مع تصاعد التوقعات بانهيار تحالف الحكومة الإسرائيلية.. من يخلف نتنياهو؟
أكد موقع المونيتور الأميركي وجود حالة من التشاؤم العام في "إسرائيل"، بالتزامن مع ما يُدعى بـ"عيد الاستقلال الخامس والسبعين"؛ خوفا من ازدياد واستمرار الخلاف المجتمعي الذي ابتليت به.
وأخيرا، أظهر استطلاع أجرته صحيفة "معاريف" العبرية أن 52 بالمئة من الإسرائيليين يعتقدون أن أداء وزراء حكومة، بنيامين نتنياهو، دون المستوى.
بينما أعطى 50 بالمئة من الذين شملهم الاستطلاع تقييما منخفضا لنتنياهو، الذي يواجه حاليا تحديات من داخل ائتلافه الحكومي وخارجه.
وأوضح موقع "المونيتور" أنه "من الواضح أن خصوم نتنياهو يكتسبون زخما شعبيا".
وفي هذا السياق، أشار الموقع إلى زيارة رئيس الوزراء الأسبق، نفتالي بينيت، إلى الولايات المتحدة خلال أبريل/نيسان 2023، والتي استمرت أسبوعا كاملا.
وأجرى "بينيت" مقابلات مع بعض القنوات التلفزيونية الأميركية الشهيرة، مثل "سي إن إن" و"فوكس نيوز"، كما التقى ببعض الأعضاء الأكثر نفوذا في مجلسي الشيوخ والنواب.
وأشار الموقع إلى أنه خلال زيارته للولايات المتحدة، حرص بينيت على اتباع الخطاب الرسمي وتجنب مهاجمة نتنياهو.
تكتيك انتخابي
ولدى مغادرته إسرائيل في 13 أبريل 2023، كتب بينيت على تويتر أن "الوضع في إسرائيل ليس جيدا، فأمنها في وضع حساس للغاية، وهي بحاجة إلى دعم دولي من أصدقائنا".
ويرى الموقع أن في تصريح بينيت هذا فرقا واضحا عن هجومه على نتنياهو وحكومته عشية رحلته إلى واشنطن.
وعندما أعلن نتنياهو في أواخر مارس/ آذار 2023، أنه سيستجيب للاحتجاجات الجماهيرية عبر تعليق مسألة الإصلاح القضائي، هاجمه بينيت بشراسة في وسائل الإعلام.
وحينها قال بينيت: "بدلا من أن يوحد الشعب ويمنحه الأمل، كرس (نتنياهو) معظم خطابه لسرد أعذار واهية".
وتابع أن نتنياهو حاول "التنصل من مسؤوليته الشخصية، عبر إلقاء اللوم على الحكومة السابقة والشعب الإسرائيلي في كل ما تعانيه البلاد من مشكلات"، مضيفا: "سأقولها بأبسط عبارة: هذه ليست قيادة".
وخلال الشهور الماضية، حاولت حكومة نتنياهو تمرير تعديل قانون السلطة القضائية فيما عرف بخطة "الإصلاح القضائي"، لكن المعارضة رأت في هذه التشريعات محاولة لإضعاف القدرة الرقابية للسلطة القضائية على السلطتين التنفيذية والتشريعية.
والتشريعات التي دفعت بها الحكومة، شملت 4 بنود، هي: الحد من المراجعة القضائية لتشريعات الكنيست (البرلمان)، وسيطرة الحكومة على تعيينات القضاة، وإلغاء تدخل المحكمة العليا في الأوامر التنفيذية (فقرة التغلب)، وتحويل المستشارين القانونيين بالوزارات إلى معينين سياسيين.
واضطر نتنياهو للتخلي عن الخطة لاحقا بعد احتجاجات شعبية عارمة في إسرائيل وانتقادات دولية كان أبرزها من الحليف الأبرز، الولايات المتحدة الأميركية.
وبعد هذه التطورات، يعتقد "المونيتور" أنه من الواضح أن بينيت يحاول أن يكون سفيرا لإسرائيل في الخارج، ومنافسا سياسيا لنتنياهو في الداخل.
وأوضح الموقع أن "هذا التكتيك يهدف إلى تخفيف اتهامات اليمين بأن بينيت شارك في السابق في تشكيل حكومة ائتلافية مع أحزاب يسارية وحتى مع حزب عربي".
"لكن لماذا يتفاعل مع المستجدات حاليا؟"، يتساءل الموقع. ويجيب بأنه "خلال الأيام القليلة الماضية، يبدو أن جميع الدلائل تشير إلى أن بينيت، الذي خدم كرئيس للوزراء لمدة عام تقريبا، بدأ في العودة للمشهد".
وسبب ذلك هو اعتقاد بينيت أن حكومة نتنياهو الحالية لن تستمر لفترة أطول، وأن الإسرائيليين بدأوا يتوقون إلى حكومة متزنة وأكثر اعتدالا، وفق التقرير.
وأكد الموقع أن هذا التقييم يشير إلى ذكاء بينيت، إذا ما أخذنا في الاعتبار أحدث استطلاعات الرأي.
تراجع الليكود
فقد أظهر استطلاع نشرته "معاريف"، في 31 أبريل 2023، أنه إذا أجريت الانتخابات هذا اليوم، فإن حزب الليكود بزعامة نتنياهو سينخفض إلى ثاني أكبر حزب في إسرائيل، بحصوله على 23 مقعدا فقط في الكنيست.
بينما سيحصل حزب "الوحدة الوطنية" بقيادة وزير الجيش السابق، بيني غانتس، على نحو 28 مقعدا. وفي الحساب العام لمقاعد الكنيست لكلا المعسكرين، حازت المعارضة على 70 مقعدا، مقارنة بـ 50 فقط للائتلاف الحكومي الحالي.
