وسط أحاديث عن إعادة تأهيلها.. صحيفة عبرية تحلل بنية قوات الأمن الفلسطينية
ترجمات
كيان مهترئ
وسط أحاديث عن إعادة تأهيلها.. صحيفة عبرية تحلل بنية قوات الأمن الفلسطينية
https://alkhaleejonline.net/sites/default/files/2018-12/20166416411638.jpg
استعرضت صحيفة "زمن إسرائيل" العبرية المحادثات الجارية (منذ سنوات) بين مصر والأردن وإسرائيل والولايات المتحدة لإعادة تأهيل قوات الأمن الفلسطينية.
وفي الأشهر الأخيرة، أصبح هناك زيادة في نطاق استخدام الأسلحة النارية ضد الجيش الإسرائيلي في المدن الفلسطينية، وزيادة في نطاق عمليات إطلاق النار، ضد مواقعه ومستوطنيه بالضفة الغربية، ما أعاد هذا الطرح إلى الواجهة.
وتعجز السلطة الفلسطينية عن مواجهة الفصائل العسكرية في شمال الضفة الغربية كما أنها تتجنب الاحتكاك بها لعدم توتير الأوضاع، ولذلك باتت إسرائيل تبحث عن حلول أخرى من بينها إعادة تأهيلها والتلويح المستمر باجتياح بعض المدن مثل نابلس وجنين.
وفي مقال للمحلل السياسي الإسرائيلي، بنحاس الأنباري، أوضح أن تأهيل قوات الأمن الفلسطينية يُعد من بين المواضيع الرئيسية التي تتداول خلال المحادثات بين إسرائيل والأردن ومصر والولايات المتحدة.
ويرى الكاتب أنه "يتعين على الأمن الفلسطيني أن يكون قادرا على مواجهة التحديات الراهنة، وعلى رأسها التحالف المعزز بين حركتي (المقاومة الإسلامية) حماس والجهاد الإسلامي".
وتابع: "بما أن الأمن الفلسطيني الحالي غير قادر على مواجهة هذا التحدي، فلا مفر من دخول الجيش الإسرائيلي إلى المراكز المدعومة من إيران في الضفة الغربية، ومخيمات اللاجئين، وخاصة في جنين"، وفق وصفه.
وأردف: "من الممكن أن توفر هذه المناسبة فرصة للحديث عن تجربتنا الشخصية في بناء قوة الأمن الفلسطينية منذ أيامها الأولى".
كيف تأسست؟
"تعاونا مع داني ديكر، الذي يترأس اليوم مركز بحوث سياسة الشرق الأوسط اليهود (JCPA)، لوضع الأسس التي أسست عليها الأمن الفلسطيني"، يضيف الكاتب.
وتابع: "بالرغم من أن خطتنا الأصلية لم توضع موضع التنفيذ، فإن بديلها أثبت فشله، ولذلك، ربما حان الوقت للعودة إلى الأسس التي حاولنا الترويج لها في بداية هذا الطريق ولم تُقبل لأسباب أخرى، لا تتعلق بمدى نجاعتها".
وأوضح الأنباري أن "هذه الخطوة جاءت في عهد حكومة أرئيل شارون، عندما كان رئيسا لحزب الليكود (يميني)، هذا إلى جانب كبار مسؤولي وزارة الخارجية في عهد سيلفان شالوم".
وأشار إلى أن محادثات تأسيس القوة الأمنية الفلسطينية حضرها من الجانب الإسرائيلي، ميخائيل إيتان، الذي شغل منصب وزير العلوم والتكنولوجيا بين يوليو/تموز 1997 حتى نفس الشهر من عام 1998، ووزير تحسين الخدمات الحكومية ابتداء من عام 2009 حتى 2013.
