبة الحديدية ومئات الجنود الاحتياط وسيتم تحرير جميع المستعمرات في محيط غزة ونقل سكانها لغزة وستنهار حكومة نتنياهو خلال ثلاثة أشهر من الفشل والرعب ووسط فوضى تصيب مدنهم بسبب دخول المجاهدين".

وقال الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة، إن قوى المقاومة في غزة تعرف ما عليها أن تفعل لرد العدوان، فترك العدو يتخبّط، أفضل من رد سريع تم الاستعداد له، هذا مع أن المضي في بناء القوة ليس أمرا عاديا.

وأضاف: "نتحدث عن عدو كان يعلن حربا للرد على امتلاك حفنة صواريخ، لكنه اليوم في مرحلة ضعف، وتنازع داخلي.. المستقبل لشعبنا؛ بإذن الله".