وقال الموقع الأميركي إنه "على الرغم من أن معظم استطلاعات الرأي لا تشمل بينيت، منذ اعتزاله للعمل السياسي قبل الانتخابات الأخيرة مباشرة، فإن الاحتمالات الحالية ليست في صالح نتنياهو".
إذ تزداد شعبية غانتس، الذي تخطى نتنياهو بالفعل بكل المقاييس الممكنة، حيث يمنحه الشعب أعلى النسب التصويتية باعتباره الشخص الأنسب ليكون رئيسا للوزراء، وفق التقرير.
وتابع: إذا أجريت انتخابات الآن، تظهر استطلاعات الرأي أن حزب "الوحدة الوطنية" الذي يتزعمه غانتس، سيكون الحزب الأكبر في إسرائيل.
وحسب استطلاع رأي آخر نشرته "معاريف" في 16 أبريل 2023، سألت فيه العينة المستهدفة عن الاختيار بين غانتس ونتنياهو، قال 49 بالمئة منهم إن الأول هو الأنسب لمنصب رئيس الوزراء، بينما فضّل 43 بالمئة فقط رئيس الوزراء الحالي.
وألمح الموقع الأميركي إلى أن غانتس استفاد كثيرا من الاحتجاجات ضد خطة الإصلاح القضائي التي تبنتها حكومة نتنياهو، حيث عانى الأخير من أضرار سياسية وشعبية هائلة نتيجة تلك الخطة.
"وفي الواقع، فإن نتنياهو بعد عودته المذهلة في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أي قبل نصف عام، يجد نفسه في حالة انهيار مستمر، لدرجة أن الحديث عن انتخابات مبكرة حاليا يبدو متقبلا لدى الرأي العام"، حسب التقرير.
ومع ذلك، يرى أن نتنياهو لاعب سياسي قوي حتى وهو في أضعف حالاته، فبعد أن أجبر على تأجيل خطة الإصلاح القضائي، تمكن من تحقيق الاستقرار داخل مكونات ائتلافه.
ونقل موقع "المونيتور" عن أحد كبار مستشاري نتنياهو قوله إن "رئيس الوزراء الإسرائيلي يخطط للتركيز على الأمن والاقتصاد خلال الأشهر المقبلة".
وتابع: "إنه لا يخطط للعودة إلى الإصلاح القضائي دون أن يحظى بتأييد واسع له، كما أنه من المتوقع دعوته إلى البيت الأبيض خلال الأسابيع القليلة المقبلة".
لابيد أم غانتس؟
وأوضح الموقع أنه "على الرغم من أن غانتس يحظى بنسب تصويت جيدة، فإن يائير لابيد، الزعيم الرسمي للمعارضة حاليا ورئيس الوزراء السابق ورئيس حزب "هناك مستقبل"، ثاني أكبر حزب (بعد الليكود بزعامة نتنياهو)، يشهد انخفاضا في شعبيته".
ففي الاستطلاع الذي جرى في أبريل 2023، جاء حزبه في المركز الثالث بحصوله على 17 مقعدا فقط.
وفي استطلاع 16 أبريل 2023، وحين مقارنته مع غانتس ونتنياهو حول الشخص الأكثر ملاءمة لتولي منصب رئيس الوزراء، حصل لابيد على تأييد 17 بالمئة فقط من العينة التي أجري عليها الاستطلاع.
ويرى الموقع الأميركي أن "النهج العدواني للغاية الذي اتخذه لابيد في معارضته لخطة الإصلاح القضائي خصم من رصيده في الشارع".
بينما في المقابل، يُنظر إلى غانتس على أنه تصالحي، ونتيجة لذلك، فهو يستطيع السحب من القاعدة الشعبية لحزب نتنياهو، حسب التقرير.
ويؤكد "المونيتور" أن خطة الإصلاح القضائي وما صاحبها من مواقف سياسية تتجاوز كونها مجرد حدث سياسي عادي، إلى كونها حدثا حسّاسا للغاية في الساحة السياسية.
"فقد فشلت أحزاب الوسط في كسب ناخبين من قاعدة نتنياهو الجماهيرية، لكن هذا تغير في الأسابيع القليلة الماضية".
إذ بات الكثيرون يشعرون أن البلاد فقدت صوابها في ظل حكم نتنياهو، لدرجة أن ديمقراطيتها باتت في خطر، حسب الموقع الأميركي.
وتابع أنه "نتيجة لذلك، فإنهم يتجهون إلى تأييد غانتس، الذي يُنظر إليه على أنه قائد مسؤول لا يهتم بإثارة النزاعات".
وأضاف التقرير أن "هذا هو السبب الذي يجعل بينيت يتبع نفس المنهجية، إذ يسعى للتواصل مع شريحة الناخبين الذين ينتمون ليمين الوسط".
"لكن بينيت ليس الوحيد الذي يتأهّب في خلفية المشهد"، يضيف الموقع. فقد علم "المونيتور" أن رئيس الموساد السابق يوسي كوهين -المقرب من نتنياهو- يفكر خلف الكواليس في تشكيل حزب سياسي من يمين الوسط.
ولفت إلى أنه "في الماضي كان هناك حديث عن ترشح كوهين للكنيست باسم حزب الليكود، بل نُقل عن نتنياهو قوله إنه يعتبر هذا الشخص خليفته".
لكن منذ ذلك الحين، انفصل الرجلان عن بعضهما البعض، ولم يعد نتنياهو يعد كوهين وريثه، بينما يتلمّس الأخير فكرة الدخول إلى الحلبة السياسية، يختم التقرير.