أما على الجانب الفلسطيني، فقد كان هاني الحسن – القيادي الذي توفي في عمان (عام 2012)- هو الشخص الذي ترأس المفاوضات باسم حركة التحرير الوطني فتح، بالإضافة إلى شخصيات بارزة لا تزال تشغل مناصب رفيعة في السلطة الفلسطينية.
وأكد الكاتب الإسرائيلي أنه "في الأيام الأولى لتأسيس قوة الأمن الفلسطينية، كان المبدأ الذي وجهنا هو أن الفلسطينيين المشبعين بعقلية المليشيا ليسوا مستعدين لإقامة قوة أمنية فاعلة"، وفق زعمه.
كما أضاف الأنباري نقطة أخرى وهي أن "الثقافة القبلية والعشائرية كانت من بين العوامل التي تجعل من الصعب على المجندين في أجهزة أمن السلطة الفلسطينية مواجهة العشائر الأخرى أو أفراد عشيرة شخص ما".
"وفي هذا السياق، وجهنا اهتمامنا لصياغة مخطط يستند إلى تجنيد فلسطينيين من الأردن، وليس من مناطق السلطة الفلسطينية"، يضيف الأنباري.
وتابع: "كما درب الجيش الأردني هؤلاء المجندين الفلسطينيين في إطار لواء بدر التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، فيما بقي هؤلاء المجندون موالين لملك الأردن (السابق)، الحسين بن طلال".
وزعم أن هذا المخطط أثبت نجاحا في تشكيل قوة أمنية فعالة في السلطة الفلسطينية، من خلال جلب أفراد ذوي خبرات وكفاءات عسكرية إلى المؤسسة الأمنية الفلسطينية.
تدريب أردني
وأردف: "جرى تداول فكرة تقسيم الوحدات الأمنية إلى جزء ينتقل إلى الضفة الغربية، يتعامل مع التهديدات الأمنية التي كانت تهدد الضفة الغربية في ذلك الوقت، وجزء آخر يبقى في الأردن ويتلقى تدريبه هناك".
و"لإبقاء الوحدات خالية من تأثيرات المليشيات والفساد، فقد كان من المقرر تغييرها كل ستة أشهر، وكان من شأن هذه الخطوة الحيلولة دون استيطان الضفة من قِبل الفلسطينيين الذين يعيشون في الأردن"، حسب وصف الكاتب.
وادعى أنه "كان من شأن هذه الخطوة امتصاص ثقافة المليشيا والفساد الذي أفسد كل جزء جيد من السلطة الفلسطينية"، وفق الأنباري.
وقال الكاتب الإسرائيلي: "التقينا بالمنسق الأميركي للأمن الفلسطيني، الجنرال ويليام وارد، وحظيت الخطة بمباركته".
وأشار إلى أنه "في تلك الأيام، كان هناك جدل حاد بين الأميركيين والبريطانيين حول قضية العراق".
إذ كان الأميركيون يسعون لإنشاء جيش عراقي جديد غير مرتبط بجيش الرئيس الأسبق، صدام حسين، بينما كان البريطانيون يرغبون في إنشاء جيش يعتمد على جيش صدام، وفق المقال.
"ومن هنا، فإن مخططنا الذي دعا إلى الانفصال عن منظمة التحرير الفلسطينية من أجل إنشاء قوة فاعلة واحترافية، فلسطينية الأعضاء وأردنية التدريب، كان قريبا من عقل المنسق الأميركي على خلفية الخلافات بخصوص الجيش العراقي"، يضيف الكاتب.
وأردف: "ولأن الخطة تتعلق بالأردن، فقد جرى الاتصال برئيس الوزراء الأردني وقتها، عبد السلام المجالي، ووزير الخارجية آنذالك، هاني الملقي، وتبادل معهما الحوار بشأن مخطط إنشاء القوات الأمنية الفلسطينية".
وبدورهم، أعرب الأردنيون عن موافقتهم على المخطط، وبدأوا بتجديد نشاطات فيلق بدر وفتحوا مكاتب التجنيد، وكانت إحدى المفاجآت السارة هي استعداد الشباب الفلسطيني للمشاركة في هذه القوة الجديدة وتحقيق الأهداف المشتركة، وفق المقال.
ورغم ذلك، تفاجأ الجيش الإسرائيلي بظهور أجسام معارضة من داخل إسرائيل لهذه الخطة، حيث صرح الرئيس الإسرائيلي الأسبق شيمعون بيريز، والذي كان يشغل منصب وزير الخارجية حينها، أن هذا المخطط يهدف إلى "تجديد حق العودة" للفلسطينيين.
كما فوجئ الجيش الإسرائيلي بتدخل مسؤول أمني كبير سابق، كان من المفترض أن يعمل على تحديث المؤسسة الأمنية.
لكن رأيه السلبي في الخطة أثر على الرأي العام داخل الجيش الإسرائيلي، حسب الأنباري.
تطبيق جزئي
وفي العام 2005، وبعد "مجيء الجنرال الأميركي، كيث دايتون، جرى تبني جزء من مخططنا، مثل تدريب القوات في الأردن، وكانت بداية الانتشار في جنين، لكن نواجه الآن صعوبات في التنفيذ"، يضيف الأنباري.
ودايتون كان المسؤول عن تدريب وتجهيز قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية بتنفيذ أردني وتمويل من الولايات المتحدة.
"ما حُذف جوهر المخطط وهو إدخال القوات الفلسطينية من الضفة الشرقية (في الأردن) إلى الضفة الغربية، الأمر الذي كان أمرا مؤسفا للغاية، حسب وصف الكاتب.
والأسوأ من ذلك – حسب وصف الأنباري- هو أن "قادة المجندين الجدد هم قادة المليشيات الذين أفسدوا مساعي الأردنيين لجعل القوات الأمنية الفلسطينية احترافية".
وأشار الكاتب إلى أن الأردنيين المحبطين أغلقوا حينها مكاتب التجنيد، و"عندما سألناهم عن السبب، قالوا لنا: قرر أولا ما تريد ثم عد إلينا".
ويرى أنه "بعدما شاهدنا ما حدث في جنين (تجدد نشاط المقاومة المسلحة)، فقد تحقق توقعنا السابق بأن العشائرية في الضفة الغربية ستعوق القوات الأمنية الفلسطينية".
وفي جنين، شكلت الفصائل الفلسطينية أخيرا، ما سمته "غرفة العمليات المشتركة"، وضمت للمرة الأولى ومنذ سنوات، الأجنحة العسكرية المحسوبة على حركات: التحرير الوطني "فتح"، والمقاومة الإسلامية "حماس"، و"الجهاد الإسلامي".
كما ظهرت في سبتمبر/أيلول 2022، مجموعة عسكرية تحمل اسم "عرين الأسود" نفذت عدة عمليات سابقا تحت اسم "كتيبة نابلس" أسوة بكتيبة جنين التي تضم مسلحين من مختلف المشارب، وخاضت اشتباكات مسلحة مع الجيش الإسرائيلي.
ويتابع الكاتب بالقول "بعد كل ما حدث، فعندما قتلت قوات الأمن الفلسطينية أحد الشباب في جنين (لم يذكر اسمه)، فإن الثأر العشائري اندلع وتسبب في تعطيل قدرات السلطات الأمنية الفلسطينية لتحقيق أهدافها".
وتابع بالقول: "لذلك، عندما نناقش تجديد قوات الأمن الفلسطينية، نأمل أن نستخلص الدروس من أخطائنا التي ارتكبناها في الماضي".
وختم الكاتب الإسرائيلي بطرح سؤال: "هل يمكن أن يوافق الأردن على تجديد الاتفاق السابق؟"، أيا تكن الإجابة، فهذا يستحق المحاولة ويجب أن نعمل على ذلك"، وفق رأيه.